hit counter script
شريط الأحداث

كلمة العماد ميشال عون بعد اجتماع تكتل "التغيير والاصلاح" في 30 تموز 2013

الثلاثاء ١٥ تموز ٢٠١٣ - 19:38

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

وصف دولة الرئيس العماد ميشال عون الخروقات المتكررة للدستور والقوانين بالانقلاب الأبيض على الحكم وعلى مؤسسات الدولة، و"أكلٌ ممنهج" لمجلس الوزراء ومجلس النواب. وتكمن الخطورة في أن "السلطات المسؤولة هي من يتلاعب بالدستور ويرتكب المخالفات القانونية" مما يفقد المواطنين الثقة بها. وأعلن عن مسعى لإنشاء جبهة وطنية للدفاع عن الدستور.

العماد عون أكّد في حديث له بعد الاجتماع الأسبوعي لتكتل التغيير والإصلاح أن التمديد لقائد الجيش عبر التلاعب بالقوانين هو غير شرعي وخرق للدستور، والوزير المختص قد يكون عرضة للمثول أمام المحكمة العليا لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

ولفت الى أن "ما لم نقبل به لقوى الأمن الداخلي لن نقبل به للجيش". وذكّر بأن التيار هو الحالة الشعبية التي تكوكبت حول الجيش، و"ما نريده للمؤسسة هو تحصينها ضد الأخطاء التي يرتكبها السياسيون".

وفي ما يلي نصّ الحديث:

أهلاً وسهلاً بكم في لقائنا الأسبوعي.

إجتماعنا اليوم كان صاخباً لأنّ القضايا التي ناقشناها كبيرة ومهمّة.

بدايةً، أريد أن أتوجّه شخصيّاً بالشكر لكلّ اللبنانيين من دون إستثناء، لأنّني وحّدتهم في مناسبات عدّة. حقّقنا الرّقم القياسي في تحقيق الوحدة الوطنيّة: أوّلاً، في انتخابات بعبدا في العام 2005، والتي على أثر خسارتنا لها، قلنا لهم "نهنّئكم ونبارك لكم الصلح الذي حصل، ونسأل الله أن يطيله". مع الأسف إنتهى الصلح مع نهاية العام. وثانياً عند تأليف الحكومة في العام 2005، إذ حاولوا يومها بكيديّة معيّنة وبروحٍ ثأريّة حذف حلفائنا من الوزارة، أي كتلة الطاشناق والكتلة الشعبيّة في زحلة، فتركنا الحكم، وجميعهم شاركوا، إلاّ أنّ الحكومة يومها استمرّت لعامٍ واحدٍ فقط. ثالثاً في موضوع رئاسة الجمهوريّة، فجميعهم يومها، وقبل ان نتوجّه إلى الدّوحة، أعلنوا تأييدهم لإنتخاب العماد سليمان رئيساً للجمهوريّة. فذهبنا إلى الدّوحة وباركنا لهم اتّفاقهم. يومها حقّقنا أيضاً الوحدة الوطنيّة. رابعاً في موضوع التمديد للمجلس النيابي، فقد جمعنا الأضداد في وحدة وطنيّة كبيرة ومدّدوا للمجلس. خامساً، اتّفقوا على تطيير المجلس الدستوري عندما قدّمنا طعناً بالتمديد للمجلس النيابي، فالتزم الجميع الصمت. واليوم، وصلنا إلى التمديد لقائد الجيش، فوحدّنا البلد على التمديد وسنصل بعد حوالي العام إلى تمديدٍ آخر، وقد بدأت الصحف بتناوله منذ اليوم، و"الحبل على الجرّار"، فلا نعلم ما الذي ينتظرنا بعد ذلك، إذ بات كلّ منهم "كالمغّيطة"، بحيث يمغط ويتضاعف حجمه. أصبحوا جميعاً اليوم كالمغّيط، يُباعون "بالدراع" و"دراعهم" تحول إلى "دراعين".

إنطلاقاً من كلّ تلك الأمور، أنا أتمنّى لو أنّهم يجتمعون معي، فلا نخالف الدّستور والقوانين، بل نعمل على المحافظة عليهم، ونعمل على انتقاء الأفضل لإستلام المراكز. ما أقوله ليس انتقاصاً من الأشخاص الموجودين، ولكن نريد أن تدخل الأمور حيّز التنافس قليلاً.

بعد غد يصادف عيد الجيش، والناس يريدون الإحتفال بهذا العيد، وهنا أحبّ أن أؤكّد على دعمنا للجيش. ومعروف عنا دعمنا للجيش، فأنا قائد سابق له، والتيار ولد من حالة شعبية تكوكبت حول الجيش، ولا زالت تلتف حوله خصوصاً عندما يتعرّض لأي اعتداء، ووسائلنا الإعلاميّة، إذا خُدش عنصرٌ من الجيش، تفتح هواءها للنّاس ليعبّروا عن تضامنهم معه ومحبّتهم له. نحن نريد أن نحصّن المؤسّسة العسكريّة من الأخطار التي يرتكبها السياسيون بحقّها، وممّن يحاولون التلاعب بهيكليّتها فيبحثون عن فتاوى للتلاعب بقوانينها. هذا الأمر يمسّ بمعنويّات ضبّاط الجيش وبكلّ التراتبيّة العسكرية.

الخطورة في هذا الموضوع تكمن في أنّ السلطات المسؤولة الكبرى هي من يتلاعب بالمؤسسة العسكرية، أي أنّ هناك سلطات سياسيّة عالية جدّاً، لا يمكن أن تُؤتمن لا على الدّستور ولا على القوانين، ولذلك هناك مشكلة ثقة بيننا بين الهيكليّة السلطويّة المتسلّطة حاليّاً، وهي تمارس نوعاً من "cannibalisme" أيّ عندما يتّقق ثلاثة أو أربعة رؤساء على "أكل" مجلس الوزراء "ليأكلوا" بعده مجلس النوّاب، لأنّ التمديد لقائد الجيش يحصل عبر الدّعوة لإنعقاد مجلس الوزراء، فيتوجّه نحو التمديد، ويقدّم مشروع قانون لمجلس النواب. أكلوا مجلس والوزراء وأكلوا مجلس النوّاب، وأكلوا الدستور أيضاً. قد يكون ذلك من خلال مرسوم أو قرار، إلاّ أنّه لا يلغي فعل تجاوزهم لمجلسي الوزراء والنواب.

يدّعون الخوف من الفراغ، إلاّ أنّ ادّعاءهم هذا هو كذبة كبيرة، لأنّ هذا الفراغ متعمّد، فلو كان صحيحاً، لكان بدأ بخلافٍ في مجلس الوزراء. كان عليهم طرح موضوع التمديد على مجلس الوزراء، فيقدّم الوزراء اقتراحاتهم، ويصار بعد ذلك إلى السير بأحد الإقتراحات أو القبول بالتمديد. لم يكن من الضروري القيام بكلّ هذه المعركة والإحتيال على القوانين، بحيث انكبّوا منذ عدّة أيّام على البحث عن فتوى سليمة لكي يمدّدوا، إلاّ أنّهم لم يجدوا.

إلى أين قد نصل من خلال التمديد لقائد الجيش لسنة أو سنتين أو حتّى ليومين فقط؟؟ هل يمكن لقرار غير شرعي أن يخلق شرعيّة جديدة؟؟؟ كلاّ. كلّ ما ينتج عن قرار غير شرعي يكون غير شرعي أيضاً. أقول هذا الكلام اليوم قبل أن يصدر مرسوم بالتمديد ويُنشر في الجريدة الرسمية. هذا الأمر قابل للطعن وقابل لكلّ الأمور أيضاً وفقاً للقوانين المعمول بها في لبنان.

موقفنا مبدئي، لا يجوز أن نرفض التّمديد في مديرية قوى الأمن الدّاخلي ثم نمدّد لقائد الجيش أو لرئيس الأركان، إمّا أن يكون كلّ الأشخاص عندنا "بسمنة" وإمّا أن يكونوا "بزيت". أحياناً نُلام على موقفنا المبدئي فيقولون لنا إنّنا ضدّ السّنّة، أو إنّنا ضدّ الشّيعة، أو ضدّ الدّروز.. لكن يكون هناك مخالفة مبدئية ونحن لا نقدر أن نسكت عنها، هذا الأمر موجودٌ في داخلنا وهو متوارَث، "منخلق وهذا المرض فينا". يصبحون كلّهم ضدّنا، لا يهم.. ولكن، ستبقى طريقنا جالسة ولا اعوجاج فيها.

لن نفرّق بين الأمنيين، أنا أعتبرهم كلّهم زملاء لي، ولقد تخرّجت من نفس المدرسة أنا وإيّاهم، ليس عندي هذا التّمييز. وآسَفُ أنّ بعض الملاحظات الّتي كنّا نقولها عن مسؤولين أمنيين كان يعتبرها البعض عدائية تجاههم، أو حتى تجاه طائفة معينة. نحن عندما قمنا بالتّفاهم في العام 2006 دعينا الجميع حتى يقرأوه ويدخلون به حتى يصبح تفاهماً بين كلّ اللّبنانيين ولا يبقى هناك مشاكل سياسية متنازع عليها. وأعلنا عن استعدادنا لأيّ طروحات تقدّم حتى نتّفق عليها. ولكن مع الأسف صنّفوه تفاهمنا سياسياً، وتحت التّأثير الخارجي الغربي اكتشفنا أنّ ما قمنا به وكأنّه جريمة وأنّنا لا يجب أن نكون متّفقين بل يجب أن نظلّ مختلفين، وهذا الأمر دائماً يتكرّر تارةً إقليمياً وتارةَ دولياً.

إذاً، المخالفات الدّستورية والقانونية المتكرّرة هي نوعٌ من الإنقلاب الأبيض للتّحكم بالسّلطات الدّستورية؛ طغيان على مجلس الوزراء، طغيان على مجلس النّواب، وبعدهما على المواقع المهمة في الدّولة، وذلك عبر تجاوز القوانين وفرض آراء وقرارات شخصية على المؤسّسات. نحن نعتبر ذلك انقلاباً لن نسكت عنه. تجاوز الدّستور عبر التّمديد لمجلس النّواب، تغييب المجلس الدّستوري، التّمديد لقائد الجيش.. كلّها مخالفات قانونية ودستورية. إذاً هذا انقلاب. أيّ تلاعب بالنّصوص الدّستورية مهما كان بسيطاً يشكّل بداية الإنقلاب.

ما يصون الدّول ويشكّل نظاماً ديمقراطياً هو الدّستور، والقوانين المتلازمة معه، ومن يمسّ بها يمسّ بمعالم الحكم الخاصة بالدّولة، ومن دون هذه المعالم لا يعود هناك مرجع.. لا يعود هناك معالم توجّهنا بالقرار، بالخيارات السّياسية، بالخيارات الإجتماعية، بأيّ خيارٍ يتعلّق بالمصلحة العامة... ونصبح مثل المركب في العاصفة، تارةً يتّجه إلى الشّمال وتارةً يتّجه إلى اليمين، وهذه هي الحالة الّتي نحن فيها اليوم.

لقد قلتٌ منذ أيّام إنّهم يفكّكون الدّولة، ونعم هم يفكّكون الدّولة! صارت الدّولة قائمة بالتّمديد! تشبه من "يلبس بالإعارة"، يستعير ثيابه من جيرانه، وهذا مخزٍ فعلاً. و مع ذلك ندّعي أنّنا دولة ديمقراطية منذ العام 1926. كلّنا معلَّمون ولكن تنقصنا الثّقافة قليلاً، لأنّ الدّيمقراطية ليست فقط عِلماً بل هي ثقافة وسلوك، وهذا ما يجب أن يتمتّع به الحاكم قبل المواطن لأنّ الحاكم هو القدوة باحترام القوانين وهو من يجب أن يخضع إرادياً للدّستور، لأنّه هو حامي الدّستور وحامي القوانين. التّمديد التّدريجي صار قاعدة، وكلّ يوم أصبحوا يخلقون لنا صورةً تمديديةً جديدة لا نعرف متى تنتهي، وكلّهم – الحمدلله – جشعون بالسّلطة ولا يشبعون!

لقد قررنا السعي لإنشاء جبهة وطنية للدّفاع عن الدّستور، من أشخاص لديهم صفة تمثيلية في القانون، في العلم، في كلّ الأمور... حتى نحافظ على ديمومتها ونمنعها من التّفكّك. سنسعى باتّصالاتنا ودعواتنا العلنية والإعلانية لتأليف هذه الجبهة لأنّنا لا نقبل بالمساس بأيّ حرف من الدّستور. إذا شاء مجلس النّواب يجتمع ويعدّل. هذه هي القاعدة القانونية، وما يحصل اليوم هو خرق صريح للدستور. الخرق يكون إما على مستوى مرسوم أو على مستوى القرار. وهنا الخرق هو في المادة 65، وهذا من شأنه أن يحيل الوزير المختص إلى المحكمة العليا لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

ثمّ أجاب عن أسئلة الصّحافيين:

س: هذه الجبهة الّتي تحدّثت عنها ومن شأنها حماية الدّستور، هناك أمور أفظع من التّمديد لقائد الجيش مثل التّمديد للمجلس النّيابي المُنتخب من الشّعب وتعطيل المجلس الدّستوري الّذي هو أعلى سلطة دستورية في الدّولة والّذي يُشرف على الدّستور. لماذا لم تتشكّل هذه الجبهة آنذاك وتتشكّل اليوم؟ وهل تعتبر أنّ مرسوم التّمديد لقائد الجيش موجّه ضدّ العماد عون؟

ج: لقد قلت إن مخالفات في أماكن معيّنة قد حصلت ووقفنا ضدّها في ما اجتمع الجميع ضدّنا. طلبنا منهم أن يتفاهموا معنا كي يتوقّف هرق الدّماء في الشّارع وكي يتوقّف النّزاع الطّائفي ونجمع الدّولة ونشكّل حكومة تجمع كافة الأفرقاء ونستأنف الإعمار، ولكنّ الأمر لم ينجح. عندما نقدّم اي فكرة لصالح القانون والدّستور لا نستطيع تحقيقها لأن لا أحد يستجيب معنا.

فكرة الجبهة تراودنا منذ فترة، مع تراكم كل المخالفات الدستورية، ولكن تزامن إعلانها مع حصول التمديد لا أكثر ولا أقلّ.

س: المتابعين لمطابخ التّمديد في كلّ المؤسّسات الدّستورية يقولون إنّهم يبحثون عن الصّيغة القانونية الأقرب كي لا يكون الطّعن مقبولاً، ولكن قرار التّمديد لقائد الجيش وغيره أو عدم التّمديد ليس قراراً لبنانيّاً. ما هو تعليقك على هذا الموضوع؟

ج: هذا العذر هو أقبح من ذنب، أي أنّ العقول لا تزال مُحتلّة بدون أن يكون هناك معسكر احتلال؟! هذا الأمر يُشبه مرض السّرطان في بدايته، ولكنّنا وصلنا اليوم إلى الmetastases بحيث لم يعد هناك خلاص.

أخبرتكم منذ فرة عن حلم يقظة راودني، عندما حلمت أن لبنان قد نال استقلاله رغماً عن إرادة أبنائه بحيث لم يعد هناك أيُّ دولةٍ تريد أن تتدخّل في شؤونه، واستيقظت من هذا الحلم، فلم أجد شخصاً يستطيع أن يحكم الدّولة! لأنّ كلّ مسؤول يبحث عن وصيٍّ ليقول له ماذا يجب عليه أن يفعل. وسأستشهد بكلمة قالها رئيس الولايات المتّحدة سابقاً جون كينيدي: "من لا يقبل الإصلاح بطريقةٍ سلمية، سيقبلة بطريقةٍ ثورية."

لقد أخذنا قرارنا بمواجهة كلّ "شطب" يحصل على مستوى الحكم لأنّنا لا نستغني عن هويّتنا وعن أرضنا بل نريد لبنان كلّ لبنان، ما نقوله يعبّر عن واقع، وليس موقفاً سياسياً. نحن نعتبر أن حدود الحرّية هي الحقيقة، ولا أقول إلاّ الحقيقة ومن لديه شيئاً ضدّي في هذا الموضوع فليخبرني ويسألني.

 

س: لماذا لا يقف حلفاؤك إلى جانبك في المواضيع الّتي طرحتها، وآخرها موضوع قيادة الجيش بعد أن تحالفوا مع أضداهم لذلك؟

ج: كلُّ سؤالٍ تسألونني إيّاه عن موقف الغير سأجيبكم بأن تسألوا الغير. لا أريد لا أن أبرّره ولا أن أحكم عليه، ولكنّني آخذ الإجراءات المناسبة كي أقوم بإصلاح الوضع وفق القانون. وإذا نجحت في الموضوع وكان هناك إرغام معيّن أكون قد قمتُ بتغطيته وأكون قد حافظتُ عليه كصديق.

س: تحدّثت في سياق الموضوع وقلت إنّ كلّ ما ينتج عن القرار غير الشّرعي للتمديد هو غير شرعي أيضاً. هل هذا يعني مقاطعة التّيار الوطني الحرّ لقيادة الجيش في التّمديد؟

ج: عندما أقول إنّ التّمديد غير شرعي، فذلك يعني أنّه غير شرعي، والجواب يشرح نفسه. نعم هو غير شرعي كي لا يتفاجأ أحد، فعندما يكون القرارُ غير شرعي فإنّ كلّ النّتائج المترتّبة عنه ستكون غير شرعية، وعرضة للطعن أمام القضاء. بالنّسبة لي هذا الأمر هو موقفٌ وليس طعناً، ولكن قد يتقدّم أشخاص بالطعن.

س: هناك الكثير من القرارات اليوم غير الشّرعية التّي تُتّخذ اليوم. الحكومة في غيبوبة وكذلك الدّولة وقد أصبح لدينا مليوني سوري في لبنان. إلى أين نحن ذاهبون ومن يحكم لبنان؟

ج: لقد وجّهت الكثير من التنبيهات للحكومة فلم يسمعوا، وها هم يبكون الآن، ويبحثون عن حلول.. سيتحمّلون النّتائج لأنّهم لم يأخذوا أي إجراء قبل أن تقع المشكلة، وهذا ما يسمى قصر النّظر؛ فالحكم هو ملاقاة الحدث وليس اللّحاق به والرّكض وراءه. 

  • شارك الخبر