hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

المطران خيرالله: لنبن العالم الجديد بالمحبة والمصالحة والأخوة الحقيقية

الأحد ١٥ نيسان ٢٠١٤ - 12:33

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

احتفلت الطوائف المسيحية في منطقة البترون، بقيامة يسوع المسيح، وعمت القداديس والزياحات الكنائس والأديار، وألقيت عظات دعت إلى نبذ الأحقاد والبغض ودفن الخلافات والانقسامات.

وترأس راعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله قداس منتصف الليل في كاتدرائية مار اسطفان في مدينة البترون، وقداس العيد في الكرسي الاسقفي في دير مار يوحنا مارون في كفرحي، وألقى عظة قال فيها: "عند فجر يوم الأحد، وبعد أن كانت الأحداث قد انتهت وظن الناس أن كل شيء انتهى بموت يسوع وغرقوا في صمت الأموات، جاءت النسوة إلى القبر تحملن الطيوب ليطيبن جسد يسوع المائت بهدف حفظه، وفي نيتهن الإحتفال بليتورجيا الموت. لكن الصدمة كانت كبيرة إذ وجدن القبر فارغا والحجر قد دحرج. ورأين ملاكا واقفا على باب القبر، قال لهن: " لماذا تبحثن عن الحي بين الأموات؟ إنه ليس ههنا، بل قام" (لوقا 24/5) "... فاذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس: إنه يسبقكم إلى الجليل" (مرقس 16/7).
هذا هو سر الموت والقيامة، الحدث المؤسس للايمان المسيحي".

أضاف: "من واقع القبر الفارغ، انطلقت حقيقة الإيمان بالمسيح القائم من الموت والحي أبدا في كل إنسان. ومن حقيقة القيامة انطلق الرسل وانطلقت الكنيسة في البشارة إلى العالم كله، لتعلن للناس أجمعين البشرى السارة أن الله يحبهم وقد خلصهم بتجسد ابنه يسوع المسيح وموته وقيامته. وراح الرسل يعلنون أن يسوع المسيح هو حي فينا، وهو معنا، ويسبقنا إلى كل مكان يتعطش فيه الناس إلى معرفة الله. خرجت النسوة من القبر مسرعات وهن يحتفلن بليتورجيا القيامة وأخبرن الرسل. لكن الرسل بقيوا غير مصدقين، وخائفين على مصيرهم. فتراءى لهم يسوع عدة مرات "ووبخهم على قلة إيمانهم وقساوة قلوبهم" (مرقس 16/14)، وكلمهم قائلا: " إني أوليت كل سلطان في السماء وعلى الأرض... فاذهبوا وتلمذوا كل الأمم، وعمدوهم باسم والابن والروح والقدس، وعلموهم أن يحفظوا كل ما أوصيتكم به. وها أنذا معكم طوال الأيام إلى نهاية العالم" (متى 28/16-20)".

وتابع: "انطلق الرسل من هنا، من هذه الأرض التي اختارها المسيح ليتجسد فيها ويموت ويقوم، وذهبوا إلى العالم كله وتلمذوا كل الأمم وشهدوا بفرح ورجاء لحضور الرب يسوع معهم حاملين بشرى الخلاص بالمحبة المنتصرة على الحقد والضغينة والخطيئة والموت. وبعد ألفي سنة، وفي ما نحتفل بقيامة الرب، نرى أن كنيسة المسيح في أرض المسيح، أي في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق ومصر، ما زالت تعيش حال النسوة والرسل الأحد عشر وتلميذي عماوس، حال الخيبة واليأس والقلق على المصير، وكأن كل شيء انتهى بالنسبة إلى حضورها وشهادتها ورسالتها في هذا الشرق. فتعود إلى العلية لتتجمع وتتقوقع من الخوف وتحرس ما ورثت من تقاليد وامتيازات".

وقال: "في هذه الحالة، نستذكر أولا الرسل الذين بقيوا غير مصدقين خبر القيامة بالرغم من شهادة النسوة وبالرغم من ترائي يسوع لهم وتوبيخهم على قلة إيمانهم وهم مختبئون في العلية، لكن الروح القدس الذي أرسله إليهم الابن من عند الآب هب فيهم وحررهم من عقدة الخوف وأطلقهم إلى العالم الواسع رسل المحبة وشهود القيامة. نستذكر ثانيا تلميذي عماوس اللذين كانا يغادران أورشليم مكتئبين يائسين خائبين يتحادثان ويتجادلان بما "يختص بيسوع الناصري وكان نبيا مقتدرا على العمل والقول عند الله والشعب كله. وكنا نحن نرجو أنه هو الذي سيفتدي إسرائيل. فتراءى لهما يسوع ومشى معهما، لكن أعينهما كانت محجوبة عن معرفته إلى أن أخذ الخبز وبارك وكسره وناولهما" (لوقا 24/13-35). فتحررا من الخوف والخيبة وأسرعا إلى أورشليم يعلنان خبر القيامة".

أضاف: "نستذكر ثالثا صدمة شاول - بولس على طريق دمشق الذي ذهب مع السيف ليضطهد أتباع يسوع الناصري، وعاد منها، بعد لقائه بيسوع الميت الحي، مبشرا بأن "يسوع الناصري هو ابن الله" (أعمال 9/20). وقد توضحت له صورة يسوع الحقيقية، أي يسوع ابن الله والمعلم والمصلوب في صورة عبد وهو يحمل خطايا العالم، يسوع القائم من الموت والحي أبدا ودائما، يسوع الذي "هدم في جسده العداوة التي تفصل بيننا ليخلق في شخصه إنسانا جديدا واحدا ويصلح بيننا وبين الله ويجعلنا جسدا واحدا بالصليب" (أفسس 2/14/16). فالرسل وتلميذا عماوس وشاول - بولس يدعوننا اليوم إلى الإنتصار على خوفنا ويأسنا والإنطلاق في رسالة المحبة والانفتاح وخدمة الإنسان. ما بالنا إذا واقفين أمام القبر نبكي على مصيرنا ونشكو همنا ونعلن عن مبررات خيباتنا المتكررة ويأسنا، وكأننا مصرون على البقاء في عالم الأموات. بينما يسوع القائم من الموت قد سبقنا إلى المقلب الثاني، حيث النور والحياة، ويدعونا إلى عيش الرجاء بالحياة وبمجد القيامة معه والخروج من عليتنا وتقوقعنا والإنطلاق إلى بشارة متجددة متخطين الخوف والجمود. هذا ما يدعونا إليه باستمرار قداسة البابا فرنسيس، وبخاصة في إرشاده الرسولي فرح الإنجيل، لنخرج إلى لقاء إخوتنا في الإنسانية، المعذبين والمظلومين والمنبوذين والمهجرين".

وسأل: "هل ننسى أن يسوع لا يزال معنا وحتى منتهى الدهر؟ هل ننسى أنه لا يزال يأخذ الخبز كل يوم ويبارك ويكسر ويقول لنا: خذوا كلوا هذا هو جسدي، ويأخذ الكأس ويبارك ويقول: خذوا اشربوا هذه هي كأس دمي للعهد الجديد؟ تعالوا نعيش حقيقة مجد القيامة، فنتحرر من الخوف الذي يسكن فينا وننتصر على حراس القبر ومن وراءهم: الأبالسة والمجربين والمرائين والراشين "والرؤساء الذين يمقتون العدل ويعوجون الاستقامة ويبنون العالم الجديد بالدماء"، كما يقول النبي ميخا في القرن الثامن قبل المسيح".

وختم خيرالله: "تعالوا نعلن بجرأة بولس، على طريق دمشق وأورشليم وبيروت وبغداد والقاهرة وباريس وموسكو وواشنطن: إن يسوع الناصري الذي تضطهدونه هو ابن الله وسيد الحياة وإله السلام والمحبة وهو حي فينا دائما وأبدا. تعالوا نبني العالم الجديد بالمحبة والغفران والمصالحة والأخوة الحقيقية. تعالوا نصرخ معا ونرنم مهللين: المسيح قام، حقا قام".
 

  • شارك الخبر