hit counter script

- رينيه أبي نادر

منّا الى آبائنا... على طريقتنا

الجمعة ١٥ حزيران ٢٠١٣ - 08:07

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ينال عيد الأب، عاماً بعد آخر، اهتماماً متزايداً من العامة ومن وسائل الإعلام في آن، ولو أنّ العيد لا يخلو، كالعادة، من المظاهر التجاريّة.
أما فريق عمل "ليبانون فايلز" فاختار بعض أعضائه التعبير، بقلم القلب، عن هذه المناسبة. فكانت هذه السطور الموقّعة بحبر المحبّة والوفاء والتقدير.

ربيع الهبر
حين كنت صغيراً كنت اعتقد بأن والدي أقوى رجلٍ في العالم، وبأنه الأذكى في الكون، وبأنه الاكثر أهمية من بين ملايين البشر، ولا قدرة فوق قدرته، ولا أحد يضاهيه... عندما كبر عرفت الحقائق، فيا
والدي، أسعدك الله أينما كنت!
لم يكن والدي الأهم، ولا الاقوى ولا الأذكى، بين البشر... ولكنه كان مهماً، قوياً، ذكياً، كريماً، سخياً، مبدعاً، حر الضمير، واقعيّاً، شهماً، ونبيل الاخلاق... كان يقول الحقيقة مهما كانت بدون مراوبة ولا زيادة ولا نقصان. ولطالما انتقدته أمي على ذلك...
كان مستكشفاً، مثابراً، مطلعاً، لم يترك كتاباً يمر تحت يديه الا وقرأه، أفتخر بكونه من أوائل من ادخلوا واستعملوا المعلوماتية في لبنان، وكان صبوراً جلوداً متابعاً ومتقناً لكل عمل قام به حتى الابداع...
عندما افتقدته عرفت مدى حاجتي اليه، وكأنني أحس في الكثير من الأحيان أنه ولو كان لا يزال حياً لتغير الكثير في حياتي... لأنني كنت غالباً ما ألجأ اليه ليدلني الى القرار الصحيح كلما عجزت عن اتخاذ القرار...
والدي أسعد حياتي في مراحل كثيرة، وكان السند الحقيقي في احلك المراحل، وهو الرجل الرجل الذي لم يكن يهاب لا كبيرة ولا صغيرة فهو الجندي المجهول الذي وقف الى جانب الكثيرين من دون أن يعرف أحد... ثم رحل ونحن نكمل، لينام مرتاحاً. رحم الله ترابك يا والدي، وأسعدك حيثما أنت!

داني حداد
ترعرعت في بيتٍ تتصدّر حائط الصالون فيه صورة كبيرة لرجلٍ في إطار. هي الصورة الوحيدة التي أحفظها عن والدي الذي رحل عن هذه الأرض قبل أن أكمل عامي الأول.
ظلّ أبي سجين هذا الإطار. لم يخرج ليرافقني يوماً الى مدرستي. لم يمسك بيدي لقطع قالب الحلوى في عيدي. لم يرَ بريق عينيّ وأنا أفتح هدايا عيد الميلاد. لم يؤنّبني على علامة خجولة في المدرسة ولم يهنّئني على نجاح. لم يقرأ مقالي الأول. لم يسمعني أتكلّم من على منبر ويقول للجالس بقربه، مفتخراً، "هذا ابني".
لم يفعل ذلك كلّه. بل ثمّة من فعله، فكان أباً وأمّاً في آن.
في عيد الأب، وعلى طريقة بعض الأرمن المحبّبة في الخلط بين الذكور والإناث، أقول: كلّ عيد وأمي بخير...

اسكندر خشاشو
ربما كانت فترة قصيرة تلك التي عرفتك في خلالها، وربما خفّف صغر سنّي عليّ هول خسارتك، لكنّ قناعتي تترسخ يومًا بعد يوم بأن الرجال – الرجال يبقون حاضرين دائمًا بأعمالهم وسمعتهم الطيبة.
... وكأنك موجودٌ. كلما قلبت صفحة من صفحات حياتي أكتشف وجودك أكثر. فكما اكتشفتك في الدراسة التي رسّخت فيّ فكرة تقديسها، اكتشفتك في عملي الذي أكدت لي ضرورة احترامه وإعطائه بضمير كي يبادلني بالمثل، اكتشفك في حياتي اليوميّة وانا اغرف ممّا تركته لي كي أبني عليه مستقبلي.
كم كانت جميلة تلك اللحظة عندما كنت أفتش في إحدى قمصانك لأجد في جيبها ورقة مكتوبٌ عليها بخط يدك "إنما الأمم الاخلاق ما ذهبت فلما ذهبت أخلاقهم ذهبوا" وكم أثرت فيّ وكأنّها تختصرك. ووقوعها بين يدي رسالة إليّ حفظتها وسأسير بها.
فتحية لك في عيدك أينما كنت وحيث أنت، وأعلم أنك بقربي دائمًا وأتمنّى أن أكون قد نلت قليلاً من رضاك، وأعدك بأنّ اليد التي سلمت روحك عليها وهي اليوم امتهنت حمل القلم لن تنادي الا بما تعلّمته منك.

غريس مورا
لا يسعني سوى أن أشكر والدي، ليس فقط على وهبي نعمة الحياة، بل ايضاً على إعطائي شغفي في الحياة والتحرّر والتحلّي بالقوة والاستقلاليّة الذاتيّة لإثبات نفسي وتحقيق احلامي واهدافي، مع اعترافي بانني لا أعبّر له غالباً عن حقيقة شعوري.
هو لم يكن مجرد والد بالنسبة الي أو مثالي الاعلى فقط، بل كان ولا يزال صديقي المقرب الذي اشاركه همومي ومشاكلي الشخصيّة والمهنيّة وأشاطره شجوني وافراحي، ولم أتمكن يوماً ولن أتحمل أن أخذله أو أسبّب له الحزن.
وفي عيده، سأكتفي بشكر "ابو غريس"، مع العلم أنّه لا توجد طريقة تستوفي حقّه، متمنيةً له طول العمر والعافية ليبقى الى جانبي ولأتمكّن من أردّ له القليل من الجميل ولأقول له أنّني "أحبّه كثيراً".

ابراهيم درويش
كرِجي حروفي من دموع عينيّ... بلكي تردّي شوي من فضله عليّ
قدّيش تعكّزت من صغري عليك... وقديش حمّلتك هموم بكل انانية
بعيدك كلمات الدهب قليلة عليك... يا شعلتي ونوري وضي عينيّ
حملت الرجولة بصلابة دَيك... وسقيتنا الكرامة مغمّسة بحنيّة
وحنان الوالدة تجوهر بعينيك... لمّن الموت اختار الام يا بيّ
كلمات متواضعة، إلا انها من القلب مباشرة الى أبي والى كلّ أب في الدنيا.

نادر حجاز
"طلّ الصبح بكّير عا مهلو/ ناطر العرزال يندهلو/ مدلدق على الشباك يشرحلو/ مضيّع اللفتات شي مطرح.
وبيي ينكش وتعبان/ لابس قميص منسّل الخيطان/ من كثر ما خرطش صبح نيسان/ صاير قميصو للصبح مشلح"، هذه صورة والدي الفلاح التي أعشق تلاوينها، والتي لم تسلخها سنوات غربته الطويلة، حاضنة في حناياها اروع ما في ذاكرتنا من اصالة وقيم وتمسّك بالارض والجذور وترجمتها بعض بيوت شعر فوق أولى صفحات دفاتري، بعدما كنت استفيق كلّ صباح على "ضربة معوله" تشقّ للفجر اولى دروبه الى وجداننا المنغمس بحبّ هذا الوطن.
وأما تجاعيد جبينه وكفّيه فتربكني كلما انحنيت اقبّل يديه طالباً رضاه، وغالباً ما يكون واقفاً الى جانب أمي يودعاني أو يستقبلاني هناك تحت عتبة بيتنا الريفي المتواضع، في لحظة تتكرّر اسبوعيا، تفرحني حينا وتحزنني حينا، لكنّها علمتني دائما كما "يرتّل" وديع الصافي: "بتسوا الدني قد الدني وشوي كلمة يا امي وصوت يا بيي".

أنطوان غطاس صعب
اتمنى في عيد الاب، أن يعود كلّ شخص منا الى تعاليم والده التي هي بمثابة خارطة طريق لنا. وأحيّي، في هذه المناسبة، روح والدي الذي سهر الليالي حتى أصل الى ما أنا عليه، ولم يبخل عليّ يوماً بذرّة حنان ومحبّة واهتمام. وسيبقى دائماً مثلي الاعلى في خطواتي المستقبليّة.

جورج غرّة
حبّ، حنان وكرم. شموخ، عزة، إباء وشمم. لك الحروف تنحني ويخضع القلم. صقر تحلق في الفضاء، موطنك القمم. لولاك ما وجدت، وما كان للحياة طعم، وحنانك نبع لن أرتوي منه يوماً يا عبدالله. بين أحضانك أشعر بالأمان تقف لحظات الزمن وأعود طفلك المدلل لتضمّني طوال العمر بحنان. أنت لي الصديق والأخ والسند دللتني قوّيتني قسيتني وصنعت مني رجلاً، لك الروح تفدى. عبدالله أنت اليوم تراني أمامك بعد أن كبرت، ولكن ها قد حان دوري لأريحك في بقيّة الأيّام.

كارلا جرجس
إلى من ضحّى، إلى من كبر وعلّم، إلى من جعلني ما أنا عليه اليوم، أحبّك وأشكر الله لأنك أبي الذي كان دوماً إلى جانبي.

رينيه أبي نادر
لا تكفي هذه السطور كي أعبّر لوالدي عن شكري لما قدّمه لي طوال أعوامي الـ22. رافقني بها، وكان سنداً لي، همّه الوحيد حمايتي من كلّ ما يمكن أن يسبّب لي الأذى. سهر الليالي كي يؤمن لنا لقمة العيش والأمان. إنّه أبي. وكيف لي أن أردّ له الجميل؟ وها إني أطلب من ربي أن يطيل عمره ويحفظه لنا، ويطيل عمري أيضاً كي أتمكّن يوماً ما من الوقوف إلى جانبه، كما فعل دوماً. وأقول اليوم "الدني بيّ مش بس الدني إمّ".
 

  • شارك الخبر