hit counter script

نص كلمة رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون في ذكرى 13 تشرين

السبت ١٥ تشرين الأول ٢٠١٣ - 18:56

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

إن الشعوب التي تنسى تاريخها ليس لها مستقبل وتكرّر أخطاءها، أما تلك التي تحتفظ بالذاكرة الجماعية فتصحح تلك الأخطاء، وتستذكر المراحل الاستثنائية التي جلّى فيها رجال استثنائيون؛ فكانوا لها أبطالاً تقتدي بهم الأجيال الطالعة.

نحن لم ننس، ولن ننسى، تلك الحقبة التي مررنا بها وأثقلتها مآسٍ وبطولات، يأس ورجاء، وامتزج فيها الاعتزاز بالأمل، إلى ان حصلت الصدمة الكبرى في الثالث عشر من تشرين الأول، وبدأت معها درب آلامٍ قاسية مشاها كل لبنان.

كثيرون صمدوا، وأكملوا الطريق على رجاء قيامة الوطن، وآخرون انهاروا وخافوا فانكفأوا. أما من ارتضوا أن يكونوا يهوذا وبيلاطس لبنان، فبعد أن قبضوا الثلاثين من الفضة وغسلوا يديهم من دمه، عمدوا الى بذر الشكوك في نفوس أبنائه بغية تيئيسهم في تلك المرحلة الصعبة، وسخّفوا شهادة الشهداء، فكانوا يقولون لكم دائماً "بعدكن مصدقين وناطرين؟؟ من كل عقلكن لبنان رح يتحرر..؟!، الله يرحم يللي ماتوا، شو إجاهن؟؟.."

وقد غاب عنهم أن الأرض التي ارتوت بدماء الشهداء قد سقت بذور الحرية والسيادة والاستقلال وانها لا بدّ أن تعطي المواسم الخصبة.

وإذا كان لشهدائنا شرف التضحية، وكان علينا الوفاء، فعلينا أن نفهم أولاً لماذا ولأي قضية استشهدوا، حتى يأتي وفاؤنا لهم جواباً على تضحياتهم.

لقد قاتلوا في سبيل وطن تفتخرون بالانتساب إليه يضمنون فيه السلام والطمأنينة لأولادهم وأحفادهم ويعيشون فيه مكتفين بما يوفره لهم من سبل عيش كريم، ومطمئنين الى مستقبل مضمون.

وقاتلوا أيضاً في سبيل وطن سيد حر مستقل، استوجب التضحية وتحمّل مغارم الحرب بالاصطدام مع غريب يحاول السيطرة عليه، ومع قريب يحاول السطو على خيراته، وما زالت حرب الأقارب مستمرة، يتصارعون فيها على سلب ما بقي في جيوب أبنائه.

نحن ما زلنا على عهدنا لشهدائنا، وقد وفينا قسماً منه بجهادنا المستمر في الداخل والخارج ولم نعد الى الوطن إلا وأرضنا محررة من كل جندي غريب.

تحررت الأرض ولكن عقول حكامِّها لم تتحرر بل بقيت محتلة وساعدت على احتلال القرار الوطني فأفقدته كل معاني الاستقلال، وما نعيشه اليوم هو مأساة هذا الحكم. هؤلاء الحكام وصلوا الى مناصبهم آتين من ميليشيات متصارعة، ولكنها متحالفة في ما بينها ومع سلطة الوصاية للوصول الى مواقع يتقاسمون عبرها خيرات الوطن.

واليوم يعملون تحت وصايات متعددة، يتلقون منها التعليمات والأوامر كما باتوا عاجزين عن التفلت من الارتهان الذي وجدوا فيه، لذلك لم يعد ممكناً أن يتحرّروا من الخضوع الى معلم غريب ينفّذون قراراته.

إن الوفاء لشهدائنا لا يكتمل إلا بتحرّر الإنسان بعد تحرير الأرض؛ فإن لم نحرّر الإنسان، عبثاً نحاول المحافظة على الأرض المحرّرة، كما أنه من المستحيل إعادة بناء الدولة ومؤسساتها وتأمين المستقبل اللائق للذين وهبوا حياتهم وتيتمت عائلاتهم.

من هذا الواقع نستمد فكرنا التغييري الإصلاحي؛ فعقلية الميليشيا التي ظننا أنها اختفت، نجدها اليوم معشعشة في نفوس أربابها، تتحكم بالوطن، عابثة بكل مؤسساته، لاغية كل مقوماته، ومتابعة استثمار موارده واستعباد مواطنيه كما سبق وبدأت: بالخوف وبالحاجة.

إنّ مرتكزات الحكم اليوم تقوم على تجاوز القوانين، واستغلال الصلاحيات لتغطية الفساد وحماية مستثمريه.. هذه هي الأعراف والتقاليد السياسية المعمول بها في الحقل العام، وتعوّد المجتمع على هذا السلوك فرضخ له، ولا يمكن إذا استمرت هذه الحال أن نقوم بأي عملٍ إصلاحي. لذلك، اصبح لزاماً علينا، أن نجمع القوى المكبوتة مع تلك القادرة والراغبة، لنعمل سوياً ونكسّر الأغلال التي تقيد طاقات الشعب، وتمنعه من التحرّر من قيود اوضاعه السيئة كي تبقيه اسير الاقطاع السياسي والمذهبي والمالي، يجر أذيال الخيبة عبر ديموقراطية ممسوخة، يتسوّل فيها حقوقه على ابواب النافذين.

اليوم وقد بدأت بذور الاصلاح تنبت، نجدّد العهد والوعد لشهدائنا باننا سنكمل نضالنا من أجل بناء دولة يحترم حكّامها الدستور والقوانين، ويشعرون بآلام شعبها، فلا يعبث حُماتُها بخيراتها ويستطيع أبناؤها مساءلة مسؤوليها ومحاسبتهم..

 

الخلود لشهدائنا، والديمومة للبنان. 

  • شارك الخبر