hit counter script

- د. ريتا الصياح نعمة

قصة الدولة والمقاومة مع السكيزوفرينيا

الأربعاء ١٥ أيلول ٢٠١٣ - 06:02

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الجبهة جبهتان غير قابلتين للانصهار أو التعايش: الوجود المسلح أو المقاومة من جهة، والدولة ومؤسساتها الشرعيّة من جهة ثانية.

الوجود المسلح
وجدت المقاومة، اية مقاومة، وبطبيعة الحال وجد سلاحها. فالمقاومة تولد من رحم الذل والقهر والظلم والفقر. يتحوّل التحرك الشعبي الى مقاومة عندما تكون أهدافه حماية الوطن من العدو الغاصب، وحماية المواطنين من خطر داهم، وذلك كلّه في حال كانت الدولة الشرعيّة والمؤسّسات الأمنية والعسكريّة فيها غائبة. ولكن أن تكون مغيّبة بسبب وجود المقاومة ووجوب احترام هيبتها، فهذا غير مفهوم ولا وجود له أصلاً في علم السياسة. في لبنان، نجلّ المقاومة، شيعيّة كانت أم سنيّة أم مسيحيّة أم لأيّ حزب أو فريق انتمت، وندعو الى وجود الدولة. نجلّ المقاومة، ونتكابر على الدولة ومؤسّساتها. نستمع الى قرارات قيادات المقاومة وتصريحاتها، ونجرّد أهل الحكم والمسؤولين من صفة الرجولة، متطاولين عليهم بالكلام غير اللائق أحيانًا وبالغمز منهم أحيانًا أخرى. فحجة وجود المقاومة هو غياب الدولة، أو على الأقل عجزها. ولكن بربكم! كيف لنا أن نفرّق بين مقاومة ووجود مسلح وميليشيا؟ ومن يحدّد المفاهيم والمعايير لهذه الحالات؟ اذا اعتبرت نفسك مقاومة، فهذا لا يعني أنه عليّ أن أقبل بك أو أعترف بشرعيّتك، فأنت لا تملك الحقيقة كاملة، ولا أحقيّة تصنيف الناس أو الفرقاء السياسيين.
كيف لدولة أن تنفض غبار الحرب عنها - أهليّة كانت أو غير أهليّة - كيف لهكذا دولة أن تنهض، تقوى، تنطلق وتأخذ القرارات الصائبة والجريئة، وهي ضحيّة التنكيل اليومي المباشر أو غير المباشر، من خلال تخوينها، أوالشكّ ببعض مؤسساتها، أو رجالاتها، أو مسؤولي وعناصر أمنها، وسحب الثقة العلني منها، وتكبيلها، والضغط عليها.
من المفروض أن تكون الدولة هي المقاومة، والمقاومة هي الدولة. لا أن تكون الدولة دويلة، تعيش في ظل المقاومة، تشرب من رضى المقاومة عليها، لتعيش وتستمر، حبرًا على ورق.
هذا عن المقاومة وسلاحها وخطرها على لبنان وكيانه ووجوده وهويته...
أما عن أهل السياسة في بلدنا، فحدّث ولا حرج...

الدولة
الغالبية الساحقة من سياسيي بلدي غير أهل للثقة، للأسف الشديد. ولكن، لامجال للملامة، فنحن أصحاب القرار، ونحن من اخترناهم وانتخبناهم وربما سنعيد الكرّة بإعادة انتخابهم مرات أخرى.
أن ننعي البلد وسياسييه والعمل السياسي فيه معقول، مسموح، لا وبل مفهوم وطبيعي، في ظلّ الانقسامات العاموديّة الحادّة والمتاريس الاعلاميّة وتحديدًا المشبوهة منها، والقلق اليومي على لقمة العيش والسلامة الشخصيّة، ولكن أن نحسم أمرنا، ونحضّر ورقتنا، ونذهب يوم الانتخاب بكامل ارادتنا الجسديّة والعقلية ونقترع، فهذا غير معقول، غير مسموح، غير مفهوم، وللأسف، غير طبيعي.
الناس أجناس، ولكن اللبنانيّين معروفون بصلابتهم وعنادهم ووفائهم... الا لمبادئهم. بدل محاسبة المسؤول يوم الحساب - يوم الاقتراع - ينتخبه اللبناني مرة ثانية وثالثة وعاشرة. بدل معاقبة المقصّر تجاه حقوقه ومكتسباته الطبيعيّة، يذهب اللبناني ليدلي بصوته لمن خان ثقته مرات ومرات. والمؤسف أنّ الناخب هو نفسه الذي ينعى يوميّاً السياسة والسياسّيين في بلدنا، ويترحم على سويسرا الشرق التي ولّت أيامها، ويا للأسف.
الا اذا...

الحلول
- تخلّصنا من السكيزوفرينيا المزمنة أو ما يعرف بانفصام الشخصيّة، من خلال عدم نسياننا، يوم الانتخاب، لمشاكلنا اليوميّة، من غلاء معيشة وتدهور في الوضع الاقتصادي وزحمة سير وانقطاع في التيّار الكهربائي والمياه وارتفاع في أسعار المحروقات.
- استغنائنا عن خدمات النكايات والاستزلام والمحسوبيات وسياسة"التطنيش".
-عملنا على محو "الأمية السياسية" من خلال حلقات نقاش مع أصحاب النفوس الضعيفة (والسؤال هنا: من سيكون "الأستاذ" ومن سيكون "التلميذ"، ولهذه الفكرة تتمة لاحقة).
وتخلّصنا مما يعرف بـ"العقل الصغير".
هكذا نكتب بداية جديدة لوطننا، وإلا، "مرحبا دولة"!
 

  • شارك الخبر