hit counter script
شريط الأحداث

- سنتيا بدران

في كلّ ذكرى...

الخميس ١٥ أيار ٢٠١٣ - 06:33

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ذاكرتي هجرتني. لم أخنها. ولم أسئ إليها. رحلت ولم تستأذن قلبي. غادرت ولم تودّع أيّامي.
من بعيدٍ، يطلّ عليّ ظلّها. إنّها تختبئ وراء الضباب. تنظر الى الخلف فترى دموع كل الأحباب. تخاطب بصمتِ عيونها ألم جميع الأعزّاء. وتبحثُ بدقّةٍ عن أمل الحياة. تلتفتُ إليّ تارةً، وتعود تحني رأسها، تمتمُ شفتاها، ثمّ ترفع نظرها نحو السماء، تأخذ نفساً عميقاً وتخطو خطوةً نحو الأمام.
وها هي تدخل بيتاً للإنسان.
لم أرَ يوماً هذا الحزن يسكن كيانها. ولم أسمع أبداً هذا الصمت يغازل صوتها. في الأمس كانت تضحك عالياً، وكانت السعادة تملأ وجنتيها. ما بالها؟ لماذا غدرت بنفسي وفارقتني؟
وها قد طال انتظاري لها. ربّما لن تخرج أبداً من ذلك البيت الخشبيّ المهجور. ويا ليتني أدرك ما وراء بابه الأحمر المخملّي؟
ها هي الرياح تستجيب طلباتي، فتفتح الباب ولو قليلاً، ولكن كافياً لأراها. لأتذكّر أنّ تصرّفها ليس بغريبٍ ولا بجديد. لا بل إنه تقليدٌ سنويٌّ يتكرّر في ليل كلّ ثلاثين أيّار. ولأدرك أنّني أسأتُ الفهم: إنّ حزنها ليس سوى رجاء، وصمتها ليس إلّا صلاة.
إنها تعترف أمام الله بخطايا الحرب والسلام. إنها نادمةٌ على كل ذنوب الأرض والمياه. إنّها تطهّر دموعها من غبار الأحصنة والفئران. إنها تُفرغ الأحقاد والآلام من جرارها، لتملأها من كرْم الصبر والحكمة، لعلّ خمرها يفيض محبّةً على الناس.
وها هي تعود إليّ، ترقص على أنغام الأعياد، مبتسمة الوجه، مرتديةً عقد الإيمان، وبيدها تحمل وردة السلام، تغمرني بحرارةٍ وتشدّني الى صدرها، وتصرخ بفرحٍ: كلّ عامٍ وأنتِ بألف خير.
 

  • شارك الخبر