hit counter script

مقالات مختارة - باسكال بطرس

عون بين حسابات الربح والخسارة الرئاسية ... هل تُشرَّع أبواب بعبدا له؟

الثلاثاء ١٥ نيسان ٢٠١٤ - 06:36

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجمهورية

قد تكون المرة الأولى التي يقارب فيها رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب العماد ميشال عون الانتخابات الرئاسية بتدوير الزوايا، ولا يخوضها من موقع الخصومة أو رأس الحربة، ويطرح نفسه كرئيس توافقي لا رئيس معركة. فهل هذا التموضع المستجدّ يرفع من حظوظ الجنرال الرئاسية، بعدما وجد أنّ الاصطفاف في بلد التوازنات يقطع الطريق على طموحه المشروع القديم-الجديد؟ وهل تيار «المستقبل» الذي ردّ التحية العونيّة في أكثر من موقع وموقف، في وارد الذهاب إلى حدّ انتخاب عون رئيساً؟ وهل «حزب الله» حقيقةً مع وصول شريكه في «وثيقة التفاهم» إلى الرئاسة الأولى؟ وما مصير «14 آذار» في حال عجزها عن الدخول إلى جلسة الانتخاب بمرشح واحد؟ وماذا عن الموقف الدولي وتحديداً الأميركي، أو الموقف العربي وتحديداً السعودي؟

في وقتٍ لا يختلف اثنان على وصفه أحد المرشّحين الأقوياء لخلافة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، يُعتَبر الجنرال الذي يترأس الكتلة المسيحية الأكبر في البرلمان، مرشحاً على قاعدة رفضه الرئيس التوافقي، واصفاً هذا الأخير بـ«الضعيف، سَهل الإنقياد لا سهل القيادة».

لا يزال عون، المرتبط بوثيقة تفاهم مع «حزب الله» منذ عام 2006، مرشّح «8 آذار» الوحيد للرئاسة، خصوصاً أن هذا الفريق يعوّل كثيراً على مسار مختلف في تاريخ انتخابات رئاسة الجمهورية.

ولأنّ للضرورة بعض الأحكام، ولأنّ المطلوب في هذه المرحلة انتخاب رئيس يؤدي دور الإطفائي بين السنة والشيعة، يشدّد عون على أنّ «اللبنانيين لا يريدون رئيساً يتوافقون عليه، بل رئيساً يوفّق بينهم». وفي هذا الاطار، عمد الى الانفتاح على خصومه السياسيين ومدّ جسور التواصل مع الرئيس سعد الحريري في لقاءات خارجية، معتبراً أنه ليس بحاجة الى «طلب أوراق اعتماد من أحد».

حظوظ عون الرئاسية

وفي حديث لـ«الجمهورية»، يرى عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب آلان عون أنّ «مسألة قوة رئيس الجمهورية تتعلّق بشخصية هذا الأخير، وحجم تمثيله الشعبي والسياسي، فضلاً عن اتّساع شبكة علاقاته وانفتاحه على الآخرين». وإذ يذكّر بـ«انفتاح العماد عون على جميع القوى السياسية»، يكشف عون أنّ «حظوظ الجنرال جدّية وعالية، إذ تتوافر فيه كلّ مواصفات الرئيس المطلوب».

وفي هذا الاطار، ترى قوى «8 آذار» في العماد عون «المرشح الأبرز القادر على ترجمة رؤيتها السياسية»، يقول عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم، مذكّرا أنّ «لدى الجنرال كل الإمكانيات والحظوظ الوافرة لتولّي هذا المنصب، سواء عبر تسوية سياسية أو من دون أي تسوية، نظراً الى علاقاته التحالفية وارتباطاته على المستويين المحلي والاقليمي، فضلاً عن أنه لا يزال مرشحنا الأساسي والوحيد».

ومع أنّ تقاربه مع تيار «المستقبل» نتجت عنه ولادة حكومة الرئيس تمام سلام بعد مخاض طويل، إضافة الى تمرير صيغة البيان الوزاري متزامناً مع ارتفاع وتيرة التلاقي بين الطرفين، إلّا أن عقبات مهمة ما تزال تعترض طريق الجنرال الى بعبدا، أهمها «وثيقة التفاهم» التي يعتبرها البعض «نقطة سوداء» في سيرته الذاتيّة.

ويرى عضو المكتب السياسي في «تيار المستقبل» مصطفى علوش لـ«الجمهورية» أن حظوظ عون الرئاسية «تقارب الصفر»، ويستغرب «وصف شريك «حزب الله» بـ«مرشح تسوية» أو «وسطي»، لافتاً الى أنه «إذا جمعنا التسليم بسلاح الميليشيات الذي يمثّله «حزب الله» من جهة، والمعنوية الشرعية التي يمثلها رئيس الجمهورية من جهة أخرى، فلا شك أنّ هذا المزيج يقضي على كل احتمالات الإصلاح» و«العوض بسلامتنا».

غير أنّ آلان عون ينظر الى «النقطة السوداء» من زواية مختلفة، معتبراً أنّ «هذه الوثيقة، تشكّل علامة جذب ونقطة إيجابية، إذ يمكن توظيف رصيد علاقته والثقة بينه وبين «حزب الله» لصالح التسوية المطلوبة بين اللبنانيين، والتي يمكن أن يكون العماد عون ضامناً لها بحكم وزنه ورصيده الشعبي. فهو لديه ما يعطيه حتى في تلك العلاقة».

ويؤكد أنه «في حال تولّى الجنرال الرئاسة، فهذا لا يعني أنه سيكون على خصومة مع الحزب بل على العكس، فالتفاهم سيتوسّع ليشمل جميع الأفرقاء السياسيين وليس فقط مع الحزب، لأنه لن يكون رئيساً من موقع طرف أو فريق سياسي معيّن، بل سينسُج أفضل العلاقات مع الجميع ليقوم بدوره على أكمل وجه».

اللحمة بين السنة والشيعة

وعن موقف «المستقبل» من العماد عون إثر التواصل والتقارب الأخير مع الحريري وعمّا إذا كان انفتاح «التيار» على «المستقبل» يندرج ضمن إطار التحضير للمعركة الرئاسية، ينفي كلّ من آلان عون وعلوش أيّ ارتباط لهذا الانفتاح بالموضوع الرئاسي. وفي حين يؤكد علوش أن «الموضوع الذي تمّ تداوله خلال اللقاء كان يتعلّق بمسألتي تأليف الحكومة ومنع الفراغ في سدّة رئاسة الجمهورية فقط لا غير»، يضع عون اللقاء في إطار «سياسة الانفتاح التي يعتمدها «التيار» مؤخراً بتعاطيه مع كل الأفرقاء من دون استثناء».

ولا ينفي أن يكون «اللقاء قد خدم عملية التقارب بين «التيار» و»المستقبل»، وبالتالي اذا كانت إحدى تداعياته ايجابية على الرئاسة، فلا عيب من ذلك»، لافتاً الى أنه «في حال وصول العماد عون إلى الرئاسة، فإنه سيسعى من دون شك إلى دور كبير في إعادة اللحمة بين السنة والشيعة، وهذا أحد الأسباب السياسية الذي يرجّح خيار الجنرال على غيره».

لتيار «المستقبل» وجهة نظر مختلفة تماماً، بحسب علّوش الذي يؤكد أن «الحريري لا يرغب بترشيح عون للرئاسة، لأنه لا يتناسب بأيّ شكل من الأشكال مع رؤيتنا كـ «تيار» وكقوى «14 آذار» للرئيس المقبل»، مشدداً على «أننا لسنا بحاجة الى لُحمة بين الطوائف، بل نحتاج وطناً يشمل الجميع.

والسبيل الوحيد الى إعادة الوطن الى السكة الحقيقية، بغضّ النظر عن الخيارات الطائفية، هو حلّ الميليشيات المسلّحة، ووضع حدّ للسلاح غير الشرعي». ويستطرد: «إذا كان عون قادراً على سحب سلاح «حزب الله» وتوحيد البندقية اللبنانية تحت راية الدولة، فإنّ تيار «المستقبل» سينحني له ولن يتردّد بانتخابه رئيساً».

ولكن ما هي المعايير التي ستخضع لها الانتخابات الرئاسية؟

يؤكد عون أنّ «المعايير الداخلية هذه المرة ستكون «حرزانة» والأكثر تأثيراً، مقارنةً بالانتخابات الرئاسية السابقة، تماماً كما حصل في الموضوع الحكومي بحيث أدّت المبادرات الداخلية الى حلحلة هذه الأزمة»، موضحاً أن «القوى الدولية والإقليمية تشجّع على حصول الاستحقاق في موعده، في حين تبقى الاعتبارات الداخلية أساسية في حسم خيار الرئيس»، لافتاً الى أنّ «المرشحين الأساسيين هم الأقوياء على الساحة اليوم ولن يتمّ تجاوزهم بسهولة».

تفاؤل عون يضحده علّوش قائلاً: «حتى لو أخضعنا الانتخابات الرئاسية لمعايير داخلية، فإنّ جزءاً كبيراً من الأطراف المحليين مرتبط بمعايير خارجية. فحتى ولو «لَبنَنّا» الاستحقاق، فإنّ النواب الذين سيصوتون، ينتمون الى جهات سياسية معينة مرتبطة بدورها بأجندات خارجية».

ويضيف: «كلّ واحد منّا يلعب بالوقت الضائع. فإمكانية انتخاب رئيس يحفظ مصلحة لبنان من موقع القوة والقرار تبقى في الوقت الحالي مرهونة بالظروف الإقليمية، ولا خيار أمامنا سوى الانتظار والأمل. لكننا نتمنى أن تتمّ التسويات الكبرى على المستوى الاقليمي في أقرب وقت، بغية الوصول الى استقرار مُستدام بالنسبة الى لبنان».

وختم علوش: «على الرئيس أن يكون «14 آذار» «للعضم»، وأن يخرج من الرؤية الضيّقة لشخصيته ومصالحه، وأن تكون له القدرة على اتخاذ القرارات بمعزل عن الخارج».

وحتى عندما خُيِّر بين احتمالي عون أو الفراغ، اختار علوش الفراغ «لأنه يترك لدينا أملاً واحتمال خيارات مقبولة. أمّا أن يأتي رئيس يمثّل خط «8 آذار» فذلك يعني الدمار للبلد بشكل كامل».

«القوات»

من جهته، يؤيّد عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب فادي كرم هذا الموقف، مؤكداً أنّ «تولّي العماد عون رئاسة الجمهورية غير وارد على الاطلاق، فهو لم يترك فريقاً سياسياً إلّا وتصادم معه، وآخر فريق هو تيار «المستقبل» الذي بدأ عون فجأة يغازله ويتقرّب منه وكأنّ شيئاً لم يكن».

ويسأل كرم: «ما الموقف الذي سيتّخذه عون في حال لم يدعمه «المستقبل» ولم يصوّت له؟ فهل سيعود مجدداً الى توجيه الاتهامات نفسها التي كان يتّهمه بها سابقاً؟». وإذ يلفت الى «توافق «14 آذار» على مرشّح واحد باسمها»، يجدّد كرم التأكيد بأنّ «حظوظ عون معدومة، لأنّ النظرية التي تقول إنه قد يكون مرشحاً توافقياً ويقرّب الأفرقاء من بعضهم لبعض في غير محلّها، لأنه بنظرنا بعيد جداً عن مفهوم التوافق»، سائلاً: «هل يمكن للعماد عون أن يشكّل أيضاً الغطاء لتيار «المستقبل» تماماً كما فعلَ مع «حزب الله»؟

«بيضة القبّان»

وسط التفاوت النافِر بين مواقف فريقي «8 و14 آذار» من الاستحقاق الرئاسي، بحيث سيصطفّ كل فريق خلف مرشّحه بقوة، يبقى الدور الأبرز في هذه المعادلة لرئيس جبهة «النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط الذي سيشكّل «بيضة القبّان» في هذا الاستحقاق، وهو الذي أكد في غير مناسبة رفضه تحويل الاستحقاق الرئاسي الى معركة «كسر عضم»، ملمّحاً الى أنه لن يسير إلا برئيس توافقي، من دون الدخول في التفاصيل.

إلا أن الاجواء المسرّبة من محيط جنبلاط تشير الى أن خياره قد يستقرّ على من لا يشكّل تحدياً واستفزازاً لأيّ فريق لبناني، أي أنه لن يتحمّل مسؤولية انتخاب رئيس من «8 أو 14 آذار».

ويتحفّظ أمين السر العام في الحزب «التقدمي الاشتراكي» ظافر ناصر على إبداء أي موقف من ترشيح العماد عون والدخول في مسألة الأسماء، مؤكداً أنّ جنبلاط «واضح في تصاريحه ولا حاجة للتأويل».

يبدو أن جميع العوامل الإيجابية التي تصبّ في خانة العماد عون لم تنجح في استقطاب كل الأفرقاء اللبنانيين. إذ قد يكون رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع نجحَ في خطف الأضواء السياسية والإعلامية من خلال ترشّحه، إلّا أن الأنظار تتركز على تحركات العماد عون وخطواته، لأنه لن يتهاون هذه المرة مع كلّ من سيقطع الطريق أمام وصوله إلى بعبدا، وسيكون مستعداً لقلب الطاولة على الجميع، وهذا ما أشار إليه بعد التمديدين النيابي والعسكري، في خطوةٍ أجَّل تنفيذها بانتظار مؤدّيات الاستحقاق الرئاسي الذي يعتبره عون مصيرياً ومفصلياً...
 

  • شارك الخبر