hit counter script

مقالات مختارة - حسين مهدي

Occupy AUB: إضراب الطلاب «بروفا» لعمل أكبر

الأربعاء ١٥ آذار ٢٠١٤ - 06:41

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الاخبار

نجح طلاب «الأميركية» بإغلاق معظم قاعات التدريس، قاموا بتسيير جولات على الكليات لضمان نجاحهم 100%. توعدوا بمواصلة التحركات قبل 21 آذار، ضد رفع الأقساط، حرصوا على رفع شعارات التنوع والعدالة الاجتماعية «التي تتميز بها جامعتنا منذ 148 سنة»، وأعلنوا أن ما حصل هو تمهيد لعمل أكبر بكثير


شكّل أمس حصار مبنى «الكوليج هول» المخصص لإدارة الجامعة الأميركية ومنزل رئيس الجامعة د. بيتر دورمان خطوات نوعية في حراك الطلاب المستمر منذ 27 شباط الماضي. أمس، تعهد المنتفضون مواصلة التحرك في الأيام التي تسبق اجتماع مجلس الأمناء في 21 آذار الجاري، وبأشكال مختلفة سيعلنونها في وقتها، قد تصل إلى ما سموه «احتلال الجامعة». وكان بارزاً أمس المسيرات الجوّالة بين الكليات وقاعات التدريس للتأكد من التزام الأساتذة خطوة الإضراب التحذيري ومقاطعة الصفوف.
أمام «الماين غايت»، كان موعدهم الثاني. المكان هو نفسه. العدد بدا قليلاً للمراقب إذا ما قورن بالوقفة التحذيرية الأولى قبل 10 أيام. تسأل عن السبب فيجيبونك بأن بعض الطلاب ظنوا أنّ الإضراب هو يوم عطلة، من دون أن يستبعد محدثوك فرضية أن تكون بعض القوى السياسية قد طلبت من قواعدها عدم الحضور. لكن يمكن ملاحظة حماسة أكبر في صفوف المنتفضين هذه المرة.

فقد صدحت حناجرهم بهتافات الوحدة الطلابية نفسها والعزم نفسه على متابعة المعركة حتى نهايتها تحت عناوين «جامعة واحدة، إيد واحدة، تسقط 6% مش رح نخسر القضية». حملوا إلى لافتاتهم المعهودة لافتة كبيرة كتب عليها «strike» أو إضراب. قالوا لرئيس الجامعة: «يا بيتر طل وشوف ما في حد بالصفوف»، في إشارة إلى نجاح إضرابهم.
لم ينتظر الطلاب حتى الساعة الثانية عشرة ظهراً، موعد الاعتصام، ليبدأوا حراكهم. بل تجمعوا منذ السابعة والنصف صباحاً أمام الكليات لإقناع قلة من الطلاب توجهت إلى صفوفها. تكرر المشهد مرّات عدة خلال اليوم، في محاولة للدلالة على قدرتهم في التأثير في الطلاب أمام إدارة «لم تصغ في المرة الفائتة إلى صوتنا الموحد، ما يوجب علينا البحث عن أشكال مختلفة للفت انتباهها وما خطوة الإضراب إلّا بداية الطريق». لم يتعب المنتفضون من رفع الشعار نفسه طوال الأسبوع نفسه «لن ندفع».
رئيس تحرير جريدة «أوتلوك» الطلابية الداخلية طارق شهاب، تحدث باسم المعتصمين، فأعاد التذكير بمطالبهم لجهة رفض سياسات الجامعة المالية، و«فرض» رفع الأقساط بالقوة على الطالب. يؤكد شهاب أننا «سنسعى من خلال حراكنا ليس فقط لتجميد الأقساط، بل تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد والهدر داخل إدارة الجامعة»، مجدداً عدم الدخول في أي لجنة قبل أن ينالوا الضمانات اللازمة لتجميد الأقساط. وأعلن أننا لن «نوقف تحركنا السلمي. مستعدون لأسابيع من الإضراب، وليس فقط يوم واحد».
«لعبة رئيس الجامعة باتت مكشوفة للجميع» يقول أحد منظمي الحراك، محذراً من الانجرار وراء «وعود فارغة» يعطيها دورمان للطلاب عبر رسائله المتكررة، مع ضرورة أن تحافظ الجامعة على 148 سنة من التنوع.
أما نائبة رئيس الحكومة الطلابية جنان أبي رميا، فبدت راضية عن تماسك الطلاب ووحدتهم، على الرغم من كل ما يحصل داخل البلد، مؤكدة عدم «تنازلنا عن مطالبنا الواقعية والمدعومة من مجلس الشيوخ التابع للجامعة الذي يضم أساتذة وموظفين إداريين».
معظم الأساتذة بدوا متضامنين مع طلابهم، بدليل موافقتهم على تعليق الصفوف وتأجيل الامتحانات، وكان من بين المتعاطفين عمداء لكليات. بعضهم لم يتردد في المجاهرة باستعداده لدعم كل الخطوات التي تخوّل الطلاب الحصول على حقوقهم ومساعدتهم لوجستياً بالأفكار والتحرك الميداني.
أما الإدارة، فبدت حذرة من التحرك، وتجلى ذلك في التشدد الأمني على مداخل الجامعة وانتشار عدد من عناصر قوى الأمن الداخلي على مداخل الكلية، كذلك انتشر عدد من عناصر فرع المعلومات بين الطلاب داخل الحرم الجامعي وتولوا تصوير الاعتصام. وعلى عكس المرة السابقة، تجوّل عميد الطلاب طلال نظام الدين وحيداً، غير محاط بأي داعم لرئاسة الجامعة، وقد اعترف بنجاح حراك الطلاب، مشيراً إلى أنّ «صوتهم وصل فعلاً».
ليس قضية رفع الأقساط فقط، هكذا ردّ الطلاب على جدوى اعتصام «الأغنياء» في الأميركية، وعلى محاولات تسخيف حراكهم. وقد رفعوا شعارات مثل «التعليم حق وليس رفاهية» و«نريد الشفافية». تقول ماريا إنّ الأمر لا يتعلق بالمبلغ الذي ندفعه، بل بالمقابل الذي نحصل عليه لقاء هذا المبلغ، والتبرير «غير الموجود» للزيادة التي تريد الإدارة فرضها على الطلاب. أما محمد، فيرفض «السرقة» التي يتعرض لها من إدارة الجامعة حتى لو «كانوا يصنفونا من الأغنياء»، لافتاً إلى أنّ الحراك يتجاوز الأقساط، إلى «حقنا بالتعبير عن رأينا والدفاع عن حقوقنا وحقوق القادمين في الحصول على نوعية تعليم جيدة، بعيداً عن مزاريب الفساد والهدر وسوء الإدارة».
مفاهيم جديدة تغلغلت، أخيراً، بين الطلاب، منها العدالة الاجتماعية، الحفاظ على التنوع داخل الجامعة، الحركة الطلابية أو النضال الطلابي. تقول تالا القاضي إنّ الطلاب ليسوا جميعاً أغنياء، يقولون أيضاً، بل إنّ عدداً كبيراً منهم، بحسب بعض الأرقام الصادرة عن إدارة الجامعة، يتعلمون من خلال منحة أو مساعدات مالية يصل عدد المستفيدين منها في مرحلة الإجازة إلى 45% من مجمل عدد الطلاب. كذلك يستدين عدد من الطلاب من المصارف، أو يعملون ليدفعوا أقساطهم.
لم يرد الطلاب أن تكون وقفتهم الثانية عابرة، فقد افترشوا الأرض أمام مبنى الإدارة حيث يوجد الموظفون، وحوصروا بالكامل، إذ بات الدخول والخروج منه أمراً مستحيلاً. أطل عدد من الموظفين والعاملين من نوافذ المبنى مذهولين بما يحصل. وارتبك رجال أمن الجامعة فوقفوا ملاصقين للباب، أما الطلاب فقد أوصلوا صوتهم بكل ما يملكون من حماسة، بمرافقة «الدربكة» والغناء والشعارات، ومن ثم انتقلوا إلى منزل رئيس الجامعة، حيث عمد أمن الجامعة إلى إغلاق البوابة الرئيسية التي توصل إليه. هنا افترشوا الأرض مرة ثانية، محذرين من خارج السور بالقول: «هذه المرة نحن في الخارج، المرة المقبلة سندخل».
ما حصل أمس كان بمثابة «بروفا» لتحرك أكبر؛ إذ لم يخف الطلاب نيتهم اللاحقة في تطبيق شعارهم «Occupy AUB» أو احتلوا الجامعة الأميركية.
بعد الظهر، حرص الطلاب أيضاً على أن لا يبقى أي طالب داخل أي صف، توجهوا جماعياً إلى جميع المباني ودخلوها، أوقفوا العمل بجميع الصفوف، وعند خروج الطلاب من كل كلية كان تجري فيها التدريس، علت الصيحات.
 

  • شارك الخبر