hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

المطران بو جودة: على المسؤولين خدمة الشعب لا التقاتل وتحويل المؤسسات لخدمتهم

الخميس ١٥ نيسان ٢٠١٤ - 19:26

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 ترأس راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جودة رتبة الغسل في كنيسة مار مارون في طرابلس، وعاونه المونسنيور نبيه معوض والخوري جوزيف فرح، في حضور حشد من المؤمنين. وتم غسل أرجل الأطفال في تشبيه لما قام به السيد المسيح في يوم خميس الأسرار.

وبعد رتبة الغسل والإنجيل المقدس، ألقى بو جودة عظة قال فيها: "في هذا اليوم الخميس من الأسبوع المقدس، نحتفل بعيد تأسيس الأسرار، وبصورة خاصة سر الكهنوت وسر القربان المقدس. ولذلك، درجت العادة في أن نسميه خميس الأسرار. ولذلك أيضا، درجت العادة الشعبية على أن يقوم المؤمنون في مثل هذا اليوم بزيارة سبع كنائس، كنيسة واحدة لكل سر".

أضاف: "في مثل هذا اليوم، أعطانا المسيح جسده طعاما ودمه شرابا، وقال لنا بشخص رسله: إشتهيت أن أتناول عشاء الفصح معكم قبل أن أتألم. وأخذ خبزا وشكر وكسر وناولهم، وقال: "هذا هو جسدي الذي يبذل من أجلكم، إعملوا هذا لذكري". وكذلك، الكأس أيضا بعد العشاء فقال: "هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك لأجلكم (لوقا:22/14-22)".

وتابع: "بتأسيسه سر القربان المقدس، أسس المسيح أيضا سر الكهنوت، وأعطى رسله السلطان أن يستحضروه في كل مرة يحتفلون بالذبيحة الإلهية. وقد عبر القديس يوحنا ماري فيانيه، خوري أرس، عن أهمية هذا السر حين قال: "ما أعظم الكاهن وما أهم دوره فإنه بكلمة واحدة من فيه ينزل المسيح الى الأرض، في ما نسميه الكلام الجوهري في القداس". وفي هذه المناسبة، وكي يعبر المسيح عن تواضعه العجيب، أراد أن يتصرف تصرف العبيد. وقد أحب خاصته حتى النهاية، وقبل العشاء صب ماء في مغسلة، وبدأ يغسل أرجل التلاميذ ويمسحها بالمنشفة التي إنتزر بها (يو:13/1-6). وقد أراد من خلال تصرفه هذا أن يعطي تلاميذه ويعطينا أمثولة في التواضع، لأنه كما قال سابقا لم يأت ليخدم بل ليخدم. وهذا ما أوصى به تلاميذه على أثر ذلك، إذ قال لهم أنتم تدعونني معلما وسيدا، وحسنا تفعلون لأني هكذا أنا. فإذا كنت أنا السيد والمعلم غسلت أرجلكم، فيجب عليكم أنتم أيضا أن يغسل بعضكم أرجل بعض. فأنا أعطيتكم ما تقتدون به، فإعملوا كما عملته لكم. فما كان الخادم أعظم من سيده، ولا كان الرسول أعظم من الذي أرسله (يو:13/13-16)".

وأردف: "وكان يسوع، قبل أن يحتفل بالعشاء الأخير بمناسبة عيد الفصح، قد دخل الى أورشليم دخول الفاتحين، والشعب يهتف ويقول: هوشعنا لإبن داود، مبارك الآتي بإسم الرب، لكنه خلافا عن الفاتحين السياسيين والعسكريين، وتأكيدا أن مملكته ليست من هذا العالم، قد دخل أورشليم راكبا على جحش إبن أتان وأعلن أمام بيلاطس أنه في الحقيقة ملك، لكن مملكته ليست من هذا العالم. وقد عبر بولس الرسول عن هذه الحقيقة في رسالته إلى أهل فيليبي حين قال: كونوا على فكر المسيح فهو "وهو في صورة الله"، ما اعتبر مساواته لله غنيمة له، بل أخلى ذاته واتخذ صورة العبد فصار شبيها بالبشر وظهر في صورة الإنسان. تواضع وأطاع حتى الموت، الموت على الصليب. ولذلك، رفعه الله وأعطاه اسما فوق كل اسم لتنحني لاسم يسوع كل ركبة في السماء وفي الأرض وتحت الأرض، ويشهد كل لسان أن يسوع المسيح هو الرب تمجيدا لله الآب (فيليبي:2/6-11)".

وقال: "فضيلة التواضع هي من أهم الفضائل المسيحية، وهي تدعونا لنعرف أن نحافظ على مركزنا فلا نتخطاه ونتكبر على الآخرين وحتى على الله. فهذه كانت خطيئة أبوينا الأولين إذ تكبرا على الله وخالفا إرادته أن يجعلا من أنفسهما ألهة لأنفسهما فأنكرا الله ووضعاه جانبا، فحكما على نفسهما بالموت. هذه هي تجربة الإنسان الأساسية: أن يصبح إلها لنفسه ويستسلم لتجربة الشيطان، إنها التجربة التي تعرض لها يسوع بعد أن صام أربعين يوما وأربعين ليلة، إذ جاء إليه الشيطان وقال له: أعطيك ممالك الأرض كلها إن أنت خررت ساجدا لي. فكان جواب يسوع واضحا وقاطعا: للرب وحده تسجد وإياه وحده تعبد (لو:4/7-8). هذه التجربة يتعرض لها الإنسان كل يوم إن فرديا وإن جماعيا. فإنه بفضل تقدمه في العلوم والثقافة والإختراعات والإكتشافات، صار يعتبر نفسه إلها، ولم يعد يعترف بمكان لله ودور له في مجتمعنا المعاصر. فقد وصل الى مرحلة "فبركة" الإنسان من خلال الأبحاث الطبية التي أجراها، فإستنسخ الكائنات الحية. وتقدم في معرفة الكون بواسطة الأقمار الإصطناعية التي أرسلها إلى الفضاء، وصار يقول لله، كما قال له أحد المفكرين المعاصرين: أبانا الذي في السموات ، إبق حيث أنت ، فأنا لست بحاجة إليك".

أضاف: "من ناحية ثانية، صار الإنسان يجعل من نفسه المرجع الوحيد لكل الأمور المتعلقة بالقيم والأخلاق والمبادىء المسيحية، فيعتمد مبدأ النسبية ويقبل ما يعجبه ويرفض ما لا يعجبه من تعاليم المسيح والكنيسة، وهذا ما يوصله في بعض الأحيان الى العلمنة المفرطة ليسن القوانين التي يريد ولو كانت متناقضة تماما مع المبادىء ليس فقط المسيحية، بل أيضا وكذلك مع المبادىء الإنسانية".

وتابع: "المسيح يسوع علمنا بمثل حياته وقال لنا، مع أنه إبن الله، بأن يصنع إرادة الآب لأن الآب هو الذي أرسله، وهو الذي أرسله ليبشر المساكين، وأرسل إليه روحه القدوس. في رتبة الغسل التي نحتفل بها في هذا المساء، يعلمنا المسيح التواضع والوداعة، ويدعونا إلى الاقتداء به في علاقتنا مع الآخرين، فنتعامل معهم على أنهم أعضاء في جسده السري بروح المحبة التي هي الوصية الوحيدة التي أعطانا إياها، وبروح المسامحة والغفران. إنها أمثولة لكل واحد منا، وأمثولة خاصة للمسؤولين بيننا على مختلف المستويات، فإن عليهم أن يكونوا في خدمة الشعب ليقودوه الى المرعى الخصيب ويؤمنوا له ضروريات الحياة، لكن ما نراه ونعيشه لسوء الحظ هو العكس تماما، إذ أننا نراهم يتصارعون ويتقاتلون مدعين العمل من أجل المصلحة العامة، بينما هم يسعون الى مصالحهم الشخصية فقط، ويحولون مؤسسات الدولة لخدمتهم وخدمة مؤيديهم وأزلامهم، ولا يكترثون بأي شكل من الأشكال بما يلزم للشعب من خدمات".

وختم: "فلنرفع الصلاة الى المسيح اليوم، ولنطلب منه أن يعطينا نعمة التواضع والخدمة كي نقول له مع مريم أننا خدام لك يا رب، فليكن لنا بحسب قولك". 

  • شارك الخبر