hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - مارلين خليفة

"طريق الغاز" تتوّج روسيا "شرطيّاً" للمنطقة

الأربعاء ١٥ تموز ٢٠١٣ - 06:22

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

يقع لبنان وسط تقاطع مصالح دولية متشابكة، خصوصا بعد اكتشاف أحواض غاز ونفط في مياهه، ما يجعله جزءا من «طريق الغاز» التي أعادت روسيا «شرطيا» على منطقة المتوسّط.
ليس سهلا ربط المصالح الدولية الكبرى والصراع الأميركي ـ الروسي ـ الصيني، بما يحدث في سوريا ولبنان، لكنّ العلاقة وطيدة، ويتأثّر لبنان بتطوّر تفاصيلها، كما يشرح لـ«السفير» ديبلوماسي غربي خبير في منطقة الشرق الأوسط، وضليع بالملف الروسي.
صراع «الكبار» في عالم بات متعدّد الأقطاب (أميركا روسيا والصين) يتجسّد بصورة مصغّرة في سوريا، وله تداعياته الأكيدة على لبنان بعد اكتشاف النفط في منطقته الاقتصادية الخالصة، فبات طريقا فرعيا للغاز الذي لطالما كان سببا للحروب، منذ أيام جون روكفلر الذي سيطر على صناعة النفط الأميركية عبر شركة «ستاندرد أويل» عام 1870.
ولا تزال حروب دارفور (أوروانيوم، ذهب ونفط) ومالي (أورانيوم) ماثلة أمامنا، ويعتبر الغاز «اكتشافا» ثمينا للغرب في حوض المتوسّط، حيث يشكّل 80 في المئة من الثروة الموجودة، في ما الـ20 في المئة المتبقية هي من البترول. وتبلغ حصّة لبنان من هذه الثروة 40 في المئة وإسرائيل 25 في المئة.
وتتداخل السيناريوهات السياسية للمنطقة بين لبنان وسوريا وقبرص وتركيا مع المستقبل المرسوم لاستخراج وتوزيع هذه الثروة. من هنا أهمية السؤال: من هو «الزبون» الأول لهذه الثروة الحديثة؟
«إنّها أوروبّا، ثاني أكبر اقتصاد في العالم التي تتحوّل مصانعها تدريجيا من استخدام الكهرباء الى الغاز»، يقول الدبلوماسي الغربي في بيروت، لافتا الى وجود طريقتين لإيصال هذه الثروة المتوسطية الى أوروبا: «الأولى ذات كلفة عالية، وتتمثّل بتكثيف الغاز عبر تسخينه وتصغير حجمه، أما الثانية فعبر تركيا. من هنا أهمية أن يوصل لبنان غازه بتركيا بغية الوصول الى أوروبا، سواء برّاً أو بحراً».
أعلنت إسرائيل ومصر تعاونهما مع تركيا، لكنّ المشكلة القبرصية (قبرص التركية وقبرص اليونانية، وهي نقطة التقاء شركات أوروبا الكبرى) لا تزال عائقا أمام تمرير الغاز، خصوصا في الجزء اليوناني من الجزيرة، من هنا ينصبّ الاهتمام الأوروبي على حلّ المشكلة القبرصية، وتبديد النزاع مع تركيا، تمهيدا لتسهيل وصول الغاز الى أوروبا التي باتت أنقرة مفتاحها».
ثمّة متضرّر رئيسي من هذا «السيناريو» الأوروبي، يتمثّل بروسيا التي تحتكر حاليا نقل الغاز الى أوروبا عبر أنابيب خاصّة بها، وإذا لم تسيطر موسكو بالكامل على «طريق الغاز» في منطقة حوض المتوسط مفسحة الطريق أمام المشروع الأوروبي، فإن أوروبا ستصل الى منابعه مباشرة، من دون وسيط، ما سيؤثّر حتما في الاقتصاد الروسي المتغلغل حاليا في المنطقة، وبالتالي ليس صدفة البتة أن يتواجد 35 ألف مقيم روسي في قبرص و40 مليار دولار في المصارف القبرصية و112 بارجة حربية روسية في البحر وقاعدة عسكرية روسية في طرطوس، واعتبار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن «الغاز هو جزء من المصالح الوطنية الروسية». وليس صدفة أيضا أن يقوم نائب وزير الخارجية الروسي وممثل رئيس الجمهورية الروسية ميخائيل بوغدانوف بجولة لثلاثة أيّام في لبنان شملت 21زيارة، واعتبر أهمها اللقاء مع الهيئات الأرثوذكسية، نظرا الى تركيز روسيا على مستقبل مسيحيي الشرق، وهم جزء من اهتمام روسيا المنصبّ أصلا على غاز حوض البحر الأبيض المتوسّط».
وليست روسيا الطرف الدولي الوحيد الذي يهتمّ بموضوع الغاز، فهنالك مشروع أنابيب قطر، والسعودية، والأردن وسوريا، الذي ينافس خطّ إيران تركيا وأوروبا، من أجل السيطرة على «طريق الغاز»، أو على منبعه.
كيف قبل الأميركيون بالإشراف الروسي على ملفات المنطقة؟
يقول الدبلوماسي الغربي: «التقى الأميركيون والروس في محادثات كيري لافروف على تحديد «عدوّ» مشترك هو الصين، فكان تحالف أميركي ـ روسي في آسيا التي قرر الأميركيون جعلها أولويّة لهم، في مقابل «تلزيم» روسيا لمنطقة «طريق الغاز».
يضيف: «ليست صدفة زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لدولة ميانمار وهي مدخل الصين من البحر، والغنية بالغاز والنفط وثروات طبيعية، وحيث يصبّ البترول الآتي من الخليج لنقله الى الصين وكوريا الشمالية وأفغانستان».
ويلفت: «إنها استراتيجية روسيا الحيوية في منطقتنا التي تقودها بإسم الأرثوذكسية والدفاع عن الوجود المسيحي المشرقي في المنطقة».
تأثير الغاز على سوريا ولبنان
هذا الواقع الإستراتيجي الجديد، الذي رسمته «طريق الغاز»، يؤثر مباشرة في مجريات الأزمة في سوريا وتداعياتها في لبنان، خصوصا بعد أن اتسمت المعارك الحربية والسياسية بطابع طائفي مذهبيّ لا لبس فيه، «سوريا بحدودها التقليدية لم تعد تناسب الكثيرين، وخصوصا العلويين، لكن الغرب وروسيا وضعوا ثوابت ثلاثا سيتمّ العمل تحت مظلّتها: «بقاء حدود سايكس ـ بيكو على حالها وإعادة رسم المنطقة في نطاقها، وهنا يبرز النموذج العراقي ومنع أية أقلية من حكم أكثرية، في مقابل منع أية أكثرية من قمع الأقليات، يضاف إلى ذلك رفض مطلق للتقسيم من غير استبعاد الفيدرالية أو الكونفيدرالية».
من هنا يدخل لبنان في هذا السيناريو الحالي للمنطقة، وسط تمهيد واضح لـ«هيئة تأسيسية» جديدة تضع دستورا حديثا للبلاد، تماشيا مع «طريق الغاز» التي تمرّ لا محالة في «الحوض» اللبناني» كما يعلّق الدبلوماسي الغربي. 

السفير

  • شارك الخبر