hit counter script

باقلامهم - البروفسور جاسم عجاقة*

لبنان بحاجة الى استثمارات بقيمة 30 مليار دولار في العشر سنوات القادمة

الإثنين ١٥ تشرين الأول ٢٠١٣ - 07:31

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

من المعروف أنّ الإقتصاد يعتمد على عمودين أساسين: الاستثمار والاستهلاك. ولا يُمكن لبلد أن ينهض من دون استثمارات. عبارة بسيطة تُدرّس في الجامعة لطلاب السنة الأولى في الاقتصاد. ومشكلة ااقتصاد اللبناني هو غياب الاستثمارات! والنمو الضئيل الذي نشهده حالياً ما هو إلا نتيجة الاستهلاك. فما هي أهميّة الاستثمارات في لبنان؟ وما هو حجم الاستثمارات التي يحتاجها لبنان للقيام باقتصاده؟

قمنا، في 19 كانون الثاني 2013، بنشر مقال بعنوان "2013 سنة الاستحقاقات.. والمسؤولون يعيشون في كوكب آخر" حيث نبّهنا إلى الوضع الاقتصادي الخطر الذي سيتعرّض له لبنان جرّاء الأوضاع القائمة في وقت كان الخبراء الاقتصاديون والمسؤولون يُطمئنون الناس الى أنّ الاقتصاد بخير.
يُعطينا التاريخ اليوم الحقّ في تحليلنا ونتمنى أن يستمع المسؤولون إلى التوصيات التي سنعطيها في هذا المقال.

ما هو الاقتصاد؟
الاقتصاد هي كلمة تشمل التبادل التجاري الذي يحصل بين الأسر والشركات. والأرباح التي تنتج عن هذا التبادل تُسمّى خلق الثروات. أما دور الدولة التقليدي في الإقتصاد فهو دور المشرّع، المنظّم المراقب. لكن تكوّن الإقتصادات دفع الدولة الى لعب دور المنتج في بعض القطاعات (الكهرباء، الإتصالات...) وهذا الدور غير طبيعي في دولٍ ذي إقتصاد ليبيرالي. وقياس الإقتصاد يتمّ بواسطة مؤشر "الناتج المحلي الإجمالي" الذي يتمّ حسابه بواسطة المعادلة الآتية:
الناتج المحلي الإجمالي = الاستثمار + الاستهلاك + التصدير – الإستيراد.
والاستثمار والاستهلاك مقسومان إلى شقّين: الخاص والعام. وتشمل كلمة "عام" استثمارات واستهلاك الدولة أما كلمة "خاص" فتشمل الأشخاص والشركات.

المصارف تُمّول الاستهلاك وعجز الدولة
بنظرة الى قروض المصارف إلى القطاع العام والخاص، نرى أنّ المصارف تُمّول الإستهلاك (شراء عقارات، سلع استهلاكيّة...) كما تمويل عجز الدولة عبر شراء سندات خزينة. لكنّ تمويل الاستثمارات خجول حتى أنّ نموّ الأعوام 2007 إلى 2010 ناتج عن أموال المغتربين اللبنانيّين واستثمارات الخليجيّين في لبنان. وسبب عدم تمويل القطاع الخاص ناتج بالدرجة الأولى عن مقارنة المصارف لمخاطر القطاع الخاص ومخاطر القطاع العام ممّا يدفعها إلى تمويل عجز الدولة بفوائد تُغري حتى المصارف الأجنبيّة. وبهذا تغيّبت المصارف عن لعب دورها الأساس ألا وهو تمويل الاقتصاد بشقّه الاستثماري.

الدولة غائبة عن الاستثمار
أدّى غياب الدولة عن الاستثمارات العامة (الطرقات وغيرها) الى تآكل البنى التحتيّة التي تُعاني تآكلاً كالصدأ في الحديد. حتى أنّ شركة الكهرباء التي هي مركز إنتاج حيوي للاقتصاد اللبناني لم يطلها الاستثمار منذ 17 عشر عاماً ممّا يُبرّر الأزمة الحاليّة في هذا القطاع وعدم القدرة على الخروج من المُشكلة. أما قطاع الاتصالات، فمنذ استعادة إدارته من القطاع الخاص، لم يتمّ صرف قرش واحد على الإستثمار فيه مع العلم أنّ هذا القطاع مربح للغاية للدولة اللبنانيّة ويُشكّل "البقرة الحلوب" لخزينة الدولة.

القطاع الخاص: استثمار خجول...
باستثناء القطاع العقاري وقطاع الخدمات في الفترة ما بين العامين 2005 و2010، لم تشهد القطاعات الخاصّة الأخرى استثمارات. فعلى بسيل المثال، هناك عشرات الخزانات المنتشرة على السواحل اللبنانيّة والتابعة لشركات نفطيّة تحتوي على أطنان من النفط وهي في حالة مزرية قد ينتج عنها كوارث هائلة بسبب انتشار هذه الخزانات في مناطق مأهولة بالسكان. كما أنّ الوضع الأمني والسياسي الحالي يمنع الاستثمارات حاليّاً وخصوصاً مع العلاقة القويّة التي تربط الاستثمار بالأمن والسياسة.

حاجات لبنان من الإستثمار...
تحتاج البنى التحتيّة اللبنانيّة إلى ما يُقارب الـ 30 مليار دولار على مدى العشر سنوات المُقبلة: وتعني كلمة بنى تحتيّة الهيكليّة الاقتصاديّة للبنان وتتضمّن الطرقات والمنشأت العامّة والخاصّة والأُسس التي تسمح للاقتصاد اللبناني بالنهوض. وتتوزع كالآتي:
- الكهرباء: 4 مليار دولار
- الصناعة: 4 مليار دولار
- قطاع الخدمات: 3 مليار دولار
- قطاع الاتصالات: 3 مليار دولار
- القطاع العقاري: 3 مليار دولار
- القطاع السياحي: 2 مليار دولار
- قطاع المياه: 2 مليار دولار
- الطاقة المتجددة: 2 مليار دولار
- القطاع الرقمي: 2 مليار دولار
- الأبحاث: 2 مليار دولار
- الزراعة: 2 مليار دولار
- قطاعات أخرى: 1 مليار دولار
وستشكّل هذه الاستثمارات الأساس للنهوض بالاقتصاد اللبناني عبر خلق فرص عمل للبنانيّين بمئات الآلاف وتضمّ فرص عمل ذات مهارات عالية كما وفرص عمل ذات مهارات أقل. وستسمح فرص العمل هذه بدورها بزيادة الاستهلاك لأنّ الشخص الذي سيعمد إلى الاستهلاك أكثر وفق نظريّة ماسلو وبسبب عدم معرفة ساعة موته، وفق نظريّة علم النفس.

التمويل عبر الشراكة بين القطاعين الخاص والعام...
يظهر واضحاً، مع ماليّة عامّة في حالة مزرية ودين عام خارج السيطرة، عجز الدولة اللبنانيّة عن تمويل هذه الاستثمارات. ممّا يعني حكماً إشراك القطاع الخاص الذي سيلعب دوراً أساسيّاً في التمويل وفي إدارة القطاعات المموّلة على أن تعمد الدولة الى تشكيل رقابة على القطاعات التي تُصنّف حسّاسة ويتمّ نشر البيانات الماليّة في وسائل الاعلام المكتوبة.
وليقبل القطاع الخاص بهذه الشراكة، يتوجّب على الدولة توفير الأمن وإقرار قانون شراكة بين القطاع الخاص والعام على أن يكون هذا المشروع غير مُجحف بحقّ الدولة. من هنا، ندعو المسؤولين إلى نشر مشروع الشراكة المقترح من قبل المعنيّين لأخذ ملاحظات الخبراء في الموضوع في مهلة لا تتعدّى الشهر ويتم إقرار المشروع في مهلة لا تتجاوز الشهرين.

ولكي تكون الشراكة فعّالة...
وتبقى الصورة غير مُكتملة إذا لم نأخذ بعين الإعتبار وجهة الأرباح التي ستنتج عن هذا الاستثمار. ومن هنا، نقترح وضع قانون يُلزم الشركات المُستثمرة باستثمار 30% من أرباحها على مدى 10 سنوات متتالية ممّا سيسمح باستمراريّة التطوّر الاقتصادي ويمنع الـ Arbitrage أو الاستفادة الحصريّة من الفرص.
* (خبير إقتصادي وأستاذ في الجامعة اللبنانيّة)
 

  • شارك الخبر