hit counter script

مقالات مختارة - رامح حمية

لبنان على مشارف الطفيل!

الأربعاء ١٥ نيسان ٢٠١٤ - 06:44

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الاخبار

لم ترجع بلدة الطفيل البقاعية إلى كنف الدولة بعد. قافلة المساعدات الإنسانية وصلت إليها، لكن القوى الأمنية لم تتمكن من بلوغ البلدة التي لا تزال محتلة من مسلحي المعارضة السورية.

 

لم يكتمل حلم أهالي بلدة الطفيل الحدودية أمس. وصلت قافلة الدولة اللبنانية الأمنية والإغاثية «بشق النفس» إلى مشارف القرية في محلة رأس الحرف، وتوقفت هناك. فالكيلومترات القليلة الباقية حتى البلدة، لا تزال «غير آمنة لوجود مسلحين يسيطرون على البلدة وجرودها المحيطة بالطريق المؤدية إليها». أبناء الطفيل انتظروا ساعات طويلة يوم أمس لتطل «الراية الأمنية على البلدة»، كما يقول أحد أبنائها.

لكنها لم تظهر، واقتصر الأمر على المساعدات وبضع سيارات من الصليب الأحمر عملت على نقل عدد من الجرحى. يؤكد الرجل أن الأهالي في الطفيل يعيشون «التوتر والقلق»، وهم لا يريدون الكثير من الدولة التي يحملون «بطاقة هويتها وينتمون إليها بفعل الجغرافيا»، كل ما يريدونه طريقاً تربط البلدة بسائر القرى البقاعية، ووجوداً أمنياً «لموقع عسكري يحمينا وأولادنا وعائلاتنا من المجموعات المسلحة الموجودة في الجرود المحيطة بالطفيل، حيث تجد هناك الملاذ الآمن لعدم وجود نقطة عسكرية شبيهة بتلك الموجودة قبل بلدتي حام ومعربون» يقول.
ليس من رقم مؤكد لعدد العائلات التي لا تزال موجودة في الطفيل. البعض يشير إلى وجود نحو 500 عائلة من لبنانيين وسوريين، فيما أكد البعض الآخر أن ثمة ألف نسمة من اللبنانيين، وثلاثة آلاف من السوريين داخل البلدة. «أم محمد» التي نزحت منذ عشرة أيام من بلدة الطفيل إلى بلدة أنصار البقاعية، ترتسم علامات الخوف في عينيها. لا تتكلم الكثير، ثمة ما يخيف تلك السيدة الأربعينية، التي وجدت في قافلة يوم أمس فرصة «للعودة السريعة» إلى بلدتها بهدف نقل «ما يمكن نقله من أثاث منزلنا والأوراق الثبوتية وحتى حرامات نقدر نتغطى فيها». تتحدث بحرقة كبيرة عن خروجها وعائلتها بصعوبة كبيرة من البلدة، كما عائلات كثيرة غيرها من آل صدقة وصليبا والشوم ودقو وآغا، بعد اشتداد وتيرة القصف والاشتباكات في رنكوس وتلالها المطلة، وفي عسال الورد الأقرب إلى الطفيل. تنفي «أم محمد» وجود مسلحين في بلدتها، في الوقت الذي ترمق فيه زوجها، لتستطرد «الجرود المحيطة ممكن فيها». تشدد على رفض دخول الدولة إلى الطفيل لإيصال «كرتونة مساعدات». فما يريده أبناء البلدة هو أن «تحتضنهم دولتهم كما كانت تحتضنهم الدولة السورية بكل شيء»، لأنهم يحتاجون إلى «راية أمنية لبنانية داخل أزقة بلدتهم وأحيائها وجرودها، حتى نقدر نرجع ع بيوتنا ونسكن فيها بأمان، وإلا فليؤمنوا لنا منازل في القرى التي نزحنا إليها في بريتال وحام ومعربون وأنصار، ومدارس لأولادنا والاستشفاء والدواء بدلاً من حالة الذل التي نعيشها أمام مستشفيات البقاع مع كل حالة مرضية كما لو أننا لسنا لبنانيين».
لا مكان للأهالي
في البلدة
والمجموعات المسلحة تسيطر عليها
القافلة الإنسانية تحركت صباحاً من أمام بلدية بريتال بحضور اللواء محمد خير، الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة بالوكالة، ومفتي بعلبك الهرمل الشيخ بكر الرفاعي ورئيس بلدية بريتال عباس زكي إسماعيل، ورافقتها قوة أمنية كبيرة من الجيش والقوى السيارة في قوى الأمن الداخلي ومفرزة استقصاء البقاع. القافلة سلكت على مدى أكثر من ست ساعات الطريق في اتجاه النبي سباط وعين البنيّة، لتتوجه في طرقات شاقة وصعبة جداً نحو محلة الشعيبة في جرود حام (حيث ضبطت سيارة مفخخة بأكثر من 240 كيلوغراماً من المتفجرات منتصف شباط الماضي)، وصولاً إلى محلة رأس الحرف، حيث استحدث الأمن العام اللبناني نقطة لتسجيل تصاريح الدخول إلى الطفيل والخروج منها. وحدها المساعدات الغذائية وأربع سيارات إسعاف تابعة للصليب الأحمر وممثل عن دار الفتوى، انفردوا في الدخول إلى البلدة، فيما تموضعت قوة من الجيش في رأس الحرف المطلة على جزء من سهل رنكوس وحوش العرب، فيما بقيت الطفيل مختبئة خلف بضع تلال صخرية. مصادر أمنية عزت لـ«الأخبار» عدم السماح بالولوج أكثر إلى «معلومات تؤكد وجود مسلحين داخل البلدة وعلى التلال المحيطة بالطريق إليها، وبالتالي لا يمكن المخاطرة». مصادر أخرى تمكنت من الدخول إلى البلدة أمس أكدت أن «لا مكان للأهالي في البلدة، وأن المجموعات المسلحة تسيطر عليها، والظهور المسلح كان واضحاً».
المساعدات التي أدخلت إلى بلدة طفيل انقسمت بين تلك التي خصصتها الهيئة العليا للإغاثة لنحو ألف شخص من لبنانيي القلاية، وأخرى للنازحين السوريين خصصها لهم اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية في لبنان. وتضمنت المساعدات مواد غذائية ونحو 6000 ليتر من مادة المازوت مخصصة لتشغيل المولدات الكهربائية لضخ مياه الشرب للأهالي. الشيخ يوسف صلح ممثل المفتي الرفاعي، أكد أن من ضمن الأهداف للقافلة إخراج الجرحى والمرضى من البلدة وإدخال مستوصف لتقديم العناية الطبية بالمرضى». وعلمت «الأخبار» أن سيارات الصليب الأحمر لم تتمكن إلا من نقل 12 جريحاً (11 سورياً ولبناني)، وأن إصاباتهم باردة (في اليد والساق والحوض)، وبينهم امرأة وطفلة لا يتجاوز عمرها سنتين». واللبناني يدعى فوزي د. تبين أنه مطلوب للقضاء وقد نقل الى مستشفى رياق العام. وأكدت المصادر لـ «الأخبار» وجود عدد أكبر من الجرحى، إلا أن المسلحين رفضوا نقلهم إلى مستشفيات البقاع «لعدم ثقتهم»، بحسب ما أكدت المصادر المطلعة.
وفي السياق نفسه، لفت يوم أول من أمس اجتماع لعائلة ياسر علي إسماعيل الذي اختطف منذ أكثر من ستة أشهر في محلة رأس الحرف، شددوا فيه على عدم قطع الطريق أمام المساعدات الإنسانية المتوجهة عبر بلدة بريتال إلى الطفيل، وأمهلوا الدولة ثلاثة أيام للكشف عن مصير ابنهم، بعدما تلقوا وعوداً بذلك. مختار الطفيل علي الشوم أكد من جهته علاقة الصداقة القوية التي تربطه مع عائلة إسماعيل، وخاصة المخطوف ياسر، مشدداً على سعيه إلى كشف مصيره وتأكده من عدم وجوده في البلدة».

  • شارك الخبر