hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - محمد وهبة

كيف يُموّل الدّين وتُدفَع الرواتب؟

الأربعاء ١٥ أيلول ٢٠١٣ - 08:33

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الاخبار

الدولة في حالة انحلال. عملياً، بدأت هذه الحالة منذ عام 2006. يومها توقفت الدولة عن إصدار قانون الموازنة. قبل هذا التاريخ، كانت الموازنات تصدر رغم الشوائب والمخالفات الدستورية والقانونية التي كانت تعيبها. نادراً ما سجّل زعماء الطوائف على أنفسهم خطوة احترام القواعد الدستورية. انتهى الأمر إلى حدود انقطاع الدولة 8 سنوات عن إصدار موازنة عامة. تداعيات هذا الأمر كبيرة على مالية الدولة وعلى انتظام العمل في إداراتها ومشاريعها. رواتب موظفي الدولة وحقوقهم، والدين العام، أصبحت ضحية هذه الفوضى. اليوم، دفع الرواتب ينقصه انعقاد مجلس النواب أو مرسوم استثنائي، وتمويل الدين العام بالعملات الأجنبية تنقصه إجازة من مجلس النواب.
ثمة طريقان في عمل الدولة، ولكل منهما تفسيراته ومبرراته وظروفه؛ الأول دستوري وقانوني لكنه غير متّبع، والثاني هو عملاني لكنه لا يكتسب شرعيته إلا من التوسّع في تفسير النصوص الدستورية والقانونية، وباختصار لا يمكن الاستناد إلى شرعيته طالما أصبح قائماً بصورة مستمرّة وأصبح قاعدة بدلاً من أن يكون استثناء.
المالية العامة تسير في الاتجاه الثاني منذ أمد بعيد. محاولات التصحيح كانت نادرة ولم تصل إلى النتائج المرتقبة. فقد اختطفت أو حُوّرت أو حُرّفت أو أُضعفت بقوة السياسيين وزعماء الطوائف. الكل أغمض عينيه عن خروق المهل الدستورية لإقرار الموازنات العامة، والكل تغاضى عن مبادئ إصدار موازنة مثل شموليتها، والكل اشترك في جريمة عدم إصدار حسابات الدولة، وفي تصفير العدادات... لائحة الاشتباه والاتهام طويلة، لكن خلاصتها واحدة وفق توصيف وزير المال محمد الصفدي لـ«الأخبار»: «خياراتنا اليوم محدودة بالنسبة الى كيفية تمويل حاجات الدولة المالية من اليوم حتى نهاية السنة الجارية». يقصد الصفدي أن الخزينة العامة تعاني عجزاً سنوياً. وعليها استحقاقات مالية، بعضها بالعملات الأجنبية وبعضها بالليرة اللبنانية. كذلك عليها أن تدفع رواتب موظفي القطاع العام وأجورهم وحقوقهم، لكن المشكلة أن تلبية كل هذه الحاجات تصطدم بعدم إقرار موازنة عامة تكون سنداً دستورياً وقانونياً لكل هذا الإنفاق. فالرواتب والأجور المغطّاة بالدستور تكفي حتى نهاية أيلول فقط، وإصدارات السندات بالعملات الأجنبية غير ممكنة بسبب عدم وجود إجازة من مجلس النواب.
إذاً، لا يتعلق الأمر بوجود المال والسيولة في خزينة الدولة، بل الأمر مرتبط بوجود السند القانوني الذي يجب أن يغطّي عمليات الإنفاق المذكورة. وبحسب الصفدي، فإن «الخزينة العامة تواجه استحقاقات بالعملات الأجنبية بين نهاية أيلول وكانون الأول من السنة الجارية بقيمة 1006 ملايين دولار. وعلينا استحقاقات بالليرة اللبنانية بقيمة 3611 مليار ليرة (2.39 مليار دولار)، لكن ليس لدينا إجازة من مجلس النواب لإصدار سندات خزينة بالعملة الأجنبية (يوروبوندز)... علماً بأننا أستعملنا كل رصيد الإجازات السابقة لإصدارات بقيمة 600 مليون دولار استباقاً للأوضاع التي نشهدها، واليوم نحن أمام وضع مختلف».
ويشير الصفدي إلى أن الخيارات التي تبحثها وزارة المال بالنسبة الى تلبية استحقاقات سندات اليوروبوندز هي على النحو الآتي:
ــ أن ننتظر انعقاد مجلس النواب حتى يعطينا الإجازة القانونية المطلوبة لإصدار السندات.
ــ في حال عدم وجود الإجازة المطلوبة واحتمال عدم انعقاد مجلس النواب لمنح هذه الإجازة خلال وقت قريب، لدى وزارة المال خياران: الاول هو اللجوء إلى وارداتها بالعملات الأجنبية، والقسم الأكبر إن لم يكن كله، يأتي من واردات الدولة من الخلوي. أما الخيار الثاني فهو أن تتكل وزارة المال على مصرف لبنان لتزويدها بالعملات الأجنبية اللازمة لإصدار السندات والحصول على حاجتها من التمويل. وعند هذه النقطة، قد تلجأ وزارة المال إلى سداد قسم من السندات المستحقة بهدف إعادة «تذخير» الإجازة الممنوحة لها من مجلس النواب لأن كل مبلغ يسدّد يتيح للوزارة الاستدانة بقيمة مساوية له، ضمن نطاق إجازة مجلس النواب.
الوضع مختلف بالنسبة الى موضوع الرواتب والأجور. فالصفدي يقول «لا مشكلة في دفع الرواتب والأجور عن شهر أيلول لأن الإنفاق على القاعدة الاثني عشرية يتيح لنا دفعها، إلا أن المبالغ التي تستحق بعد هذا التاريخ ليس لها سند قانوني يغطي دفعها». لكن الحلّ في رأي الصفدي، وبصرف النظر عن أي جدال قانوني حول الأمر، يكمن في اللجوء إلى خيار من اثنين: «أن ننتظر انعقاد مجلس النواب ليقرّ المشروع الذي أعددناه لتغطية الرواتب والأجور المطلوبة، أو لن يكون أمامنا سوى اللجوء إلى خيار طلب سلفة خزينة تتضمن المبلغ المطلوب بواسطة مرسوم استثنائي يوقعه رئيسا الجمهورية والحكومة. ليس هناك خيارات كثيرة أمامنا في هذا الأمر تحديداً. علينا أن ندفع الرواتب».

  • شارك الخبر