hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

مطر: ندعو إلى إلقاء السلاح والسير في طريق التفاوض

الأحد ١٥ نيسان ٢٠١٤ - 16:09

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 احتفل رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر، بقداس أحد القيامة المجيدة، قبل ظهر اليوم، في كاتدرائية مار جرجس للموارنة في وسط بيروت، يحيط به النائب العام للأبرشية المونسنيور جوزف مرهج، رئيس كهنة الكاتدرائية المونسنيور إغناطيوس الأسمر والأبوان جان مارك نمر وجان الشماس وطلاب إكليريكيون، وشارك فيه النواب: فؤاد السعد، نديم الجميل، سليم سلهب، هنري حلو وآلان عون، رئيس المؤسسة المارونية للانتشار الوزير السابق الأستاذ ميشال إده، رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن، رئيس الرابطة المارونية النقيب سمير أبي اللمع والمستشار الإعلامي في السفارة الفرنسية الأستاذ فرانسوا أبي صعب وممثلو قيادات أمنية وعسكرية وهيئات تربوية وأكاديمية وإجتماعية.

وبعد الإنجيل المقدس ألقى المطران مطر، الذي كان إحتفل بقداس نصف الليل، عظة العيد وجاء فيها: "قيامة المسيح من الموت، في اليوم الثالث لصلبه، هو الحدث الأكبر في تاريخ البشر. حتى أن هذا التاريخ قد انقسم عند شعوب عديدة بين ما هو قبل المسيح وما هو بعده. وقد سجل الحدث أولا في أعين المريمات اللواتي أتين إلى القبر باكرا في صباح الأحد، بقصد تحنيط جسد يسوع، وكان قد دفن على عجالة مساء الجمعة، فوجدن الحجر قد دحرج عن باب القبر، وكان كبيرا جدا. نظرن في داخله فوجدن القبر فارغا. فرجعن منذهلات إلى الرسل وأخبرنهم بما جرى. وعلى هذا الخبر أسرع بطرس ويوحنا إلى القبر ودخلاه فرأيا الأقمطة التي لف بها يسوع مطوية في إحدى الزوايا. فآمن يوحنا للحال بالقيامة وكذلك بطرس. غير أن المجدلية بقيت إلى جانب القبر تبكي. فتراءى لها يسوع أول ما تراءى وحدثها قائلا: "اذهبي وبشري أخوتي"، أي تلاميذي. وفي مساء ذلك اليوم الفارح تراءى الرب للأحد عشر فيما كانوا مجتمعين معا، وطمأنهم قائلا: "أنا هو، لا تخافوا". فتحولوا جميعهم إلى شهود لهذا الحدث العظيم وصاروا له مبشرين".

وتابع: "انطلاقا من هذه الشهادة بقيامة السيد له المجد، وبعد أن حل الروح القدس على التلاميذ، في اليوم الخمسين بعد القيامة، ولدت المسيحية فعلا، منفصلة عن اليهودية، وبدأت رسالتها بالشهادة للقائم من الموت وما زالت إلى اليوم، وستبقى غدا لتحمل البشارة بالقيامة إلى أصقاع الأرض وعلى امتداد الزمن. هذا عن الحدث العظيم. أما المعاني التي يتضمنها الحدث، فهي موضوع إيمان المسيحية ومحتوى رسالتها. وقد تلقت بوحي من الروح، أن قيامة المسيح هي انتصار له على الموت، فإن رب الحياة لا يمكن أن يبقى في ظلمة القبر وهو لا بد مستوعب موته ضمن حياته التي لا بداية لها ولا نهاية. وآمنت المسيحية بالروح عينه أن قيامة المسيح هي انتصار للمحبة التي حملها إلى العالم لتكون لها الغلبة على الحقد وعلى العداوة، ولتصبح هي الأقوى أمام كل قوة مادية فتعلو كلمتها على كل كلمة سواها. وتلقت المسيحية بإيمانها أن موت المسيح كان فعل فداء للبشرية جمعاء وفعل كفارة عن كل خطاياها، وأنه كان نعمة ربانية للانسان ردت إليه روح البرارة والنقاء ليسير في هديها سيرا جديدا".

وتابع: "هذا ما عبر عنه بولس الرسول عندما قال عن المسيح في رسالته إلى أهل روما، أنه صار لنا آدم الجديد. وشرح الأمر قائلا: "كما أن الخطيئة قد دخلت إلى العالم بآدم الأول أبي جميعنا ومعها الموت، هكذا دخل الغفران والبر والخلاص للعالم بآدم الجديد، الذي هو الرب يسوع له المجد. فآدم الأول كان في مطلع بشرية سقطت في خطيئتها، وآدم الثاني صار على رأس بشرية أعطيت فرصة ليكون لها مع الرب عهد جديد وإنسان مجدد ومزين بالنعمة والحق". هذه هي المسيحية في بدايتها. وهي هي اليوم، وهكذا ستكون غدا وحتى نهاية الدهر. وأنتم أيها المؤمنون بالمسيح، وفيما تقيمون هذا العيد بفرح الروح، فإنه لكم فرصة معطاة لتجددوا إيمانكم بالمسيح القائم من الموت والذي يمنحكم بقيامته رجاء لا يخزى وثقة لا تعرف الخيبة أبدا. فعليكم أن تؤمنوا بقوة القيامة وأن ترفضوا في هديها كل واقع قديم مبني على القهر والظلم بين الناس. فإن هذا الواقع لم يعد قدرا قابعا على صدر الإنسانية بعد أن دحرج المسيح الحجر عن باب قبره وفتح الطريق مشرعة لبنيان ملكوت الله".

وقال: "فليبارك الرب هذه المسيرة نقوم بها جميعا على صعيد أشخاصنا أولا، فندخل إلى قلوبنا قوة القيامة، وعلى صعيد الجماعات والشعوب، فنعمل من أجل إحلال السلام فيها، واسترجاع روح الأخوة بين أهلها جميعا. وما من شك في أن أنظارنا تتجه اليوم إلى منطقة الشرق الأوسط وهي تنزف دما غاليا على كل منا، مسلمين ومسيحيين. كما تتوجه أنظارنا إلى وطننا العزيز لبنان الذي نطلب له المعافاة ليقوم بالرسالة الموكولة إليه خير قيام. وبكل محبة نقول أن هذا الشرق الذي كان مهد الديانات الكبرى، والذي قدم للانسانية تراثا روحيا وحضاريا غير مسبوق قد ابتلي أيضا بالمآسي وتكاثرت فيه الأخطاء في معاملة الناس بعضهم لبعض حيث قصروا في مجمل الأحيان في إقامة دول تحسن المعاملة المتساوية مع مواطنيها. لكن رفع هذه المظالم يجب ألا يتم بإيقاع مظالم أخرى، حتى ولو بحجة إعادة التوازنات. بل المطلوب أن تسعى المنطقة إلى خلق أوضاع عادلة جديدة تصحح أخطاء الماضي ولا تربك أوضاع الحاضر وعلى أساس من المصالحة بين الجميع، وأن يقام هذا العمل باسم الأخوة التي يرشد إليها الإيمان الواحد، والدين الواحد، والوطنية الواحدة. وبكل محبة نقول أيضا: "أن ليس بين العرب والمسلمين أي عداء مستحكم في منطقتنا العزيزة. فلماذا التقاتل إلى هذا الحد ولماذا لا تعقد المؤتمرات الأخوية تفتيشا عن الحلول وليس دفعا إلى مزيد من الحروب والويلات؟ إننا بوحي من هذا العيد، عيد المصالحة والغفران، ندعو إلى إلقاء السلاح جانبا وإلى السير في طريق التفاوض والاتفاق وصولا إلى الصلح والسلام. أما في وطننا العزيز لبنان، فإننا مدعوون، إذا ما أردنا مواجهة الاستحقاق الرئاسي الراهن بنجاح وحل المشاكل الاجتماعية الخطيرة التي تعترض البلاد، إلى أن نثبت أولا وحدة الوطن والمجتمع، فلا يسعى كل لذاته أو لفئة دون سائر الفئات. إن لبنان متنوع وهذا له غنى كبير، لكن تنوعه لا يستقيم إلا في الوحدة وضمنها، وإلا فليس الجسم الوطني جسما حيا ولا كيانا واحدا ومحدد المعالم".

أضاف: "نحن نتمنى الخير لجميع الراغبين في خدمة الوطن على مستوى رئاسة الجمهورية. لكننا نتمنى عليهم أيضا وعلى محازبيهم، وعلى نواب الأمة جمعاء أن يبدأوا عملية تشاور فعلي ليروا من هو رجل المرحلة في الظروف الراهنة. فيجمعوا عليه. عند ذاك يكون الرئيس قويا بثقة الأمة به، على أن يصنع هو الباقي. وإذا وجدوا أكثر من شخص له هذه المواصفات، فليقترعوا بروح من الديموقراطية وبالنوايا الحسنة والصدور الرحبة. فنحن لا نريد بالنهاية جمهورية بلا رئيس كما لا نريد أيضا رئيسا بلا جمهورية. أما بشأن الحقوق التي يطالب بها المعلمون والموظفون وذوو الدخل المحدود، فيجب أن نجمع على عدم التهرب من إعطاء الحق لأصحابه، ولكن دون مس بالمصلحة الوطنية العليا، لأن الهيكل يسقط إذ ذاك على الجميع. وإذا كان الهدر هو المسؤول وحده عن عجز الدولة في القيام بواجباتها تجاه مواطنيها كافة، فلا يمكن أن يقبل إنسان صادق بأن تهدر أموال شعبه فلا يصل منها إلى الصغار سوى بقايا متساقطة عن موائد المحظوظين. إن محبة المسيح ومحبة الوطن هما في هذا الأمر واحد. وكما أنه ممنوع على الموظفين إسقاط الوطن وباقي أخوانهم الضعفاء من حسابهم، هكذا ممنوع أيضا على الوطن إسقاط فئاته الكادحة من حساباته".

وختم مطر: "أيها الأخوة الأحباء، إن ملكوت الله الذي وضع الرب يسوع أساساته بقوة قيامته، يضع الإيمان فينا والرجاء والمحبة على المحك. فلنكن تجاه أنفسنا وتجاه أخواننا صادقين بروح من هذا الحق الذي وحده يحرر. وإن كان المسيح قد قبل الموت من أجل الحق، فلن نكون له مخلصين إذا ضحينا نحن بالحق في سبيل المنافع مهما كانت ومهما كان أصحابها. فليلهمنا إلى ما فيه خيرنا، وليعد عليكم بمثله أعياد وأنتم مشمولون جميعا بأنعم الله وبركاته". 

  • شارك الخبر