hit counter script

مقالات مختارة - عبدالله بوحبيب

حق العودة للاجئين السوريين في لبنان

الخميس ١٥ نيسان ٢٠١٤ - 09:03

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

إن لم تقدم الحكومة هذا العام على اتخاذ تدابير جذرية في شأن اللاجئين السوريين إلى لبنان، فإن مشكلتهم ستتفاقم لتصبح معالجتها أشد صعوبة، إن لم نقل مستحيلة، كما هو الحال منذ خمسينيات القرن الماضي مع سكان مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، واليوم مع سلسلة الرتب والرواتب.
باتت معالجة ملف المخيمات الفلسطينية أمراً مستحيلاً بعدما أصبحت مصدراً للتوتر الأمني وعدم الاستقرار المتزايد، وتحوّلها بصورة مطردة إلى قنابل موقوتة بسبب الحالة الإنسانية المزرية والمتفاقمة وتنامي الحركات التكفيرية والإرهابية واستقطابها الفارين من وجه العدالة. هذا، وتستمر المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية من دون التطرق إلى مستقبل فلسطينيي الشتات وكأن المفاوضين من الجهتين، بالإضافة إلى واشنطن راعية المفاوضات، قد اتفقوا ضمناً على توطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم، فيهدى لبنان حوالى نصف مليون فلسطيني وربما تلغى مؤسسة الأونروا التي تقدّم للاجئين مساعدات طفيفة بدأت بالتناقص الملحوظ منذ عقد من الزمن.
حتى سلسلة الرتب والرواتب هي نتيجة تأجيل الدولة معالجة هذه المشكلة منذ حوالى عقدين من الزمن بحجة المشاكل الأمنية والسياسية التي تواجه لبنان، فوصلت إلى وقت لم يعد في استطاعة موظفي القطاع العام الاستمرار في تأدية واجباتهم فتظاهروا وأقفلوا الطرقات وأجبروا الحكومة السابقة على القبول الكامل بمطالبهم من دون إيجاد الموارد المالية لتغطية كلفتها البالغة حوالى 25 في المئة من موازنة الدولة، ما وضع الدولة اللبنانية اليوم أمام خيارات أحسنها الاستمرار في إضعاف الاقتصاد الوطني وزيادة الدين العام بأكثر من مليار دولار سنوياً.
بالعودة إلى اللاجئين السوريين إلى لبنان، يزيد اليوم عدد المسجلين لدى وكالة الإغاثة الدولية على مليون لاجئ منتشرين في كل المناطق اللبنانية ومقبلين من مختلف المناطق السورية، الآمنة منها والمتحاربة.
وتقدّر دوائر رسمية بأن هناك حوالى نصف مليون سوري غير مسجلين، وبعضهم مرشّح لدخول لوائح وكالة الإغاثة. وتقدّر المصادر نفسها عدد الولادات عند اللاجئين السوريين بنصف عدد الولادات عند اللبنانيين. كذلك تقدّر وجود حوالى ستين ألف سيارة في لبنان بصورة شبه دائمة. يستفيد السوريون في لبنان من الدعم المالي الذي توفره الدولة للمحروقات والطحين ومواد غذائية أساسية. كما تغطي الدولة تكاليف صحية وتربوية لكثير من اللاجئين، ويزيد عدد المستفيدين السوريين من التعليم الرسمي عن عدد الطلاب اللبنانيين في تلك المدارس.
وتشير المصادر الرسمية أيضاً إلى تقسيم اللاجئين والعمال السوريين إلى فئتين: القادمون من مناطق سورية آمنة والقادمون من مناطق متحاربة. القادمون من مناطق متحاربة بينهم آتون من مناطق متاخمة للبنان أو مناطق متحاربة أقرب إلى الأردن والعراق وتركيا. وبينما تهنئ الأمم المتحدة والدول الغربية لبنان على استضافته اللاجئين السوريين برغم مساندتهم المالية الشحيحة لهؤلاء والقرى والمناطق اللبنانية الحاضنة للاجئين، لا نراهم يوجهون أية ملاحظة إلى تركيا التي أوقفت تدفق اللاجئين إليها، ولا إلى الأردن الذي يسمح بتدفق بعض اللاجئين من قرى ومناطق الجوار فقط. لا نسمع كذلك، من هذه الدول المتقدمة اقتصادياً وحضارياً تنديداً بالدول التي تموّل الحرب من دون أن تساعد المتضررين ممّا تقوم به.
أما اليوم، وقد أصبحت المناطق السورية المتاخمة للبنان آمنة إلى حد بعيد، على الحكومة اللبنانية أن تنسّق مع المؤسسات الدولية المهتمة بشؤون اللاجئين بغية مساعدة هؤلاء على العودة إلى قراهم ومناطقهم على أن تنتقل معهم كل المساعدات الدولية. يتوجب على الحكومة اللبنانية ايضاً التنسيق مع المؤسسات نفسها لنقل اللاجئين السوريين القادمين من مناطق متاخمة لدول الجوار الأخرى إلى تلك الدول أو إلى مخيمات تنصب في مناطق آمنة في الداخل السوري.
العام 2006، بعد انتهاء حرب إسرائيل على "حزب الله" عاد ما يزيد على مليون نازح من الجنوب، دمرت إسرائيل قراهم وبلداتهم، في أقل من 24 ساعة. إن عودة السوريين إلى قراهم ومناطقهم الآمنة يجب ألاّ تستغرق أكثر من شهرين حتى بداية الصيف. ذلك أن تمييع عودة اللاجئين بالسرعة اللازمة قد يجعل منهم قضية مزمنة شبيهة بالقضايا العالقة في لبنان منذ ما بعد الاستقلال ومنها قضية اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات اللبنانية ثم اليوم قضية سلسلة الرتب والرواتب.

السفير

  • شارك الخبر