hit counter script

مقالات مختارة - ناصر زيدان

مشاهدات من حوار بين الاحزاب اللبنانية

الجمعة ١٥ نيسان ٢٠١٤ - 05:45

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الانباء الكويتية

عُقِدَ في 11ابريل/نيسان 2014 في بيروت ندوة حوارية، شارك فيها مسؤولي الثقافة في الاحزاب اللبنانية، دعى اليها الحزب التقدمي الاشتراكي وحركة السلام الدائم. وكان حفل الافتتاح كبيراً، حضره وزراء ونواب وممثلين للمجتمع المدني.
البارز في اللقاء حضور ممثلين عن الاحزاب اللبنانية كافة، وعددهم 20 حزباً، بما في ذلك احزاب عادةً لا تلتقي مع بعضها البعض، خصوصاً حزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب وحزب الوطنيين الاحرار وتيار المستقبل من جانب 14 آذار، وحزب الله وحركة امل والتيار الوطني الحر والحزب السوري القومي الاجتماعي من جانب قوى 8 آذار، اضافة الى حضور تيارات اسلامية مُتخاصمة، لاسيما الجماعة الاسلامية من جهة وجمعية المشاريع الخيرية الاسلامية من جهةٍ ثانية.
الحوار كان بمناسبة مرور 39 عاماً على إندلاع الحرب الاهلية في لبنان، وعنوانه" ثقافة الحوار ودور الاحزاب في حماية السلم الاهلي".
الاحزاب المشاركة انخرطت معظمها في العمل العسكري إبان الحرب الاهلية، ومنها ما زال يملك السلاح تحت شعار" متابعة المقاومة للإحتلال الاسرائيلي " ومنها احزاب تأسست بعد نهاية الحرب، لاسيما في حقبة ما بعد الخروج العسكري السوري من لبنان في العام 2005 ، كحركة الاستقلال ( المعادية للنظام السوري ) وحزب التوحيد العربي ( الموالي للنظام السوري ).
 الاجتماع بحدِ ذاته انجاز هام، وشمولية المشاركة، ونوعية المشاركين هامٌ ايضاً، ذلك ان معظمهم من المثقفين والاساتذة ويملكون قدراً كبيراً من الخبرة في العمل السياسي والاجتماعي والتنظيمي والارشاد الديني والثقافي.
ولكن من دون اي عناء ترتسِمُ امام المراقب للحوار مجموعة من المشاهدات التي لها طابع غير عادي، تدعوا للتشاؤم، وتُبشِّر بتفاؤل في آنٍ واحد، لأنها تفتحُ كوة مُضيئة في جدار الانسداد الحواري القائم. ومن ابرز المشاهدات المُتناقضة صورٌ تدفع بقوة للطلب من هذه الاحزاب الى احداث تغييرات جوهرية في نمطية عملها، بهدف المساهمة في تعزيز الروح الوطنية واعلاء شأن القيم المشتركة بين اللبنانيين.
من المشاهدات السلبية: الهوة الكبيرة التي تفصل بين ثقافة هذه الاحزاب، خصوصاً في مقاربة الفكرة اللبنانية والعربية، فبينما تتغلب عند بعض الاحزاب اولويات التعبئة الدينية، تحملُ احزاب أُخرى هموم المدنية بمفهومها العصري. رغم ان كل الاحزاب اللبنانية لا تتنكر لعقائد الديانات السماوية، وعلى وجه التحديد الاسلام والمسيحية.
ويكتشف المراقب للحوار سبب التباعد بين المواطنيين اللبنانيين، وخوف بعضهم من البعض الآخر، ذلك لأن للأحزاب اللبنانية منطلقات فكرية مُتباعدة في الثقافة الوطنية، فيبالغ بعضها في التركيز على الافكار الليبرالية المُتحررِّة وتقليد النمط الغربي، ويتشدد بعضها الآخر الى حد التهوُّر في التمسُّك بطقوسٍ وتقاليد تناسب الماضي السحيق اكثر مما تُناسب الحاضر.
وفي الجانب السلبي للحوارايضاً ، تراهُ كأنه يجري بين احزاب لا ينتمون لوطن واحد، نظراً للفارق الكبير بين رؤية كلٍ منهم، وكذلك بسبب الاستعداد الدائم للخلاف الى حد العداوة، وبالتالي انهاء الحوار وراء النقطة التي بدأ منها ( ولكن الحمد لله ان ذلك لم يحصل )
ويتبين بوضوح من الحوار ان الاحزاب اللبنانية لا تعتمد مقاربات متشابهة في تثقيف مناصريها، فمقارباتها التعصُبية تدفع الى حياةٍ تحزُبية مُتشددة اكثرُ ما تُنتجُ حياة حزبية تعدُدية متنوعة وراقية.
ومن المُشاهدات التي تدعوا الى التفاؤل من ذلك الحوار، الاستعداد الواضح عند جميع المُشاركين للأستمرار بالحوار الذي فُتِح، لتغيير صورة كل حزب عند جمهور الحزب الآخر، ذلك لأن خلفيات الصورة شاحبة الى حدٍ بعيد.
وابتعاد الاحزاب اللبنانية على الإلتقاء بصورة مُتكررة، زاد من مسافة التباعُد، وساهم في ارساء ثقافة الخوف المُتبادل، والذي يصلُ احياناً الى حد الريبة من المُستقبل، والتشكيك في الوحدة الوطنية، لذلك كان لطاولة الحوار مفاعيل ايجابية جمَّة، واطلقت ما يُشبه الورشة التواصُلية التي بدأت بقوة مع الاتفاق الذي حصل على البيان الختامي الذي تضمَّن التوصيات.
وفي التوصيات مجموعة كبيرة من المباديء التي تصلحُ كعناوين تُغني فكرة المواطنة، ومنها: حماية التنوع ونبذ لغة العنف وتعزيز القيم الوطنية المُشتركة، واعلاء شأن المواطنة، والحفاظ على السلم الاهلي عن طريق الحد من انتشار السلاح.
 

  • شارك الخبر