hit counter script

مقالات مختارة - رامي الريس

الدين العام يبتلع لبنان!

الثلاثاء ١٥ آب ٢٠١٣ - 11:22

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الوضع الداخلي اللبناني أًصبح غير قابل للاحتمال. مستوى الانقسام السياسي بين اللبنانيين وصل إلى درجات غير مسبوقة. حالة القطيعة السياسيّة القائمة بين الفرقاء اللبنانيين لم يشهدها لبنان حتى في أحلك أيّام الحرب الأهليّة الطويلة التي إمتدت زهاء خمسة عشر عاماً، دائماً كان هناك قنوات خلفيّة سريّة أو خطوط مفتوحة في الخفاء.
التراجع المؤسساتي وصل إلى معظم الهيئات الحكوميّة والترهل هو عنوانها الأساسي. لم يعد أحد يتحدث بالاصلاح او التنمية الاداريّة، ربما يرى البعض أن مجرّد بقاء المؤسسات الحكومية وعدم إنهيارها صار إنجازاً بحد ذاته. الدين العام ينمو بصورة دراماتيكيّة ولم يعد أحد يناقش الآليات الماليّة التي تعيد جدولة الدين أو تسمح بتسديد أجزاء منه. هل تذكرون “السواب” التي كادت تفجّر البلاد أيّام الرئيس السابق إميل لحود مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري؟ هل تذكرون مؤتمر باريس الأول والثاني والثالث التي أفرغت جميعها من مضمونها الاقتصادي والمالي والاصلاحي؟
لم يعد أحد يناقش اليوم أوضاع القطاعات الانتاجيّة أو يسأل عن أحوال الزراعة والصناعة والتجارة والسياحة؟ لم يعد أحد يدرس كيفيّة تحريك العجلة الاقتصاديّة المتعثرة أو يفكر في إبتداع فكرة جديدة مماثلة لشهر السياحة والتسوق الذي إخترعه ببراعة الوزير السابق ياسين جابر منذ سنوات وولد مناخات الفرح والنشاط في أكثر من منطقة لبنانيّة. حتى المهرجانات الثقافيّة التي طبعت الحياة اللبنانيّة بمناخات من الرقي كانت متوجسّة من الموسم وبعضها إعتبر أن الاصرار على التنظيم هو بمثابة ردٍ على حالة المراوحة المملة التي تمّر بها البلاد.
الكثير من البلدان مرّت بحروب أهليّة مدمرة أسوةً بالحرب اللبنانيّة، والكثير منها تضررت فيها قطاعات الطاقة والكهرباء، ولكن أيّاً منها لم ينفق مئات الملايين من الدولارات ويهدر نحو عشرين سنة دون أن يستعيد نعمة الانارة الشاملة والكاملة والمتواصلة! أين فرص العمل الجديدة للحد من البطالة والهجرة؟ وأين السياسات التي تتيح للمهاجرين اللبنانيين البقاء في البلدان التي إحتضنتهم بدل تعريضهم للخطر وإحتمالات الترحيل؟
لم ينجح المجتمع السياسي اللبناني مرّة في فصل الخلافات السياسيّة عن المعالجات الاقتصاديّة أو في محاولة عزل النقاش الاقتصادي والمالي عن الخلفيّات العقائدية والسياسيّة لهذا الطرف أو ذاك، مع أن الملفات الاقتصاديّة توفر لمتابعيها إمكانيّة معالجتها وفق معطيات وعناصر تقنيّة وليس وفق الأهواء السياسيّة أو المصلحيّة، ورغم ذلك لم يستفد لبنان مرّة من هذه الامكانيّة بل غرق في حالةٍ من المراوحة والترهل التي تلامس الانهيار دون أن تصل إليه!
إلى متى سنستمر على هذا المنوال؟

  • شارك الخبر