hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - ميشيل تويني

"نموت كالكلاب"

الأربعاء ١٥ كانون الثاني ٢٠١٤ - 07:11

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

النهار

بعيد تفجيري حارة حريك وستاركو اللذين أوديا بحياة مواطنين ابرياء، إلى الوزير السابق محمد شطح، قصدت أحد مطاعم وسط بيروت، وسألت أحد العاملين فيه هل لحقت بالمكان أضرار؟ فأجابني: "لا شيء مهماً". ثم سألته: هل أقفلتم نهار الانفجار؟ فأجابني: "لا، لا...". وسألته مجدداً: لكن طبعاً لم يكن هنالك رواد في المطعم، فالحجوز ألغيت. اذ من الطبيعي في هذا اليوم الا يرغب الناس في الخروج، وخصوصا الى مكان قريب من موقع التفجير. فقال: "الحركة كانت شبه طبيعية، وأنا أول من فوجئ بذلك".

سكت قليلاً، وتابع: أصبحنا نموت كالكلاب... عذراً لاستعمال هذه الكلمة. لكن أليس هذا واقعاً؟ الكلاب تنفق على الطرق يومياً، فيما الحياة تستمر وكأن شيئاً لم يكن... ليس لأحد أن يعتبر اننا نرى الى استمرار الحياة مشكلة، بل بالعكس، فنحن نقاوم القتل وكل أشكال الموت. فالذين ماتوا ماتوا ليحيا لبنان، والذين استشهدوا يحبون لبنان والحياة، وقد حلموا باقتصاد قوي، وبسياحة مزدهرة، وباستقرار وأمن وحرية، وكل هذه المفاهيم تحملنا على عدم الرضوخ للقاتل، أياً تكن هويته. لكن المسألة لا تكمن هنا، بل في شجاعة اصحاب المحال والمطاعم اولاً، وفي جرأة الزبائن الذين يحبون الحياة ويشجعون الاقتصاد ثانياً. أما المسألة التي نتوقف عندها فهي كم اصبحت رخيصة أرواح اللبنانيين. ربما نكون اعتدنا الموت والجنازات، وأدمنّا الحداد والثياب السود. ولكن، ماذا بعد الأسود؟ لا شيء، لا ردات فعل؟ لا تحركات ولا ثورات!
في بلاد اخرى، اذا مات انسان واحد يتحرك مواطنوه، ويستقيل مسؤولون، فللحياة عندهم معنى وقيمة، وهذا هو الفارق الاساسي بين دول العالم الثالث والدول المتحضرة. في الدول المتقهقرة، المتخلفة، لا قيمة للانسان، واخاف ان نكون نحن في لبنان، صرنا في عداد هذه الدول، بل أمعنا في التخلف.
كيف تتوقف آلة القتل؟ كيف تتبدّل أحوالنا في وطن يراقب شعبه ما يفعله بنا الأغراب، من دون ردة فعل؟ فهل فقدنا حتى غريزة البقاء؟
العرب، كل العرب، ومعظم الغرب ينظرون إلينا ولا يفعلون شيئاً، لأن لبنان وملفه ليسا في سلم أولويات العالم، بل ربما ليس البلد الصغير سوى ورقة صغيرة، لا نعلم كيف تستعملها الدول الغارقة في أهوالها، وهي لن تفعل شيئاً سوى استنكار الارهاب الذي يحولنا شهداء الواحد تلو الآخر.
الخوف ان نصير مثلهم، لا نبالي حتى بسقوطنا شهداء، فنموت كالكلاب!

  • شارك الخبر