hit counter script

مقالات مختارة - الياس الديري

الساعة الصفر

الأربعاء ١٥ آب ٢٠١٣ - 08:29

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

النهار

هل حان موعد النهاية في سوريا المعذّبة، التي التهمت نيران الأحقاد رجالها وأطفالها ونساءها، وحصدت حتى معالم تاريخها وقلاعها وحصونها، وأبكت حجارة محفورة بحبر القلوب والأمجاد والإبداع والبهجة؟
في الأجواء، في اليقظة الدولية بعد غياب طويل لا يختلف عن نومة أهل الكهف، في الكلام الدولي الإقليمي العربي ملامح قرار ما. ملامح خطوة ما. ملامح عمل عسكري ما. ملامح تحالف موسّع و"متعدّد الهوية" يُعَدّ ويُهَيّأ للردّ على استخدام السلاح الكيميائي في الغوطتين.
ومسارعة وزير خارجية الروسيا سيرغي لافروف إلى الإعلان أن بلاده "لن تدخل في حرب ضدّ أحد إذا تبنّى الغرب الخيار العسكري في سوريا"، هذه المسارعة وهذه الكلمات أوحت إلى الرأي العام الدولي والعربي قبل الشرعية الدولية والحكام الدوليّين أن الأمر قد حُسم.
كذلك الساعة الصفر. إلا أن أحداً لا يعلم "ماهيّة" العمل العسكري المتوقّع، وما إذا كان سيقتصر على ضربة أو ضربات من بُعد، أو سيتّخذ طابعاً قريباً من الحرب العادية وتفاصيلها، أو يقتصر على ساحات في الماء والفضاء...
الاستنتاجات والترجيحات كثيرة ومتضاربة. إلا أن ثمة إجماعاً على أن ما كُتِب قد كُتِب. والكيميائي الذي أطفأ بوحشية حياة مئات الأبرياء والضحايا من الأطفال، والصبايا، والشيوخ، والأمهات، والشبان، وحتى الرضّع، بدأ يفعل فعله. ويفعل ما شكّل مبرِّراً قانونيّاً وإنسانيّاً وأخلاقيّاً لفتح طريق الفرَج الذي كان مسدوداً ومقطوعاً بالغياب الدولي الغربي، والتردّد الأميركي تحديداً، والرفض الروسي تكراراً، والتهويل الإيراني...
إلى أن استيقظ الكيميائي، وراح يحصد الناس بالجملة وبلا شفقة أو رحمة. وليستيقظ معه القرار الدولي، وتتحرّك على الأثر عجَلة القرارات، والاستعدادات، والتلويحات بإجراءات رادعة ومباشرة في اتجاه حسم الوضع والموقف. ووضع حلّ وحدّ نهائي لمسلسل طويل من المجازر التي لم يسبق للحروب العالمية أن عرفت مثيلاً أو شبيهاً لها.
هل من السابق لأوانه الدخول في تفاصيل قرارات ومواقف تجاه حرب أكلت الأخضر واليابس وعشرات آلاف الضحايا، وشرّدت الملايين، ودمّرت مدناً من صنع التاريخ، والتهمت بساتين الزيتون والسمّاق والفستق والقمح والقطن ولم تترك حجراً فوق حجر؟
لأنها كذلك، وبهذا الحجم، وبهذا الهول، وبهذه الشراسة، قد يتحتّم على الجميع الانتظار وعدم التسرّع في توجيه الاتهامات وتكديس الاستنتاجات، ورسم معالم نهايات وبدايات لا تزال كغدٍ في ظهر الغيب. وعلى رغم "التسريبات" المكثّفة عن الاقتناع الدولي باستعمال الكيميائي، والاستعداد لخطوات انتقاميّة، فإن لجنة الخبراء لم تكشف أوراقها بعد، ولم تُعلن رأيها وتقريرها.
صدَق مَنْ قال: ما بين طرفة عين والتفاتتها يغيّر الله من حال إلى حال...

  • شارك الخبر