hit counter script

مقالات مختارة - جورج شاهين

برّي للراعي: «نُفِّذ الأمر» وماذا بعد؟

الخميس ١٥ نيسان ٢٠١٤ - 05:57

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجمهورية

أطلقَ رئيس المجلس النيابي نبيه برّي بدعوته الهيئة العامة إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية في 23 نيسان الجاري إشارةَ السباق إلى قصر بعبدا، على رغم الاقتناع الشامل بأنّ المعركة الحقّة في البداية هي معركة نصاب، قبل الغوص في أسماء المرشّحين وجوجلتِها لمعرفة الجديرين بالسباق ومستحقّي المشاركة في المواجهة المنتظرة.

لم تفاجئ الدعوة أحداً من كبار المسؤولين ومعاونيهم. فرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان كان في الجوّ ومعه رئيس الحكومة تمّام سلام منذ أن طرَح برّي الموعد المبدئي الأوَّل في 16 الجاري، لكنّ الوقت الذي استغرقته الجلسات التشريعية للبحث في سلسلة الرتب والرواتب جعلته يُحدّد الموعد الثاني في 23 منه، وقد أبلغ الدوائر المختصة في بعبدا بهذا الموعد قبل أسبوع تقريباً.

وعليه، ابتلعت السلسلة الموعد الأوّل، وجاءت التداعيات السلبية التي تركها التأجيل لترخي بظلالها على الحياة السياسية، وباتت تُهدّد بفرز جديدٍ اختلطت فيه موازين القوى بين «8 و14 آذار» على أساس حلفٍ جديد طيَّر السلسلة بعد ثلاثة أعوام من البحث عن مواردها وسقوط المواعيد التي حُدِّدت للبتّ بها واحدةً بعد أخرى.

وتعترف مصادر سياسية بأنّ الحاجة لقفلِ النقاش حول السلسلة وتجاوز تداعياتها الإقتصادية فرضت آليّة أخرى وسريعة، فكان ما شهدته جلسة الثلثاء أمراً طبيعياً فرضَته تفاهمات اللحظات الأخيرة على أوسع نطاق، وشارك في إخراجها الجميع، بمَن فيهم مَن صوَّت على التأجيل ومَن عارضَه في آنٍ لإنقاذ الوضع.

فلم يكن سهلاً أن تهتزّ التحالفات السياسية والنيابية، فالخلاف بين برّي والنائب وليد جنبلاط على قاعدة رفض الأخير آليّة توفير موارد السلسلة تبعه انشقاق آخر في صفوف «8 آذار»، وتحديداً بين الثنائي الشيعي المتمسّك بالسلسلة و»التيار الوطني الحر» الذي شارك في إسقاطها.

كان واضحاً أنّ هذا «الفرز المصطنع» ليس مستداماً، ولن ينسحب على الملفّات الأخرى، فقد قضى سيناريو إسقاطها - كما يقول عقلاء هيئة التنسيق النقابية - تفاهم كلّ القوى، حتى تلك التي تمسّكت بالسلسلة شكليّاً، وكان لا بدّ من لفلفة الملفّات الإقتصادية والمالية ووقف النقاش حولها.

وبناءً على ما تقدّم، جاءت خطوة برّي لتنقل البلاد من واقع إلى آخر، فانحرفت الأنظار إلى المعركة الرئاسية على أنّها هي الأساس، ويمكن في حال تجاوزها إلى برّ الأمان أن تعود الملفات الأخرى إلى واجهة الاهتمامات في بداية عهد جديد.

ولذلك، كشفت مصادر نيابية مواكِبة أنّ دعوة برّي جاءت في سياق طبيعي، في مواجهة الضغوط التي تعرّض لها منذ أن ألحّ عليه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مباشرةَ الدعواتِ إلى جلسات انتخابية أيّاً كانت نتائجها في المرحلة الأولى، لعلَّ الضغوط الخارجية والمحلية تسمح بتفاهم ما يُنتج رئيساً قبل نهاية المهلة الدستورية، وبالتالي لا يمكنه تجاهلها مخافة أن يحمّله أحدٌ المسؤولية.

فبرّي ومعه جميع الأقطاب يدركون أنّ المعضلة الحقيقية ليست في تحديد موعد انطلاق جلسات الإنتخاب بمقدار ما هي معركة نصاب قانوني سيستخدمه المتنافسون للوصول بمرشّحهم إلى سدّة الرئاسة، ولا أحد يستطيع إقناع الجميع بأنّ توفير النصاب في أيّ جلسة يدعو إليها برّي ليس ترَفاً سياسياً، إنّما واجب دستوري.

ولذلك سيوجّه برّي دعوات متلاحقة، مرّة كلّ أربعة أيّام تَلي 23 الجاري، إلى أن يكتمل النصاب في جلسة ما!
في الخلاصة، وجّه برّي، بدعوته هذه، رسالة مدوّية إلى الجميع، بمن فيهم الراعي، وكأنّه يقول له «نُفِّذ الأمر»، و»وفَيتُ بما وعدت به»، ولكن ماذا بعد؟ وما الذي يمكن أن تقوموا به لاستكمال الاستحقاق؟
 

  • شارك الخبر