hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - كريستينا شطح

ماذا لو حصل الفراغ في الرئاسة الأولى؟

الجمعة ١٥ نيسان ٢٠١٤ - 07:45

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجمهورية

تتخوّف أوساط فاتيكانيّة من الفراغ في الرئاسة الأولى، الأمر الذي ينعكس على دور المسيحيين داخل السلطة بمزيد من التهميش والتغييب، بحيث تظهر كل المؤشرات أنّ الاستحقاق الرئاسي ما زال أولويّة مسيحيّة فيما يجب أن يكون أولويّة وطنيّة، لأنّ انتظام عمل المؤسسات لا يتكامل إلّا من خلال الرئاسات الثلاث والسلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة. وبالتالي، ينعكس تغييب موقع الرئاسة أو تفريغه مباشرة على توازن العمل السلطوي، بحيث تفتقد الدولة المرجعيّة المخوّلة وحدها إرساء التوازن بين السلطتين التنفيذيّة والتشريعيّة.

تعتبر الأوساط عينها أن تأليف الحكومة أراح المجتمع الدولي من خطورة الفراغ، خصوصاً في ظلّ حكومة ائتلافيّة جمعت تيار «المستقبل» و«حزب اللّه»، فضلاً عن أنّها نجحت في تخفيف الاحتقانات وتنفيس الشارع، وبدأت خطّة أمنيّة وأعادت الحياة الى مجلس النواب، الأمر الذي يعني في نظر البعض أنّ عدم انتخاب رئيس جديد لن يكون آخر المطاف طالما أنّ الوضع مستتبّ والأمور تسير على ما يرام.

وتشير الأوساط الى أنّ هذا التفكير يدلّ على أنّ أولويّة بعض العواصم الغربيّة تتركز على البحث في طريقة جَمع المكوّنَين الشيعي والسنّي حول طاولة واحدة من دون إعطاء أيّ اعتبار للمكوّن المسيحي.

وهذا التفكير، في حال ترسّخ من خلال الفراغ، يؤدّي الى نتيجتين سلبيتين:

- الأولى: انهيار النظام اللبناني بالشكل المتعارف عليه، أي لبنان الرسالة والنموذج والعيش المشترك، لأنّ أهميّة هذا البلد لا تكمن في ادارة النزاع أو العلاقة السنيّة - الشيعيّة انما تكمن في ادارة التنوّع بين المسيحيين والمسلمين. وبالتالي، تغييب العامل المسيحي يعني نهاية لبنان الذي نعرف منذ قيام دولة لبنان الكبير عام 1920، ثمّ ميثاق 1943 واتفاق الطائف عام 1980، والدخول في تجربة جديدة لا تشبه لبنان القديم.

ومن هذا المنطلق، تعتبر الانتخابات الرئاسيّة انتخابات مفصليّة كونها تُبدّد، في ظلّ الربيع العربي وموجات التطرّف، القلق المسيحي لجهة أنّ لبنان هو البلد العربي الوحيد الذي لا يزال فيه المكوّن المسيحيّ شريكاً أساسيّاً على مستوى القرار السياسي. وبالتالي، أيّ تغييب له اليوم سينعكس إحباطاً وخوفاً على المستقبل والمصير، ما يعني مزيداً من الهجرة وإفراغ لبنان من مسيحيّيه.

- أمّا النتيجة الثانية، فيُخطئ من يعتبر أنّه يمكن إضعاف المكوّن المسيحي أو إهماله وتهميشه نتيجة التوافق الشيعي - السنيّ الذي أنتج استقراراً في هذه المرحلة، لأنّ هذا الاستقرار معرّض للانهيار في أيّ لحظة خصوصاً أنّ التوتّر السنّي - الشيعي ليس من طبيعة لبنانيّة انّما له امتدادت إقليميّة، من هنا تبرز الحاجة الى تعزيز الحضور المسيحي داخل الدولة ومؤسساتها من أجل أن يؤدي في الوقت نفسه دور العازل للفتنة بين السنّة والشيعة ودور الجسر بينهما.

ومن هذا المنطلق، يشكّل انتخاب رئيس جديد للجمهورية في هذه المرحلة المفصليّة التي يشهدها لبنان والمنطقة حاجة ملحّة تتصِل باستقرار النظام السياسي. وعلى هذا الأساس، ستؤثر خطورة الفراغ على مستويات ثلاثة:

- التوازن بين السلطات.

- دور المسيحيين الذي لا يَتظهّر ولا يتمظهَر إلّا داخل المؤسسات، وفي طليعتها رئاسة الجمهوريّة.

- توفير شبكة أمان وطنيّة لا يمكن تأمينها إلّا باستبعاد الفراغ عن كلّ المؤسسات، وشعور الطوائف كلّها بأنّها غير مستبعدة وممثلّة أفضل تمثيل.
وتؤكد الأوساط أنّ خطورة الفراغ تكمن أيضاً في أن يعتاد الناس على غياب مؤسسة رئاسة الجمهوريّة، أي على غياب دور المسيحيين داخل الدولة اللبنانيّة، الأمر الذي يتعارض ويتنافى مع ميثاق العيش المشترك والدستور اللبناني، بمعنى أنّ لبنان لا يقوم إلّا بجناحيه المسلم والمسيحي، لا فقط الشيعي والسنّي.

وتختم الأوساط أنّ الفراغ لا يمكن حصره في مؤسسة واحدة، وبالتالي اذا دخلت رئاسة الجمهورية في الفراغ فهذا يعني أنّ النظام السياسي معطوب وأنّ هذا الفراغ سيمتدّ عاجلاً أم آجلاً إلى الرئاسات الأخرى، لأنّ الدولة إمّا أن تعمل بكامل مؤسساتها وإلّا فإنّ كلّ هذه المؤسسات معرّضة للانهيار، فحذار التعامل مع رئاسة الجمهورية على أنّها موقع مسيحي يخصّ المسيحيين فقط، فيما هي في الحقيقة والواقع تخصّ جميع اللبنانيين وتتعلّق بانتظام الدولة وعملها.
 

  • شارك الخبر