hit counter script

مقالات مختارة - هيثم زعيتر

الرواية الكاملة لحقيقة ما جرى في الاعتداءين على الجيش

الأربعاء ١٥ كانون الأول ٢٠١٣ - 08:39

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

مع ذوبان جليد العاصفة "ألكسا" بدأت تتكشّف مخططات جرى الإعداد والتحضير لها، تستهدف توتير الأجواء الأمنية، المشحونة سياسياً، وتسعى إلى إعادة التركيز مجدداً على منطقة صيدا، لما تمثله من دور ومكانة، وما يربطها بالجوار، مخيم عين الحلوة وعمقها الجنوبي، وشرقها...
فقد سجلت الأيام الماضية جملةً من الأحداث كان في طليعتها الاعتداءين المسلحين الإرهابيين على حاجزي الجيش اللبناني على الأولي عند المدخل الشمالي لمدينة صيدا، وعلى طريق بقسطا – مجدليون، مما أسفر عن استشهاد الرقيب سامر رزق وجرح 3 عسكريين، ومقتل المسلحين الإرهابيين الأربعة...
وما ضبط مع المسلحين، يشير بوضوح إلى أن هناك مخططاً كان قد جرى وضع "سيناريو" لتنفيذه، ولكن جاءت الصدف أنه لم يتم استخدام الحزام الناسف والصواعق للمتفجرات في الأهداف التي كانوا يحضّرون لتنفيذها...
ومرد ذلك إلى أن الجيش أفشل هذا المشروع، ولكن هذا لا يعني ذلك أن مشروعاً آخراً جديداً، تعدّه الخلايا الإرهابية، حيث دأبت منذ فترة على إيجاد سبل ووسائل متعددة لتنفيذ أهدافها، التي تسعى من خلالها إلى توتير الأجواء، وزيادة الشحن المذهبي والطائفي، وضرب الأمن والاستقرار في البلاد، في جزء منها على خلفية ما يجري في سوريا، وإلى ما أبعد من ذلك بما يخدم العدو الإسرائيلي، المستفيد الأول من تفجير وتوتير الأوضاع في لبنان...
فقد بات واضحاً أن الجيش اللبناني هو الضامن للأمن والاستقرار في لبنان، وبالتالي فإن الجميع مطالب بتحديد خياراته، وحسمها بأن المؤسسة العسكرية بقيادة العماد جان قهوجي، تنصهر في بوتقتها، كافة شرائح المجتمع اللبناني، وسياستها واضحة وصريحة، وهي مواجهة العدو الإسرائيلي والخلايا الإرهابية والآفات الاجتماعية، والعمل على تأمين الأمن والاستقرار، ورفض اعتداء أي طرف أو فريق أو شخصٍ على الآخر، وهذا هو ما تعمّد بدماء الشهداء والجرحى من المؤسسة العسكرية...
ويبدو أن البعض، وإن كان يُعلن مواقف - إلا أنها تبقى إعلامياً - بينما في الممارسة في حقيقة الأمر فإن تحركاته وأحاديثه مغايرة كلياً، عما يتحدث به إعلامياً...
ولذلك، فإن حسابات السياسيين، يجب أن تكون واضحة وصريحة وليس توجيه السهام أو القصف والقنص، باتجاه المؤسسة العسكرية، متى يحلو لأي كان توجيه ذلك، لأن الأيام أثبتت أن المؤسسة العسكرية الضامن للأمن والاستقرار في لبنان، وأيضاً مساعدة المواطنين في الملمات والأزمات والكوارث الطبيعية...
وكثيراً ما أثبتت التجارب أن الاستهداف من قبل بعض السياسيين، سرعان ما تتضح خلفياته أنها لم تكن وفق معلومات وواضحة، بل أنها تكون لمصالح شخصية، أو جرى إيقاعهم بمكائد يجب التنبّه إليها، لأنه يكون بنتيجة هذه المواقف والآراء قد جرى تحريك غرائز الكثيرين، من ضعفاء النفوس...
الواقع على الساحة الصيداوية، أكد احتضان فاعليات المدينة وقواها وأبنائها والتفافهم حول الجيش اللبناني والقوى الأمنية، في مواجهة أي اعتداء من أي كان، وأهمية حفظ الأمن والاستقرار، وأن لا يؤدي الاختلاف في وجهات النظر سياسياً، إلى ترجمة ذلك إشكالات وأحداث على الأرض.
واللافت أن هناك من يسعى إلى التركيز على المخيمات الفلسطينية، وتحديداً مخيم عين الحلوة، وتصويره بأنه منطلق للإرهاب، بينما أثبتت الأيام، وخصوصاً في الآونة الأخيرة، أن كل هذه الأحاديث و"الترويجات"، ليست إلا "سيناريوهات" مُمنهجة، لتشويه صورة حقيقة النضال الفلسطيني، وأنه على الرغم مما يجري في مخيم عين الحلوة، من إشكالات وأحداثٍ، وقنابل موتورة، يبقى الوضع فيه أفضل بكثير من مناطق أخرى، لا تعيش ذات الواقع حرماناً اجتماعياً ومعيشياً، وضائقة اقتصادية، وضغطً وتركيزاً سياسياً وأمنياً وإعلامياً باتجاه "عاصمة الشتات" الفلسطيني.
اعتداءا الأوّلي وعلمان
مساء الأحد 15 كانون الأول 2013 وصلت سيارة "رابيد" وأنزلت 3 أشخاص بالقرب من جسر الرميلة – الأولي على بعد عدة أمتار من حاجز الجيش هناك.
وسلك الأشخاص الثلاثة سيراً على الأقدام الطريق باتجاه مدينة صيدا، مستخدمين الرصيف الشرقي – أي عكس السير المتوجه من صيدا إلى بيروت، وهو الرصيف الذي يسلكه عدد من العمال الذين يقيمون في المنطقة.
عند التاسعة مساءً، طلب عنصر من ضمن حامية الحاجز، الأوراق الثبوتية لشخصٍ أسمر البشرة، فأجابه بأنه يُدعى "حسام". وعندما كرر الطلب منه لأوراقه الثبوتية، أبلغه بأنه لا يحملها. في هذه الأثناء أبلغ العنصر رفيقه العسكري الذي كان على الحاجز بأن هذا الشخص لا يحمل هويةً أو أوراقاً ثبوتية. وقبل إنهاء كلامه سحب هذا الشخص قنبلة يدوية، فبادر أحد عناصر حامية الحاجز لإطلاق النار عليه على الفور، مما أدى إلى انفجار القنبلة ومقتل الشخص الذي ادعى أن اسمه "حسام"، وجرح عسكريين اثنين من الجيش. فيما فر الشخصان الآخران باتجاه مدينة صيدا. ولدى تفتيش الشخص القتيل، عثر في جيبه على قنبلة أخرى، جرى تعطيلها من قبل الخبير العسكري المختص الذي حضر لاحقاً إلى المكان، كما عثر بحوزته على مبلغ 25 ألف ليرة سورية و200 دولار أميركي، حيث يعتقد أنه وصل من سوريا، وأنه كان على معرفة بمن انتحل اسمه "حسام السيد". وحتى الآن لم يتم الكشف عن هوية هذا الشخص أو جنسيته.
في هذا الوقت كان عناصر الجيش اللبناني يلاحقون الشخصين الفارين، اللذين تمكنّا من الفرار بسبب حلول الظلام.
وتضيف المعلومات: إن هذين الشخصين هما: اللبناني إبراهيم إبراهيم المير والفلسطيني بهاء الدين محمد السيد، اللذين لاقاهما بالقرب من منطقة علمان - الأولي اللبناني محمد جميل الظريف في سيارته من نوع جيب "أنفوي" رمادية اللون، وأصعدهما إلى السيارة، ولحظة الوصول إلى حاجز مستحدث أقامه الجيش اللبناني عند تقاطع مجدليون بقسطا، للبحث عن الشخصين الفارين، تفاجئ سائق سيارة جيب "انفوي" الظريف بالحاجز، وعندما طلب أحد العناصر وهو الرقيب سامر رزق منهم الأوراق الثبوتية، ترجّل أحدهم وهو بهاء الدين السيد واحتضنه وفجر نفسه بواسطة قنبلة يدوية، مما أدى إلى مقتله واستشهاد الرقيب الأول رزق، فضلاً عن جرح أحد العسكريين.
وعلى الفور أطلق عناصر الحاجز النار باتجاه الشخصين الآخرين اللذين قتلا وهما: محمد الظريف وإبراهيم المير.
ونتيجة تفتيش السيارة عثر بداخلها على:
- حزام ناسف معد للتفجير مؤلف من 6 قطع متفجرات محاطة بمجموعة من الكرات الحديدة وموصولة بفتيل صاعق وصاعق رمانة يدوية.
- 3 رمانات يدوية دفاعية.
- 17 صاعقاً كهربائياً.
- 6 صواعق رمانية يدوية.
- مفجرة صاعق كهربائي.
وتكشف مصادر موثوق بها لـ "اللواء" أن الشخص الذي ادّعى أنه "حسام"، كان ينتحل صفة "حسام السيد"، وهو شقيق بهاء الدين السيد الذي فجر نفسه بالرقيب أول بالجيش اللبناني رزق، وأن حسام السيد هو أحد الكوادر البارزة مع المسلحين في سوريا. وأن الشخص جرى أمس (الثلاثاء) تحديد اسمه، حيث تبيّن أنه يُدعى "أبو أيوب العراقي" وينتمي إلى تنظيم "القاعدة"، وكان قادماً من سوريا باتجاه مدينة صيدا.
وتضيف المصادر: إن محمد الظريف كان ينتظرهم بعدما كان قد أوصل زوجته هبة السيد (شقيقة بهاء الدين) قرابة 8:15 دقيقة إلى منزل ذويها في منطقة تعمير عين الحلوة، وأبلغها أنه سيعود بعد حوالى الساعة.
والتقى محمد ببهاء وإبراهيم، في منطقة علمان - الأولي حيث أصعدهما إلى سيارته وكان متجهاً إلى منزله في منطقة شرحبيل لايوائهما، سالكاً طريق علمان مجدليون التي يعرفها جيداً سواءً لجهة أنه إبن المنطقة أو أثناء التحاقه بالشيخ المتواري أحمد الأسير، ولكن حاجز الجيش اللبناني الذي وضع بشكل طارئ فاجأهم، وجرى ما حصل من تفجير السيد لنفسه ثم مقتل الظريف والمير.
وتوضح المصادر أنه عثر أيضاً مع القتلى الثلاث في منطقة مجدليون، على أوراق، عدة بينها وكالات من أصحاب سيارات، تجيز لهم قيادتها، ويجري التأكد إذا ما كانت صحيحة أو أنها مزورة.
ما هي مهام الظريف؟
وتكشف مصادر مطلعة أن الظريف الذي غادر لبنان إلى كندا بتاريخ 18 أيلول الماضي - أي بعد اعتداء "مجموعة الأسير" على الجيش اللبناني في عبرا بتاريخ 23 حزيران الماضي، والتي ذكر أن الظريف لم يكن ضمن أفرادها!
وأن الظريف (هو صديق معين عدنان أبو ظهر، أحد الانتحاريين الذين استهدفا تفجير السفارة الإيرانية في بيروت بتاريخ 19 تشرين الثاني 2013 مع عدنان موسى المحمد).
وقدم الظريف إلى لبنان منذ 22 يوماً، للقيام بمهمة أمنية، لم تكشف التفاصيل عن المخطط الذي كان ينوي أفراد هذه المجموعة تنفيذه، إلا أنه ذكر أن الظريف كان أحد منتقدي الشيخ المتواري أحمد الأسير عندما باع منزله في منطقة مراح الحباس إلى أحد المسيحيين، وكان ضد "مهادنتهم".
وتحدثت معلومات عن أن عدة أهداف محتملة كانت على رأس مخططات هذه المجموعة، ومنها:
- استهداف كنائس مع أعياد الميلاد المسيحية.
- عمليات أمنية بشكل أوسع.
وتشير إلى أنه خير دليل على ذلك، أنه لم يكن المستهدف حاجز الجيش اللبناني على الأولي، لأن الحزام الناسف الذي وجد، والصواعق الكهربائية، تؤكد أن الهدف كان في مكان آخر، لأنه لم يتم استخدام الحزام هناك، وأن الصواعق هي لتفخيخ متفجرات أخرى.
وتجري الأجهزة الأمنية تحقيقاتها خصوصاً لجهة رصد تفريغ محتويات الكاميرات التي يتم التدقيق في ما سجلته وتحديداً في منطقة الأولي، فضلاً عن سيارة "الرابيد" الذي يعتقد أنها أنزلت المسلحين الثلاثة، وأيضاً الأجهزة الخلوية الأربعة التي عثر عليها داخل سيارة الظريف، وللتأكد من "داتا" الاتصالات لمعرفة مع من كانوا يتواصلون وكذلك الاستماع إلى عائلات الظريف والسيد والمير، في محاولة لجمع معلومات تساعد في التحقيقات.
وكما استفادت الأجهزة الأمنية من معلومات كانت قد توافرت لديها عن إمكانية حدوث تفجيرات أمنية، فإنها ما زالت تتابع ذلك بدقة، خصوصاً أن عدداً لمن كانوا ضمن مجموعة الشيخ المتواري أحمد الأسير ما زالوا غير موقوفين، والبعض منهم غادر لبنان، أو متوارٍ عن الأنظار حيث يخشى من قيام هؤلاء بعمليات أمنية، وليس مستبعداً منها انتحارياً كما جرى بتفجير السفارة الإيرانية.
واللافت أن هناك عدداً كبيراً من الشباب الذي تشبعت أفكاره بسلوك المنحى التفجيري الدموي حيث وجد من قام "بغسل دماغهم" أرضيةً، منفذاً للدخول إلى عقول هؤلاء، وتشريد أفكارٍ هي بعيد كل البعد عن مدينة صيدا، التي تميزت دائماً بأنها ملتزمة إسلامياً ولكن مع مبدأ التعايش داخل المدينة ومع الجوار في عمقها الجنوبي ومع المجتمع المسيحي فظلاً عن احتضان القضية الفلسطينية.
وهذا ما يستوجب أوسع حملة توعية في صفوف المواطنين خصوصاً الجيل الشاب.
كما كان لافتاً العثور على صاروخي "لاو" في مكب النفايات في صيدا، وماذا حدث لو تم استخدامهما؟ وماذا عن الصواريخ الباقية المنتشرة بكثافة مع امكانية الحصول عليها بسهولة؟!
عين الحلوة.. الأمن مضبوط
أما بشأن الوضع في مخيم عين الحلوة فإن الفصائل والقوى واللجان الفلسطينية في اجتماعات متواصلة لمنع نفاذ أي مشاريع تفجيرية داخل المخيم أو انطلاقاً منه، خصوصاً أن هناك من يصور دائماً أن المخيمات هي الملاذ أو وحتى المنطلق لمثل هذه الأعمال الإرهابية التي أدانتها القوى الفلسطينية، وأشادت بالجيش اللبناني والقوى الأمنية وعلاقتها وتعمل على تمتين علاقتها مع القيادات اللبنانية الرسمية والقضائية والأمنية والحزبية والسياسية والروحية فضلاً عن الجهات والهيئات الاجتماعية، ليس في مدينة صيدا بل أيضاً مع الجوار.
ويستغرب أبناء المخيم محاولات البعض التركيز دائماً على أن المخيم هو ملاذ للمطلوبين، وإن كان البعض يضع ما يجري من إلقاء قنابل بشكل متواصل أو أحداث، أنها تتم وفق "سيناريو" يسعى من وضعه إلى توتير الأجواء في المخيم، وتحقيق ما يروّج له البعض من أن الوضع متوتر فيه.
ولكن أكد أكثر من قيادي فلسطيني لـ "اللـواء" أن الوضع في مخيم عين الحلوة ممسوك على الرغم من محاولات البعض إثارة "القلاقل" وإلقاء قنابل إلا أن الوضع بشكله العام ممسوك وتحت السيطرة، لأن الهدف الوحيد للفلسطينيين هو تأمين الأمن والاستقرار داخل المخيم وعلى الساحة اللبنانية لأن معركتهم الوحيدة هي مع العدو الإسرائيلي وقضيتهم هي العودة إلى أرض الوطن، خاصة أن هناك محاولات الضغط من أجل إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين، التي يشكّل مخيم عين الحلوة "عاصمة الشتات" الفلسطيني، والتي هناك من يسعى إلى إنهاء مطالبة اللاجئين بحقهم بالعودة إلى أرض الوطن.

"اللواء"

  • شارك الخبر