hit counter script

كلمة رئيس الجمهورية ميشال سليمان خلال إطلاق مشروع قانون اللامركزية الادارية

الأربعاء ١٥ نيسان ٢٠١٤ - 15:11

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أهمية اللامركزية الادارية لأنها تطال قانون الانتخاب وتتداخل معه وتطال الموازنة لجهة تأمين متطلبات الادارات ومتطلبات الناس، مشيرا الى أنها "تعزز الوحدة الوطنية وتؤمن التنوع الموصوف فيه لبنان ضمن هذه الوحدة من دون أن تلامس الفيديرالية او اي نوع من انواع التقسيم".

وإذ دعا الى "أن نجعل المناسبات الانتخابية مناسبات فرح للبناني، والى استكمال تطبيق اتفاق الطائف عبر انشاء مجلس للشيوخ ووضع قانون انتخابات نيابية، وإلغاء الطائفية السياسية بإرادة اللبنانيين جميعا، والاحتفاظ بالمناصفة وفقا لإرادة اللبنانيين"، مشيرا الى "وجوب الاختيار غير الطائفي في الانتخابات النيابية بل على قاعدة وطنية"، فإنه لفت الى أن "إكمال تطبيق الطائف يتعلق بإطالة عمر الطائف الذي يلزمه التحصين، عبر النظر في الثغرات الدستورية، ليس على قاعدة تنازع الصلاحيات بل على قاعدة توزع المسؤوليات"، مشددا على أن "الثغرات يجب أن تعالج بذهنية الانفتاح".

ودعا سليمان أيضا رئيس الجمهورية الجديد وهيئة الحوار الى متابعة ما تقرر في الحوار، وقال: "الرئيس الجديد رئيس قوي وليس رئيسا ضعيفا، ولكن هو رئيس لبناني، عربي، توافقي إذا أمكن، او ينتمي الى خط سياسي لبناني مكتمل الولاء للبنان. والاهم من كل ذلك أن يكون رئيسا كبيرا بحجم لبنان المقيم ولبنان الاغتراب لكي يقوم بواجباته بالشكل الصحيح". وأكد أنه "لا يمكن مباشرة بناء الدولة من دون مقاربة الاستراتيجية الدفاعية لتحصين لبنان ولحماية الجميع، بمن فيهم المقاومة".

كلام الرئيس سليمان جاء في خلال إطلاق مشروع قانون اللامركزية الادارية الذي أقيم قبل ظهر اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا.
وحضر الاحتفال الرئيس نجيب ميقاتي ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق وعدد من الوزراء والوزراء السابقين وسفراء وشخصيات سياسية وعسكرية وقضائية وإعلامية.

سليمان
وألقى الرئيس سليمان الكلمة الآتية:
"إن أهم قانونين من بعد الدستور اللبناني هو قانون الانتخاب وقانون الموازنة، ولكن اللامركزية الادارية التي ورد ذكرها في اتفاق الطائف ترتدي الاهمية نفسها لهذين القانونين لأنها تطال قانون الانتخاب وتتداخل معه وتطال الموازنة لجهة تأمين متطلبات الادارات ومتطلبات الناس.
أهمية هذا القانون تكمن في أنه يؤمن الانماء المتوازن، ووفقا للدستور الانماء المتوازن هو ركن اساسي من اركان وحدة الدولة التي تحدث عنها وزير الداخلية وعرضها أيضا الوزير السابق بارود.
هذه اللامركزية تعزز الوحدة الوطنية وتؤمن التنوع الموصوف فيه لبنان ضمن هذه الوحدة من دون أن تلامس طبعا الفيديرالية او اي نوع من انواع التقسيم. وهنا اقول أن في فنلندا مثلا التي زارنا رئيسها بالامس لديهم 364 حكومة، وجميعنا نعلم أنها دولة موحدة وفي كامل وحدتها الوطنية. لذلك هذا الامر لا يخيف أبدا. ومن مميزات هذا القانون ايضا أنه يعطي أوسع الصلاحيات للمجالس المحلية.
وأما ايجابيات هذا القانون هو العمل المحلي والقدرة المحلية في اشراك الهيئات المنتخبة في اتخاذ القرارات التي تطال الاقضية، أي بالمعنى الآخر هو الانماء المتوازن.
ومن مميزاته أن المجتمع الاهلي يمسك بقضاياه الخاصة من خلال هذه المجالس ويبتعد عن الزبائنية والنفعية والاسترهان للسلطات السياسية، ويتنافى ويتجنب التعطيل الذي تمر به في اوقات كثيرة الدولة اللبنانية بحسب الواقع.
أما الامر الثالث لأهمية هذا الموضوع فهو ممارسة الديموقراطية، ونحن طبعا لا نمارس الديموقراطية بالشكل الجيد، فنحن ننتخب ولكن لا ننتخب كما يجب أن ننتخب. وأعتقد أن إنتقال هذا الموضوع الى اللامركزية سيحسن من ممارسة الشعب اللبناني للديموقراطية. وأيضا هناك أشياء مهمة وردت في هذا المشروع، كاعتماد النسبية والاكثرية، وهذا أمر جيد.
وإشراك المرأة وهذا أمر مهم جدا، في التمثيل وفي اتخاذ القرار، وقد عجزنا لغاية الآن في المجلس النيابي وفي مجلس الوزراء من تحقيقه، فلا بد من ان تأتي هذه المشاركة في المجالس المحلية.و في المناسبة نحن نسمع اليوم صرخة هو قانون العنف الاسري، وقد وصلت هذه الصرخة وسندرس هذا الموضوع بالتنسيق مع المجلس النيابي لمحاولة ادخال بعض التعديلات المطروحة على هذا القانون.
ومن مميزات هذا القانون ايضا هو اشراك الشباب بالاقتراع وليس فقط بالانتخاب. ولقد ذكر ان سن الشباب يجب أن يكون 18 سنة، ولكن عندما زرت البرازيل رأينا أن اللبنانيين من اصل لبناني هناك ينتخبون من عمر 16 عاما اختياريا، ومن عمر 18 يصبح الانتخاب اجباري ويتحمل المسؤولية الشاب الذي لا ينتخب. فعلى الاقل يجب في لبنان أن نخفض السن الى 18 كدرجة اولى.

إن إشراك المقيمين في البلديات في انتخاب المجالس التابعة لهم أمر مهم جدا، وأعتقد أن مدة الاقامة حددت بست سنوات فيصبح قادرا على الترشح وعلى الانتخاب وهذا كله يؤدي الى تقليص الهوة بين السلطة والشعب.
ومن ايجابيات هذا القانون هو ما يتأتى من المنافسة وتحفيز الاداء على كل المستويات وهذا يخلق وعي ويفرز قيم قائمة على الابداع ويخلق نخب اجتماعية في كل المناطق، ولا بد هنا من أن يظهر دور الشباب عند هذه الممارسة وتتعزز المبادرة الفردية.
واشرنا الى أن اللامركزية هي حلقة بالانماء المتوازن المذكور في الدستور وفي مقدمته. وأصبح ضروريا بعدما تعثر هذا الانماء على مستوى الدولة المركزية وقد فشلت الى غاية الآن في تحقيق هذا الانماء، لجهة توزيع الثروات وللتوازن في الانفاق. وعبر الصندوق اللامركزي الذي له عائدات متعددة، ونتكل أيضا على أن يكون لعائدات النفط في المستقبل دورا في تعزيز هذا الصندوق وتسديد حاجات المناطق من الانماء بشكل جيد. وهدف هذا الصندوق تطوير وتنمية الاقضية والبلديات.

وهناك أمر مهم أيضا ضمن المشروع وهو جهاز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، الذي له أهميته على مستوى الدولة، فهناك مشروع قانون في المجلس النيابي يجب تحريكه.
وهذه الشراكة تعزز فرص العمل للشباب، ومن لديه الكفاءة يدخل عبر القطاع الخاص الى العمل في مشاريع الدولة، مما يؤدي الى تخفيف الهجرة، وتعزيز الدورة الاقتصادية، وتستعيد القرى والبلدات أبناءها المنتشرين في الخارج لإظهار كفاءاتهم في الداخل.
أما الامر السادس في هذا المشروع، فهو الشفافية، أي المحاسبة والمراقبة. أي أصبح المواطن بذلك أقرب الى محاسبة هؤلاء الذين انتخبهم وتولوا شؤونه.
والقانون يتحدث ايضا عن المستوى العلمي، وهذا أمر جيد على مستوى الادارة ويعزز الكفاءة، ويضع آليات لتحديث هذه الادارة اي ترشيد الادارة والحوكمة، من خلال الاجهزة التي وضعها بتصرف الادارات المحلية كجهاز الاحصاء، وجهاز الحوكمة المحلية وآخر للمعلوماتية، وللسلامة المرورية، وجهاز لمشاريع وأنظمة وقوانين تحديث الادارة.

أما الامر السابع والمهم فهو الامن. ونحن نذكر هذا الموضوع اليوم، وقد نفذ الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي خطة أمنية محكمة في طرابلس ونجحوا في تطبيق هذه الخطة، والتي استطاعت أيضا تفكيك وتعطيل شبكات الارهاب والانتحار والتكفير بصورة سريعة. واليوم هذه القوى تفرض الامن في طرابلس،ولذلك أقول إن إنشاء جهاز شرطة على مستوى القضاء هو أمر مهم وفائق الاهمية بضبط الامن. فالجريمة تبدأ في الضيعة، وفي الشارع والشرطي البلدي هو الاكثر علما بما يحصل في الشارع. وعندما نعطي القضاء جهازا للشرطة مع مركز للتدريب يصبح لدينا فعلا أمن وعندما تحصل امورا مهمة تتدخل القوى المركزية مثلما يحصل الآن على مستوى طرابلس لأن القوى المركزية لديها مهمات كثيرة منها ضبط الحدود. وهذا مشروع جدي وسيكون لهذه الشرطة صفة الضابطة العدلية، وهذا الامر يساعد كثيرا على ضبط الامن.
وتابع :" أنا أشكر اللجنة التي عملت على إنجاز هذا المشروع، وعلى جهودها التي واكبتها شخصيا. وأشكر رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي الذي كان لديه مبادرة لتأليف هذه اللجنة ووزير الداخلية السابق الذي واكب هذا المشروع. وأنا أتكل كثيرا على وزير الداخلية الحالي وعلى رئيس الحكومة الذي تبنى هذا المشروع، للعمل على إخراجه، علما أن الوقت لا يسمح لذلك، ولكن سيرفع هذا المشروع الى الحكومة ليصبح اقتراح قانون بعد ان يقر، وفي هذه الاثناء أطلب من الهيئات المحلية ومن المواطنين أن يدخلوا الى الموقع الالكتروني الذي يعرض فيه هذا المشروع لتقديم ملاحظاتهم خلال 15 يوما. وخلال مهلة 3 او 4 أسابيع يستطيع مجلس الوزراء أن يعقد جلستان او ثلاثة لإقرار هذا المشروع قبل انتهاء الولاية.

إن الوقت الذي أتحدث عنه ضيق، لأننا في مرحلة استحقاقات. استحقاق رئاسة الجمهورية الذي دخل منذ 5 أيام في المهلة، واستحقاق انتخابات المجالس البلدية التي ليست ببعيدة. وهناك مهل لإعداد الاجراءات وتحضير الانتخابات، ناهيك بضرورة إقرار قانون عصري للانتخابات، وهناك مشروع يعتمد على النسبية موجود في مجلس النواب.
لذلك يجب أن نندفع ونجعل هذه المناسبات الانتخابية مناسبات فرح للبناني.

أما الامنية الثانية، فهي استكمال تطبيق اتفاق الطائف عبر انشاء مجلس للشيوخ ووضع قانون انتخابات نيابية، وطبعا إلغاء الطائفية السياسية بإرادة اللبنانيين جميعا، الذين يريدون المناصفة ولكن القاعدة الطائفية في الانتخاب يمكن تجاوزها وارساء قاعدة وطنية والابقاء على الطوائف داخل المجالس النيابية ومجالس الشيوخ مناصفة.
واكمال تطبيق الطائف يتعلق بإطالة عمر الطائف. وهذا الدستور أرسى حالة استقرار في لبنان جيدة ولكن يلزمه التحصين، باستكماله وبالنظر في الثغرات الدستورية، ليس على قاعدة تنازع الصلاحيات بل على قاعدة توزع المسؤوليات. فهناك ثغرات بالدستور تعطل عجلة الدولة.

ولدينا في رئاسة الجمهورية مشروع متكامل تم درسه من قبل اختصاصيين سنطرحه، وطبعا تعثر عجلة الحكم خلال السنوات الاخيرة من بعد اربعين عاما من تعثر آخر. فقبل الطائف كان هناك تعثر أمني وحرب أهلية ومؤسسات منقسمة ولا انتخابات. ومن بعد الطائف كان هناك راع لهذا الامر، ووجدنا أنفسنا وحيدين منذ 2008 وهذا عظيم جدا ولكن لقد تعثر معنا تطبيق السياسة وتطبيق الدستور وتعثرت الاستحقاقات الدستورية وضاعت الاولويات.

فالثغرات يجب أن تعالج بذهنية الانفتاح ولدينا رزمة إصلاحات من الممكن أن ينظر فيها وسأضعها بتصرف مجلس الوزراء، إذ أن الحكم استمرارية، وعلى الرئيس القادم والحكومات القادمة أن تتابع هذا الموضوع بنظرة إيجابية.

أما الامر الاخير، فهو متابعة الحوار. وعقدنا بالامس جلسة وبدأنا التحدث بموضوع الاستراتيجية الدفاعية وسنعقد جلسة آخرى، او لا نعقد، ومن الافضل أن نعقد، فإذا انتخب رئيس للجمهورية قبل هذه الفترة نقرر إذا كان هناك لزوم لعقد الجلسة أم لا، فالمهم أن يتسلم هذا البيرق العهد الجديد، ومناقشة الاستراتيجية مع الرئيس الجديد، وأنا أصر على الرئيس الجديد، ولكن هذا الرئيس الجديد وهيئة الحوار يجب أن يتابعا ما تقرر في الحوار. أي مواكبة المحكمة الخاصة لغاية صدور أحكامها، وأن تحدد الحدود كما اتفق بهيئة الحوار، وان ينزع السلاح الفلسطيني من خارج المخيمات وان يضبط هذا السلاح داخل المخيمات، ويطبق ميثاق الشرف الذي اتخذناه في بعبدا والذي اقترحه المرحوم غسان تويني. وأيضا تطبيق اعلان بعبدا ومناقشة الاستراتيجية مع الرئيس الجديد.

نعم الرئيس الجديد، رئيس قوي وليس رئيسا ضعيفا، ولكن رئيس لبناني، عربي، توافقي إذا أمكن، او ينتمي الى خط سياسي لبناني مكتمل الولاء للبنان.
إضافة الى ذلك، والاهم من كل ذلك، أن يكون رئيسا كبيرا بحجم لبنان المقيم ولبنان الاغتراب لكي يقوم بواجباته بالشكل الصحيح. ولا يمكن مباشرة بناء الدولة من دون مقاربة الاستراتيجية الدفاعية لتحصين لبنان ولحماية الجميع بمن فيهم المقاومة".

وقائع الاحتفال
وكان الاحتفال بدأ بالنشيد الوطني اللبناني، ثم كلمة لعريفة الحفل قدم بعدها رئيس اللجنة الخاصة بمشروع اللامركزية الادارية الوزير السابق زياد بارود عرضا لتفاصيل مشروع القانون.

المشنوق
ثم تحدث الوزير المشنوق فقال: "تقول العرب "الحسن يظهر حسنه الضد" وهذه قاعدة جمالية لا تزال قائمة لا يقوى عليها الزمن، ولا تغيير الأمزجة والأذواق. لقاؤنا اليوم في قصر بعبدا وفي حضور فخامة رئيس الجمهورية ميشال سليمان بمناسبة إطلاق مشروع قانون اللامركزية الإدارية، لكنني سمحت لي ان ابدأ من ضدها بجمل قليلة.
نحن نعاني من فوائض في المركزية الخطأ وفوائض موازية من اللامركزية الخطأ، وهو ما كان ولا يزال ساكن هذا القصر يعبر عنه بشجاعة وحكمة وتبصر. فالأمن والامان وصون السلم الاهلي وحماية وحدة المجتمع والكيان لا تستقيم الا بمركزية قرار السلاح، سلما وحربا، في الأطر الدستورية الخاضعة للمحاسبة. ومهما كانت عناوين التفلت من قرار مركزية السلاح عديدة ونبيلة.وهي ليست كذلك دائما فلن تقوم الدولة الا على معادلة الدولة اولا والدولة ثانيا والدولة ثالثا. ثمة من يسعى الى اللامركزية في كل ما يتعلق بأدوات العنف التي هي من اختصاص الدولة وحدها وهذا يتجاوز مسالة السلاح الى مسائل كثيرة ليس الآن وقت بحثها ولكن ربما أهمها احتجاز حريات المواطنين وغير ذلك من أوجه العنف التي للدولة وحدها حق احتكار ادواتها. هذا في المركزية التي لا نحيد عنها من اجل بناء دولة مستقرة بمؤسساتها كما بمجتمعها. في اللامركزية، وهي عنوان لقائنا اليوم، فلها وجوه وعناوين عدة. فهي اولا عنوان وفاقي تعاهدنا عليه في وثيقة الوفاق الوطني. وهي ثانيا في صلب دستورنا الذي نلتقي عليها في مقدمته التي إعتبرت أن "الإنماء المتوازن للمناطق ثقافيا وإجتماعيا وإقتصاديا ركن أساسي من أركان وحدة الدولة وإستقرار النظام". إن اللامركزية الإدارية هي في صلب الإصلاحات السياسية التي أتت على ذكرها وثيقة الوفاق الوطني. ونحن اليوم من خلال إطلاق مشروع القانون نؤكد على تمسكنا بالدستور وبإتفاق الطائف وبمرجعية وثيقة الوفاق الوطني بالرغم من كل الكلام والتهويل حول الحاجة والضرورة لإعادة تأسيس الدولة ولإعادة بناء نظامنا من خلال مؤتمر تأسيسي. كما نؤكد ان وثيقة الوفاق الوطني هي خارطة طريق من أجل تكريس المناصفة والإنصهار الوطني وتطوير عمل المؤسسات الدستورية وزيادة إنتاجيتها وفعاليتها،و نشدد على الالتزام بجميع الإصلاحات التي نصت عليها وثيقة الوفاق الوطني مثل إلغاء الطائفية السياسية وإستحداث مجلس شيوخ ووضع قانون إنتخابات عادل وديمقراطي وعاقل".

أضاف: "إن النقاش حول اللامركزية الإدارية ليس نقاشا جديدا وليس نقاشا لبنانيا فقط. فهنالك إجماع عالمي على أهمية تطبيق اللامركزية الإدارية الموسعة من أجل تحقيق الإنماء المتوازن في مختلف المجالات والميادين وتعزيز المشاركة السياسة والمساءلة وتأمين التمثيل الصحيح على الصعيد المحلي. وهي الالية المجربة من اجل تعزيز الشفافية في صنع القرار ايضا وتحسين نوعية الخدمات العامة. لم تعد اللامركزية الإدارية وتعزيز صلاحيات الهيئات والمجالس المحلية هي القاعدة المتبعة في العديد من الدول في العالم وفي محيطنا العربي بشكل خاص بل اصبحت معيارا من معايير تقييم حداثة الدولة والمجتمع. وقد شاركتم يا فخامة الرئيس قبل بضعة أشهر ومثلتم لبنان في حفل التصويت على الدستور التونسي الجديد الذي أكد على إلتزام الدولة التونسية إعتماد اللامركزية الإدارية وإعتمادها في إطار وحدة الدولة.وازاء بعض المخاوف التي ترمى اللامركزية بها ينبغي التاكيد على ان لا خوف على الدولة ووحدتها من اللامركزية الإدارية. إنما العكس هو صحيح: تطبيق اللامركزية الإدارية يقوي الدولة، ويجعلها أكثر قوة على بناء المؤسسات الدستورية والوطنية، واكثر استجابة لحاجات المواطنين وأكثر عدلا في توزيعها للموارد على المواطنين وعلى المناطق".

وتابع: "لا نبالغ إذا إعتبرنا أن النقاش حول اللامركزية بدأ منذ الإستقلال عام 1943. ولكن لم يكن هناك أي إتفاق أو حتى محاولات جدية للتوصل إلى رؤى وتصورات مشتركة لمعنى اللامركزية الإدارية الموسعة وأطرها وطرق عملها. وبالرغم من مشاريع قوانين وإقتراحات قوانين وبالرغم من دراسات عديدة لم يتطور النقاش حول اللامركزية ولم يأخذ حيزا واسعا.
من هنا تكتسب خطوة فخامة الرئيس سليمان أهميتها العملية اليوم. فقد أخذ فخامة رئيس الجمهورية على عاتقه تأسيس لجنة متخصصة من أصحاب خبرات حقوقية وإدارية ومالية برعاية الصديق الدكتور زياد بارود، وقد عملت هذه اللجنة في إطار منهجي علمي واضح بعيدا عن السياسة وحساباتها الضيقة والكثيرة والمتشعبة. وقدمت لنا مشروع قانون متكامل ومتجانس للامركزية الإدارية، يوحد الرؤى حول الكثير من القضايا المتعلقة باللامركزية وبالإنماء المتوازن والمشاركة والمساءلة السياسية".

وقال: "لقد مضى على وجودي في الوزارة أقل من خمسين يوما، وأستطيع القول وأنا مرتاح الضمير لأن البنية التحتية للدولة ما زالت موجودة بقوة، على عكس كل ما يقال. هناك في الادارة العامة موظفون يملكون من الكفاءة ما اعتقدنا جميعا أنها غادرت الدولة. في الادارة، ولو كانت مركزية حتى الآن، موظفون شرفاء يقومون بعملهم بكل اندفاع ومسؤولية، والأهم أنهم يقومون به عن معرفة وعلم وجدارة. وكانت هذه هي الصورة بعد عشرات السنوات من انتشار عقل السلاح ومدرسة الفوضى، وأكرر أن الإدارة لا تزال على هذا المستوى من المسؤولية الوطنية، فكيف لو حدث ما تريده الغالبية العظمى من اللبنانيين واختفى الاحتكار السياسي المسلح بإدارة الدولة؟ الجواب هو عودة صباها الجميل للدولة القادرة العادلة المسؤولة التي يريدها الجميع".

وأضاف: "في قوى الامن الداخلي ثم في الأمن العام ثم في الدفاع المدني وفي كل الادارات التي عاصرتها في الاسابيع القليلة الماضية، وجدت أساسا متينا شريفا نزيها مسؤولا لكل ما يمكن ان يطمح اليه مواطن شريف ونزيه يريد تطبيق القانون ايضا. لا اقول هذا من الخارج، اقوله الآن من الداخل بعدما اعتقدت طويلا مثلي مثل الكثير من اللبنانيين أن هناك خرابا في هذه الإدارات، هذا غير صحيح. هناك قاعدة جدية، هناك ضباط شرفاء، هناك عسكريون يقومون بعملهم في أصعب الظروف ولا يترددون لحظة حين يجدون كل التغطية القانونية والإدارية. يتصرفون بكل مسؤولية عن اي ملف يقع بين أيديهم. هناك حداثة في الأمن العام في الإدارة وفي المكننة، هناك مسؤولية وطنية طبعا عند الجميع، ولكن اولا عند قوى الامن الداخلي التي قدمت في الاسابيع الماضية ثلاثة شهداء لم يتحدث عنهم أحد لا من الخاص ولا من العام، ولا اعرف ما هي النظرية التي تقول ان هناك شهداء من القديسين وهناك آخرين من الشياطين. هذا كلام واضح".

وختم: "لقد وعدت يا فخامة الرئيس في خطاب القسم، وها أنت تفي اليوم كما ينبغي لأي رجل دولة ان يفعل. ونحن في وزارة الداخلية والبلديات سنعمل على إعطاء موضوع اللامركزية الإدارية كل أهمية يستحقها، نعمل مع جميع الشركاء والمعنيين لكي يأخذ هذا المشروع القانون مساره المؤسساتي الدستوري بشكل سليم وسريع.
لا شك في أن التحديات والصعوبات كثيرة وعديدة، لكن توافر الادارة السياسية والارادة الشعبية من اجل النهوض بلبنان، تشكلان رافعة لهذه الخطوة ولغيرها من الخطوات في مسار طويل لتعزيز مؤسساتنا الدستورية وأجهزتنا الحكومية والإدارية بما يليق بالمواطن اللبناني".
 

  • شارك الخبر