hit counter script

مقالات مختارة - اسعد بشارة

ليس «حزب الله» من يصنع الرئيس

السبت ١٥ نيسان ٢٠١٤ - 08:01

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجمهورية

تغيّرت الأيام فلم يعد مكان جعجع في المقدّمة شكليّاً. الشراكة مع «المستقبل» ندّية، والدور الذي طالما لعبه النائب وليد جنبلاط في التأثير على «التيار الأزرق»، لمنعِ إعطاء جعجع موقعه الطبيعي، انحسر.

لا ينسى جعجع المشهد في الدوحة. لم يكن صاحب قرار، كان التأثير الأوّل لجنبلاط والحريري، لكنّ جنبلاط هو الذي قاد الأمور الى الاتفاق. فلم يملك جعجع إلّا سلاح الموافقة بتحفّظ. المشهد الآن اختلف جذريّاً. موازين قوى جديدة باتت تحكم العلاقة مع «المستقبل» الذي يؤيّد جمهورُه ترشيح جعجع بحماسة.

مرّ قطوع «الأرثوذكسي» وقضمَ من رصيد جعجع، لكنّ الأخير عرف كيف يستعيد ما خسره، وما مشاركتُه في تشييع محمد شطح سوى محطة من محطّات كثيرة، أتلفت مشهد الخلاف حول قانون الانتخاب، الذي كان الوجه الآخر لخلاف مع «المستقبل» حول تحديد الأوزان داخل 14 آذار.

في العلاقة مع الدولة المعنية بلبنان، أي المملكة العربية السعودية، تطوّر مُهم. فدوائر القرار في المملكة ترى في جعجع رجلاً كلامه يعبّر عن مواقفه وتعهّداته: النعم نعم، واللا لا.

يتذكّر بعض القريبين من القرار السعودي أنّ جنبلاط، على سبيل المثال، خلفَ عهداً كان قطعه للملك السعودي شخصيّاً، في موضوع تسمية رئيس الحكومة، (الإطاحة بالرئيس سعد الحريري)، ولم تسامحه المملكة حتى الآن، ولم تصالحه، ذلك على رغم الحاجة إلى عودة التواصل معه. يتذكّر القريبون أيضاً أنّ مسؤولاً لبنانياً كبيراً أقسمَ على القرآن الكريم، في وعدٍ للقيادة السعودية بقضية سياسية مفصلية بعد مصالحة الكويت، وخان القسَم وتراجع.

مع جعجع الأمور مختلفة كلّياً، علاقته بالسعودية لم تهتزّ يوماً، وهي اليوم تعزّزت كثيراً بعد تعيين الأمير مقرن وليّاً للعهد. ليست المشكلة في حماس السعودية لانتخاب جعجع رئيساً، بل في أنّ مجرّد تأييد جعجع يعني فتح مواجهة مع إيران في لبنان، تُضاف إلى المواجهات الجارية في العراق وسوريا واليمن، وغيرها من دول النزاع.

علاقة جعجع بتيار «المستقبل»، تتّجه إلى مزيد من التطبيع. من السُخف الكلام عن تأييد حارّ لترشيحه، لكن من غير الواقعي، تجاهل الدينامية التي أنتجها هذا الترشيح، والتي فرضت نفسَها على الجميع، والتي تتطوّر شيئاً فشيئاً إلى تبَنٍّ واضح، ستعلنه كتلة «المستقبل» بعد انتهاء المشاورات التي يجريها الحريري في الرياض مع فريق عمله.

في الانتظار، فإنّ الخطوط مفتوحة بين الرياض ومعراب، اجتماعات لفريقي العمل، مشاورات حول كلّ خطوة جديدة، إتّصال مباشر دائم بين الحريري وجعجع، سعيٌ مشترك لترتيب البيت الـ 14 آذاري، حوار مع حزب الكتائب، ليس من المستبعد أن يكون عقيماً.

لم يعُد مقبولاً بالنسبة إلى جعجع أن يُصنع رئيس الجمهورية في مطبخ حركة «أمل» والحزب التقدّمي الاشتراكي وحزب الله، والذي لا يملك تيار «المستقبل» فيه إلّا الموافقة على تسوية، سيثبت كما العادة لاحقاً أنّها لمصلحة حزب الله.

لم يعُد مقبولاً أن يتحوّل مسيحيّو 14 آذار شهوداً على حزب الله وهو يختار رئيس الجمهورية، بخطّة تبدأ بالتهويل بترشيح النائب ميشال عون، وتنتهي باختيار من يدير الأزمة لسِتّ سنوات. ترشيح جعجع حرَّك الراكد، وأعطى برهاناً على قدرة 14 آذار على بناء ما يمكن أن يكون صالحاً للاستفادة من أيّ دعم عربي ودولي متوقّع.

  • شارك الخبر