hit counter script

ندوة الاستقلال من الميثاق الى اعلان بعبدا

السبت ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٣ - 16:14

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

رعى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ندوة نظمها "منتدى بعبدا" قبل ظهر اليوم بعنوان "الاستقلال من الميثاق الى اعلان بعبدا" في فندق "فينيسيا"، حضرها الرئيس سليمان، الرئيس نجيب ميقاتي، الرئيس فؤاد السنيورة، المطران بولس مطر ممثلا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، السيدة منى الهراوي، نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، الوزراء: ناظم الخوري، وليد الداعوق، علاء الدين ترو، مروان شربل، نقولا نحاس، فريج صابونجيان، سفراء روسيا الكسندر زاسبكين والولايات المتحدة الأميركية ديفيد هيل وإيران غضنفر ركن ابادي والإتحاد الأوروبي انجلينا ايخهورست والمغرب علي اومليل وفلسطين أشرف دبور وسلطنة عمان محمد بن خليل الجازمي، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي، النواب: دوري شمعون، محمد قباني، زياد اسود، فادي كرم، رياض رحال، سيبوه كالباكيان، هادي حبيش، قاسم عبدالعزيز، هنري حلو، محمد الحجار، الان عون، ياسين جابر، جان اوغاسابيان، كاظم الخير، ادغار معلوف، نضال طعمه، بهية الحريري، علي بزي، سيرج طورسركيسيان، نديم الجميل وفؤاد السعد.

حضر أيضا رئيس المجلس الدستوري عصام سليمان، النائب السابق لرئيس مجلس الوزراء اللواء عصام ابو جمرا، النائب السابق لرئيس مجلس النواب ميشال معلولي، رئيس المجلس الوطني للاعلام عبدالهادي محفوض، الوزراء السابقون: رئيس اتحاد الغرف العربية عدنان قصار، ابراهيم نجار، ناجي البستاني، خليل الهراوي، نايلة معوض، ريا الحسن، منى عفيش، ابراهيم شمس الدين، فوزي حبيش، الياس سكاف، جوزيف الهاشم، مخايل الضاهر، ميشال اده، ابراهيم الضاهر، سليمان طرابلسي، رئيس المجلس الماروني العام وديع الخازن، النواب السابقون: صلاح حنين، بيار دكاش، منصور غانم البون، انطوان اندراوس، المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير، المدير العام لقوى الأمن الداخلي العميد ابراهيم بصبوص، المدير العام للأمن العام عباس ابراهيم، المدير العام لأمن الدولة اللواء جورج قرعة، مدير المخابرات إدمون فاضل، المدير العام للدفاع المدني ريمون خطار، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الاقتصادية الدكتور إيلي عساف، امين عام "تيار المستقبل" أحمد الحريري، رئيس جمعية الصناعيين نعمت افرام، مديرة الوكالة الوطنية للاعلام لور سليمان صعب، رئيس صندوق المهجرين فادي عرموني، مدير عام الموارد المائية والكهربائية الدكتور فادي قمير وبعثات ديبلوماسية وحشد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والإعلامية.

في بداية الندوة وبعد عزف النشيد الوطني عرض فيلم وثائقي عن تاريخ لبنان منذ الاستقلال وحتى اليوم أعده المستشار الإعلامي في في القصر الجمهوري جورج غانم، قدمت الندوة الإعلامية رانيا بارود التي ألقت كلمة قالت فيها: "إنه المنتدى. تنادينا وأتينا كثرا. فعندما يتنادى القوم لا يكون هناك صاحب دعوة ولا مدعوا. فهم ينادون بعضهم بعضا دون حصر ولا تمايز، ينذرهم حسهم المشترك بالخطر الشديد، وتحركهم غريزة البقاء. هكذا تنادى الجميع اليوم في زمن التهاوي لما تجاوزت فكرة الدولة خطوط الخطر، وبات الأمل الوحيد في البقاء عنوانه: بعبدا، فكان منتدى بعبدا".

أضافت: "بعبدا بكل رمزيتها، بعبدا بكل أبعادها، بعبدا بشخص سيدها اليوم، بعبدا بإعلانها. هذا الإعلان الذي قلما يخلو خطاب سياسي، مهما اختلفت ألوانه، على الساحة اللبنانية أو على الساحة الدولية المتعلقة بلبنان، قلما يخلو من ذكر إعلان بعبدا ويدعو إلى الإلتزام به والإرتكاز عليه كأساس حل في الأمن والسياسة والإقتصاد ومأسسة الدولة. فكيف يترجم ذلك الإلتزام وذلك الإرتكاز ما لم نتناد إلى الحوار والتفكير حول بناء ميثاقي جديد وضع أسسه الرئيس ميشال سليمان. إنها وديعة الرئيس إلى اللبنانيين قبل مغادرته الرئاسة بعد أشهر قليلة. وديعة باتت اليوم أشبه بالعامية. كلما مر الوقت عليها كلما زادت الحاجة إلى ترسيخها. فاستحق لقاؤنا اليوم. لقاء يستفيد من اهتزازات سبعين استقلالية ليتطلع إلى سبعين استقرارية، والأمل بسبع مرات سبعين قوامها حياد وحوار نحو الإزدهار".

وختمت: "إنها الرؤية تترجم اليوم من مناظير قانونية ودستورية وميثاقية وميدانية واقتصادية".

المصري

وألقى الدكتور شفيق المصري مداخلة بعنوان "الجذور القانونية لإعلان بعبدا" قال فيها: "يمكن توزيع إعلان بعبدا - كوثيقة- على ثلاثة محاور، الأول يتعلق بضرورة تعزيز الثقافة السياسية ويهدف إلى صقل المواطنية اللبنانية في التعامل السلمي والإيجابي مع الآخر واحترام المسلمات الوطنية الممهدة إلى إجماع وطني واع ومسؤول. والثاني يتناول ضرورة التركيز على المبادىء الدستورية وإلتزام حكم القانون وإحترام أداء المؤسسات الدستورية واجهزتها التنفيذية. والثالث الذي تضمنه إعلان بعبدا، في معظم بنوده، قائم على المرجعيات الدستورية الداخلية والمرجعيات القانونية الإقليمية والدولية الملزمة للبنان - الدولة. هذه المرجعيات تشكل الجذور القانونية الثابتة لبناء هذا الإعلان ونقله من إطار التمنيات الصادقة والدعوات الضرورية إلى المناخات الدستورية الداخلية والإلتزامات الإقليمية والدولية المستقرة. وبالتالي فإن إعلان بعبدا يأتي، في هذا السياق، تذكيرا بما أجمع عليه أقطاب الحوار، ولكنه يأتي، كذلك، تأكيدا متكررا لهذه الإلتزامات جميعا. وهي، مع الإعلان أو بدونه، تبقى ضمن الزاميتها الشاملة، داخليا وخارجيا، للدولة اللبنانية بصرف النظر عن الحكومات".

أضاف: "توضيحا لما تقدم نلاحظ أولا أن ما أشار إليه إعلان بعبدا حول تأكيد نهائية الوطن اللبناني وصيغة العيش المشترك والمبادىء الأخرى التي وردت في مقدمة الدستور. هذه المقدمة الميثاقية تشكل إستمرارا نوعيا للميثاق الوطني في مسلماته. والميثاق في حقيقته التاريخية لا يقتصر فقط على الاتفاق الشفهي بين الشخصيتين المؤسستين للاستقلال، وإنما يكتمل بمضمون البيان الوزاري الاول الذي كان نصا مكتوبا وشاملا وحظي آنذاك، بإجماع ممثلي الشعب اللبناني بدون إستثناء. وقد تضمن هذا البيان الأول - أي الميثاق الوطني المكتمل - بنودا انمائية وسياسية واجتماعية كثيرة تجدر إعادة قراءتها اليوم ولو بعد مرور سنوات على صدورها. وبالتالي فإن إعلان بعبدا يشكل، هنا، التذكير بهذه البنود الميثاقية التي وردت في مقدمة الدستور وهو، بما تضمن من بنود، يشكل الحلقة التأكيدية الواصلة بين الميثاقين الأول الذي أشرنا إليه والثاني المتمثل بمقدمة الدستور. والميثاقان يعتبران من أركان المبادىء التأسيسية الثابتة. ولا بد من التذكير بهما معا. وهذا ما فعله إعلان بعبدا. أما بالنسبة للتمسك بإتفاق الطائف ومواصلة تنفيذ كامل بنوده" فالمعروف أن هذه البنود دخلت في صلب الدستور وأصبحت مواد دستورية ملزمة ولكنها لم تنتقل، بعد، إلى الحيز التنفيذي. وهي بمجملها ذات طابع إنمائي أو تحديثي متقدم كإنشاء مجلس الشيوخ بعد تطبيق إحدى مواد الدستور، وإصدار قانون اللامركزية الموسعة وقانون الإنتخاب وإنجاز الإنماء المتوازن والعدالة الإجتماعية وغيرها من البنود حتى التي لم يعتمدها الدستور لغاية اللحظة كرقابة الدولة على المناهج المدرسية والكتاب المدرسي والمدارس الخاصة".

وتابع: "يؤكد البند الثاني عشر من إعلان بعبدا ضرورة "تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية و تجنيبه الإنعكاسات السلبية لها حرصا على وحدته الوطنية وسلمه الأهلي، ولكنه استثنى من هذا التحييد، وليس الحياد، ثلاثة أمور لا يستطيع أن يكون محيدا بإزائها: أولا التزام قرارات الشرعية الدولية والواقع إن هذا الإلتزام وارد أصلا في ميثاق الأمم المتحدة وملزم بكافة الدول الأعضاء وحتى للدول غير الأعضاء في المنظة الدولية. وبالتالي فان كل دولة عضو في الأمم المتحدة ملزمة بالإمتثال إلى مواثيق الشرعية الدولية وقراراتها. وهذا الإلتزام يشمل كل القرارات الدولية وإذا استثنى إعلان بعبدا هذا الأمر من مسألة التحييد فإنه، بذلك، يؤكد ويشدد على وجوب هذا الإلتزام عملا بميثاق الأمم المتحدة وانسجاما مع الدستور اللبناني ذاته الذي يؤكد هذا الإلتزام.

وقال: "الأمر الثاني الذي لا يستطيع أن يكون محيدا بإزائها هو التزام الإجماع العربي، وهو ملزم أيضا بموجب ميثاق جامعة الدول العربية. فالمادة السابعة من هذا الميثاق تعبر ان: القرارات التي يتخذها مجلس الجامعة بالإجماع تكون ملزمة لجميع الدول الأعضاء فيها. أما القرارات المتخذة بالأكثرية فهي تلزم الدول التي تقبلها. هذا مع العلم أن الإجماع العربي يحسب خارج الدولة المعنية ذاتها. وعندما يستثني إعلان بعبدا مسألة الإجماع الملزمة للدول الأعضاء فإنه يؤكد قانونيا على صدقية هذه المادة وضرورة احترامها. ولعل هذا البند من الإعلان يذكر بإلتزام آباء الإستقلال وقرارهم عندما اكدوا خلال السنوات الأولى لحكمهم إن سياسة لبنان الخارجية يجب أن تلتزم بوحدته الوطنية الداخلية وإن لبنان مع العرب إذا اتفقوا وعلى الحياد إذا اختلفوا وإنه ليس مع الأحلاف والمعاهدات والمحاور الإقليمية ولا الدولية. وهكذا نرى أن الإعلان المستند أصلا إلى هذه المرجعيات القانونية والسياسية لم يرسم أي إطار جديد في سياسة لبنان الخارجية انما جاءت تذكيرا بموجبات تقع على عاتق لبنان وفقا لإلتزامات قانونية سابقة ولسياسة حكيمة اعتمدها آباء الاستقلال أصلا".


أضاف: "الأمر الثالث الذي لا يستطيع أن يكون محيدا بإزائها هو التزام القضية الفلسطينية المحقة بما في ذلك حق اللاجئين الفلسطنيين. والمعروف، هنا، أن لبنان معني منذ البدء، بهذه القضية ليس من ناحية مبدئية وحسب واينما بدافع التعاطي الإجباري مع مسألة تتعلق بوجود مئات آلاف اللاجئين الفلسطنيين في ربوعه. وهذه المسألة مستندة ، كما هو معروف أيضا، إلى أحكام الشرعية الدولية، الواجبة التطبيق قبل إعلان بعبدا أو بعده. ولكن أهميته تكمن في تجديد الإلتزام بسياسة التحييد مع التأكيد على مشروعية الإستثناءات التي أوردها. أما ما أورده الإعلان حول ضبط الحدود اللبنانية - السورية فتجدر الإشارة إلى أن هذا الموضوع نوقش وأقر منذ جلسة الحوار الأولى. وقد حظي انذاك بتصديق القرار الدولي. هذا مع العلم أن من واجبات الدولة الحفاظ على حدودها الملحوظة في الدستور وعلى توفير الأمن اللازم والإنتظام القانوني لهذه الحدود. وهناك الكثير من الأحكام القانونية الدولية حول هذه الواجبات في سياق العلاقات الدولية".

وتابع: "إن هذه الوثيقة المعروفة ب"إعلان بعبدا" اقترنت أصلا بإجماع أركان الحوار على الصعيد اللبناني. وهي اقترنت بإجماع عربي دعا تكرارا إلى الترحيب بها والإستعداد لتيسير اعتمادها ودعم توجهاتها قاعدة لإجماع اللبنانيين في السياسة الداخلية والخارجية على السواء. كذلك اقترنت هذه الوثيقة بموافقة وترحيب الدول الكبرى بشكل معلن وصريح. فما هي نتائج ذلك على المستوى الدولي؟ إن الإعتراف بالحكومات والدول يمكن تعريفه بأنه إقرار acknowledgement بوجودها وإستعداد للتعاون معها على الصعيد الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي بشكل عام. فهل يشكل ترحيب هذه الدول الاقليمية والدولية نوعا من الاعتراف بالحكومة الراهنة أو بأية حكومة مقبلة تلتزم هذا الاعلان؟"

وختم المصري: "الواقع أن لبنان - الدولة ليس بحاجة إلى إعتراف دولي وكذلك فإن الحكومة الراهنة أو الحكومة المقبلة لا تحتاج إلى إعتراف طالما أنها تقوم حاليا أو يمكن أن تقوم وفقا للدستور المعترف به أصلا. إذا، يمثل هذا الإعتراف أو الترحيب بإعلان بعبدا دعما سياسيا دوليا كبيرا للحكومة اللبنانية في سياستها الداخلية والخارجية، واستعدادا دوليا للتعاون معها على أكثر من صعيد، ودعما قانونيا دوليا كبيرا لإعلان بعبدا بقدر استناده إلى هذه المرجعيات القانونية المحلية والإقليمية والدولية التي تقدم ذكرها وبقدر إلتزام هذه الحكومة الحالية أو المقبلة بإعلان بعبدا ذاته".

شاهين

وألقى عضو هيئة الحوار الوطني البروفسور فايز الحاج شاهين كلمة قال فيها: "ان مداخلتي تحمل عنوان "المبادىء الميثاقية التي يستند اليها اعلان بعبدا". سؤالان ينبغي الاجابة عليهما، السؤال الاول: ما هي هذه المبادىء الميثاقية؟ والسؤال الثاني: ما هي القيمة المضافة التي ادخلها اعلان بعبدا على هذه المبادىء؟ اولا: في المبادىء الميثاقية، ان المبادىء الميثاقية لاعلان بعبدا، الذي يتضمن 15 بندا، هي تلك المكرسة في مقدمة الدستور وفي وثيقة الوفاق الوطني المعروفة باتفاق الطائف. جاء في البند 10 من اعلان بعبدا ما يلي: "تأكيد الثقة بلبنان كوطن نهائي وبصيغة العيش المشترك وبضرورة التمسك بالمبادىء الواردة في مقدمة الدستور بصفتها مبادىء تأسيسية ثابتة." وجاء في البند 11 من هذا الاعلان ما يلي: "التمسك باتفاق الطائف ومواصلة تنفيذ كامل بنوده".

أضاف: "نظرا لضيق الوقت سأحصر بحثي بالبندين 12 و 13 من هذا الاعلان، لانهما موضوع الساعة. جاء في البند 12 من اعلان بعبدا ما يلي: "تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الاقليمية والدولية وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والازمات الاقليمية، وذلك حرصا على مصلحته العليا ووحدته الوطنية وسلمه الاهلي، ما عدا ما يتعلق بواجب التزام قرارات الشرعية الدولية والاجماع العربي والقضية الفلسطينية المحقة بما في ذلك حق اللاجئين الفلسطنيين في العودة الى ارضهم وديارهم وعدم توطينهم". ان البند 12 يستند "الى الفقرة (ي) من مقدمة الدستور التي تنص على مبدأ الالتزام بميثاق العيش المشترك وذلك لان التحييد المشار اليه في هذا البند يهدف الى مصلحة لبنان العليا، ووحدته الوطنية وسلمه الاهلي". ويجدر التركيز على ان التحييد الوارد في البند (12) اعلاه ليس هدفا بحد ذاته بل هو وسيلة. اما الهدف فهو "المصلحة العليا" و"الوحدة الوطنية" و"السلم الاهلي".

وتابع: "ان هذا البند يستند ايضا الى الفقرة (ب) من مقدمة الدستور التي تنص على ان "لبنان عربي الهوية والانتماء" وذلك لانه يتضمن الالتزام بالاجماع العربي والقضية الفلسطينية وحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة"، كما يستند الى الفقرة (ط) من مقدمة الدستور التي تنص على عدم توطين الفلسطينيين وذلك لانه يتضمن تأكيدا على رفض التوطين. وجاء في البند 13 من اعلان بعبدا على ما يلي: "13 - الحرص (تاليا) على ضبط الاوضاع على طول الحدود اللبنانية السورية وعدم السماح باقامة منطقة عازلة في لبنان واستعمال لبنان مقرا أو ممرا او منطلقا لتهريب السلاح والمسلحين، ويبقى الحق في التضامن الانساني والتعبير السياسي والاعلامي مكفول تحت سقف الدستور والقانون". ان هذا البند يستند الى وثيقة الوفاق الوطني التي تضمنت فقرة تحمل عنوان "العلاقات اللبنانية السورية". وجاء في هذا العنوان ما يلي: "يقتضي عدم جعل لبنان مصدر تهديد لامن سوريا وسوريا لامن لبنان في اي حال من الاحوال. وعليه فان لبنان لا يسمح بان يكون ممرا او مستقرا لاي قوة او دولة او تنظيم يستهدف المساس بأمنه او أمن سوريا. وان سوريا الحريصة على امن لبنان واستقلاله ووحدته ووفاق ابنائه لا تسمح بأي عمل يهدد أمنه واستقلاله وسيادته".

وقال: "هذه هي باختصار المبادىء الميثاقية، فما هي "القيمة المضافة التي ادخلها اعلان بعبدا؟ ان هذه القيمة المضافة تظهر من خلال الامور الآتية: الامر الاول ان اعلان بعبدا شكل اطارا وطنيا لتأكيد الالتزام بالمبادىء الميثاقية التي ذكرناها. ان الدساتير والمبادىء الكلية، التي تبنى على اساسها الاوطان والدول، ليست محطة زمنية آنية تبدأ وتنتهي مع صدورها او اعلانها، انما وجدت لتدوم. ان الالتزام بها هو عملية مستمرة والتقيد بها هو بمثابة فعل ايمان للمسؤولين والمواطنين. والامر الثاني: ان اعلان بعبدا كان موضع اجماع وهو يدل على ان اتفاق اللبنانيين بعضهم مع البعض ليس عملية مستحيلة.
فاذا كانت السياسة تفرق فالمبادىء الميثاقية تجمع. قد يقال ان الاجماع الذي كان متوفرا يوم اعلان بعبدا بتاريخ 11/6/2012 لم يعد متوفرا اليوم، وهذا الاعلان تعرض للانتكاسات من قبل أكثر من جهة لبنانية. ان هذا الكلام صحيح ولكن يمكن الاجابة عليه. ان اتفاق الطائف تعرض للانتقادات واصيب بانتكاسات تم وصفها بانها "انقلاب على الطائف"، لكن اتفاق الطائف رغم كل ذلك بقي متمتعا بقوته الميثاقية. وما يصح بالنسبة لاتفاق الطائف يصح بالنسبة لاعلان بعبدا".

أضاف: "الامر الثالث، ان اعلان بعبدا شكل مناسبة لتجديد ثقة الامم المتحدة وجامعة الدول العربية والمجموعة الاوروبية بلبنان وبأهمية الوفاق بين اللبنانيين. بتاريخ 21/6/2012 تم تسجيل اعلان بعبدا كوثيقة رسمية من وثائق الامم المتحدة في دورتها العادية العامة السادسة والستين. وهذا ما يذكرنا بالاعلانين الصادرين عن مجلس الامن بتاريخ 7/11/1989 وبتاريخ 22/11/1989 اللذين يتضمنان تأييدا لهذا الاتفاق. بتاريخ 23/6/2012 صدر عن الامين العام لمجلس جامعة الدول العربية بيان نوه باعلان بعبدا واصفا إياه " بانه أرسى مجموعة من الثوابت والقواسم المشتركة التي اجمع عليها اللبنانيون باعتبارها منطلقات تأسيسية للحوار". وبتاريخ 23 /7/ 2012 صدر عن وزراء خارجية الدول الاوروبية المجتمعين في بروكسيل بيان اشاد باعلان بعبدا".

وتابع: "اسمحوا لي ان انهي مداخلتي بثلاث ملاحظات: الملاحظة الاولى هي ان تاريخ لبنان الحديث عرف محطتين ميثاقيتين الاولى سنة 1943 وهي سنة اعلان الاستقلال والثانية سنة 1989 وهي تاريخ تصديق مجلس النواب على وثيقة الوفاق الوطني المعروفة باسم اتفاق الطائف. وبين هاتين المحطتين توجد نقطة التقاء ونقطة تمايز. اما الالتقاء فهو ان هذين الميثاقين يؤكدان ان الوفاق الوطني هو مبرر وجود لبنان. اما التمايز فهو ان الميثاق الوطني عام 1943 كان مبنيا عل سلبيتين:Deux Négations، لا للشرق ولا للغرب. اما الميثاق الوطني الحالي فهو مبني على ايجابيتين:Deux Affirmations، الاولى مكرسة في الفقرة (آ) من مقدمة الدستور التي تنص على ان لبنان وطن نهائي لجميع ابنائه، والثانية مكرسة في الفقرة (ي) من هذه المقدمة والتي تنص على "ان لا شرعية تناقض ميثاق العيش المشترك".

وقال: "ان للعيش المشترك مفهوما خاصا في لبنان. في اكثرية الدول التي تتميز بالتنوع الطائفي او الاثني، يوجد عيش مشترك بالمعنى السوسيولوجي. الناس، هناك، تعيش بعضها مع البعض وتتعامل بعضها مع البعض اجتماعيا واقتصاديا وماليا. اما في لبنان فالعيش المشترك له معنى دستوري يتمتع بقوة الزامية وهذا المعنى هو الحق لكل طائفة بالاشتراك في السلطة. وهذا الحق يضمنه الدستور".

أضاف: "الملاحظة الثانية، للاسف يوجد حاليا في لبنان انقسام حاد بين اللبنانيين ولكن ما يخفف من حدة هذا الانقسام هو انه ليس طائفيا بل سياسي: ففي كل فئة نجد اطرافا من كل الطوائف حتى لو كانت الارجحية فيها لمذهب معين. لكن التخفيف من حدة هذا الانقسام لا يلغي تأثيره البالغ السلبية على الحياة اليومية للمواطنين وعلى حسن سير مؤسسات الدولة مما يحتم علينا العمل على ان يكون الاختلاف في الرأي دليل عافية ديمقراطية وليس مصدرا
للاحتقان وللاقتتال. والملاحظة الثالثة، مما لا شك فيه ان الاختلاف بين السعودية وايران ينعكس سلبا على لبنان وان الوفاق بينهما ينعكس ايجابا عليه. فلماذا لا يقوم لبنان بمحاولة التوفيق بين هاتين الدولتين الكريمتين؟ لماذا لا يصار الى تأليف لجنة مشتركة من كبار الشخصيات اللبنانية السياسية والدينية والفكرية المشهود لها بالمصداقية والكفاءة لاجل القيام بمساعي التوفيق؟"

وختم شاهين: "ان تاريخ لبنان مليء بالسابقات التي انتظر فيها ان ينزل عليه الوفاق الذي يصنعه الاخرون. فلماذا لا يصار الى ابدال منهجية "الانتظار" بمنهجية "المبادرة"؟ قد يقال ان نجاح هذه المبادرة ليس اكيدا ولكن علينا ان نسعى لان السعي في الظروف الحالية هو واجب وطني يفرض نفسه لاجل كسر الجمود والخروج من الازمة. فاذا نجحت كان فيها كل الخير، واذا فشلت فليس فيها تفاقم للضرر. لطالما تغنى لبنان بانه جسر بين الشرق والغرب. لماذا لا يحاول ان يكون جسرا بين ايران والسعودية؟ وهذا أضعف الايمان. انني اضع هذا الاقتراح في دائرة تقدير الذين يؤمنون بثقافة الحوار وهم كثيرون في لبنان".

محفوظ

وألقى رئيس المجلس الوطني للاعلام عبدالهادي محفوظ كلمة بعنوان "إعلان بعبدا في ما له وفي ما عليه" قال فيها: "الإنقسام السياسي والطوائفي والمذهبي والمناطقي يحكم علاقات اللبنانيين وذلك بسبب انعدام الحوار وتغليب لغة الإلغاء للآخر. وقد يكون إعلان بعبدا آخر مناسبة جمعت أهل الدولة والسياسة على طاولة الحوار وأنتجت تعبيرا مشتركا شدد على الثوابت اللبنانية الجامعة التي ناسبت الوضع آنذاك والذي تحكمت به لاحقا معطيات متوترة أضافها الواقع الاقليمي وما يفترض من معالجات من روحية إعلان بعبدا وبما يزيل الهواجس المتبادلة ويؤدي إلى تبريد الأجواء المتأزمة. وبالتأكيد يصلح إعلان بعبدا منطلقا وأساسا للمعالجة وللخروج من حالة الفراغ التي تهدد بناء الدولة وسلطتها ومؤسساتها".

أضاف: "فبيان بعبدا شدد على الإلتزام بنهج الحوار والتهدئة الأمنية والسياسية والإعلامية والسعي للتوافق على ثوابت وقواسم مشتركة ودعم الجيش وخلق بيئة حاضنة للسلم الأهلي والوحدة الوطنية. وأما النقطة التي تحتاج إلى نقاش وحوار فهي تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الاقليمية والدولية ما عدا ما يتعلق بواجب التزام قرارات الشرعية الدولية والإجماع العربي والقضية الفلسطينة المحقة. شدد الإعلان على السعي للتوافق على ثوابت وقواسم مشتركة، أي أنه ترك نوافذ لمعالجة النقاط الغامضة أو لتدارك خلافات ناشئة ومستجدة مرتبطة بتغير الظروف، لكن بكل الأحوال جعل الإعلان من الحوار قاعدة أساسية وهو هنا يستجيب للنظرية السياسية التي اعتمدها الإمام السيد موسى الصدر عندما اعتبر الحوار هو المدخل الإلزامي للوحدة الوطنية وعندما استبعد الحلول السياسية الناجمة عن الطوائفية باعتبار أن المشاريع الطوائفية لا تبني وطنا ولا تبني طوائفها".

وتابع: "لا أحد يستطيع أن ينكر تأثيرات الواقع الاقليمي والدولي على الداخل اللبناني. إنما هذه التأثيرات لا ينبغي أن تحول دون صياغة توافق داخلي لبناني يبعد ما هو سلبي في هذه التأثيرات خصوصا وأنه من حسن حظ لبنان تعدد المؤشرات الخارجية إنما ليس من عامل خارجي واحد يجمع عليه اللبنانيون وهذا ما يعطي حظوظا كبيرة لنجاح الحوار الداخلي بما يشكل مشتركا لبنانيا. وهذه الفرصة يتيحها إعلان بعبدا كما تتيحها المبادرات البناءة كتلك التي أطلقها دولة الرئيس نبيه بري والتي تتقاطع في أكثر من نقطة مع الإعلان. لا شك أنه في الآونة الأخيرة أثيرت نقاط اعتراض على إعلان بعبدا الذي يواجه عمليا قراءات مختلفة. ويمكن اختصار هذه الإعتراضات في ثلاث نقاط: الحياد وموضوع المقاومة وبنود الطائف التي لم تنفذ".

وقال: "واضح أن هناك التباسا بين الحياد والتحييد. بيان بعبدا ليس محايدا لا في الصراع العربي - الإسرائيلي ولا في موضوع الإنتماء للعروبة ولا في التأكيد على مبدأ أن لبنان هو وطن نهائي لكل اللبنانيين. وبهذا المعنى هناك فارق أساسي بين الحياد والتحييد. فإذا كان ثمة تداخل قد نشأ بين الأزمتين اللبنانية والسورية إضافة إلى تدفق السوريين على لبنان وما يفترضه ذلك من معالجة فإن الحوار وحده هو الكفيل بإيجاد الحلول أو بحصر التداعيات. وأما في موضوع مستقبل المقاومة فليس هناك من إشارة سلبية. فالإستراتيجية الدفاعية هدفها أولا وأخيرا تحصين لبنان من الأطماع والإعتداءات الإسرائيلية. والمقاومة بهذا المعنى هي أحد أوراق القوة في الإستراتيجية الدفاعية. عدا عن أن إعلان بعبدا يشدد على الإلتزام بقرارات الإجماع العربي. وهنا لا بد من التذكير بأنه بتاريخ 26 و 27 آذار 2013 وفي الدورة الرابعة والعشرين لمجلس جامعة الدول العربية وعلى مستوى القمة في الدوحة التي كرست أعمالها لبحث الوضع العربي وآفاق المستقبل صدر عن القمة بيان عرف ببيان الدوحة جاء فيه: "نعبر عن دعمنا التام لحق لبنان حكومة وشعبا ومقاومة في تحرير أو استرجاع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانية والأراضي اللبنانية في قرية الغجر والدفاع عن لبنان في مواجهة أي اعتداء بكل الوسائل المشروعة والمتاحة". هذا الإلتزام من جانب اعلان بعبدا ببيان الدوحة هو كاف في حد ذاته في موضوع المقاومة".

أضاف: "أيا يكن الأمر، إذا كانت الحلول الطائفية بلاء للوطن فإنه أصبح من الضروري تطبيق البنود التي لم تنفذ في الطائف وعلى رأسها تشكيل لجنة إلغاء الطائفية وإقامة مجلس شيوخ. باختصار الشحن الإعلامي يجعل من الكلمة أخطر من الرصاص. ويقرب الفتنة. وهذا ما يفترض إرادة سياسية واحدة لأن الضرر لا يقتصر على طائفة أو منطقة، وبالتالي أصبح من الضرورات توفير مثل هذه الإرادة الواحدة في حكومة وحدة وطنية بالتوافق والحوار وعبر إلغاء الشروط والشروط المضادة، فالبلد يعيش واقعا أمنيا خطيرا وواقعا اقتصاديا مترديا، والخروج من هذا الواقع يلزم المجتمع السياسي الإلتفاف حول الجيش ضامن الوحدة وتحصينه من انعكاسات الخلافات داخل الطبقة السياسية والتشديد على اعتبار اسرائيل العدو المشترك لكل اللبنانيين. كذلك لا بد من البحث عن المقاربات البناءة سواء في تشكيل حكومة وحدة وطنية أو في اللقاء من جديد حول طاولة الحوار قبل الوقوع في الفراغ، ولا خلاص إلا بتعزيز فكرة الدولة وتعزيز فكرة المواطنة والوصول إلى قانون انتخاب يعتمد النسبية ويتيح الفرصة أمام تمثيل كامل للمرأة والشباب ويوفر مناخات الخروج من الحسابات الطوائفية. وكذلك اعتماد اللامركزية الإدارية التي تضمن التوازن الإجتماعي وتحيي الطبقة المتوسطة من خلال توفير ضمان صحي اجتماعي وضمان للشيخوخة وفرض ضريبة تصاعدية لتوفير الحد الأدنى من العدالة الإجتماعية".

وتابع: "الصيغة اللبنانية هي تعبير عن حوار الحضارات والأديان، وما يجري حاليا من خلافات مستحكمة وعدم تقبل للآخر قد يودي بهذه الصيغة ويفجرها. فعلى ما يقول قول مأثور يصلح لتوصيف المجتمع السياسي اللبناني والإنقسام: "كثرة الخلاف شقاق وكثرة الإتفاق نفاق". وهذه الناحية أدركها مبكرا ابن خلدون عندما استنتج بأن "العصبيات لا تبني أوطانا". هذه العصبيات أصبحت السمة الأساسية في حسابات المجتمع السياسي وفي الترويج الطائفي والمذهبي. والملفت للنظر أن البيان الوزاري الأول لحكومة الإستقلال الأولى في 7 تشرين الأول (أكتوبر) سنة 1943 اعتبر أن الطائفية تقيد التقدم الوطني من جهة وتشوه سمعة لبنان من جهة أخرى فضلا عن أنها تسمم روح العلاقات بين الجماعات الروحية المتعددة التي يتألف منها الشعب اللبناني. وقد شهدنا كيف أن الطائفية كانت في معظم الأحيان أداة لكفالة المنافع الخاصة, كما كانت أداة لايهان الحياة الوطنية في لبنان إيهانا يستفيد منه الأغيار".

وقال: "في التاريخ اللبناني الحديث كانت هناك محاولة إصلاحية جدية للرئيس الراحل الجنرال فؤاد شهاب عززت من وضع مؤسسات الدولة والهيكلية الإدارية وربطت الأرياف المهملة بالدولة المركزية وقربت اللبنانيين من فكرة المواطنة. هذه المحاولة أضعفتها من جديد الحروب الأهلية المتجددة بأشكال مختلفة حيث أصبحنا نعيش حربا دائمة تقطعها هدنات موقتة وبحيث أصبح السؤال هل تصمد الدولة أم تتفكك أم تختفي إذا ما وصلت إلى حالة فراغ شامل كما توحي الصراعات وتبعية الداخل للخارج غير المتفاهم حول لبنان. فإذا كانت التفاهمات الأميركية - الروسية تنتج حلا سياسيا في سوريا، فإن الإستقرار اللبناني محكوم إلى تفاهمات سعودية - ايرانية لا يبدو أنها قريبة. ولذلك فإن حكمة اللبنانيين هي في حفظ بلدهم أولا وتغليب المصلحة الوطنية وتبادل التنازلات قبل فوات الأوان. وفي هذا السياق فإن رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي الوزير وليد جنبلاط على حق عندما يستنتج بأنه "لا بديل عن الدولة كمرجعية ومظلة حامية للبنانيين جميعا لا سيما مع تنامي التحديات السياسية والأزمة الإقتصادية والإجتماعية على أكثر من صعيد". وهو مصيب أيضا عندما ينصح "بالتقاط اللحظة النادرة اقليميا ودوليا والمواتية للمصلحة اللبنانية في الخروج من الإنقسام والخروج من القطيعة السياسية وفي أولوية رغيف الخبز والأقساط المدرسية والأمن وفرص العمل".

وختم محفوظ: "شكرا لفخامة الرئيس العماد ميشال سليمان لرعايته هذا اللقاء المرجو منه أن يكون بوابة للتلاقي وتقريب المسافات ولجم التوترات وتبريد الرؤوس الحامية والبحث عن الحلول الممكنة واستبعاد سياسات الإلغاء".

بارود

وألقى الوزير السابق زياد بارود كلمة اكد فيها ان "إعلان بعبدا هو ضد التمديد للانعكاسات السلبية لتوترات المنطقة على لبنان ولحالة من الضبابية لا تزال تلف موقف الدولة اللبنانية كدولة ذات سيادة ولحالة المراوحة غير المجدية في حسم بعض الخيارات"، مشيرا إلى أن "الإعلان مع تجديد ثوابت لبنان تجاه القضية الفلسطينية والسلم الأهلي ودعم المؤسسات ومواصلة تنفيذ اتفاق الطائف، وهو تمديد وتجديد لثوابت دستورية".

وأوضح أن "التحييد جزء من التوافقية التي تحكم توازنات لبنان وترجمة فعلية لمبادىء دستورية"، وقال: "ان التحييد الذي يقول به الإعلان لا يحتاج لتعديل دستوري بعكس الحياد المطلق. ان إعلان بعبدا يبقى وسيلة وليس غاية في ذاته ووسيلة استقرار داخلي وشبكة أمان داخلية ويبقي على دور لبنان الحاضر في الإجماع العربي والمناصر للقضية الفلسطينية المحقة ويبقي على موقف لبناني غير محايد في موضوع القرارات الدولية الحامية لحقوقه ولا يلغي حق مقاومة الإحتلال".

وختم: "إعلان بعبدا صنع في لبنان وهو جدير بالمتابعة والتطبيق".

أزعور

وألقى الوزير السابق جهاد أزعور كلمة قال فيها: "يكتسب لقاؤنا هذا اليوم، بمبادرة مشكورة من "منتدى بعبدا"، اهمية كبيرة من حيث موضوعه وتوقيته. فهو يأتي قبل ايام من الذكرى السبعين للاستقلال، وعلى مسافة قريبة من مرور ربع قرن على إتفاق الطائف. ولا شك في أن اختيار هذا التاريخ الزمني للندوة ينطوي على رمزية معبرة، إذ يرفع موضوعها، وهو "إعلان بعبدا"، من مستوى الإرتباط بالزمن الراهن، إلى مصاف تلك المحطات الأساسية في مسيرة لبنان الحديث".

أضاف: "لقد اختار منظمو هذه الندوة لها عنوان "الإستقلال من الميثاق إلى إعلان بعبدا"، ولكنه، في الواقع، يجوز أن يكون أيضا "إعلان بعبدا من الإستقلال إلى الميثاق". لماذا؟
إذا إنطلقنا من العنوان المعتمد للندوة، بوسعنا القول إن الميثاق شكل الأرضية الكيانية لاستقلال الأرض واكتفى اللبنانيون بذلك فقط. كان يفترض بالميثاق أن يوثق الإستقلال، بمعنيين: المعنى الأول أن يكون الوثيقة المبدئية والفكرية والمؤسساتية التي يستند عليها الإستقلال، والعقد الوطني الجامع الذي ينطلق منه المشروع الإستقلالي، ويترسخ به، إذ أن هذا الميثاق هو العمود الفقري للبنيان الوطني، والشرعة التأسيسية لمفهوم المواطنة. والمعنى الثاني أن يحصن الميثاق صيغة لبنان وتنوعه وتميزه كتجربة فريدة في الشرق، وهي تجربة لبنان الوطن الرسالة، وأن يجعل استقلاله متينا، وصلبا، وشديد الوثاق، لا مشرعا أمام عواصف الشرق وتجاذبات الغرب. ولكن، لم يدم الأمر طويلا حتى لاحت مؤشرات الإعصار الجارف الذي شهدناه في العام 1975، والذي شلع لبنان ومزق مجتمعه. فيا للأسف، حرب الآخرين في لبنان، وحرب اللبنانيين على أنفسهم، أفقدت اللبنانيين الثقة بدور الميثاق في حماية الاستقلال والكيان. وأمام هشاشة الميثاق عند كل اختبار، لم يبق شرق ولا غرب إلا ومارس تدخلافي شؤوننا أو وصاية علينا. وجاء اتفاق الطائف ليصلح هذا الخلل، غير انه اصطدم بحواجز الطائفية، فغدا ميثاق الحد الادنى، وجامعا مشتركا هشا احبط فريقا كبيرا من اللبنانيين من دون ان يرضي الفريق الآخر. واليوم، بعد 23 عاما على انتهاء الحرب، وبعد ثمانية أعوام على تلك "الصحوة المواطنية" التي أعادت إلى اللبنانيين إيمانهم بحلم قيام دولة قوية ورائدة، لم نصل بعد إلى إستقلالنا الناجز. لقد فوتنا الفرصة التي حصلنا عليها في العام 2005. ولن يكون لنا استقلال ما دمنا نعرض أنفسنا للإستغلال، ونترك الآخرين مجددايقررون مصير بلدنا".

وتابع: "اليوم، تلوح لنا الفرصة مجددا من خلال إمكانية "تيويم" الميثاق، أو تحديثه، وجعله جسر عبور لتحقيق "الإستقلال المستدام". ولربما يشكل "إعلان بعبدا" الخطوة الأولى في هذا المجال. إنه نافذة إلى المستقبل، فلنبدا بتبنيه "مدونة سلوك" للمرحلة المقبلة، ولنسع إلى تطويره واغنائه واستكماله. لقد استبشر اللبنانيون خيرا باتفاق الأطراف السياسيين على "إعلان بعبدا"، ووجدوا فيه نموذجا يتمنون تعميمه من اجل كسر الإنقسام السياسي الحاد. واللبنانيون يخاطبون سياسييهم اليوم: لا تحبطوا بصيص الأمل هذا، ولا تجعلوا منه مادة خلافية جديدة بينكم. إن الإلتزام بالمبادىء التي نص عليها هذا الإعلان يشكل، من دون أدنى شك، جسرا للانتقال إلى رسم صورة لبنان المستقبل، من خلال العمل على صوغ مشروع وطني متكامل على كل المستويات، يضع الانسان في صلب العمل السياسي، ويجعله محورا وهدفا له. إن اي نقاش أو مشروع سياسي، يبقى فارغا وغير ذي قيمة ما لم يكن منطلقا من هاجس توفير نوعية حياة أفضل للإنسان. ولذلك، فإن ما نحتاج إليه في لبنان، قبل الخوض في أية إصلاحات لصيغة الحكم أو مؤسسات الدولة، هو عملية تغيير جذرية في طريقة العمل السياسي، بحيث تسعى القوى السياسية إلى حل هموم الناس بدلا من أن يكون صراعها وتجاذباتها مصدرا لهموم ومشاكل إضافية لهؤلاء الناس".

وقال: "نعم. يمكن أن يكون عنوان ندوتنا اليوم "إعلان بعبدا من الإستقلال إلى الميثاق"، لأن هذا الإعلان يشكل نقطة إنطلاق لاستكمال الإستقلال وحمايته، وفي الوقت نفسه لتجديد الميثاق وترسيخ قيمه. كيف؟ لقد أثبتت التجربة المريرة أن الميثاق الوطني يبقى ناقصا من دون "ميثاق شرف" وفعل إيمان يحميه من نزعات الهيمنة بالقوة أو تغيير التوازنات الدقيقة بالعنف. ومن هنا، أهمية التزام "إعلان بعبدا"، وصولا إلى اعتماد الحوار الهادىء والعقلاني نهجا دائما، لا هدنة ظرفية، وجعل "صون السلم الأهلي" خطا أحمر تحميه المؤسسات الدستورية دون غيرها. إن المطلوب وضع ضوابط وطنية اخلاقية توازي في أهميتها الضوابط القانونية والدستورية، ترسي لدى الجميع نوعا من "رقابة ذاتية" على سلوكهم وخطابهم، وتجعلهم يحجمون عن كل ما يسبب الفتنة، وعن كل ما يهدم البنيان الوطني ويعطل الدولة ويشل وظائفها. لقد علمتنا السنوات السبعون المنصرمة أن ميثاقنا يصبح عرضة لكل المخاطر ما لم يكن مدعوما بمؤسسات قادرة، تشكل ضمانة لترجمته بصورة سليمة. ومن هنا، لا بد، وفق ما أراده "إعلان بعبدا"، من أن تكون للدولة مؤسسات حقيقية فاعلة، ومن أن لا يكون حل النزاعات والخلافات إلا بالاحتكام إلى القانون والمؤسسات الشرعية. ولا تستقيم دولة القانون ما لم تكن لدى الجيش والقوى الأمنية الشرعية والقضاء القدرة على فرض سلطة الدولة والأمن والاستقرار والقانون، وهو ما يسعى "إعلان بعبدا" إلى توفيره".

أضاف: "إن الإستقرار يبقى ناقصا ومعرضا للاهتزاز إذا لم يقترن بخطة نهوض اقتصادي واجتماعي كتلك التي يدعو إليها "إعلان بعبدا"، تؤمن للمواطن إزدهارا يريحه، وحياة كريمة تكفل عدم إنجرافه إلى خيارات التطرف أو التزلف أو العنف. وهذه الخطة يجب أن تكون على قدر طموحات اللبنانيين وأحلامهم ببلد يحترم مواطنيه، من خلال إدارة كفوءة ونزيهة، و"شبكة أمان إجتماعي" شاملة وفاعلة، ونظام تعليمي يعد الشباب للتميز، ويمكنهم من تحقيق أحلامهم وطموحاتهم، واقتصاد يوفر فرص العمل لهم، ويحضهم على الإبتكار والإبداع، ويدعمهم للمنافسة، ويمهد لهم سبل المبادرة عوضا عن دفعهم إلى المغادرة. يستحيل صون استقلال لبنان ما لم يكن كل أبنائه يتشاركون حلم بناء المستقبل من خلال رؤية واضحة وطموحة تعيد إلى لبنان دوره الحضاري. ولا يمكن أن يعيش أي ميثاق من دون مشاركة حقيقية للجميع وجدية في العمل ومنهجية في التخطيط ومثابرة في التنفيذ".

وتابع: "يخطىء من يظن أن إعلان بعبدا وصفة علاجية لظرف آني ومرحلي. صحيح أنه يوفر، في حال التزام جميع الأطراف بمندرجاته، مخرجا للبنان من الحريق الأقليمي، ويجنبه مزيدا من الإحتقان الداخلي، ولكن الأهم من كل ذلك أن يجهد اللبنانيون لتجديد التعاهد الوطني، ووضع اتفاق إطاري لمشروع مستقبلي يطور المعادلة اللبنانية ويعصرنها وفق الثوابت التي أرساها إتفاق الطائف، بدلا من محاولات نسف هذا الإتفاق أو جعله في المقابل جامدا. لقد انتزع أجدادنا الإستقلال من خلال الميثاق الوطني، وآباؤنا أخرجوا لبنان من الحرب الأهلية من خلال اتفاق الطائف. دورنا اليوم، قبل أعوام قليلة من مئوية "لبنان الكبير"، أن ننطلق، بدءا بالتزام "إعلان بعبدا"، في مسار يزيل كل العوائق المانعة للحوار الهادىء والمتكافىء، ويبدد كل المخاوف التي تمنع حصول هذا الحوار، تمهيدا للإنكباب على ورشة وطنية لتطوير التجربة اللبنانية، وصولا إلى الإتفاق على مشروع يعيد لبنان كبيرا، بوحدته، بطموحه، بدوره، بإشعاعه، بإنسانه. وليكن عنوان المرحلة المقبلة "بناء الثقة لترميم الميثاق".

وختم أزعور: "إن المتغيرات التي يشهدها العالم العربي من حولنا، كما التجارب التي مررنا بها ودفعنا ثمنها غاليا، تفرض علينا إطلاق نقاش وطني واسع حول كيفية تحصين وطننا وتجنيبه مزيدا من النزاعات والمشاكل والصراعات المدمرة. ومثل هذا النقاش لا يمكن أن يتم إلا في مناخ سليم، يساهم إعلان بعبدا في توفيره".

قباني

وكانت مداخلة للوزير السابق الدكتور خالد قباني قال فيها: "اقترن الميثاق الوطني لسنة 1943، أي ميثاق العيش المشترك الذي جاء ترجمة لإرادة اللبنانيين، مسيحين ومسلمين ببناء دولة، بالاستقلال. أي أن الاستقلال ارتبط ارتباطا وثيقا بإرادة العيش المشترك، وكان نتيجة لهذه الارادة. فإذا ما سقط ميثاق العيش المشترك سقط الاستقلال ومعه سقط لبنان. واقترن اتفاق الطائف، أي ميثاق العيش المشترك الثاني لسنة 1989، بوحدة لبنان. جاء اتفاق الطائف ترجمة لإرادة اللبنانيين برفض الحرب، ورفض كل أشكال التقسيم، وقد كان لبنان آيلا حينذاك الى التقسيم، وكانت قد أعدت كل الصيغ والمشاريع تحقيقا لهذا المشروع الذي يضع نهاية لميثاق العيش المشترك، فجاءت وثيقة الوفاق الوطني لتحيي فكرة هذا العيش المشترك الإسلامي- المسيحي، وتعيد وحدة لبنان، أرضا وشعبا ومؤسسات، الى الحياة. بل الى اعتبار لبنان وطنا نهائيا، لجميع أبنائه، وطنا مستقلا سيدا حرا موحدا لا وطنا مجزءا أو مقسما أو ملحقا".

أضاف: "تعرضت صيغة العيش المشترك الى خضات واهتزازات، نتيجة انخراط لبنان في الصراعات الاقليمية والدولية، وعدم قدرته على حماية وحدته الداخلية وتماسكه الإجتماعي وتضامنه الوطني، والخلافات بين قياداته وقواه السياسية، على مصالح شخصية وفئوية وطائفية، بعيدة عن الشأن الوطني والمصالح العامة المشتركة، مما أفسح المجال للتدخلات الخارجية، التي حولت لبنان ساحة للصراعات والنزاعات ولتصفية الحسابات الإقليمية والدولية. لم يلجم لبنان نفسه من هذه الصراعات، بل زجت القوى السياسية بنفسها في هذه الصراعات. وضعت هذه القوى نفسها في خدمة الجهات الإقليمية والدولية، وكانت النتيجة ان فقد لبنان قراره الوطني وتماسكه الداخلي، بل أكثر من ذلك، تحول لبنان كله الى ساحة حرب أفقدت الوطن أو كادت سيادته واستقلاله وحريته. واقترن بيان بعبدا بالدعوة للحوار. في غمرة هذه الفوضى العارمة، في خضم هذا الضياع والارتباك الذي يلف البلاد، جاء بيان بعبدا في 11/6/2012، لينقذ ما يمكن انقاذه، وكمحاولة جدية لإخراج لبنان من أتون الحرب التي تحيط بالمنطقة العربية، ولا سيما في سوريا، والتي تكاد تغرقه في لهيبها وتفقده القدرة على المبادرة والعمل. جاء بيان بعبدا، ليعيد لبنان الى ميثاق عيشه المشترك، المهدد بالانهيار، ليحفظ وحدة لبنان، المعرضة للتمزق، ليستعيد سلام لبنان وأمنه واستقراره، جاء ليؤكد على استقلال لبنان وسيادته، بعد ان بات استقلاله مهددا وسيادته منقوصة، جاء ليعلن تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات والنزاعات الإقليمية والدولية، وليبعد لبنان وشعبه عن كل ما يؤدي الى انقسام اللبنانيين أو ضرب وحدتهم وتضامنهم الوطني".

وتابع: "جاء بيان بعبدا، في مضامينه وأبعاده، ليؤكد على التمسك باتفاق الطائف ومواصلة تنفيذ كامل بنوده، جاء ليؤكد على لغة الحوار بين أبنائه وقواه الحية السياسية والإجتماعية، ونبذ لغة العنف، جاء ليؤمن الأجواء المناسبة والملائمة لبدء حوار وطني متكافىء حول كل القضايا الأساسية والخلافية، بدل لغة التحدي والتشفي والتهديد. جاء ليخرج لبنان من الركود والجمود والشلل السياسي والاقتصادي والإجتماعي، جاء إعلان بعبدا، متجاوزا شعارات أطلقتها بعض القوى السياسية وباتت أسيرة لها، اعتمدت لحظة تنافس أو تحد أو تنازع سياسي، أعاقت مسيرة البلاد، ليحرر هذه القوى من أسرها، ويجعل المصلحة الوطنية العليا أساسا يبنى عليه لدفع هذه المسيرة من جديد الى الأمام، وإطلاقها من عقالها. اليوم كلنا يشعر، أنه مهزوم. هزمنا ومعنا هزم الوطن، حكومة لا تشكل، ومجلس نواب لا ينعقد، وجلسات عديدة سبقت التمديد لم نستطع الخروج منها بقانون انتخاب، سجلنا فيها الهزيمة تلو الهزيمة، ندخل رحاب المجلس مبتسمين، منشرحين، مقبلين على بعضنا البعض، ونخرج منه مبتئسين، عابسين، مدبرين، ندير أظهرنا ونكيل لبعضنا البعض كل أنواع الاتهامات وأقذع العبارات. ينام اللبنانيون على حدث ويصحون على حدث، وبعد كل حدث مأساة ومأساة، ننتظر اغتيالا بعد آخر لخيرة رجالاتنا ورموزنا".

وقال: "هدرنا وقتا كثيرا، أضعنا فرصا أكثر، تسببنا بالآلام والأحزان لشعبنا وأهلنا ومواطنينا، وتركناهم نهبا للرياح والأعاصير، نزرع الأشواك في دروبهم، وندعهم ينزعونها بأيديهم، غير عابئين بنزفهم ولا بجراحهم، يغلق الناس أجفانهم ليلا في لحظة زمنية على أمل كبير، ويفتحونها نهارا في لحظة زمنية على يأس كبير. بين الأمل واليأس إطراقة جفن أو طرفة عين. لم يعد الناس يطيقون صبرا على ما يجري، ولم يعد الناس يحتملون مزيدا من الحزن والغم والقلق لما يجري، ولم يعد الناس يفهمون أو يدركون ما يجري. الناس كلهم ، من كل الفئات، من كل الطوائف، من كل المناطق، باتوا حيارى، وفي حالة ضياع كامل ، وهم يسألون ويتساءلون، وماذا بعد؟ البلد أفقرناه، والاقتصاد دمرناه، والدستور مزقناه، والقانون أهملناه، وقطعنا من الجسور في ما بيننا ما قطعناه، ووضعنا على قلوبنا الاختام، وقفلنا على عقولنا بالأقفال، فلا عين رأت ولا أذن سمعت، ولكن عيون الناس مفتوحة ومدهوشة وآذان الناس مصغية ومألومة، قلوبهم تدمع، وعقولهم تجزع من هول ما يجري وما يحصل. لقد صبر الناس على أوضاعهم واحوالهم كثيرا، وصبروا على من يسوسون الأمور أكثر، أفليس من حقهم علينا أن نخرج عليهم بعد رحلة الآلام التي مشوها، بحلول تريحهم وتطمئنهم وتبلسم جراحهم. ألا يستحق شعبنا أن نتوافق من أجله، من أجل التخفيف من معاناته ومحنه الكثيرة، ألا يستحق وطننا أن نعطيه كما أعطانا وأن نكون له كما كان لنا، ألا يستحق أن نحفظه كما حفظنا وان نصونه كما صاننا واحتضننا، ألا يستحق منا هذا الوطن أن نتنازل قليلا عن كبريائنا، وهل كثير على شعبنا وعلى وطننا أن نضع أيدينا في أيدي بعض من اجل إنقاذه، أوليس الانتصار للوطن أحق من الانتصار على بعضنا البعض، وهل يبنى الوطن ويستقيم الأمر بهزيمة بعضنا للبعض الآخر، أي انتصار نجنيه بهزيمة أحدنا للآخر؟"

أضاف: "لبنان لا يعيش ولا يقوى بانتصار فريق على آخر، معا ننتصر وينتصر بنا الوطن، ومعا نهزم ويهزم معنا الوطن لا سمح الله، ولقد سجلنا معا انتصارات كثيرة، ولعل أجلها انتصار لبنان عل العدو الاسرائيلي، ولكننا استعجلنا في تحويل انتصارنا إلى هزيمة مروعة في مؤسساتنا وفي اقتصادنا وفي مرافقنا وفي وفاقنا الوطني وأمعنا في تدمير ما بقي من مقومات الدولة ومؤسساتها. ولكن لن نيأس، لن نيأس من رحمة ربنا، لن نفقد الأمل، وسنبقى نعول على حكمة الخيرة من قيادات بلدنا، لم تزل الفرصة على ضآلتها سانحة أمامنا، لنحكم العقل والحكمة، ونضع نصب أعيننا مصالح وطننا وشعبنا، ونعيد الثقة في ما بيننا، ونحافظ على وحدتنا وعيشنا المشترك، ونتفهم بعضنا البعض، ونتشارك في بناء بلدنا وصنع مستقبل وطننا، ونحن قادرون على ذلك، والناس حتما سيقفون إلى جانبنا وسيدعموننا. لا بد إذا من الحوار، هو ما يدعو إليه بيان بعبدا، لا غنى لنا عن الحوار في معالجة مشاكلنا الداخلية، وعلينا أن نحتكم إلى مؤسساتنا الدستورية في معالجة قضايانا الوطنية. إن أي معالجة لهذه القضايا خارج مؤسسات الشرعية هو طعن بشرعية الدولة وتسليم الأمور إلى موازين القوى إن لم نقل إلى الشارع ولقد كانت تجربة الاحتكام إلى موازين القوى والجهات التي ترعاها شرقا وغربا، مدمرة للبنان ولأهله وأدت إلى حرب أهلية طاحنة كادت أن تنهي لبنان لولا الإرادة الجامعة للبنانيين برفض الحرب ورفض العنف ورفض التقسيم والتمسك بالوحدة الوطنية والوفاق والتضامن الداخلي و العيش المشترك الذي يشكل جوهر الوجود اللبناني وضمانة استقلال لبنان وحريته وسيادته. أليس هذا ما يبشر به إعلان بعبدا؟

وتابع قباني: "لقد اجتمعت إرادة اللبنانيين على وثيقة الوفاق الوطني التي جاءت ثمرة مؤتمر الطائف، والذي حقق سلام لبنان وأحيا من جديد المؤسسات الدستورية ووحدة الشعب. فلا يجوز لنا بعدما دفعه اللبنانيون من ثمن باهظ بالأرواح والممتلكات، وبعد أن أعيد إعمار لبنان وبناؤه، أن نعود لنغامر بكل هذه المنجزات التي أعادت لبنان إلى خريطة العالم وأن نضع اللبنانيين ومستقبل لبنان وبناء الدولة في أتون صراع سياسي وخلافات مريرة وانقسامات تذهب بآمال اللبنانيين وحقهم في حياة كريمة ومستقرة. لم يعد اللبنانيون يطيقون أن تأخذهم فئة ذات اليمين وفئة أخرى ذات الشمال فتتفرق بهم السبل، بل يريد اللبنانيون جميعا أن يسيروا معا في طريق واحدة، في الطريق السوي والمستقيم الذي يحقق آمالهم وأحلامهم وأن يجتمعوا في ما بينهم على كلمة سواء، على لبنان الواحد الموحد، لبنان النهائي لجميع أبنائه، لبنان المساواة والعدالة، لبنان العربي الهوية والانتماء، والأمور لن تستقيم إلا بالتغيير الحقيقي الذي يعيد بناء لبنان الدولة ومؤسساتها على قاعدة الحق والقانون والعدالة. لم يعد مقبولا أن يعطل أحد مسيرة بناء الدولة، ولبنان لا يحكم بمنطق الغلبة ولا بمنطق الاستئثار إذ لا يمكن لفئة أو جهة أن ترهن لبنان لمشيئتها أو أن تدعي حق تقرير مصير وطن وشعب بأسره".

وقال: "يجب أن نعتاد العيش في كنف الدولة أي أن نتقبل فكرة الدولة وأن نحترم قوانينها ودستورها، وأن نخضع لسلطانها، لأننا خارجها نكون جماعات وطوائف وقبائل متناحرة لا رابط فيما بيننا ولا كيان لنا. لقد بات اللبنانيون بحاجة إلى دولة ترعى شؤونهم وتهتم لمشاكلهم وشؤون حياتهم ومعيشتهم. لقد مل اللبنانيون السياسة وأهلها والتي ما دخلت شيئا إلا أفسدته، في وقت لم تنجح فيه الأحزاب اللبنانية في تقديم نموذج مقنع للديموقراطية او للحرية او للحكم الرشيد. أصبح اللبنانيون يحتاجون إلى من يرعاهم ويتدبر أمورهم في ظل ما يعانونه من أوضاع اجتماعية واقتصادية تضغط على أنفاسهم وعلى صدورهم إلى حد بات ينذر بالانفجار ونحن عن ذلك لاهون أو غافلون".

أضاف: "لبنان يا فخامة الرئيس غني بأبنائه، غني بشبابه، غني بطاقاته، غني بقدراته، غني بتاريخه، أوليس اللبنانيون هم أنفسهم من يساهمون في بناء الأوطان في العالم؟ أوليس اللبنانيون هم أنفسهم من يشاركون في إنماء بلدان كثيرة في العالم؟ أوليس اللبنانيون هم أنفسهم من يتولون القيادة السياسية في دول كثيرة في العالم؟ لماذا هم قادرون في الخارج وعاجزون في الداخل؟ لماذا هم يستبعدون عن قيادة المؤسسات في بلدهم؟ لماذا هم مهمشون في وطنهم، إذا لم يضعوا أنفسهم تحت حماية الأحزاب والتيارات السياسية ويتحولون أزلاما لها. لماذا يصبحون غير كفؤين أو غير مؤهلين إذا ما حافظوا على شيء من عزة النفس والكرامة، واحتفظوا لأنفسهم بهامش من الحرية والاستقلال وحرية الرأي؟ في الدول الديموقراطية ، تتنافس الأحزاب على السلطة لخدمة الناس، وفي بلادنا تتنافس الأحزاب والجماعات على السلطة لكي يكون الناس في خدمتهم. لقد قض مضاجع الناس جدال سياسي عقيم يكاد لا ينتهي، وهو لا يسمن أو يغني من جوع، لا جوع البطن ولا جوع الفكر، لأنه تحول إلى تحديات وتسجيل مواقف، في حين نحتاج إلى منطق العقل والتفهم وأن ندرك أن البلاد بحاجة الآن إلى الحكمة والتروي والأناة والجلوس على طاولة الحوار وبناء جسور الثقة بين اللبنانيين لكل يسلم وطننا وتستقيم أمورنا. لقد أكدت الأحداث كلها على مدى تعلق اللبنانيين بوطنهم وأرضهم، ومدى حرصهم على وحدتهم الداخلية ووفاقهم الوطني ومدى تشبثهم بحريتهم واستقلالهم وسيادتهم، وهذا هو الرهان الأكبر على أن لبنان لا يموت ولن يموت وأن أهله هم حماته وهم ضمانة وجوده واستمراره، فلا نبتغي ضمانا يأتينا من خارج إرادة اللبنانيين ووحدتهم".

وختم قباني: "إذا لم تستطع القوى السياسية الاتفاق على بيان بعبدا، وهو الذي يضمن الحد الأدنى من حياد تجاه ما يجري من حولنا، ويتضمن مبادىء ومسلمات وطنية، وحماية للسلم الأهلي في لبنان ووأد الفتنة، فكيف يمكن أن يعهد إلى هذه القوى نفسها أمر مصير لبنان ومستقبل اللبنانيين؟"

زاسبيكين

بدوره ألقى السفير الروسي الكساندر زاسيبكين كلمة قال فيها: "عندما دخلت الشرق الاوسط وافريقيا الشمالية مرحلة تقلبات، وقفت روسيا ضد التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لدول المنطقة من اجل احترام سيادة الدول واستقلالها ووحدة اراضيها، تلك المبادىء التي تعتبر من اهم ثوابت الشرعية الدولية المضمونة في ميثاق الامم المتحدة، بدون التمسك بها سوف يتم اغراق المجتمع الدولي في مستنقع الصدامات بلا مخارج".

أضاف: "منذ بداية مسلسل الازمات كنا مقتنعين بان سياسة اسقاط الانظمة غير مقبولة ولا يجوز للمجتمع الدولي او مجموعة دول ان تتورط فيها، فيؤدي العدوان المباشر او غير المباشر الى الخراب والفوضى والتقسيم والمزيد من المآسي للشعوب. من الواجب معالجة قضايا الاصلاحات عن طريق الحوار الوطني واستنادا إلى مبادىء العدالة والتسامح واحترام حقوق الانسان، الا ان الاحداث في المنطقة تطورت باتجاه التصعيد وانتشرت اللعبة الخطيرة باستخدام شعارات الديموقراطية من جهة والإسلامية من جهة اخرى في وقت كان الواقع يدل على انتشار التطرف والمجابهة والارهاب. وكنا نطلب من الاطراف الخارجية عدم التدخل في النزاعات واصررنا على ان دور المجتمع الدولي يجب ان يركز على مساعدة الاطراف الداخلية على الجلوس وراء طاولة المفاوضات والضغط على النظام والمعارضة على حد سواء لبدء الحوار للوصول الى الحل السلمي. ونعتبر ان موقف روسيا يقع في الوسط بين النظام والمعارضة السياسية الوطنية".

وتابع: "من دول المنطقة وجدنا لبنان وقف موقفا متميزا اثناء تطور الاوضاع، وأيدت روسيا اعلان بعبدا منذ البداية لانه يتكون اساسا للحفاظ على الاستقرار الداخلي في لبنان وايجاد الحلول للقضايا عن طريق الحوار الوطني وتجنب الفتنة الطائفية. هذا ما نقترحه لجميع الدول العربية التي تمر هذه المرحلة الصعبة. والمسألة الاخرى الاساسية هي تحييد لبنان عن النزاعات الداخلية في البلدان العربية ويجب تطبيق هذا المبدأ من الجميع وفي كافة الجوانب بدون استثناء، وسوف يؤدي العكس الى تراكم المشاكل وعدم التوازن بسبب تصعيد التوتر وعدم الاستقرار".

أضاف: "قال الوزير لافروف ان اعلان بعبدا ممكن ان يكون مثالا للدول الاخرى في المنطقة التي ندعوها لأن تأخذ على عاتقها التزامات مماثلة بخصوص عدم التدخل في شؤون الغير. ونحن مقتنعون بانه اذا وقف التمويل والتسليح من الخارج للمجموعات المسلحة التي تحارب النظام السوري فهذا يسهل ايجاد الحل السلمي سريعا جدا. ويعرف الجميع ان التطرف يتوسع عبر الحدود، ووضع حاجز امامه في سوريا سوف ينعكس ايجابيا على امن لبنان. ولا تعني رغبة تجنب الانعكاسات السلبية للازمات في المنطقة اتخاذ موقف اللامبالاة بل يشترط تأييد الحلول السلمية للنزاعات والتضامن مع الجهود الرامية الى التسوية السياسية واتخاذ اجراءات امنية من السلطات ونقييمها ايجابا لان الجيش وقوى الامن تلعب دورا فعالا في انقاذ لبنان من تداعيات الازمة السورية. ولبنان يقع في وضع خاص من كل ما يحدث من حيث وضعه الجيوغرافي والحضاري والسياسي والانساني القريب من سوريا. ومن المهم جدا تقديم مساعدة الى لبنان من كافة النواحي ابتداء من تأكيد الاجماع الدولي الخاص بالامن والاستقرار في البلد وصولا الى تقديم المعونات المالية والمادية للنازحين وزيادة القدرة الدفاعية للجيش اللبناني وتنفيذ المشاريع الاقتصادية المشتركة".

وتابع: "نركز على الحوار الوطني وضرورة تأمين التوافق حول القضايا الاساسية للاجندة الداخلية ونريد ان نؤكد ان الاجماع الدولي حول الاستقرار اللبناني يجب ان يستمر بغض النظر عما يحدث في سوريا والمنطقة كلها، ومن واجب الجميع تقديم الدعم للسلطات اللبنانية لكي تتمكن من ان تنفذ واجباتها في كل مكان في الأراضي اللبنانية وتطويق المشاكل وعدم السماح بحدوث الفتنة. ومن المهم ان الحل الجذري بالنسبة للبنان مرتبط بالتسوية السياسية في سوريا التى نسعى اليها عن طريق طرح المبادرات ومنها الروسية الامريكية، ويجب ان تتقدم عبر انعقاد مؤتمر جنيف -2، وتعتبر مفيدة مشاركة لبنان في هذا المؤتمر عندما سينعقد لان الوصول الى هذا الهدف سوف يزيل الاعباء والمتاعب اللبنانية ويسمح بعودة النازحين السورين، وسوف يؤثر ايجابيا على الاوضاع الطائفية".

وختم زاسبيكين: "اود ان اؤكد اننا في روسيا نعتبر إعلان بعبدا من الوثائق الديبلوماسية المعاصرة التي تتناسب والمرحلة الجديدة بالعلاقات الدولية وفي نفس الوقت تعتمد على ثوابت الشرعية الدولية. ويجب ان يكون اعلان بعبدا وثيقة الوفاق والشراكة وتتكون جذوره من مبادىء دول عدم الاحياز، ويمكن القول ان الوثيقة تتناسب ومقاييس القانون الدولي ويمكن ان يستفيد منه المجتمع الدولي واعضاؤه في المستقبل".

بلامبلي

بعد ذلك ألقى المنسق الخاص للأمم المتحدة ديريك بلاملي كلمة قال فيها: "يشرفني أن أتحدث إليكم في هذا الاجتماع المهم عن دور الأمم المتحدة في لبنان وأهمية إعلان بعبدا. إن الأمم المتحدة كانت لعقود متتالية شريكا للبنان في جهوده من أجل إحلال الاستقرار وتعزيز سيادته واستقلاله. وحصل تغيير جذري في مستوى هذه المشاركة بعد حرب عام 2006 وصدور قرار مجلس الأمن رقم 1701. وإن الترتيبات التي وضعها القرار 1701 جعلت من الممكن سبع سنوات من الهدوء غير المسبوق على الخط الأزرق، وشاركت ليس فقط في الحفاظ على أمن لبنان بل على أمن المنطقة ككل. ولكن منذ وصولي إلى هنا في العام الماضي، تركز عملنا على الأقل بنفس القدر على تداعيات الأزمة السورية على لبنان".

أضاف: "استجاب لبنان بغاية الكرم إلى الأثر الأوضح للأزمة وهو تدفق اللاجئين إلى الأراضي اللبنانية. اعترفت الأمم المتحدة بالعبء الثقيل الذي يتحمله لبنان نتيجة لذلك، وتعمل ليس فقط على تقديم المساعدات اللازمة للاجئين، وإنما كذلك على ضمان الدعم للمجتمعات المستضيفة، ولمؤسسات الدولة والخدمات الحكومية التي تأثرت بوجودهم وبالأزمة بوجه عام. وقد ركزنا كذلك بشكل خاص على دعم القوات المسلحة اللبنانية. وكانت كل هذه الأمور في صميم اجتماع مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان الذي دعا إليه الأمين العام في نيويورك في 25 أيلول في حضور فخامة الرئيس".

وتابع: "نظرا للصلات الجغرافية والتاريخية والثقافية والإنسانية التي تربط لبنان بسوريا، من الواضح أنه معني باستئناف ونجاح عملية سياسية تهدف إلى وقف القتال هناك. إلا أن هذه الصلات ذاتها، فضلا عن الانقسامات السياسية العميقة هنا فيما يتعلق بالنزاع، تدل على حكمة سياسة لبنان في النأي بالنفس – وهي سياسة أشاد بها الأمين العام ومجلس الأمن مرارا. وقامت الأمم المتحدة كذلك بتشجيع الحوار داخل لبنان كأفضل طريق للتصدي للتحديات الأساسية التي يواجهها. ولذلك لم يكن بالمفاجىء أن يحظى إعلان بعبدا بالترحيب في بيانات أولا من الأمين العام، ثم من أعضاء مجلس الأمن بعد اعتماد الإعلان من قبل هيئة الحوار الوطني في حزيران من العام الماضي وتعميمه كوثيقة من وثائق مجلس الأمن".

وقال: "إن إعلان بعبدا يتضمن العديد من العناصر التي توازي تقريبا كلها اهتمامات أثارتها كذلك الأمم المتحدة – مثلا الحاجة إلى تعزيز مؤسسات الدولة وسيادة القانون، والحاجة لدعم الجيش وأهمية احترام القرارات الدولية بما فيها القرار 1701 وعناصر أخرى بالنسبة للحدود وبالنسبة للابتعاد عن حدة التخاطب السياسي. ولم يميز الترحيب الأولي بالإعلان بين عناصره، ومن الواضح أن جميعها مهمة. إلا أن الفقرة 12 من الإعلان هي التي بدت كأنها فتحت آفاقا جديدة، باعتمادها مبدأ تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية والدولية، وبتركيزها على الحاجة إلى تجنب الانعكاسات السلبية للتوترات والأزمات الإقليمية من أجل الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، إلا في الأمور التي تتعلق بالشرعية الدولية والإجماع العربي والقضية الفلسطينية. وقد سلطت التقارير المتتالية للأمين العام الضوء على الإعلان وعلى هذا العنصر فيه، كما تطرق إليه البيان الرئاسي لمجلس الأمن بخصوص تداعيات الأزمة السورية على لبنان والذي صدر في 10 تموز من العام الجاري. وقام المجلس في هذا البيان بدعوة جميع الأطراف اللبنانيين إلى التراجع عن أي تورط في الأزمة السورية انسجاما مع التزامها بإعلان بعبدا. ولكن من الواضح من إعلان بعبدا نفسه ومن المداخلات المثيرة التي سمعناها هذا الصباح أن أهمية الإعلان تتعدى الأزمة الحالية. ومن دروس تاريخ لبنان منذ الإستقلال أن الاستقرار والسلم الاجتماعي في لبنان عرضة بشكل خاص للتأثر بالعوامل الخارجية والتطورات الإقليمية".

وتابع: "لقد أخذ أعضاء هيئة الحوار الوطني خطوة جريئة في تبنيهم للاعلان ولمبدأ التحييد. إنه للشعب اللبناني وقادته أن يناقشوا في حوار كيف يريدون أن يتقدموا في هذا الموضوع، ولكن في إعلان بعبدا لديكم حجر زاوية ممتاز للبناء عليه".

وختم بلامبلي: "في النهاية أود أن أشكر منظمي هذا اللقاء على العمل الذي قاموا به دعما لإعلان بعبدا وأشيد بصفة خاصة بجهود فخامة رئيس الجمهورية في هذا الإطار وفي مجالات أخرى من أجل تكريس الإستقرار في لبنان".

سليمان

وفي الختام، ألقى سليمان كلمة قال فيها: "اود ان اتوجه بالشكر الى اعضاء منتدى بعبدا الذين نظموا هذا المؤتمر والذين اطلقوا نقاشا واقعيا وجادا ورفيع المستوى حول سبل تطبيق اعلان بعبدا ودعمه، لانه يشكل، بنظري، بالاضافةالى الاستراتيجية الدفاعية او التصور الاستراتيجي الذي رفعناه وخلاصات المجموعة الدولية مقاربة جيدة تخدم مصالح لبنان العليا. كما اشكر الحضور الكريم لهذا المؤتمر والحاضرين واخص بالذكر السفير الروسي وممثل الامين العام للامم المتحدة لمداخلاتهما. في الواقع، يصعب بعد المداخلات القيمة التي سمعتها ايجاد نقاط اضافية. لكني اود ان اضيء على عدد من النقاط في اعلان بعبدا. اولا كيف اقر الاعلان: لقد اقر بالتوافق وباجماع الحاضرين وتم التأكيد على هذا البيان في جلستين متتاليتين بعد الجلسة التي اقر فيها الاعلان. فرجاء لا مجال لنقضه بل يجب العودة الى البيت اللبناني الذي يحضن الجميع تطبيقا له".

أضاف: "النقطة الثانية، تتعلق بظروف اعلان بعبدا، ولماذا اقر. لقد اقر الاعلان عندما بدأ يذهب سلاح ومسلحون من الشمال الى سوريا. آنذاك، شعرنا بخطورة امتداد لبنان الى الازمة السورية وضبطنا باخرة "لطف الله" فقررنا التحرك. وتمثل التحرك الاول بذهابي الى دول الخليج وخصوصا الى المملكة العربية السعودية حيث طلبت من خادم الحرمين الشريفين تحييد لبنان وعدم جعله منطقة لعبور الاسلحة والمسلحين. وجاء بعد اسابيع اعلان بعبدا. من المفيد جدا ان نعرف هذا الظرف. واعلان بعبدا ارسى حالة من الوفاق انسحبت على زيارة الحبر الاعظم البابا بنديكتوس السادس عشر التي نعتبرها زيارة مهمة جدا في تاريخ لبنان التف في خلالها كافة اللبنانيين وأعطت صورة مشرقة عن امن وكفاءة الادارة اللبنانية والتفاف الشعب اللبناني حولها".

وتابع: "اما الامر الثالث فيتعلق باهداف اعلان بعبدا الذي يتضمن 17 بندا، 15 منها لها معان حوارية توفيقية، وهناك بندان اجرائيان، وهي تتناول الحوار والاستقرار والمؤسسات والقانون والجيش والقضاء والاقتصاد والاعلام والخطاب السياسي والطائف والعيش المشترك، الا ان الاهتمام الاساسي الذي يدور حوله الاعلان هو البند 12 القائل بتحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات ودرء الانعكاسات السلبية لهذه الازمة. ان اعلان بعبدا اقر سياسة التحييد الايجابي، ولم يقر سياسة النأي بالنفس التي هي ليست سياسة لبنان تجاه القضايا العربية. ان النأي بالنفس هو موقف لبناني يؤخذ تجاه قرار يطرح في احد المؤتمرات او احدى الندوات، فاما نوافق على ما يصدر واما نعترض او ننأى بنفسنا وهو ما يكون في سبيل تحييد لبنان عن الازمات وحاليا عن الازمة السورية، الا اننا مهتمون بايجاد الحلول لهذه الأزمة ونحضر الاجتماعات التي تكون متوازنة وليست متحيزة او من طرف واحد".

وشدد على ان "اعلان بعبدا لم يتكلم عن الحياد، انه تكلم عن التحييد. فالحياد هو مطلب لكثير من اللبنانيين وانا احترمه. ولكن تلزمه اجراءات اضافية اخرى، وربما التحييد يكون انطلاقا اما للقبول بالحياد او الاكتفاء بالتحييد. لذلك، قال بالتحييد مع الالتزام بالقضية الفلسطينية وبالاجماع العربي وبالشرعية الدولية. وكذلك، فان اعلان بعبدا ليس تحديا لاحد لا بل هو مطابق تماما لاتفاق الطائف ولا يخرج عنه بأي حرف منه بل يثبته وتحديدا في الفقرة الرابعة التي تنص في مجال العلاقات اللبنانية السورية على عدم جعل لبنان مصدر تهديد لأمن سوريا وسوريا مصدر تهديد لامن لبنان، وعدم جعل لبنان ممرا او مستقرا للتخريب على سوريا او بالعكس، فهذا ما ينص عليه اتفاق الطائف. ان اعلان بعبدا لم يقل اكثر من ذلك بل على العكس. وهنا اقول ان على سوريا ولبنان الا يقبلا عناصر او مسلحين او مرور مسلحين يؤدي الى اخلال الامن في الدولة الاخرى. فهذا ما يقول به اتفاق الطائف وليس اعلان بعبدا الذي كان يذكر بهذا الامر. من هنا، عندما هددت سوريا بالضربة العسكرية ردا على الهجمات الكيميائية، صدر اول تصريح لرئيس جمهورية لبنان الذي اكد فيه عدم الموافقة على تدخل عسكري في سوريا او ان يكون لبنان ممرا لهذه الضربة لا بالفعل ولا بردات الفعل. لقد كان الموقف الذي عبرت عنه شخصيا واضحا ومن اول المواقف التي صدرت عن دول العالم. ان البند 13 من اعلان بعبدا يقول بعدم استعمال لبنان مقرا او منطلقا لتهريب السلاح والمسلحين".

وتابع: "هذه هي ظروف اعلان بعبدا وقد رحب بها الجميع وارادوها. لذلك يجب عدم الابتعاد عنه، فاذا كانت هذه ظروفه واهدافه فما هو مستقبله؟ ان الاعلان ليس اعلانا ظرفيا. وهنا، اؤكد اننا سنكون بحاجة اليه اكثر في المستقبل. ومن يراه اليوم أنه غير مهم ولا قيمة ميثاقية او وفاقية له سيجد فيه قريبا قيمة كبيرة مضافة للبنان. ان اهداف منتداكم هي إحياء هذا الاعلان الذي اتخذ كوثيقة رسمية في الامم المتحدة ومجلس الامن وتم دعمه من قبل الاتحاد الاوروبي والامانة العامة للجامعة العربية. ويطالب البعض في لبنان باقراره في مجلس الوزراء تمهيدا لعرضه على الامم المتحدة لحياد لبنان. هذا الامر ليس مطروحا حاليا، كما ان الاعلان لم يتكلم عن الاستراتيجية الدفاعية بل قال فقط بانه يقتضي مناقشة هذه الاستراتيجية التي كانت موضوع ورقة تصور رفعته شخصيا بعد ثلاث جلسات من اعلان بعبدا. لذلك، عندما نعترض على الاعلان فليس هو الاستراتيجية الدفاعية بل يجب قراءة الورقة التي هي بين ايدينا. وهناك مجموعة لبنانية أخرى تطالب بإدخال جوهر اعلان بعبدا في مقدمة الدستور اللبناني. نعم ان مقدمة الدستور اللبناني لا تختلف كثيرا عن اعلان بعبدا ويجب ان نعمل جميعا على ادخال جوهر هذا الاعلان في مقدمة الدستور".

وختم سليمان: "ان الاشهر المقبلة قد تحمل تطورات كبيرة وقد تكون هناك حلول ديبلوماسية للازمة السورية عبر جنيف 2 وما يتبعه، وقد تكون هناك حلول للملف النووي الايراني، وانفراج للعلاقات العربية الغربية ولكن يمكن ان يكون هناك ايضا تدهور وتراجع لهذا المشهد الدولي، وربما يعود منطق الحل العسكري في سوريا ويزداد ويرتفع الضغط على ايران وايضا يمكن ان يصبح هناك توتر سعودي ايراني. وهذا ما لا نتمناه، ولكن ما نتمناه هو ان نتطلع اين نحن من هذا الوضع. فهل نريد ان نربط مصير لبنان بالتوترات والمزيد من القوى الاقليمية؟ هل نريد ان نضع لبنان مجددا في مهب الريح وبحالة المراوحة ام نريد تغليب مصلحته ونستقل عن المحاور والصراعات ونستعمل الحكمة الوطنية والذكاء اللبناني لتطبيق مندرجات اعلان بعبدا ونعود الى الحوار بأسرع وقت دون التنكر لما أقرته هيئة الحوار على طاولة الحوار سابقا؟ والله ولي التوفيق. شكرا لالتزامكم ولجهودكم".
 

  • شارك الخبر