hit counter script

مقالات مختارة - علي نون

فرق عملة

الإثنين ١٥ نيسان ٢٠١٤ - 06:39

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

المستقبل

الدفق الإيجابي الحاصل في لبنان في هذه الفترة يثير الريبة!

الافتراض الكئيب كان (ولا يزال) يحور ويدور ويطلع وينزل عند متلازمة الفتنة المذهبية في ضوء وعتمة نجاح «حزب الله» وملحقاته وامتداداته وأدواته التلقينية والشارعية والاختراقية في مدارات الآخرين ومناخاتهم.. نجاحه في إدخال الناس في متاهة الذعر المذهبي، وإخراج أعقل العاقلين من صوابهم وضربهم بسوسة الارتباك الحكمي والتوصيفي البعيد عن العقل والمنطق السوي والسليم.

ذلك الافتراض كان (ولا يزال) مبنياً على شواهد ميدانية وسياسية وإعلامية محلية، وعلى قرارات إقليمية معطوفة عليها، أو متممة لها، أو دافعة أصلية باتجاهاتها. وهي تدل في كل الأحيان والأزمان واللغات والحكايات، على أن إيران لا تزال في مكانها المعروف. وأن انتخاب الشيخ حسن روحاني لم ينقلها إلى غيره. وأن المشروع الإمبراطوري الذي سينكسر في سقفه النووي، لا يزال مترابطاً ومتماسكاً في معظم أعمدته الأخرى، بل لم تدلف من خلاله أي تسريبات تسمح بالتقاط الأنفاس وافتراض عودة العقل من إجازته الطويلة.

.. لا يزال ذلك المشروع مبني على أساسات مناقضة لأصول الاجتماع الإسلامي العام وأحكامه وضروراته. وعلى مركزية السعي إلى تفتيت وضرب الدور المحوري لـ«الدولة» أو السلطة الجامعة في دول الجوار العربي تحديداً، باعتبار ذلك مقدمة، أو شرطاً لازماً وواجباً، لامتلاك موطئ قدم ومساحة نفوذ.. وعلى السعي الدؤوب الفعلي والحقيقي المباشر وغير المباشر لإشاعة وتعزيز ثقافة التمايز والاختلاف وترجمة ذلك بكل المعايير والمقاييس والممارسات، باعتبار القسمة هي الأصل الصحيح، والجمع هو الفرع الغلط!

مشروع مذهبي بغلاف قومي (أو العكس؟!) وبعناوين سياسية شتى. محاولاته وترجماته و«طموحاته» أصابت اللبنانيين قبل غيرهم وأكثر من غيرهم قبل اندلاع الثورة السورية، أمّا بعدها فقد انتقل جزء كبير من ثقله «التنويري» إلى شعب سوريا المحظوظ! وتوزّعت شظايا إشعاعاته من العراق إلى اليمن إلى البحرين وغيرها.

لم تظهر بعد أي إشارات إلى تراخي ذلك المشروع، أو إلى تسلل شذرات تمكّن من افتراض أن القيّمين عليه في وارد «إعادة النظر» في فحواه وآفاقه وأكلافه، بل إن الذي حصل ويحصل يؤكد العكس تماماً بتاتاً بحيث تبدو طهران وكأنها في سباق مع الزمن: إنكسارها النووي يجب أن يُعوّض عنه بتفعيل «إنجازاتها» الإقليمية وترسيخ الاعتراف لها بدورها المحوري الفاعل والمقرر في المنطقة.

تتمة ذلك الضنى، تفيد حُكماً (ومنطقياً) بأن «حزب الله» ليس في وارد العودة من سوريا ولا في وارد أي مراجعة لقراره النكبوي بالاشتراك في قتال شعبها، كما أنه ليس في وارد مقاسمة اللبنانيين «أعباء» قراراته الاستراتيجية أو الكبرى برغم أنهم يقاسمونه (غصباً عنهم) ترددات وأثمان ومفاعيل تلك القرارات.

.. هناك شيء غير سوي أو منطقي في الدفق الإيجابي المرحلي الراهن، الأمر الذي يوجب إبقاء ملكات التوجّس مستنفرة على مدار الساعة خشية أن يذهب لبنان من أعلى سلطة فيه إلى أدناها، فرق عملة يدفعها الأميركي إلى الإيراني كي تبقى إسرائيل مرتاحة!
 

  • شارك الخبر