hit counter script

مقالات مختارة - نقولا ناصيف

2007 ـ 2014: الحلفاء المسيحيون في حفرة الخدعة

السبت ١٥ نيسان ٢٠١٤ - 08:12

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الاخبار

ينقضي الشهر الأول من المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس من غير إحراز تقدّم يعبّر عن استعداد فريقي 8 و14 آذار للذهاب الى مجلس النواب. للسبب نفسه لم يوجّه الرئيس نبيه بري الدعوة بعد، ولا يتوقع موعدا واحدا لجلسة الانتخاب، لكن الانتخاب ـ اذا حصل ـ يجري في الجلسة نفسها

يكاد معظم الأفرقاء يلتقون على فكرة يقاربونها على انها حتمية، هي ان احدا من المرشحين لانتخابات الرئاسة لن يفوز من الدورة الاولى للاقتراع، كأن المقصود أن الانتخابات تواجه هذه المرة تحديا غير مألوف. يجزم بعضهم بان مرشحي الصف الاول لدى اي فريق لن يستحقوا المنصب تحت وطأة الانقسام بين قوى 8 و14 آذار، وان الانتقال الى دورة ثانية من الاقتراع يحتم البحث عن مواصفات مختلفة تماما تقترب من صورة مرشح توافقي.

بذلك تناقض وجهة النظر هذه انتخاب العماد ميشال سليمان عام 2008 رئيسا توافقيا من الدورة الاولى، الذي كرّس اتفاقا مكتوبا على ترشيحه ـــ بل تسميته منتخبا ـــ في اتفاق الدوحة للمرة الاولى في تاريخ الاستحقاقات اللبنانية المتعاقبة، ولم يكن الانقسام بين قوى 8 و14 آذار اقل حدة مما هو اليوم.
في استحقاق 2007 كانت الاسماء المتداولة اكثر وضوحا من اليوم، وادارة ترشيحها اقل اضطرابا وارتباكا، من غير الاختلاف تماما على الطريقة التي اتبعها فريقا 8 و14 آذار في امرار المهلة الدستورية حينذاك، ثم في الاشهر الستة من شغور الرئاسة. سمّت قوى 14 آذار اربعة مرشحين هم النائبان بطرس حرب وروبير غانم، والراحل نسيب لحود، الى الرئيس امين الجميل، الاقل حظوظا بذريعة انه جُرّب، وساوت في منزلة ترشيحهم. قالت إن اختيار احدهم مرشحا وحيدا باسم هذا الفريق مرتبط بالظروف التي يمسي عليها الاستحقاق، عندما يدنو الانتخاب، الا انه يجري بتوافق المرشحين الاربعة.

ما يطلبه جعجع
في استحقاق 2014 لا يطابق خيار الحريري
ينسحب الثلاثة لرابعهم. وهي بذلك اقرنت مواصفات المرحلة والمواجهة مع الطرف الآخر بمواصفات المرشح. قيل في ذلك الحين، ترجمة لتوزّع خيارات اقطاب قوى 14 آذار وتجاذبها بعضها مع بعض، إن الرئيس فؤاد السنيورة ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط يؤيدان نسيب لحود، والنائب سعد الحريري يؤيد غانم، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يؤيد حرب.
في مناورة بطيئة استمرت اشهرا منذ ما قبل انتهاء ولاية الرئيس اميل لحود، ربطت بين ترشيح الاربعة ونصاب جلسة الانتخاب، وتسببت باحراج في صفوفها اوحى بان نسيب لحود هو مرشح النصف +1، وحرب مرشح الثلثين، وغانم مرشح تسوية. فإذا بقوى 14 آذار ترسو على خيار مناقض تماما كان قد رفضه معظم اقطابها، وهو تعديل الدستور لانتخاب قائد الجيش.
في حصيلة استحقاق 2007، ومن دون ان يحصل انتخاب، ادار «تيار المستقبل» ظهره لمرشحيه الاربعة في 22 تشرين الثاني 2007، في الساعات الـ48 التي سبقت انتهاء ولاية لحود، في الاجتماع الثلاثي الذي غُيّب عنه الحليفان المسيحيان الرئيسيان الجميل وجعجع، وحضره السنيورة والحريري وجنبلاط، واطلقوا اقتراح قائد الجيش رئيسا توافقيا للجمهورية. كان مفاجأة مقدار ما كان خدعة اوقعت المرشحين الاربعة في امر واقع لا يخرجون من حفرته.
يسترجع «تيار المستقبل» اليوم المناورة نفسها. شأن ما قاله عن الاسماء الاربعة قبلا، يكرّره عن ترشيح جعجع، وهو انه مرشحه، وكذلك الآخرون. الا ان الخيار ليس له وحده، ويقاسمه اياه حلفاؤه، بمن فيهم المرشحون الجدد: الجميّل وحرب وغانم وجعجع.
ساوى «تيار المستقبل» بين جعجع وحرب وغانم، وبرّر ترشيحهم، وقلل الحديث عن الجميّل، واظهر التمسك ـــ في الظاهر على الاقل ـــ بمرشح من قوى 14 آذار. بيد انه استمهل ايضا الظروف كي يتفادى الاختيار في ما بينهم في هذا الوقت، وربما كي لا يختار ايا منهم شأن سابقة 2007. على طرف نقيض مما كان عليه و«حزب الله» عام 2007 في ظل حكومة السنيورة، التي استقال منها الوزراء الشيعة، وكلاهما يطرح قبالة الآخر مرشح التحدي، يبدو الطرفان السنّي والشيعي في حكومة الائتلاف اليوم اقرب الى مقاربة واقعية للاستحقاق، منها الى استفزاز احدهما الآخر، وجره الى مواجهة في الشارع تشبه نزاعهما الذي آل الى 5 ايار 2008، ثم الى 7 ايار.
ليست تلك في اي حال وجهة نظر جعجع، الذي يعتقد بانه، اكثر من سواه من الافرقاء المسيحيين في قوى 14 آذار، يمثل الرافعة المسيحية الحقيقية التي يحتاج اليها الحريري و«تيار المستقبل» في مواجهة «حزب الله»، كما في مواجهة حليفه المسيحي الرئيس ميشال عون، بل ما يقوله جعجع في ادارة انتخابات الرئاسة واهدافها واسلوب خوضها، وبرنامجها حتى، قد لا يطابق بالتأكيد موقف الحريري، الذي لا يزال، منذ 4 نيسان، يلتزم الصمت حيال ترشح حليفه، تاركا لنواب تياره التصريح ونقيضه.
في المقابل لمّح «حزب الله» اخيرا الى ما لم يُعطِ رئيس المجلس نبيه بري بعد اي اشارة ايجابية حياله، وهو ترشيح عون، من غير ان يصدر عن الحزب موقف معلن بأن عون مرشحه الوحيد. كان الموقف نفسه في استحقاق 2007، وظل الامر كذلك الى ان جارى الحزب انتخاب سليمان كجزء لا يتجزأ من تسوية الدوحة، ومنح حليفه رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» حق فيتو غير واقعي على انتخاب قائد الجيش، قبل ان يقايضه بمكاسب في اولى حكومات العهد الجديد. على غرار ما كان عليه مرشحو 14 آذار حينذاك، وُصف ترشيح عون بدوره بمرشح تحد، يتعذّر انتخابه تحت وطأة اقتتال سنّي ـــ شيعي في الشارع.
لم يتغير الكثير امام قوى 8 آذار حيال الترشيح الجديد. الا ان الجنرال نفسه تغيّر، او بدا كذلك. على طرف نقيض من جعجع الذي يطرح نفسه مرشح برنامج قوى 14 آذار، ومرشح منافسة ومعركة انتخابية، يضع عون نفسه في برواز المرشح الوفاقي الذي يدعمه الفريقان السنّي والشيعي على السواء، ويكون في الوقت نفسه على صورة استحقاقات ما قبل اتفاق الطائف، المرشح الذي تختاره طائفته، او في احسن الاحوال الغالبية المؤثرة فيها.
حينما سئل رئيس المجلس قبل ايام عن سبب عدم اتخاذه موقفا صريحا من ترشيح عون، بعد موقف الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله بقوله إن مرشحه معروف للرئاسة، اجاب: هل سمّى السيّد مرشحه؟
قيل له لا. ردّ: اذن مَن لم يسمّ كالذي لم يتخذ موقفاً.

  • شارك الخبر