hit counter script

مقالات مختارة - نبيل بومنصف

أقوى "الأنظمة" وأطولها!

الأربعاء ١٥ كانون الأول ٢٠١٣ - 06:30

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

"النهار"

ثمة مثل عامي يتوارث ترداده بعض من لا تزال ذاكرته القروية حية وهو "الثلم الأعوج من الثور الكبير". انه تماماً ما ينطبق على الطبق المقدم حديثا الى اللبنانيين في انفجارات تسلسلية لفساد الدولة والمجتمع الرسمي كالانفجارات المتعاقبة في سائر نواحي الحياة العامة للناس الذين صاروا لا يتوقفون أمام تطور مثل انهيار حكومة أمعن الزمن الطويل في هلهلتها ولم تعد تقوى على الصمود على رغم ضخها بمصل المقويات السياسية.

لم تقم مرة في تاريخ لبنان ولن تقوم على الارجح ظاهرة اصلاح جذري على غرار حملة "الايادي النظيفة" التي تولاها القضاء الايطالي في مواجهة المافيات التي كانت تعيث في الدولة فساداً واسعاً وكبدت القضاء ضحايا من القضاة الشجعان. في لبنان لم يعد الفساد الا "مسألة فيها نظر" لا تحرك ساكناً.
الفساد في لبنان صار "طبيعة" ثانية ملازمة للعمل العام ويتطبع معها الناس طائعين غير آبهين لدفع الرشاوى او لتلقيها في اليوميات البسيطة لأن مخالفة هذا "النظام" ترمي رافضيه في لجة الاهمال والتهميش. حين يشاهد اللبنانيون انكشاف ملفات فضائحية من عيار النهب العام بمليارات الليرات وينتهي الامر في لحظته بلا اي حراك وبلا مجرد احالة الملفات العابقة بفساد عفن على النيابات العامة ماذا تراهم يفعلون لتحصيل حقوقهم ومصالحهم؟
حين لا تكون الا الشبهات في اقامة الصفقات العملاقة الممر الوحيد لمجلس الوزراء ولا تتخذ حكومة من الحكومات المتعاقبة قاطبة قراراً واحداً بفتح ملف فاسد ولو على سبيل التنقية الشكلية وحفظ ماء الوجه فكيف يمكن اقناع اللبنانيين بأن طبقة سياسية شفافة تمثلهم وتحمي مصالحهم في ادارة المال العام؟
حين يستقتل مجلس نيابي للتمديد لنفسه وينجح في هذه المأثرة اليتيمة ويسجل رقما قياسيا في الاخفاقات التشريعية ولا يعتبر نفسه معنياً بافتضاح النهب الرسمي الجاري "على عينك يا تاجر" ماذا يبقى للناس غير تعميم الانطباع عن مغارة علي بابا التي ينعمون في دولتها؟
قد يقول قائل ان الفساد في لبنان لا يقف على الدولة وهو مستشر ومنتشر أكثر في القطاعات الخاصة والمجتمع اللبناني بكل نواحيه ومنه الاعلام والصحافة وحتى المؤسسات الدينية ناهيك بالأحزاب والجمعيات والبلديات وكل خلايا المكونات الاجتماعية وهذا صحيح ولا مجال لانكار او مداهنة او تستير. غير ان الواقع المفجع الذي يثبت على مدار المسيرة "التاريخية" هذه يتمثل في ان الاعوجاج يأتي من فوق وليس من تحت. لكنه "النظام" الأقوى من النظام السياسي والدستوري والواقع اللبناني برمته حتى بحروبه والذي قد تتغير انظمة كثيرة بعد ولا تمس من "قواعده وقوانينه" شعرة.
 

  • شارك الخبر