hit counter script

- علي حسين الحاج

هل من معجزة تنقذ لبنان قبل فوات الآوان؟

الإثنين ١٥ كانون الأول ٢٠١٣ - 07:18

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تقدم التجربة اللبنانية التي نعيشها اليوم دليلا لا لبس فيه، على أننا نعيش في واقع بات الخطر فيه يقتحم حياتنا من مختلف الجهات، حيث سيول الأزمات المتلاحقة تشل قدرة الدولة على لملمة شظايا النار السورية التي ذهب البعض لجرها وجلبها عبر حصان طروادة الى لبنان، وكأن المطلوب عرقنة لبنان واقصائه وتصفية ما تبقى من خيوط تنوعه وانفتاحه ووحدته، التي تزداد شرذمة كلما اقتربنا من الحدود السورية. فالتمذهب بلغ حدا لا يمكّن للبنان أن يتعافى أو على الأقل ان يبقى بمنأى عن الفتنة إذا ما استمرت ذهنية الإلغاء قائمة بين أهم مكونات الصيغة اللبنانية، وإن بنسب متفاوتة حيث ثمة من غرق كليا في الحدث السوري ويبحث عن ذرائع واهية لن تقنع حتى من يبحث عن مسوغات وبراهين لا تستر عورته، والتي هي بحد ذاتها ذرائع ومسوغات لانفعالية مذهبية دفعت البعض الآخر الى دخول الوحول السورية على قاعدة الرد ونصرة الشعب المقتول ليتحول هذا البعض في اللحظة نفسها الى مبرر للآخر على قاعدة ابعاد كرة النار عن ملعبه وجمهوره وناسه، دونما ادنى تفكير بأن الصيغة اللبنانية بمختلف مكوناتها وتلاوينها هي الضمانة الكبرى للجميع من دون استثناء ولا حاجة لقتال خارج الحدود أو داخلها مهما كانت الذرائع.
والمفارقة الأكثر خطورة أن المنظومات المذهبية التي تتطابق وتتشابه في كثير من جوانبها، ان على الأرض السورية حيث منطق القتل والتدمير والفتك بالانسان وبالحضارة هو السائد أو على الأرض اللبنانية حيث الارهاب والتكفير والالغاء والاستقواء بالسلاح مهيمن، وفي الحالين تدمير ممنهج لمنطق الاعتدال وقرصنة لمناخات الحرية التي توكأت عليها احلام اللبنانيين والسوريين وأملت بها شعوب الربيع العربي التي لم تعرف كيف تصوغ اسئلة مستقبلها ولم تحافظ على نعمة حاضرها، وبقيت غارقة في ذهنية واساليب ماضيها، على قاعدة الاستبدال لا التغيير، فباتت الحرية اليوم في مخاض صعب وباتت تجلياتها بؤر صراع ودفاع فارغ عن فراغ المشاريع التي ليس لها افق او فضاءات لأن تعيش.
وإزاء ما يحصل في لبنان من تداعي هيكل الدولة وفقدانها بوصلة الخلاص، وانعدام الثقة بين المواطن والسلطة، يصير لزاما على كل من يدعي الحرص على مستقبل هذا البلد وسلامة شعبه ان يقف وقفة مسؤول لانقاذ ما تبقى من هذا الهيكل الذي صدعته الانقسامات العامودية ونظريات الممانعة والالغاء وجرفت تربته سيول الشعارات التي لم تعد تناسب المرحلة بمختلف تعقيداتها وتطوراتها، والبحث الجدي عن أفق للحل خارج المتداول من صيغ لا تتزحزح، ولا تلين، خصوصاً في ما يتعلق البحث عن صيغة حكومية توائم بين الصيغ المطروحة للوصول الى مخرج انقاذي يحمي لبنان ويعيد للحياة السياسية وهجها الذي رمدته الولاءات الخارجية، وكسرت جناحيه الممارسات الكيدية والالغائية.
وإذا كان الفراغ هو العنوان السائد في عمل المؤسسات، والتعطيل هو الممارسة التي تشهدها حياتنا الوطنية، فما معنى أن نرفع مستوى التنظير السياسي ونخفض مستوى الحلول التي تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى جرأة استثنائية للبننة الخيارات السياسية بما يبعد شبح الفتنة وطيف الساحات المفتوحة لتصفية الحسابات.
أمام لبنان استحقاقات داهمة لاعادة انتاج سلطاته من رئاسة الجمهورية الى المجلس النيابي، وتشكيل حكومة ميثاقية، فهل نملك أدواتنا الداخلية لانجاز سلطة محلية تؤمن بالاختلاف إيمانها بالائتلاف، تحترم ارادة وخيارات الشعب اللبناني، وتؤسس لعقد اجتماعي متين يبقي الصيغة اللبنانية بمنأى عن أي جدل طائفي او مذهبي أو اي صراع سياسي، خصوصاً أنّ ما تبشر به المرحلة مثقل بالاحمال التي لا قدرة لأي فريق على حملها، وسط ضبابية قاتمة لمشهدية الصراع الدائر في سوريا أو في المنطقة، سيما وأن مصالح الدول ولعبة الأمم لا تكترث إلا لمشاريعها واستراتيجياتها، بينما أفق الحل مفقود والبلد ينزلق نحو الفوضى والانتحار، والحل السياسي مستبعد حتى اللحظة، بانتظار الاشارات الاقليمية، التي تبدو اليوم غير واضحة، والبلد بات مسرحا للارهاب والارهابيين، والاتصالات مفقودة بين غالبية الاطراف، والوحول السورية تكاد تلامس كل منزل فيه، وغرق البعض وصل الى مشارف اغراق الصيغة اللبنانية، فهل من معجزة تنقذ لبنان قبل فوات الآوان؟


 

  • شارك الخبر