hit counter script

مقالات مختارة - فراس الشوفي

8 آذار: لديهم سيناريو كوسوفو ولدينا سيناريــو تموز

الأربعاء ١٥ آب ٢٠١٣ - 08:24

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الاخبار

ينتظر لبنان، كما العالم، مفاعيل ضربة محتملة قد يوجهها الغرب لسوريا. قوى 8 آذار مقتنعة بأن الضربة لن تغيّر شيئاً في الميدان السوري. فكيف في الميدان اللبناني، إذ إن أقصى ما قد تحققه 14 آذار هو حكومة أمر واقع، لا تصل إلى أبعد من جدران السرايا الحكومية


بعيداً عن «العنتريات»، تبدو قوى 8 آذار في حال من الترقّب الحذر، مع تسارع وتيرة التصريحات الغربية والعربية حول عدوان وشيك على سوريا. وبمعزلٍ عن حقيقة الضربة التي يعدّها الغرب لسوريا، وسواء حصلت أو لم تحصل، لا تبدو قوى 8 آذار في حالةٍ من الهلع المفترض في انتظار نتائج هجوم ضخم كهجوم جوي أو صاروخي غربي على حليف 8 آذار الأول في المنطقة.
ربما هي ليست المواجهة العسكرية الأولى التي يخوضها هذا الفريق في لبنان، وقوته الأساسية، أي حزب الله، مع إسرائيل والغرب. ترى مصادر مقرّبة من المقاومة أن لا جديد في الاستهداف الغربي لسوريا، لأن محور المقاومة ينتظر أعمالاً عسكرية كهذه منذ اللحظة الأولى لبدء الأزمة السورية، وبالتالي فإن الحديث عن معطيات دولية جديدة، برأي هذه القوى غير حقيقي، «لأن الخيار العسكري الأميركي أو الإسرائيلي خيار موجود دائماً لدى محور المقاومة وموضوع على قائمة الاحتمالات».
وتؤكد المصادر أن لبنان، لارتباطه العضوي بسوريا، دخل مرحلة الجمود السياسي منذ أن استقرّ الأمر في سوريا على الشكل الحالي، ودخل في مرحلة التماهي الأمني مع الأحداث السورية بعد التفجيرات الإرهابية التي ضربت بئر العبد والرويس، وأخيراً طرابلس. كذلك في ازدياد عدد الشبكات الإرهابية المرتبطة بالمعارضة السورية المسلحة.
كيف يمكن أن تنعكس ضربة غربية لسوريا على الوضع اللبناني؟ مع يقين قوى 8 آذار بأن الغرب لم يحسم خياراته بعد. ترى هذه القوى أن من المبكر حصر تأثيرات ضربة محتملة على سوريا في لبنان الآن، إذ لا يمكن حصر التأثيرات في سوريا نفسها. وتشير المصادر إلى أن الغرب أيقن منذ فترة لا تقلّ عن ستة أشهر أن حسم المعارضة السورية المسلحة بمختلف فصائلها لمجرى المعركة في سوريا وتقويض نظام الرئيس بشار الأسد بالقوّة أمر غير ممكن. كما تمكّن الجيش في نصف السنة المنصرم من توجيه ضربات قاسية لفكرة تقويض النظام بالقوّة، ولمفاصل أساسية في بنية المسلحين وتوزعهم على مختلف الجغرافيا السورية. وتقول المصادر إنه خلف الحرب العسكرية الدائرة على الأرض السورية، تدور حربٌ أمنية شديدة التعقيد في أكثر من منطقة سورية بين الأجهزة الأمنية السورية وحزب الله من جهة، وبين الأجهزة الغربية والموساد الإسرائيلي ومن معها من الشبكات من جهة أخرى، ومحور المقاومة يسدّد الضربة تلو الضربة لأعدائه ويمنعهم من تحقيق أهدافهم.
وتضيف المصادر إنه كان أمام القوى المعادية لمحور المقاومة خيارات، أولّها تولّي إسرائيل توجيه ضربات جوية محددة على أهداف للجيش السوري والمقاومة داخل سوريا، بغية شلّ هذه القوى من المتابعة في معارك ريف دمشق بعد حسم معارك حمص، إذ كان الجيش السوري قاب قوسين أو أدنى من إتمام خطّته المسماة «درع العاصمة» للقضاء نهائياً على أي تهديد حقيقي على العاصمة دمشق، وإبعاد المسلحين إلى أماكن ساقطة استراتيجياً.
وبما أن توجيه إسرائيل مثل هذه الضربات قد يشكل إحراجاً للدول العربية والإسلامية المتواطئة مع الغرب، ذهبت الولايات المتحدة، على ما تقول المصادر، باتجاه اعتماد خيارات أخرى، منها اللجوء إلى ضربات صاروخية أو جويّة محددة لأهداف تعتقد أنها قد تقلب ميزان القوى، ثمّ تدمر قسماً من الترسانة العسكرية السورية الاستراتيجية، والتي تزعج إسرائيل على المدى الطويل في حال نشوب مواجهة مفتوحة مع محور المقاومة في المستقبل. وبحسب المصادر، فإن «اعتماد حجّة استعمال الجيش السوري لقذائف كيميائية في معركة الغوطة، مع تفاهة هذه النظرية لأسباب عديدة، مبرّر منطقي بالنسبة إلى الجمهور في الغرب الذي قد يتفهم مشاركة جيوشه في حرب خارجية جديدة، بحجّة الدفاع عن مدنيين ضدّ جيش يستخدم السلاح الكيميائي».
وتقول المصادر إنه في مقابل اعتماد الغرب على سيناريوات كقصف كوسوفو والعراق وليبيا، فإن لدى محور المقاومة سيناريو واحداً مجرّباً هو سيناريو حرب تمّوز 2006. وترجّح المصادر أن يتمّ قصف مراكز تابعة للجيش السوري، لكنّ «هذا لن يغيّر شيئاً في الميدان لأسباب عدة»، إذ إن الجيش الإسرائيلي، بكلّ ثقل سلاح الجوّ، قصف لبنان على مدى 33 يوم من الجنوب إلى الشمال من دون أن يستطيع التقدّم على الأرض أمتاراً قليلة. وكذلك الأمر بالنسبة الى سوريا، إذ إن مناطق الالتحام المباشر لا يمكن أن تكون هدفاً لقصف الصواريخ أو الطائرات لأن القوات السورية متداخلة مع مسلحي المعارضة على الجبهات بشكل لصيق، بحيث تدور المعارك في معظم المناطق من بيت إلى بيت، وبالتالي فإن القصف سيستهدف أماكن يعتقد الغرب أن لها علاقة بمجرى المعركة، علماً بأن إدارة العمليات في مكانٍ آخر لإدراك محور المقاومة بأن الضربات الجوية أو الصاروخية قد تحدث في أي وقت. ماذا عن سيناريو تزامن القصف مع تقدم قوات من المعارضة المسلحة مدعومة من قوات متعددة الجنسية صغيرة الحجم من الأردن ودرعا باتجاه دمشق؟ تقول المصادر المقرّبة من المقاومة إن «هذا احتمال وارد، لكنّ هذه القوات ستواجه في الميدان بقوّة كبيرة ولن ينفع القصف الجوي في حمايتها».
وبالنسبة إلى لبنان؟ ترى المصادر أن «محور الولايات المتحدة وحلفائها نقل جزءاً من المعركة إلى لبنان، في العمل الأمني تحديداً، ويدرك هؤلاء تماماً أن التطور العسكري في لبنان غير وارد، لعدم قدرتهم على المواجهة العسكرية، لذلك لن يكون للضربة تأثير عسكري على لبنان في حال وقوعها على الأرض السورية». حتى في السياسة، التي ستحاول قوى 14 آذار تحقيق تقدم ما فيها على صعيد تغيير موازين القوى، فإن الخيار المتوفّر الوحيد أمام هؤلاء هو تشكيل حكومة أمر واقع تستغل لحظة الفراغ بعد الضربة السورية، «لكن هذه مغامرة كبيرة أيضاً، إذ إن أي حكومة أمر واقع حدودها السرايا الحكومية فحسب، لأنها لن تستطيع أن تفعل شيئاً خارج السرايا».

  • شارك الخبر