hit counter script
شريط الأحداث

خاص - داود ابراهيم

تقصّي الفساد بهدف الإصلاح لا الإثارة!

الأربعاء ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٣ - 05:27

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

يندرج الحديث عن قضايا هدر واختلاس وسرقة في وسائل الإعلام اللبنانية تحت خانة الإثارة. تحتل قضية ما العناوين فينشغل بها الرأي العام، وتكثر التحليلات والاتهامات وغالبا تنتهي المسألة بوجود متهم لا تثبت إدانته أو براءته، ما يدفع إلى السؤال هل الغاية الحقيقية من نشر هكذا قضايا هي نشرها فقط أم إثارة قضية ما للوصول إلى محاسبة حقيقية وتغيير حقيقي من خلال تأدية الإعلام لدوره كسلطة رابعة سلطة رقابة تهدف لإصلاح المجتمع؟
سنسعى من خلال جملة مقالات إلى تناول بعض القضايا التي يتناولها الإعلام في لبنان وتحديدا في مجال التحقيقات المعمقة والاستقصائية وتبقى بحدود الإثارة وتلك التي تنتهي بمعالجة حقيقية!
تحرّى وتحرّك أو "تحرّ ك".
"استقصاء الفساد- تحرّ ك" مشروع من تنظيم الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية- لا فساد بتمويل من الوكالة الأميركية للتنمية يهدف إلى تفعيل دور المواطن في مكافحة الفساد، ورفع الوعي حول مفاهيم الشفافية والمساءلة وحق الوصول الى المعلومات.

نقابة محرري الصحافة في لبنان قضية فساد أم تشويه سمعة؟

نشرت صحيفة "الأخبار" اللبنانية في عددها الصادر بتاريخ 30 تشرين الأول 2013 تحقيقا تحت "عنوان نقابة محرري الصحافة اللبنانية: وقائع فساد معلن". واستند التحقيق إلى ما نشره رئيس تحرير ومدير موقع قناة «الجديد» ابراهيم دسوقي عن فضيحة مالية تهزّ «نقابة محرري الصحافة اللبنانية». وذكرت مراسلة الأخبار زينب حاوي أن دسوقي وفي مقال نشره من دون أن توضح أين نشر هذا المقال الذي وبعد التواصل معها زودتنا برابطه أورد أنّ خمسين شيكاً فُقدت من صندوق النقابة كان يفترض أن تصل إلى اشخاص محددين كبدل مساعدات، ثم «تبرّع» النقيب الياس عون بتسديد ــ من جيبه الخاص ــ شيك بعشرة آلاف دولار كجزء من الأموال الضائعة، على أن يطوى الملف.
وبحسب حاوي فإن خطوة عون هذه جاءت بعد تشكيل لجنة تحقيق أوكل لها إعداد تقرير مفصّل بالمخالفات المالية وتألّفت من أربعة أشخاص من النقابة هم: منير نجار، وعلي يوسف، وحبيب شلوق، وكميل خليل.
وأرفقت حاوي قصتها هذه بنسخة عن تقرير هذه اللجنة المؤلف من 5 صفحات، لتقول أنه "يظهر جلياً التورط في قضايا فساد ورشى ومحسوبيات دُفعت فيها الأموال بطرق غير شرعية". وعددت بعض هذه الفضائح لتصل إلى خلاصة مفادها أن لجنة التحقيق وجّهت أصابع الاتهام الى محاسب النقابة الذي "يرى عمليات التزوير أمامه ولا يعترض، بل يساعد في تنفيذها". وإذ أوضحت أنّ غياب الوثائق للمعاملات المالية أعاق عمليات التدقيق التي كانت تجريها، أوصت اللجنة في ختام التحقيق بتفعيل دور أمين الصندوق ليكون مشرفاً على التأكد من «صوابية كل العمليات المالية».
ورغم نفي النقيب الياس عون للكاتبة ما جرى جملة وتفصيلا ووضعه في خانة تشويه السمعة وإبداء استعداده لأي مساءلة في هذه القضية، موضحا سبب عدم رده على ما نشر «ليه في جرصة أكثر من هيك؟». جاء رأي الكاتبة واضحا: كلّ هذه الفضائح لم تهز النقيب... الذي حمّل المسؤولية الى العضوين في النقابة حبيب شروف ومنير نجار اللذين «سيموتان من الغيظ ويريدان الاستحواذ على كرسي النقيب».
ما نشر استدعى بيان نفي من عون اقتصر على ما نسب إليه من كلام وفيه تعرضّ لعضوي مجلس النقابة الزميلين حبيب شلوق ومنير نجار. مشدداً على ان "هذا الكلام لم يرد على لسانه اطلاقا". أما صحيفة الأخبار وفي زاوية رسائل إلى المحرر حيث نشرت رد عون ردت عليه مؤكدة أن الحديث الهاتفي موثق. واستغربت الصحيفة "أن يكون الردّ على هامش المقالة، بدلاً من دحض التقرير الذي يسلّط الضوء على ممارسات مؤسفة".
استندت الكاتبة إلى التقرير "الذي أظهر الكمّ الهائل من الفساد والتزوير داخل النقابة، حاول البعض طمسه والقول بأنّ «الأمر انتهى» كما جاء على لسان أمين الصندوق عرفات حجازي الذي استغرب اثارة هذه القضية إعلامياً بما «أنّ النقيب تعهّد بدفع كل النواقص»! وانتهت إلى القول "ويبقى مهما كان الحرص من بعض اعضاء النقابة على كتم هذه الفضائح المالية، الا أنّ التقرير وما تضمّنه لا يمكن أن يمرّ مرور الكرام ولو دفع المبلغ «المفقود». هذا التقرير هو بمثابة إخبار الى الجهات القضائية المعنية لتتحرك على ضوء خلاصاته واستنتاجاته، ولا مكان طبعاً لطيّ الملف بل على العكس، يجب منذ الآن فتح هذا الملف ومحاكمة المتورطين".
وهنا يبدو من الملح السؤال هل تنتهي القضية عند حدود ما تم نشره؟ هل من قوانين داخلية للنقابة تتعارض مع طرح هذه المسألة أمام القضاء؟ هل كان يفترض سؤال المعنيين بالمبالغ التي ذكرت أو استصراحهم ما إذا كانوا على استعداد للتقدم بدعوى جزائية؟ ذكر أسماء المنتفعين من المساعدات هل فيه انتقاص من مكانتهم ووضعهم الاجتماعي؟ هل يقع على عاتق الصحفي طرح المسألة من الزاوية القانونية وملاحقتها أو حتى حث المتضررين على التحرك من أجل حقوقهم؟
وبالعودة إلى أصل القصة ذكر دسوقي في مقاله أن أعضاء مجلس النقابة يمتنعون عن حضور أي نشاطات يحضرها النقيب بما فيها اجتماعات المجلس. فقد وضعت الفضيحة المالية النقيب في عزلة. مستشهدا بزيارة قام بها عون إلى المدير العام لقوى الأمن الداخلي بالوكالة العميد إبراهيم بصبوص مؤخراً لم يجد أكثر من عضوين فقط من أصل 12 يرافقاه في الزيارة.
ولكن يبدو أن عون نجح في كسر هذه العزلة حيث رافقه أعضاء المجلس خلال زيارته أخيرا إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري. كما وعقب يومين من نشر الأخبار لهذه القصة سجلت مغادرة وفد من النقابة الى الكويت للمشاركة في اجتماع الامانة العامة للاتحاد العام للصحافيين العرب والمكتب الدائم للاتحاد. وتألف وفد النقابة من النقيب الياس عون وامين السر جوزف القصيفي، وأعضاء مجلسها الزملاء: علي يوسف، كميل خليل وغسان ريفي. كما أن اجتماعا للمجلس عقد في 31 تشرين الأول برئاسة عون بحسب ما نشرت صحيفة النهار في موجزها.
وفي الختام يبقى أن نتساءل عن الدور الذي يفترض أن تلعبه الصحافة، دور الناقل أو المحرض على فعل، دور من يصدر أحكام الإدانة أو النفي؟
 

  • شارك الخبر