hit counter script

بيان لقاء سيدة الجبل في 30-7-2013

الثلاثاء ١٥ تموز ٢٠١٣ - 17:18

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع
لبنانُ اليوم مهدّدٌ بعودة الحرب الأهلية. وهي حربٌ – إن حدثت – ستبدأ حربٌ بين المسلمين ولكنّها ستنتقل إلى جميع اللبنانيين ، كما ستؤدّي – لا سمح الله – إلى نهايةَ لبنان.
هناك مسؤولية كبرى تقع على عاتق المسيحيين في دَرْءِ خطر الحرب ، كما في بناء سلام لبنان. لذلك هم مدعوّون – بالمشاركة مع إخوتهم المسلمين – إلى الإجابة عن سؤال جوهري يواجه اليوم كلَّ العالم العربي: كيف نعيش معاً، متساوين في حقوقنا وواجباتنا، ومتنوّعين في انتماءاتنا الدينية والثقافية والإثنيّة، ومتضامنين في سعينا من أجل مستقبل أفضل لجميعنا؟
I- لماذا يتوجّب على المسيحيين خَوْضُ هذه المعركة ذات التأثير الحاسم على مستقبل لبنان ومصيره؟
يتوجَّب عليهم ذلك لأن الحرب التي أخذت تُطلُّ برأسها تعنيهم بمقدار ما تعني المسلمين.
أولاً: لأن المسيحيين، كما عبَّر بطاركة الشرق مراراً، "يشكلون جزءاً عضوياً من هوية المسلمين الثقافية، مثلما يشكل المسلمون جزءاً عضوياً من هوية المسيحيين الثقافية"؛ فهم جميعاً، والحالةُ هذه، "مسؤولون عن بعضهم بعضاً أمام الله والتاريخ".
ثانياً: لأن المسيحيين اللبنانيين لعبوا تاريخياً دوراً طليعياً في تعزيز ثقافة العيش معاً في المنطقة؛ وذلك بمشاركتهم النشطة، منذ القرن التاسع عشر، في إطلاق حيوية "النهضة العربية" . وقد واصلوا العمل بهذا الخيار التاريخي عندما رفضوا عام 1920 فكرة "الوطن المسيحي" وطالبوا بدولة "لبنان الكبير" الذي يضمّ مناطق ذات أكثرية مسلمة، ثم عندما رفضوا عام 1943 استمرار الانتداب الفرنسي وناضلوا من أجل الاستقلال التام.
ثالثاً: لأنهم – بعد الانقسام الطائفي جرّاء الحرب (1975- 1990) – كانوا أول المبادرين إلى السعي لاستعادة العيش المشترك؛ وذلك من خلال سينودس عام 1995 ثم الإرشاد الرسولي عام 1997 الّلذَين جدّدا الإيمان بلبنان المعنى والدور والرسالة، كما حثّا جميع اللبنانيين، والمسيحيين منهم بخاصة، على طي صفحة الحرب والشروع في "تنقية الذاكرة".
رابعاً: لأنهم كانوا – مع نداء المطارنة الموارنة في ايلول 2000 – أوّلَ المبادرين في العالم العربي إلى خوض المعركة ضد الأنظمة الديكتاتورية، مُمهِّدين بذلك الطريقَ إلى "ثورة الأرز" (2005)  التي شكلت الإشارة  الأولى للربيع العربي.
خامساً: لأنهم كانوا – مع المجمع البطريركي الماروني 2006 – أوّلَ المنادين في هذا العالم العربي بإقامة الدولة المدنية، لإعادة إرساء العيش المشترك بشروط الدولة الجامعة لا بشروط حزب أو طائفة.
II- هذا الدور التاريخي الذي لعبه المسيحيون اللبنانيون على مدى أكثر من قرن، هو اليوم موضع تشكيك وإعادة نظر من قبل القوى السياسية التي حوّلت السياسةُ  إلى مجرَّد صراع على السلطة، حيث لم يعد للمواقف السياسية من غاية سوى تسجيل النقاط ضد الخصم.
إن تحوُّلَ قسم من المسيحيين الذين خاضوا معركة الاستقلال إلى الالتحاق بالمحور السوري – الإيراني، وتأييد بعض الشخصيات السياسية والدينية للديكتاتورية السورية بذريعة حماية الأقليات، واتفاق معظم الأحزاب المسيحية على مشروع قانون للانتخابات النيابية – عُرف بالارثودكسي – من شأنه أن يعود بالبلاد إلى ما قبل دولة لبنان الكبير... كلُّ ذلك يبيّن بوضوح مدى الانكفاء المسيحي منذ العام 2005.
هذا الانكفاء يعرّض المسيحيين لأخطار أكيدة:
 
يعرّضهم أولاً لخطر التحوُّل من جماعة معنيّة بمستقبل لبنان والمنطقة إلى أقلّية لا تهتمّ إلا بالدفاع عن مصالحها الخاصة.
ويعرّضهم تالياً لخطر التماثُل والتّماهي مع آخر الديكتاتوريات العربية، بحيث يُعتَبرون شركاء في جريمة ضد الإنسانية، كما وصفها المجتمع الدولي.
ويعرّضهم أخيراً لخطر التهميش، فيما تُعاد صياغةُ التاريخ في المنطقة، بحيث لن يجدوا لأنفسهم دوراً في هذا العالم الجديد الذي أخذ يتشكَّل مع "الربيع العربي".
III- لوقف هذا التراجع، ودَرْءِ خطره على المستقبل المسيحي في لبنان والمنطقة، علينا العودة إلى الرسالة التي قامت عليها خصوصيتنا في هذا الجزء من العالم.
لقد كافحنا منذ قرن تقريباً دفاعاً عن فكرةٍ مفادُها أننا نستطيع العيش معاً، مسيحيين ومسلمين، متساوين في حقوقنا والواجبات، ومختلفين في انتماءاتنا الدينية.
 
هذا المعنى، الذي يمثّل سبب وجود لبنان، لطالما دافعنا عنه في وجه كل المشاريع الطائفية التي تختصر وتختزل هوية الفرد في مكوِّن واحد من مكوّناتها، هو البعدُ الديني، على حساب سائر المكوّنات والأبعاد.
 
دافعنا عن هذا المعنى ايضاً في وجه المشاريع الأيديولوجية القائمة على القومية أو الدين، بوصفها أيضاً مشاريع اختزالية، تختزل الفرد في الجماعة، والجماعة في حزب و الحزب في زعيم أوحد.
 
ولقد نجحنا في أن نجعل من لبنان نموذجاً للعيش المشترك بين مسلمين ومسيحيين، كما تمكّنا من تطوير اسلوب للعيش لم يكن من السهل تحقيقه في البلدان العربية الأخرى.
 
إن قضية العيش معاً هي اليوم مَوْضِعُ اهتمامِ وعنايةِ الناس في منطقتنا، بل وفي العالم، لأن المشاريع الأيديولوجية، من قوميةٍ ودينية، أصبحت في دائرة الشكّ وإعادة النظر بفعل "الربيع العربي" الذي أعاد إلى الفرد- المواطن استقلاليته، أي قدرته على أن يكون سيّد نفسه ومصيره، وشريكاً في تحديد الخيارات السياسية المُلْزِمة له.
 
وهذه الفكرة هي ايضاً وخصوصاً ذات أهمية راهنة، لأنها تجنّب لبنان كما العالم العربي كثيراً من العنف، إذ تجعل من التنوّع الديني والإثني الذي يميّز هذه المنطقة من العالم مصْدَرَ غنىً للجميع، بدلاً من أن يكون سبباً للنزاع.
 
*****
 
بناءً على ما تقدّم، فإن الموقّعين على هذا النداء يدعون إلى: 
 
1- تعبئة طاقات المسيحيين المعنيين بحماية لبنان من أجل درء خطر الفتنة بين اللبنانيين.
 
2- التواصل مع المسيحيين العرب والعمل معهم على قيام "كنيسة العرب" التي حثَّ على قيامها واحدٌ من خيرة مفكّري المسيحية المشرقية، هو الأب يواكيم مبارك. إن قيام هذه الكنيسة الجامعة كفيلٌ بتقديم مساهمة تاريخية كبرى – بالشراكة مع المسلمين – في تجديد المشرق العربي، كما في "اشتقاق طريقة جديدة للعيش معاً بسلام في هذا الشرق الأوسط"، بحسب دعوة البابا بنديكتوس السادس عشر اثناء زيارته لبنان في أيلول 2012.
 
ونقترح في هذا الإطار تأسيس مركز تفكير وحوار مع المسيحيين العرب لتحديد دورهم في إطلاق ثقافة السلام والعيش معاً في مواجهة ثقافة العنف والفصل التي ما زالت مهيمنة.
 
3- التواصل مع المسلمين العاملين على منع العودة الى الحرب، ودعوتهم الى التشارك في انشاء إطار تنسيقي جامع  – نقترح تسميته "المؤتمر الدائم لسلام لبنان – مهمته الأولى تشكيل شبكة آمان وطنية وذلك نتيجة لاستقالة الدولة من دورها في تأمين أمن البلاد واستقرارها. كذلك يتولى هذا الإطار التنسيقي:
- البحث في إعادة تأسيس العيش المشترك بشروط الدولة، بدلاً من شروط أحزاب أو ميليشيات طائفية. وعليه ينبغي أن تستعيد الدولة حقَّها في احتكار القوة المسلّحة،وأن تتحرّر من القيود الطائفية التي تشلُّ عملها. إلى ذلك فإن دولة العيش المشترك ينبغي أن تكون بالضرورة دولة مدنية، حيث القانون يسري على الجميع دونما تمييز، وحيث القضاء مستقلٌّ عن السلطة السياسية، وحيث يُتاح للمواطن اختيار نظام مدني لأحواله الشخصية، وحيث لا يتم استخدام الدين لمآرب سياسية، وحيث لا تتعرّض المرأة للتمييز...
- المساهمة مع القوى الديموقراطية في دول المشرق العربي في إرساء قواعد مشرقٍ جديد، "مشرقِ العيش معاً"، حيث ينبغي للتنوع الديني والإتني أن يشكّل مصدرَ غنى للجميع، مشرقٍ قادر على الوصل مع التقليد التنويري لما عُرف بعصر "النهضة العربية"، وقادرٍ بالتالي على أن يشكّل رافعةَ تجدُّدٍ وتَرَقٍّ لمجمل العالم العربي.
 
المشاركون:
ابراهيم الجميل (استشاري)، ادمون ربّاط (استشاري)، اسعد بشاره (صحافي)، الياس أبو عاصي (استاذ جامعي)،  الياس الزغبي (محام)، أنطوان قربان (طبيب وأستاذ جامعي)،  ايلي الحاج (صحافي)، ايلي كيروز (نائب بشري)، ايلي محفوض (محامي)، بطرس معوض (ناشط بيئي)، بهجت سلامه (رجل اعمال)، جان بديع حرب (محام)، جهاد العريجي (محام)، جورج بكاسيني (صحافي)، جورج دروبي (ناشط)، جوزف نمنوم (مهندس)، خالد الهاشم (مهندس)، دنيز عطالله (صحافية)، رامز الضاهر (محام)، رفائيل تابت (طبيب)، رياض طوق (اعلامي)، ريمون معلوف (مهندس)، سابين بسترس (كاتبة)، ساشا ابو خليل (طبيب)، سمعان اسكندر (محام)، سمير عبد الملك (محام)، سمير فرنجيه (نائب سابق)، سيمون ابو فاضل (صحافي)، سيمون ج. كرم (محامي)، شارل جبور (صحافي)، شوقي داغر (محام)، شيرين عبدالله (ناشطة)، صلاح حنين  (محام ونائب سابق)، طانيوس شهوان (باحث- رئيس بلدية)، طوبيا عطالله (ناشط)، طوني الخواجه (إداري)، طوني حبيب (مهندس)، عادل ساسين (ضابط متقاعد)، غادة صاغية (ناشطة)، غطاس خوري (نقيب الأطباء سابقاً)، فادي حنين (رئيس بلدية سابق)، فارس سعيد (نائب سابق)، كريستيان الجميل أبو زيد (اعلامية)، كمال اليازجي (استاذ جامعي)، مارون حلو (رجل اعمال)، مرسال يزبك (ناشط)، مروان شديد (محام)، ميشال ابو عبدلله (طبيب)، ميشال رجّي (اداري)، ميشال ليان (نقيب المحامين سابقاً)، ميشال مكتف (ناشط سياسي)، نجيب خليل روحانا (محام)، نديم الجميل (نائب بيروت)، نديم غسطين (طبيب)، نوال نصر (صحافية)، نوفل ضو (اعلامي)، نيكول هاموش (باحثة)، هادي حبيش (نائب عكار)، وجدي الهاشم (مهندس)، وليد الهاشم (مهندس)، يوسف حميد معوض (محام واستاذ جامعي).
  • شارك الخبر