hit counter script

كلمة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في القداس السنوي لشهداء المقاومة اللبنانية في 1-9-2013

الأحد ١٥ أيلول ٢٠١٣ - 19:50

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

قدرنا على هذه الأرض أن نكون أبطالا، فالبديل رضوخٌ واستعباد وفناء.

أبطالاً كنّا،

وأبطالاً نبقى بمواجهة الدكتاتوريين الكيميائيين والإرهابيين…

مهما فجّروا.

مهما فعلوا.

لا مكان لليأس بيننا.

لا مكان للخوف عندنا.

بك ننتصر.

نحن أبناء الحياة والإيمان والرجاء والقيامة.

عايشنا المخاطر والتحديات ، وواجهنا الشر والسوء والغدر والقهر .

وها نحن اليوم هنا أقوياء صامدون.

لقضية الوجود الحر في هذا الشرق مخلصون،

لكل أنواع المؤامرات والتهديدات متربّصون،

وحتى بلوغ النصر المبين… مستمرّون، مستمرّون، مستمرّون.

أهالي الشهداء،

أيّها الحضور الكريم،

رفيقاتي رفاقي،

أيّها اللبنانيون…

إنّ لبنان الذي حلمنا به سوياً ليس في افضل حال هذه الأيام.

لبنان الذي اردناه اخضر مُشرقاً، جاء من يسعى الى تحويله اصفر شاحباً.

لبنان في اتعس أحواله هذه الأيام،

فمؤسسات الدولة تعاني شللاً شبه كامل، والإستحقاقات الدستورية مُلغاة حتى إشعارٍ الهي سوري آخر، والأمن سائب تنهشه فوضى السلاح والتفجيرات المتنقلّة، والإقتصاد لا حياة فيه، والوضع المعيشي حدّث ولا حرج…

اجل، لبنان في اتعس ايامه، لأن بعض التعساء قبضوا على معظم مقدّراته، وما من تعاسةٍ مثل تحكُّم التعساء…

لبنان في اصعب ايامه، لأن حزباً مسلّحاً قرر نيابةً عن بقية اللبنانيين، وخلافاً لإرادتهم، مصادرة القرار الوطني والتصرّف به على هواه، داخلياً وخارجياً، منغّصاً على اللبنانيين عيشهم في الداخل، مشرّعاً عليهم أبواب جهنّم من الخارج.

لبنان في اصعب ايامه، لأن هذا الحزب قرر أن طريق فلسطين لا تمّر عبر المؤسسات الدستورية ولا عبر إعلان بعبدا أو القرار1701، وإنما فوق اشلاء اهالي القصير وحلب وحمص وغوطة دمشق، بعدما جعلها تمّر عبر شوارع بيروت وأزقّتها وقرى الجبل ولبنان بأكمله.

لبنان في اصعب ايامه، لأن الكاتيوشا أصبحت رمزه الوطني… لم تستمر في سوق التداول الدموي فحسب، وإنما تبدّلت وجهتها ايضاً.

فها إنّ القصر الجمهوري يصبح حيفا،

ووزارة الدفاع الوطني ما بعد بعد حيفا.

لبنان في اتعس ايامه، لأن البعض لم يكفه التعطيل، والتفريغ، والتخوين، والتخييم، والتقتيل والترهيب، والفساد والصفقات والتزوير، حتى بلغ به التمادي حدّ تهديد لبنان الكيان في توازناته، ولبنان الوطن في دوره ورسالته، ولبنان الدولة في مؤسساته ومقوماته.

لبنان في اصعب ايامه اجل، ولكن اللبنانيين “هم الغالبون” في النهاية.

ايها اللبنانيون…

 لقد قرر حزب الله تغيير وجه لبنان المُشعّ، تيمّناً بما هو حاصل في الجمهورية الإسلامية في إيران.

ان استراتيجية حزب الله لتغيير وجه لبنان قائمةٌ على قدمٍ وساق منذ امدٍ بعيد، إلاّ ان تورّط الحزب المباشر في سوريا عجّل في سقوط آخر اوراق التين التي تلطّى حزب الله خلفها كلّ تلك السنين.

لقد سقطت اوراق التين كلّها… ولم يبقَ إلاّ ورقة تفاهم… ورقة تفاهم بيّنت الأيّام ما كانت الغاية منها.

ايها اللبنانيون…

إن تورّط حزب الله في قمع الشعب السوري، أدّى الى استعداء عشرات الدول ومئات الملايين من العرب والمسلمين والمسيحيين والرأي العام العالمي، والى تشويه سمعة لبنان والإضرار بمصالح اللبنانيين حول العالم ، والى ضرب ركائز واسس الدولة اللبنانية بحد ذاتها.

إن تورط حزب الله في سوريا وإحتكاره السلاح والسلطة في لبنان، وانتهاكه الدستور ومخالفته القوانين، ومعاكسته إرادة الشركاء في الوطن والمصير، اسقط الصيغة ووضع الميثاق الوطني في مهب الريح ، كما ادى الى تهميش المواقع والمؤسسات الشرعية واحدةً بعد أخرى.

فها هو موقع رئاسة الجمهورية يتعرّض للتهميش بعدما تم نسف إعلان بعبدا، واستطراداً مفهوم طاولة الحوار، من اساسهما، وها هو موقع رئاسة الحكومة يتم تخطّيه مراراً خصوصاً بعدما طعنت سياسة “النأي بالنفس” في الصميم. وها هي مؤسسة الجيش اللبناني تتحوّل في خطة حزب الله الى مجرّد مراقبٍ لتحركاته العسكرية الضخمة بين لبنان وسوريا، بعيداً حتى من المعادلة التي لم نقبل بها يوماً والمسماة معادلة “جيش وشعب ومقاومة”، القائمة اساساً بوجه اسرائيل وليس شعب سوريا.

من اتّخذ القرار بذهاب الحزب الى سوريا؟ وماذا تبقّى من مفهوم الاستراتيجية الدفاعية؟

ماذا تبقّى من معادلة “جيش وشعب ومقاومة” بعدما تفرّد الحزب بقراره فتجاهل وجود الجيش، وضرب عرض الحائط بإرادة الشعب؟

ان هذه المعادلة المسخ قد ماتت على يد حزب الله بالذات، امّا نحن فتكفّلنا بمراسم دفنها ووضع حجرٍ كبيرٍ على قبرها منذ أمد بعيد.

ايها اللبنانيون…

في 26 نيسان 2005 انسحب جيش الأسد من ارضنا، ولكن هيمنة بديلة حلّت مكانه سريعاً من خلال مصادرة القرار الوطني بطريقة أو بأخرى.

إنّها هيمنة منقّحة، لا تشبه هيمنة نظام الأسد في الشكل، لكن المضمون واحد.

إنّها هيمنة، تضع مقدرات لبنان في خدمة متطلبات النظام السوري وايران.

إنها هيمنة بثوب مقاومة

إنها مقاومة تحولّت هيمنة…

ايها اللبنانيون…

إن لبنان الاقتصاد، والصناعة، والسياحة، والقضاء، والثقافة، والفن، كلّه واقع أيضاً تحت تأثير هذه الهيمنة.

فمعدّل النمو تراجع في ظل حكومة القمصان السود المستقيلة الى ما دون الـ 2%، بعدما كان يتراوح بين 5 و9% خلال السنوات 2005 وحتى 2010، على الرغم من الإغتيالات والخضّات الأمنية والحروب والاعتصامات و7 أيار.

الصناعة، والسياحة والثقافة إلى الوراء ، ومهرجانات بعلبك مهجّرة. امّا القضاء فقد قضي على هيبته بعدم تمكينه من توقيف العديد من المطلوبين وفي قضايا كبيرة وخطيرة.

ايها اللبنانيون…

صحيح ان لبنان يعيش اليوم هذا الواقع المرير، لكن بعض القلاع لا تزال تقاوم وتصر على رفض هذا الواقع، وفي طليعة هذه القلاع قوى 14 آذار، ورئاسة الجمهورية وبعض المواقع في الإدارات العامة وأكثرية صامتة مغلوبٌ على أمرها من اللبنانيين.

إن صمود آخر قلاع المقاومة في لبنان، منع الجمهورية اللبنانية من السقوط بالضربة القاضية.

فتحيةً الى المقاومة الحقيقية الفعلية،

تحيةً الى 14 آذار، ورئيس الجمهورية والأكثرية الشعبية الصامتة، تحيةً الى جميع الوطنيين والشرفاء والأحرار. هؤلاء هم اشرف الناس واكثر الناس حرصاً على حياة الناس، وممتلكات الناس ومستقبل أولادهم.

ايها اللبنانيون…

نحن نقاوم هذا الواقع بالشراسة نفسها التي قاومنا بها إحتلالاتٍ سابقة.

نقاومه وفي قلوبنا ذخيرةٌ من تراب شهداء الأشرفية وإيمان مقاومي قنات وزحلة وعين الرمانة ومن إرادة أبطال عيون السيمان الذين تسمرّوا صقيعاً تحت الثلوج من دون ان تخمد شعلة الإيمان في قلوبهم.

نقاومه بإرادة شعب ثورة الأرز الذي دفع الشهيد تلو الشهيد ولم يتزحزح

نقاومه حتى النهاية ليعود القرار الوطني الى الوطن والدولة والشعب.

ايها اللبنانيون….

إن الثورة تولد من رحم الأحزان… والأوضاع الصعبة.

هلّموا من رحم الآمنا وامننا المستباح واقتصادنا المنهار… نزكي شعلة ثورة الأرز من جديد.

هلّموا لإعلاء حصون المقاومة الحقة لثورة الأرز، وتوسيع رقعتها.

إنّ استرجاع قرارنا الوطني، باب خلاصنا، هو رهنٌ بموقفكم، وارادتكم، وتوقكم لغدٍ لبناني افضل… فلا تتأخروا.

أيّها اللبنانيون…

لا، لن يرحل.

قد يُستهدف بالصواريخ،

قد يتعرضّ لحملات التخوين والتشكيك،

قد يكون عرضة للابتزاز والترهيب،

ولكن،

لا، رئيس الجمهورية لن يرحل، لأنّ برحيله رحيلٌ للجمهورية، وهذا ما يريده البعض.

من يريد لرئيس الجمهورية ان يرحل، عليه هو أن يرحل.

امّا الجمهورية، جمهورية بشير الجميّل ورينه معوض ورفيق الحريري، فباقية باقية باقية.

إن من يريد لرئيس الجمهورية ان يرحل، هو نفسه من يخطط منذ الآن، إمّا لوصول رئيس صوري للبنان في الانتخابات الرئاسية القادمة، وإمّا لتعطيل الانتخابات.

لن نقبل بتعطيل الانتخابات الرئاسية.

لن نقبل بعد اليوم بأن تأتي انتخابات الرئاسة ثمرة صفقة إقليمية من هنا أو نتيجة مساومة سوداء من هناك.

لن نكون هذه المرة مجرّد لاعبين عاديين في انتخابات الرئاسة بل سنضع نصب أعيننا إعادة رئاسة الجمهورية الى وهجها.

ايها اللبنانيون…

إن انتخابات الرئاسة هي المدخل الأساس لتحرير القرار في لبنان، ولن نقبل بأن تكون استمراراً لمصادرته والتعايش القسري مع الأزمة.

إن تفعيل موقع الرئاسة يتطلّب منّا كلبنانيين أن نُحدد بوضوح مواصفات الرئيس العتيد.

نريد رئيساً قوياً يعيد للجمهورية قوتها ورونقها. لا جمهورية قوية من دون رئيس قوي.

نريد رئيساً تأتمنه ثورة الأرز على مبادئها.

نريد رئيساً قائداً يجترح الحلول، لا رئيساً مديراً يدير الأزمة.

نريد رئيساً يضمن وصول قارب الدولة والعدالة، وأحادية السلاح، الى شاطىء الأمان…

نريد رئيساً يفاوض ولا يساوم، يُصالح ولا يُقايض، يُغامر ولا يُقامر، يقود سفينة الدولة الى ميناء الخلاص.

نريد رئيساً يُنقّي المؤسسات الرسمية ويُصلح ما افسده “دهر الوصاية”.

نريد رئيساً متجذّراً في الأرض التي أنبتت سنابل ورجالا، ويكون كلامه: نعم نعم ولا لا.

أيّها اللبنانيون…

إن الحكومة التي نصبو اليها اليوم، هي حكومة إنسجام لا انفصام، حكومة تعمير لا تدمير، حكومة تشغيل لا تعطيل، حكومة استقرار وبحبوحة وإصلاح، لا حكومة فسادٍ وشللٍ وضياع.

نريد حكومة وجوه جديدة، وممارساتٍ جديدة، ودمٍ جديد، تستنهض اللبنانيين وتستقطب رؤوس الأموال من جديد وتُفعّل الصناعة والسياحة والتجارة والإقتصاد والخدمات…

نريد حكومةً وطنية شعبية تحصر همومها بمعالجة شؤون اللبنانيين وشجونهم، لا بمحاربة الشياطين، الكبار منهم والصغار، ولا بدعم “نظام السجون والقبور”، وتوريط لبنان في صراعات المنطقة.

لن نقبل بعد اليوم بأي حكومةٍ، سواء كانت سياسية او تكنوقراط، جامعة او حيادية، حزبية او غير حزبية، لا يُشكل “اعلان بعبدا” جوهر بيانها الوزاري.

أمّا معادلة “الجيش والشعب والمقاومة” فأكل الدهر عليها في القُصير، وشرب في غوطة دمشق من دماء النساء والأطفال.

إن المطلوب اليوم هو ثلاثية “الشعب والدولة والمؤسسات”.

امّا الذين يتباكون على تراجع الدولة، فيما هم متمترسون في صلب السلطة كلّياً منذ العام 2010 على الأقل، فإن دموعهم دموع تماسيح.

لقد فشلوا في إدارة البلاد، ليس لأنهم فاشلون فقط، وإنما لأن مشروعهم بالأساس، ليس الدولة والنظام والمؤسسات، وإنما الدويلة والفساد والسمسرات.

لا حول ولا دولة في لبنان اليوم، لأن اصحاب مشروع الدويلة والميليشيا وحلفاءهم، نصّبوا انفسهم امناء على مقدرات هذه الدولة.

لا حول ولا دولة في لبنان اليوم، لأنه بكل بساطة حاميها حراميها، فلا نعيدنّ الكرة من جديد.

على سبيل المثال لا الحصر، لم يفعلوا شيئاً لضبط موجات النزوح السورية المتتالية وهم في صلب السلطة منذ العام 2010.

ويأتون اليوم بثياب الحملان يتباكون على مشكلة النازحين.

إن هذه الاستعراضات الدعائية وحملات تحميل المسؤولية للآخرين، أي آخرين، التي يتقنها البعض، هي من العوامل الأساسية لتقهقر العمل الوزاري في لبنان. فلا نعيدنّ الكرة من جديد.

يا شعب ثورة الأرز…

ابطالاً كنّا ونبقى

ابطالاً لم نتراجع امام محاور الشرّ في اوج قوتها وجبروتها، ولن نتراجع اليوم امامها في زمن انحلالها وهبوطها.

إذا كان القمع والاٍغتيال قد ارجعنا خطوةً الى الوراء، فإن الحرية والديموقراطية دحرت الطغاة والديكتاتوريين خَطواتٍ الى الوراء.

 إذا كُنّا نشعر بأننا لسنا في أحسن احوالنا، فأخصامنا في حالة موتٍ سريري.

إذا كنا نشعر بأننا مسمّرون في اماكننا، فأخصامنا يغرقون في رمالهم الدموية المتحركة.

صحيحٌ ان مسلسل الإغتيالات افقدنا كوكبةً من قياداتنا ورجال الفكر والمُحركين لثورتنا، ولكن طالما ان ارحام أمّهاتنا في لبنان ما زالت تلد اطفالاً أحرار…فلا خوف على ثورتنا، لا خوف على لبنان.

إن اغتيال رفاق لنا في ثورة الأرز، وآخرهم الطالب الشاب المناضل هاشم السلمان، ومحاولة اغتيال آخرين، يُثبت ان ثورتنا تقضّ مضاجعهم، وأن طيفها يُلاحقهم، وسيستمر ويستمر ويستمر حتّى إسقاطهم.

يا أبناء ثورة الأرز…

كونوا دائماً مستعدّين، متأهّبين، إن ثورة ارزٍ جديدة بانتظاركم…مع كلّ إشراقة شمسٍ.

كونوا مستعدين، لأنّكم الصخرة التي يُبنى عليها لبنان الجديد من جديد.

اماّ انت يا صديقي سعد الحريري…

مسؤولية كبيرة أن ادعوك للعودة، لكني قطعاً لن ادعوك للبقاء حيث انت، لأن لبنان ورفاقك في ثورة الأرز اشتاقوا اليك بالفعل. يوماً بعد يوم يزداد رهان اللبنانيين على تحالفنا، لأنّهم يرون فيه إنقاذاً لصيغة لبنان التنوع، لبنان الاعتدال، لبنان الحرية، لبنان التناغم مع عالمه العربي والمجتمع الدولي.

ان ما جمعته الحرية والنضال في سبيل هذا اللبنان، لن تقوى على تفريقه لا مسافات جغرافية ولا محاولات إرهابية.

ايها اللبنانيون…

إنّ الكلام عن ثورة الأرز وربيع بيروت يأخذنا حكماً الى الكلام عن ربيع العرب.

ان شباب سوريا ومصر واليمن وتونس وليبيا هم تكفيريون بالقدر نفسه الذي كان فيه شباب لبنان وشاباته تكفيريين عندما انطلقوا في ربيع بيروت.

أن تُطالب بالحرية والمساواة والعدالة، فأنت بالنسبة للأنظمة الديكتاتورية تكفيري، سواء كنت مسلماً، بوذياً، هندوسياً، او مسيحيا.

امّا إذا كنت تُهلل وتُصفّق للديكتاتور فأنت بالنسبة له علماني، وطني، تقدّمي، لاطائفي، سواء كنت من جماعة القاعدة أم من أنصار حزب الله.

على الرغم من المآسي والصعوبات والعراقيل والأثمان كلّها، نحن متمسّكون بالربيع العربي أكثر من اي وقتٍ مضى، لأننا متحسسون آلام الشعوب الثائرة، ومتفهّمون لقضايا الحرية والعدالة والمساواة التي يناضل الشباب العربي في سبيلها، بغض النظر عما يشوب هذا النضال من شوائب.

ايها اللبنانيون…

إن المتطرفين والتكفيريين ليسوا من الربيع العربي بشيء، لأن مشروعهم العقائدي كان قائماً وناشطاً قبل بزوغ فجر الربيع العربي بعقودٍ ، ولأن هذا المشروع لا يعترف اصلاً لا بالعروبة ولا بالربيع.

فإن الأنظمة الديكتاتورية تريد ان تضعنا بين خيارٍ من اثنين:

إمّا تكفيرية دينية، او تكفيريةٌ دكتاتورية بغلافٍ علماني. ونحن ضد الإثنين معاً.

إن السوط الطالباني والجزمة البعثية وجهان لعملةٍ تدميرية رجعية واحدة.

إن خيارنا هو لا السوط الطالباني ولا الجزمة البعثية، بل الربيع العربي الذي فتح امام الشعوب العربية آفاقاً ديموقراطية عصريةٍ جديدة، خارج هذه الثنائية المتحجّرة البائدة التي ما زالت تتبادل الخدمات وتُثير الدخان الأسود لتلويث اجواء الربيع وخنقه في مهده.

وفي هذه المناسبة ، لا يسعني إلاّ إظهار كل مشاعر التعاطف والتقدير والاحترام تجاه تضحيات الشعب السوري الذي ما فتىء منذ سنتين ونصف يصارع بشجاعة فائقة أعتى طرق الإرهاب والترهيب والقتل والتدمير وصولاً الى الخنق والموت البطيء الجماعي بالأسلحة الكيميائية.

إنّ الثورة السورية، وعلى الرغم من أثمانها الموجعة، وعلى الرغم من الطفيليات التي نمت على هوامشها، هي محطّ أنظار كلّ الطليعيين وأصحاب الرأي الحر في هذه المنطقة.

وكلّي أمل بأنّ نتائج هذه الثورة ستكون على قدر تضحيات شعبها؛ دولة سورية مدنية ديمقراطية تعددية، تعيد سوريا مشعلاً للثقافة والحضارة في هذه المنطقة، بعد أن حوّلها النظام الحالي الى مصدر للموبئات والإرهاب والتطرف.

إن الربيع العربي هو الحرية والمساواة والتعددية وحقوق الإنسان

إنه الصورة البهية المتألقة التي ظهّرتها ثورة الشباب المصري من خلال لقاء مفتي الأزهر وبابا الأقباط مع ممثلي الثورة المصرية لوضع خارطة طريقٍ مُشتركة لمسار “الربيع المصري” في مرحلته الثانية.

هذه هي حقيقة الربيع العربي، مهما حاول الطغاة تشويهها وإنكارها وتزويرها.

إننا في هذه المناسبة، نتوجّه بالتحيّة الى الشعب المصري، آملين ان تتكلّل مسيرته بالنجاح، وأن تُفضي الى دستور جديد وانتخابات ديمقراطية فعلية في أقرب وقتٍ ممكن.

كما أغتنم هذه الفرصة لتقدير الدور الذي تلعبه في هذه المرحلة المصيرية المملكة العربية السعودية ودول الخليج في تحمّل مسؤولياتها تجاه شعوب المنطقة ككل، وما يتميّز به هذا الدور من اعتدال بمواجهة كلّ تطرّفٍ، مثل الدور الذي لعبته دوماً تجاه لبنان، فكانت السند والعضد لقيام الدولة، والداعم للاستقرار فيه، وصديقة رجال استقلاله الكبار من الرئيس كميل شمعون، مروراً بالرئيس بشير الجميّل الى الرئيس رفيق الحريري، وحتى يومنا هذا.

ايها المسيحيون المشرقيون…

نحن نقدّر تماماً حجم الأهوال والمآسي التي تعانون، وحجم التضحيات التي تبذلون، نحن نقدر معاناتكم. حتّى رعاتكم وأباؤكم يخطفون، ولا يسعني في هذه المناسبة سوى إطلاق صرخة جديدة لفك أسر المطرانين بولس اليازجي ويوحنا ابراهيم والكهنة المخطوفين.

ولكن وعلى الرغم من كل ذلك اصمدوا في دياركم واوطانكم.

إن العواصف مهما اشتدت وتعاظمت، لن تستطيع اقتلاعكم من ارضكم إلاّ إذا ضعفتم.

إن عيشنا الأخطار والصعوبات هنا، بقرب المسيح الحيّ، خيرٌ لنا الف مرّة من العيش بأمانٍ في اي مكانٍ آخر من العالم.

ايها المسيحيون المشرقيون…

أن تعيشوا على هامش الثورات فذلك يعني ان تُصبحوا خارج كل المعادلات.

إن رسالتكم الحضارية والإنسانية والتاريخية والوطنية تُحتّم عليكم اليوم الانخراط في معركة الدفاع عن قضية الحرية والإنسان في هذا الشرق على الرغم من كل الفوضى التي تعم صفوف الثورة.

إن مصالحكم الحيوية والمستقبلية في هذه البقعة بالذات، ليست مع زمرٍ نفعيةٍ مافيويةٍ زائلة، وإنما مع شعوبٍ مستمرّةٍ وباقية.

إن حمايتكم الفعلية لا تؤمّنها أنظمة مفلسة فقدت كل شيء إلا سمعتها السوداء، وإنما اعتمادكم على انفسكم، وحمل قضايا مجتمعاتكم جنباً الى جنب مع اخوتكم في المواطنية.

لا تكونوا شهود زورٍ او حتى مُتفرّجين على ما يُرتكب بحق الحرية والإنسان، إن المتفرّج شيطانٌ أخرس سرعان ما يلفظه التاريخ.

الى الإخوة في التيار الوطني الحر…

ليست نهاية العالم أن نكتشف عدم صوابية خياراتنا، بل نهاية العالم أن نستمر بها ولو عن غير قناعة.

عودوا الى حقيقتكم: تيار وطني سيادي حر، ولا تكملوا بعكس التيار.

إن مكانكم الطبيعي هو بجانب الدولة الفعلية السيّدة الحرة المستقلة الخالية من اي سلاحٍ غير شرعي، وليس بجانب من يُقوّضها.

كونوا حُرّاس ثورة الأرز، بدلاً من ان تكونوا انصاراً لحراس الثورة الإيرانية.

اتركوا الكيماوي لأهل الكيماوي، وعودوا انتم الى البرتقالي.

اخرجوا من 7 ايار وعودوا الى 7 آب.

عودوا الى دفء 7 آب، بدل البقاء في برد 6 شباط.

أمّا أنتم رفيقاتي رفاقي في القوات اللبنانية…

فثغور الشهداء باسمة هذه السنة أيضاً، على الرغم من كلّ ما يحيط بنا، ذلك لأن مسيرتهم عادت الى صفحات “المسيرة”، ولأن المسيرة عادت الى مسيرتها سالمة.

من اجل المسيرة سقط الشهداء

ووفاءً للشهداء اعدنا المسيرة،

ووفاءً للشهداء وللقضية، سنُعيد ما بعد بعد المسيرة.

أيّها اللبنانيون…

إن القوات اليوم بألف خير، منظّمة، متراصّة، تعمل كخليّة نحل تحضيراً لمستقبل أفضل.

لقد انجزت نظاماً داخلياً متطوراً يُلاقي ربيع الحرية في لبنان والمنطقة، وتحوّلت حزباً عصرياً رائداً.

وها هي تستقبل اليوم آلاف المنتسبين. فكونوا أنتم أيضاً منهم.

القوات بألف خير،

لأنه لا يصح إلاّ الصحيح

من يزرع العمل الدؤوب والتضحية والبطولة، يحصد الف خيرٍ وخير.

وفي النهاية…

ومهما كان نوع التطورات المتسارعة وحجمها،

ومهما كانت التحديات المستجدة والأحداث المرتقبة،

ومهما كانت التفجيرات مؤلمة، في الرويس وطرابلس العزيزة.

ومهما كان حجم التخويف والترهيب كبيرا،

إبقوا صامدين، وكونوا واثقين.

أبطالاً كنّا، وأبطالا على العهد نبقى…

إنّ كل شهيد من رفاقنا وقّع لنا بدمه وكالةً للدفاع عن الحرية ولبنان غير قابلة للعزل أو التنكّر أو النسيان.

ونحن على الوكالة أمناء.

أبطالاً نبقى ونستمر، في ساحات البطولة الفعلية، وحيث لا يجرؤ الآخرون.

أبطال بوجه الصعاب لا نتزحزح، وأمام الضربات لا نترنّح.

كن بطلا من الأبطال… كن واحداً منّا.

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار

عاشت ثورة الأرز

عاشت القوات اللبنانية

ليحيا لبنان.
 

  • شارك الخبر