hit counter script
شريط الأحداث

كلمة العماد ميشال عون في عشاء هيئة المحامين في التيار الوطني الحر

الإثنين ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٣ - 16:37

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أيّها الأخوة الأحبّاء.
نلتقي بكم اليوم في عشائكم السنويّ كما في كلّ عام، ونستعرض شؤون الوطن، وخصوصاً تلك التي حصلت منذ لقائنا الأخير. وتناول أيضاً أموراً حقوقيّة وقضائيّة نظراً للمناسبة.
نحن نعاني اليوم، ومع مرور الأعوام ستصبح الأمور أسوأ، لناحية تطلّعاتنا لإصلاح القوانين وإصلاح القضاء وإصلاح كلّ ما يتعلّق بالمحاكم وبالتجرّد الذي يجب أن يعمّ هذه المؤسّسات.
قدّمنا برنامجاً إصلاحيّاً لهذه المؤسّسات، ولكننا لم نستطع تحقيقه، والأمر لا يتعلّق بنا، لأنّ هذا البرنامج كان بحاجة، بالإضافة إلى توقيع الوزير المختصّ، إلى توقيعي رئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهوريّة، ولكن هذين التوقيعين لم يكونا متوفّرين خلال المدّة التي استلمنا فيها مركز المسؤوليّة.
نحن على مشارف المئويّة الأولى لصياغة الدّستور اللبناني، إذ بعد 13 عاماً، أي في العام 2026، يكون قد مرّ مئة عام على صياغة الدستور الأوّل. منذ ذلك الوقت ولغاية الجمهوريّة الثّانية اليوم، لم نحرز تقدّماً في الدستور، بل على العكس، فبعد مرور قرابة مئة عام، نرى أنّنا نتراجع لناحية القانون؛ كانت هناك مادّة تراعي القضايا الطائفية عندما تدعو الحاجة وتتوفّر الظروف، بحيث تقدّم كلّ الطوائف أشخاصاً كفوئين للمراكز المطلوبة، ولكن هذه المادّة كانت في السابق مؤقّتة، وصارت اليوم ثابتة.. يبدو أنّنا نمدّد لها كما نمدّد للوظائف والرئاسات وغيرها من المناصب، بحيث أنّ مفاعيلها لن تبطل لأنّنا لم نتّبع مساراً يلغي الطّائفيّة، بل على العكس جمّدناها فأصبحت كالصخرة التي لا تتزحزح ولا يمكن اقتلاعها إلاّ إذا تمّ تفتيتها، والسبب يعود إلى عدم اعتمادنا للسبل والوسائل التي تخرجنا من الطائفيّة..
أنظروا إلى أين أوصلتنا الطائفيّة..!! كنّا نتكلّم بالقوميّة العربيّة، أمّا اليوم فنعيش الحروب الإسلامية – الإسلامية..!! كان لدينا مادّة طائفيّة مؤقّتة، واليوم ثبّتناها في الدّستور وأصبحت ميثاقيّة..!! منذ العام 1989 ولغاية اليوم، ونحن نتكلّم عن ضرورة إلغاء الطائفيّة النظريّة، فلم يتمّ إلغاء أيّ حرف منها، بل ترسّخت أكثر، وأَيْبَسَت كلّ الهرم الموجود في الحكم.
إذا أردنا إلغاء الطائفيّة، يجب القيام بأمرين، ولكن لغاية الآن، نحن نقوم بما يتناقض وإيّاهما في المجتمع السياسي والمجتمع المدني وفي كلّ الأمور.. أوّلاً، نحن اليوم نعمل طائفيّاً، وأنا أتحدّى أن تكون أيّ من هذه الطوائف تعمل على احترام الكفاءة ضمن الطائفة، وإن لم يكن هناك من احترام للكفاءة في الطائفة الواحدة، فأين نجد ضمانة المواطن إذا ألغينا الطائفيّة؟؟ إن لم تُحترم كفاءة الفرد ليجد العدل داخل طائفته، فكيف له أن يجد هذا العدل عند التنافس مع باقي الطوائف؟؟ أين يكون إحترام الكفاءة عندها؟؟!!!
إذاً، يجب أن نبدأ بتطبيق الكفاءة داخل الطائفة، فيمكن عندها أخذ الأوائل في كل طائفة عندما يكون هناك مباريات للتّعيين، ولكن ما يحصل اليوم هو خيارات استنسابية لا تحترم المعايير القانونية والأخلاقية في التّعيينات.
على صعيدٍ آخر، ماذا فعلنا بالتّربية، أين هي التّربية الإنسانية الّتي يجب أن نربّي أولادنا عليها في المدارس؟! هناك دروس في التّعليم الدّيني للمسيحيين وأخرى للمسلمين. ولكن، التّربية الوطنية والتّربية الحقيقية هي تربية الإنسان، هناك قيم مُشتركة للإنسان، إلى أيِّ طائفةٍ انتمى، يتعاطى من خلالها مع الآخر، والّتي ترتكز بمعظمها على القيم الكونية وعلى شُرعة حقوق الإنسان ، وهذه التربية نفتقدها في مدارسنا.
لقد أصبحت مقاربة الإنتساب للطّائفة اليوم تفرض الكلام المنمّق و"المسايرة"، في حين أنّها شوّاذ لا زلنا نكرّسه في مجتمعنا. أين هي أخلاقيات الدّيمقراطية إذا كانت أخلاقيات الحكم غير موجودة والقوانين غير مُحترمة والحماية غير مؤمّنة وما من طمأنينةٍ أو عدالةٍ أو مساواة؟! أين هي أخلاقيات الدّيمقراطية عندما تكون الكفوف النّظيفة اختفت مع الوقت.
إذاً، فإنّ ديمقراطيّتنا تسير إلى الوراء، والبرهان على ذلك هو هروب حكّامنا اليوم من المسؤولية، بحيث يتركون القضايا تتعقّد وتكبُر فلا يستطيعون معالجتها لاحقاً، ويصبح تقصيرهم مُبرّراً باعتبار حلّ المُشكلة يفوق طاقتهم. هل هناك مُشكلة لم تبدأ صغيرةً في لبنان وكبُرت نتيجة إهمال الحكم؟! أَوَ لم تبدأ كلّ المشاكل الّتي تعترضنا اليوم صغيرة؟! منذ متى بدأنا نصرخ ونقول بأنّ ينتبهوا لمسألة النّزوح السّوري الّتي يمكن أن تعرّضنا إلى مشاكل كبيرة؟! ما حصل هو أن الجميع بدأوا بالبكاء اليوم، ولكن عندما بدأنا الحديث بالموضوع، قالوا عنّا إنّنا عنصريين لأنّنا نبّهنا إلى المخاطر. كم من مرّةٍ طلبنا من دولة الرّئيس ألاّ ينأى بنفسه عن عكّار وطرابلس وعرسال وصيدا وقلنا له يا دولة الرّئيس هذه الأراضي هي لبنانية، والمواطنون الموجودون فيها هم شعبٌ لبناني؟. كم من مرّةٍ قلنا له بألاّ يدع 200 مسلّح يأسرون 400 ألف لبناني في طرابلس وجوارها؟! ما هذه المهزلة؟! ما هذه المهزلة الأمنية الّتي نراها في طرابلس؟ يقولون إن هناك خطّة أمنية ولكن ما نراه هو جريمة تقع كلّ يوم، وكلنا وصلتنا أخبار الجرائم الّتي وقعت بالأمس! ما معنى الإستنكار في هذه اللّحظة فيما النّاس يموتون؟! هل أصوات نوّاب ووزراء طرابلس هي فقط للبكاء على الميّت أو لمنع الإنسان من الموت؟! لمن يشتكون؟! من يحرّك الوزراء والنّواب والجيش وقوى الأمن؟! من يحرّك المقاتلين" من أين يقبضون الأموال ؟ من يدفع لهم؟!
من غير المقبول اليوم إطلاقاً أن نعيشَ هذه المهزلة، وما نراه في تصرّفات الحُكّام الحاليين خصوصاً المسؤولين عن الأمن، يدل على أنّهم يحتقرون شعبهم ويستغبونه! لسنا أغبياء، الغبي هو من يستخف بالناس فإلى أينَ يريدون أخذنا في هذا البلد؟
لِيَسمحَ لنا إخواننا المحامين أن نظهر اليوم عتبنا عليهم؛ فالمُحاماة هي من أهمّ المؤسسات الحقوقيّة وهي الركيزة الثالثة في القضاء، ومن دون المحامين لا وجودَ للقضاء، شكلاً وجوهراً.
خُرِّبتْ القوانين ولم نسمعَ أبداً صوتاً صادراً من النقابة، لم نسمع أيّ إعتراض على الإنقلاب الذي قام بِهِ مجلس النواب ومدّدَ من خلاله لنفسهِ، لم نسمع أيّ إعتراض عندما شُلَّ أكبر مرجع دستوري في لبنان ومُنع من إحقاق الحقّ والنظر في دستوريّة القوانين !
لم نسمعَ صوتَ المحامين أبداً عندما أضحت الوظائف تتوزّع خارج إطار القوانين وحين صار التمديد هو السائد، حتّى صار من الضروري بمكان التمديد للبنان كوطن.. فإذا لم نُمَدّد له سيُدمّرَ بين أيديهم!
علينا أن ننتهي من هذه المهزلة، ويترتّب علينا كشعبٍ مسؤوليّة كبيرة. لا يجوز تعميم مقولة إنّ السياسيين جميعهم " زعران "، على الأقلّ من يقول هذا الكلام فليستثنِ نفسه كي نصدّقه وإلاّ فهو " أزعر" ! هذا الكلام ليس صحيحاً ، يوجد " أوادم " وصوتهم قويّ، الجميع يعرفنا ونحنُ نعرفهم جيّداً.
التمثيل صحيحٌ في لبنان، لأن كل ناخب ينتخب من يشبهه، والعكس صحيح، فلا يجوز لأحد أن يتّهم الآخر.
لا نريد أن نُكثر الكلام، نُقدّم لكم مُرشّح التيار الوطني الحُرّ لنقابة المحامين الأستاذ " فادي بركات " وزميله لمركز العضويّة في النقابة المُحامي " زبيب "، نأمل منكم التأييد الكامل لهم، المُحامي بركات هو أيضاً من خرّيجي السجون كما زملائِهِ الوزراء والنواب الحاليين في التيار الوطني الحرّ.

  • شارك الخبر