hit counter script
شريط الأحداث

بيان الاجتماع الشهري للمطارنة الموارنة في 3 تموز 2013

الأربعاء ١٥ تموز ٢٠١٣ - 14:26

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

عقد المطارنة الموارنة اجتماعهم الشهري في بكركي، برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، ومشاركة الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، وشارك بدعوة خاصة الرؤساء العامون للرهبانيات المارونية، وقد تباحثوا في شؤون كنسية وراعوية، لا سيما تنشئة الطلاب الإكليريكيين، والتنشئة المستديمة للكهنة، وتوقفوا عند ما آلت اليه الأوضاع في لبنان وسوريا.

وفي الختام، وجه المطارنة نداء تلاه أمين سر البطريركية الخوري رفيق الورشا نص على ما يلي:


1- لم يعد يخفى على أحد ان لبنان يمر في لحظة مصيرية حرجة يصعب توقع ما ستؤول اليه، إذا لم يحصن اللبنانيون عيشهم المشترك ويتمسكوا بالمؤسسات الدستورية، حفاظا على كيان لبنان في وحدته وسيادته واستقلاله، وعلى دوره كعنصر سلام واستقرار في المنطقة، بحكم موقعه الجغرافي ونظامه السياسي وميثاق عيشه المشترك على أساس من الوحدة في التنوع.

2- الشعب اللبناني غير راض عن الشحن الطائفي والمذهبي وما يرافقه من أشكال غريبة عن ثقافتنا وتقاليدنا، ومن انتشار للسلاح غير الشرعي، مع تنقل الأحداث الأمنية من منطقة الى أخرى، فهو لم يألف كل ذلك، ويخشى أن يودي بالعيش المشترك، ويفقد الدولة ومؤسساتها هيبتها وحيوية دورها الذي لا يمكن استبداله بأي شيء آخر، لذا، أزفت ساعة الحقيقة لوقفة ضميرية صريحة وحازمة من جميع الأطراف والمرجعيات المسؤولة، تحملهم على المصارحة والمصالحة بحوار متجرد وبناء، أمام خط احمر هو العيش معا والدولة ومؤسساتها الدستورية والجيش والقوى الأمنية.

فيدعو الآباء، بحكم هذه الوقفة التاريخية الشجاعة، الى التخلي عن التنظيمات المسلحة لصالح القوى العسكرية والأمنية الشرعية التي لها وحدها حق امتلاك السلاح واستعماله وهي وحدها الضامنة للسلم الأهلي، فدعمها، بوقوف اللبنانيين الى جانبها وبمنحها الغطاء السياسي، مسؤولية وطنية، ان كل سلاح غير شرعي يستجلب بالمقابل سلاحا غير شرعي، وعندئذ تسود شريعة الغاب، وهذا ما يرفضه شعب لبنان، ولا يمكن أن يقترن العمل الحزبي والسياسي بحمل السلاح، بغية الوصول الى أهدافه الخاصة والنفوذ وفرض إرادته، بل ينبغي أن يعتمد المنافسة الديموقراطية في خياراته التطبيقية للمبادىء الدستورية والثوابت الوطنية بهدف توفير الخير العام للمواطنين، وترقي المجتمع وصالح الدولة.

3- لقد أصيب الشعب اللبناني في صميم كرامته وتطلعاته الوطنية، عندما رأى عجز المجلس النيابي عن إقرار قانون جديد للانتخابات، بعد سنوات من الدرس والتشاور في المشاريع المتعددة، وتغطيته لهذا العجز بالتمديد لنفسه، من غير مبرر مقنع وخلافا للدستور، بقانون مطعون به شرعيا، وتعطيل نصاب المجلس الدستوري لمنعه من القيام بواجب النظر في الطعن، رغم قسم اليمين على تأدية الواجب، هذه الإنتهاكات الثلاثة الخطيرة تفتح الباب واسعا أمام المزيد من ممارسة النفوذ والتسلط والإستبداد، بما فيه خرق الدستور والعرف والتقليد. فلا بد من وضع حد لكل هذا الواقع الشاذ، بدءا بتأليف حكومة جديدة، في أسرع ما يمكن، تكون حرة من التجاذبات السياسية والخلافات، وقادرة على إعادة الحياة الطبيعية الى المؤسسات، وممارسة الحكم وفقا للأصول وإجراء التعيينات اللازمة بعيدا عن تدخل السياسيين.

4- يرزح المواطن اللبناني منذ سنوات تحت وطأة الأزمات الإقتصادية والإجتماعية، فالبطالة تنتشر بسبب تراجع الخدمات ومنافسة اليد العاملة الأجنبية، والفقر يزداد، والأسعار ترتفع، والدين العام يتصاعد، والسياحة التي يعول عليها اللبنانيون قد ضربت، ويدفع المواطن للدولة ضرائب باهظة على سلع ضرورية لحياته يصعب انتاجها في السوق اللبنانية وأخرى محلية ولا يحصل في المقابل على حقه في الخدمات: يدفع فاتورة الكهرباء والمياه مرتين أو أكثر، ويبقى محروما من تأهيل الكثير من الطرق والبنى التحتية وسواها. فما جدوى العمل السياسي إن لم يكن لتوفير الخير العام وخير المواطنين؟ إنه ينتهك أهدافه بذاته، وهذا غير مقبول، ويبقى السؤال: الى متى سيستمر لبنان على هذه الحال؟.

5- ان تطور الأزمة في سوريا واستمرارها في حرب شرسة ومعقدة بسبب عناصر كثيرة متداخلة متشعبة، ومصالح متناقضة، وتدخلات خارجية، ليقلق الجميع، وخصوصا اللبنانيين الذين يريدون، بالدرجة الأولى، الخير للشعب السوري ليخرج من هذه المحنة قبل ان تأكل الحرب الأخضر واليابس، وتفكك نسيج المجتمع السوري، وتضع مستقبل سوريا في مهب الريح، فبإسم الإنسانية والأخوة، يدعو الآباء المجتمع العربي والدولي والسوريين أنفسهم الى اعتماد الحل السياسي والجلوس الى طاولة المفاوضات من أجل إحلال سلام عادل وشامل.

6- إن لبنان يقف الى جانب سوريا بمقدار ما يحافظ على صيغته الفريدة، لا بالتدخل في النزاع تحت أي مبرر كان، ولبنان، الذي التزم بميثاقه الوطني عدم التبعية لأي بلد في الشرق وفي الغرب، اعلن منذ بيان حكومة الإستقلال الأولى انه يريد الخير لبلدان العرب كما هم يريدون الخير له، عاد ليؤكد ذلك في "إعلان بعبدا". فيستحيل عليه أن يناقض بنفسه ما التزم به، لذلك يشجب الآباء كل تدخل لأي لبناني كان في الأزمة السورية، تحريضا ودعما أو مشاركة ميدانية، لأنه خروج على الأعراف اللبنانية وعلى الدستور وعلى مبدأ السيادة، فاللبنانيون الذين عانوا واشتكوا من التدخل الخارجي في شؤونهم، ملزمون بالإمتناع عن انتهاك سيادة دولة أخرى، وفي هذه الحالة سورية، فيجنبون بلادهم تبعات هذا التدخل.

7- ان الأزمة السورية تلقى بثقلها على لبنان بتزايد عدد النازحين السوريين الذي تجاوز المليون، وبات يشكل عبئا كبيرا على الدولة اللبنانية أمنيا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، لذلك يدعو الآباء المجتمعين العربي والدولي لمساعدة لبنان على حمل هذا العبء، وللتخفيف عنه بفتح سائر الدول العربية والمجاورة أبوابها لاستقبالهم على غراره، ونقلهم الى أماكن آمنة في سوريا، بغية تسهيل عودتهم الى بيوتهم وأراضيهم، لكن الحل الأساس هو العمل الجاد على وقف إطلاق النار ودوامة العنف والحرب، فيعود النازحون الى مدنهم وبلداتهم قبل حلول فصل الشتاء وويلاته.

8- ان الآباء إذ يتضرعون الى الله بشفاعة العذراء مريم، سيدة لبنان، كي يحفظ لبنان المكرس لقلبها الطاهر، وتتوقف دوامة العنف في سوريا، ويسألونه حكمة للسياسيين اللبنانيين بحيث يتجاوز لبنان أزمته الراهنة بالحوار الوطني وبالمحافظة على الدولة ومؤسساتها وعلى السلم الأهلي وعلى النهوض بالإقتصاد الوطني وازدهار لبنان، وكلهم ثقة بصلابة الشعب اللبناني وصبره وقدرته على تخطي الصعاب، حتى نقضي صيفا بشكر الله على نعمه وبحمده على مراحمه الكثيرة".  

  • شارك الخبر