hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - نقولا ناصيف

الموعد الأول: إمتحان النصاب لا إنتخاب الرئيس؟

الخميس ١٥ نيسان ٢٠١٤ - 06:07

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الاخبار

مع دعوة مجلس النواب الى انتخاب الرئيس، يدخل الاستحقاق مرحلة جديدة لا تستعجل الانتخاب بالضرورة، لكنها تحرّك مياهه الراكدة، وكذلك خيارات الكتل الكبيرة لتسمية مرشحيها. عشية جلسة 23 نيسان، تصبح الكتل امام امتحان عسير: هل باتت جاهزة فعلا لتوفير نصاب الثلثين؟
… وفي اليوم الـ23 من المهلة الدستورية، استعمل رئيس المجلس نبيه بري صلاحيته بدعوة النواب الى انتخاب الرئيس الجديد في 23 نيسان، قبل انطواء الشهر الاول منها. وضع بذلك آلية الاستحقاق، للمرة الاولى منذ بدء الخوض فيه ــــ وهو مغزى المادة 73 ــــ على طريقها الطبيعي تبعاً لمعطيات منها:
1 ـ بعدما وجه الدعوة، وهي صلاحية تستخدم لمرة واحدة فقط، يتعين على رئيس المجلس تحديد مواعيد جلسات الانتخاب، مرة تلو اخرى، كلما تعذر التئام نصاب الثلثين لانعقاد المجلس.

وقد يحتاج الامر الى اكثر من موعد. وهو ما يتحسب له بري بعدما حدد في استحقاق 2007، قبل شغور الرئاسة وبعده، 20 موعدا لانتخاب الرئيس آخرها في 25 ايار 2008، مسجلا السابقة.
توجيه الدعوة صلاحية دستورية، في حين ان تحديد الموعد تدبير اداري. كلاهما منوط برئيس المجلس حصراً، وليس لسواه الاضطلاع به. الا ان توجيه الدعوة الى انتخاب الرئيس هو احدى الصلاحيات الثلاث لرئيس المجلس التي ينص عليها الدستور، والاخريان هما المادتان 19 (مراجعة المجلس الدستوري) و53 (اطلاعه من رئيس الجمهورية على نتائج الاستشارات النيابية الملزمة).
2 ـ لم يعد للفقرة الاخيرة من المادة 73 ــــ وهي الاجتماع الحكمي للبرلمان في اليوم العاشر الذي يسبق انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ــــ جدوى بعدما استخدم رئيس المجلس صلاحيته تلك. الامر الذي يحتم على مجلس النواب الانعقاد في المواعيد المقررة، مرة تلو مرة، بناء على دعوة من رئيسه حتى اليوم الاخير من ولاية رئيس الجمهورية. لم يعنِ الانعقاد الحكمي سوى بند جزائي معنوي عندما يتلكأ رئيس المجلس في استخدام صلاحية الدعوة، فتنتقل المبادرة اذذاك الى المجلس وينعقد بلا دعوة. 3 ـ لا يجزم توجيه الدعوة وتحديد الموعد الاول بانعقاد المجلس واكتمال نصاب الثلثين بسبب ارتباط هذا الشرط بعلاقة الكتل النيابية الكبيرة بالاستحقاق، ومدى استعدادها لانتخاب الرئيس في الموعد المضروب في اي من دورات الاقتراع. عملا بذلك تتدرّج آلية الاستحقاق في خطوات ثلاث: اولى توجيه الدعوة، ثانية تحديد الموعد، ثالثة تكوّن جلسة الانتخاب عند اكتمال نصاب الثلثين والانتقال الى دورات الاقتراع. لكل منها حسابها وتقديرها المختلف.
4 ـ ليس الموعد الاول قاطعا ونهائيا، وفي وسع رئيس المجلس تأجيله اذا وجد ما يقتضي تحديد موعد آخر. في استحقاق 1982، وجه الرئيس كامل الاسعد الدعوة الى انتخاب الرئيس في 19 آب في «قصر منصور». قبل 48 ساعة ارجأ الجلسة الى موعد آخر هو 23 آب في مكان آخر هو المدرسة الحربية في الفياضية، تحت وطأة ظروف امنية تحول دون وصول النواب الى المقرّ الموقت للبرلمان حينذاك. الا انه، في موقف معاكس اتخذه في الاستحقاق الذي سبق عام 1976، وجه الدعوة الى انتخاب الرئيس في 8 ايار واصرّ على موعدها رغم انهيار الوضع الامني والقصف الذي كان يطاول «قصر منصور»، فوصل النواب في مصفحات الجيش ومواكب عسكرية واخرى مموهّة.
بدوره الرئيس حسين الحسيني دعا الى جلسة انتخاب الرئيس في 18 آب 1988، وكان اول موعد لها، الا ان النصاب القانوني لم يكتمل بعدما لاحقت «القوات اللبنانية» نواب المناطق الشرقية، وحاصرتهم في بيوتهم لمنع انتقالهم الى «قصر منصور» والاقتراع للمرشح الوحيد الرئيس سليمان فرنجيه.
5 ـ بتعيينه موعدا لجلسة الانتخاب، يصبح رئيس المجلس معنيا بالاضطلاع بدور مؤثر في تأمين نصابها القانوني. وهو دور سياسي مكمّل لوظيفة الصلاحية الدستورية بتوجيه الدعوة. اذ يعني، اول ما يعني لتبرير توجيه الدعوة وتحديد الموعد، ان الظروف التي تتيح اجتماع غالبية الثلثين اصبحت اكثر استعدادا لحضور النواب وانتخابهم الرئيس، سواء بتوافقهم المسبق عليه او الاحتكام الى صندوق الاقتراع.
ومع ان السوابق التي اقترنت بتوجيه الدعوة عكست وجهة النظر هذه في معظم الاستحقاقات المتعاقبة، الا ان توجيه بري الدعوة قبل استيفاء هذين الشرطين، حتى الآن في احسن الاحوال، يتوخى هدفين:
اولهما، تأكيد تمسكه بصلاحيته هذه التي يستخدمها للمرة الثالثة بعد انتخاب الرئيسين اميل لحود عام 1998 وميشال سليمان عام 2008، ردا على المنادين اياه باستعجال توجيه الدعوة، وكأن الانتخاب واقع في الموعد الاول.
ثانيهما، حمل الافرقاء الرئيسيين على الاقتراب من حسم خياراتهم حيال الاستحقاق، من دون ان يعني الموعد الاول انه جلسة الانتخاب فعلا. المهم في تحديد 23 نيسان امتحان هؤلاء للتأكد من استعدادهم حضور الجلسة وتوفير نصاب الثلثين، ايذانا بافتتاحها والانتقال فورا الى الدورة الاولى من الاقتراع.
6 ـ في ظل المواقف المعلنة للاطراف المعنيين، سيكون من المتعذر التيقن حقا من ان نصاب الحضور سيكتمل ما دام احد من تكتلي 8 و14 آذار لم يعلن بعد مرشحه لانتخابات الرئاسة او دعا نوابه، وكذلك النواب الآخرين، الى الاقتراع له. في السرّ يقول حزب الله انه يدعم الرئيس ميشال عون، بينما يحوط الغموض واللبس موقف تيار المستقبل من تبنيه ترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الا اذا اتخذ القرار قبل الاربعاء. لم يقل بري مَن هو مرشحه، ولا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، ولا المرشحون الطبيعيون في قوى 14 آذار كالرئيس امين الجميل والنائبين بطرس حرب وروبير غانم قالوا بدورهم انهم افسحوا المكان لجعجع. في المقابل يريد عون خوض الاستحقاق مرشحا وفاقيا وحيدا للفوز من الدورة الاولى، ويبحث جعجع عن مرشح ينافسه في الدورة الثانية.
لعل بعض تقاليد استحقاقات رئاسية لعقود خلت، تفصح عن الخلل الذي يطبع الاستحقاق الحالي، كما تلك التي سبقته في ظلّ النفوذ السوري. اعتاد المرشحون المتنافسون، اول ما كانوا يفعلون، التوجه الى مَن يفترض انهم لا يؤيدونهم كي يناقشوا معهم ترشيحهم وطلب تأييدهم، في اطار حوار مفتوح على تطلعاتهم. ذلك ما فعله المرشحان الياس سركيس وسليمان فرنجيه على ابواب استحقاق 1970 بعرض افكارهما على كمال جنبلاط وحلفائه في الاحزاب اليسارية. قيل آنذاك ما لم يكن قد حصل فعلا، وهو انه امتحنهما. اهتم جنبلاط بسؤال مهم لكليهما عن مصير اتفاق القاهرة في العهد الجديد، وكان وقتذاك وزيرا للداخلية وحليفا متينا للمقاومة الفلسطينية. كذلك ذهب المرشح ريمون اده في استحقاق 1976 الى الخصمين المارونيين الألدّ لديه، الرئيس كميل شمعون والشيخ بيار الجميل، يطلب تأييدهما عارفا في الوقت نفسه انهما لن يفعلا. كان يحلو لإدّه القول مراراً ان شمعون يحبه في السنوات الخمس الاولى من كل عهد ويتركه في السنة السادسة التي يقترب فيها موعد انتخابات الرئاسة لئلا يؤيد ترشيحه.
لا احد، في هذه الايام، من مرشحي 8 او 14 آذار يذهب الى الخصم يطلب تأييد ترشيحه. بل لعل جعجع اقدم على خيار نقيض بقوله، امس، عند اعلان برنامجه الرئاسي كما عند ترشحه في 4 نيسان، انه سيضع حدا نهائيا لدويلة حزب الله وانه يحمل مشروع فريقه وسيفرض على الحزب الانسحاب من سوريا، وربما يجرده من سلاحه.
 

  • شارك الخبر