hit counter script

مقالات مختارة - آمال خليل

الحريري رئيساً لحكومة «الأمر الواقع» ضد قباني

الأربعاء ١٥ أيار ٢٠١٣ - 08:38

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الاخبار

عند الثامنة من صباح أمس، والتزاماً بالدوام الرسمي، دخل مفتي صيدا المكلف الشيخ أحمد نصار إلى مكتبه في دار الإفتاء في المدينة. وقام، كما أكد، بالاتصال بالمفتي المنتهية ولايته الشيخ سليم سوسان يبلغه الحضور إلى الدار واستقبال موفد مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني المؤلف من المدير العام للأوقاف الشيخ هشام خليفة وأمين سر دار الفتوى الشيخ أمين الكردي اللذين سيبلغانه تسلم نصار لمنصبه وشروعه في المداومة في مكتب المفتي في صيدا.

سارع سوسان إلى الدار، ليلحق به وفد من تيار المستقبل في المدينة للتضامن معه ورفض دخول نصار، معتبرين ما فعله الأخير «احتلالاً مباغتاً للدار»، وطالبوه بالمغادرة. أثارت الدعوة تلاسناً بين بعض أعضاء الوفد من جهة وبين نصار وخليفة والكردي من جهة أخرى. بعد «المستقبليين»، حضر قائد منطقة الجنوب في قوى الأمن الداخلي العميد طارق عبدالله الذي تلاسن أيضاً مع مرافق نصار وطلب منه إبراز رخصة السلاح الذي يحمله. أجواء التوتر لم تؤثر على المفتيين اللذين أصرّا على عدم مغادرة الدار، لكنها انعكست على أجواء المدينة. ففي حين توافد أنصار نصار لمؤازرته في الدار، اجتمع مجلس الأمن الفرعي في مكتب محافظ الجنوب بالوكالة نقولا أبو ضاهر وقرر تكثيف الدوريات الأمنية في محيط الدار حفاظاً على الأمن والسلامة العامة. وأمل أعضاؤه «حلّ المسألة بالطرق الودية والقانونية». أما النائبة بهية الحريري فقد أجرت اتصالات بقادة الأجهزة الأمنية وطلبت منهم التدخل لحماية الدار من نصار. الجيش نأى بجنوده عن هذا الصراع السياسي، وثبّت دورية على بعد أمتار من الدار لفض أي إشكال إذا حصل. لكن فرع المعلومات وقوى الأمن الداخلي لبّيا طلب الحريري، بحماسة. قائد سرية صيدا ترأس قوة من الدرك انتشرت في محيط الدار، أما المعلومات فأرسل من بيروت قوة ضاربة مؤلفة من أكثر من اثنتي عشرة آلية أمنية وعشرات العناصر المدجّجين بالسلاح انتشروا في وضعية الاستنفار، وأقفلوا الشارع المحاذي للدار أمام السيارات والمارة، ومنعوا الأهالي من التوجه إلى المدارس المجاورة للدار لاصطحاب أبنائهم بعد انتهاء الدوام المدرسي. وأكّدت مصادر صيداوية قريبة من تيار المستقبل لـ«الأخبار» أن الرئيس سعد الحريري اتصل برئيس فرع المعلومات العقيد عماد عثمان، طالباً منه إرسال القوة الضاربة إلى صيدا لمنع نصار من دخول دار الإفتاء. حصل الانتشار «المعلوماتي» أثناء خروج المفتيين معاً لتأدية الصلاة في مسجد مجاور للدار. سوسان أنهى صلاته قبل نصار وعاد إلى مكتبه. لكن الأخير لم يتمكن من العودة، إذ منعه عناصر القوة الضاربة من الدخول، فاعتصم مع مناصريه على الدرج وطالب من هناك الجيش بالتدخل لفك حصار الدار. في تلك الأثناء، ترأس سوسان اجتماعاً لأعضاء الهيئة الناخبة للمجلس الشرعي في صيدا. ولدى انتهاء الدوام الرسمي عند الثانية بعد الظهر، خرج سوسان وأقفل باب الدار وصافح نصار قبل أن يغادر إلى منزله، واعداً بالعودة صباح اليوم ليداوم كعادته، فيما تولى عناصر القوة الضاربة إقفال الباب بأجسادهم وأسلحتهم، مانعين أياً كان من دخول الدار، قبل ان يغادروا بعد ساعات ويسلموا المهمة للدرك، فيما اتصل قباني بقائد الجيش جان قهوجي، طالباً منه تولّي حماية إفتاء صيدا.
مناصرو نصار رأوا أن مفتيهم تعرض لفخ باستغلال خروجه من الدار للصلاة، فيما أسف آخرون لما حصل، معتبرين أن «أزمة الإفتاء عمّقت فرز أهل السنّة في صيدا بين 8 و14 آذار». أما نصار فقد أصرّ بدوره على العودة اليوم إلى الدار لممارسة مهماته بعد التنسيق مع قباني، رافضاً استبدال مكتبه بمقر آخر. وأكد أن «الست بهية» والرئيس فؤاد السنيورة هما من يديران اللعبة ويضغطان على سوسان للبقاء في منصبه، مستغرباً «حضور القوة الضاربة من بيروت، فيما لم تأت في أزمات أمنية أكثر خطورة تعرضت لها المدينة». وبعد مغادرة سوسان، اختار نصار أن يغادر أيضاً منعاً لتطور الأمور وانفلاتها في حال تواجه مناصرو المفتيين.
وفي حديث إلى «الأخبار»، أشار سوسان إلى أنه استنفد كل المحاولات «لامتصاص تداعيات الأزمة والتهدئة وضبط النفس لمنع وقوع فتنة في المدينة»، لكن دخول نصار «بهذه الطريقة» إلى الدار غيّر حساباته. فلم يعد يوافق على الذهاب للقاء قباني في حال اتصل به شخصياً، كما سبق أن قال قبل يومين. خطته للمرحلة الراهنة تقوم على اقتراحات ثلاثة لحل الأزمة، فإما أن يذهب المتضرر (نصار) إلى القضاء ليفصل في القضية، وإما أن تجرى انتخابات المفتين، أو يعيد قباني النظر في قراره بإنهاء ولايته. ونفى أن يكون هو من استدعى الدرك وفرع المعلومات، مبرراً حضور القوة الضاربة من بيروت بأنها «شعرت بوجود خضة أمنية». وجزم بأنه لن يسلم دار الإفتاء «ما دمت حياً، لأني المفتي الشرعي بقرار المجلس الشرعي الأعلى المنشور في الجريدة الرسمية، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً».
الرئيس نجيب ميقاتي ذكّر بأن سوسان مستمر بمهماته كمفت حتى إجراء الانتخابات استناداً إلى قرار المجلس الشرعي، داعياً كل ذي صفة إلى الطعن أصولاً لدى القضاء المختص في القرار. أما نائب رئيس المجلس عمر مسقاوي، فاعتبر ما قام به نصار «معيباً ومخزياً وتحدياً لرأي الناخبين في صيدا».
وقد أصدر مفتي الجمهورية بياناً أكّد فيه أن تعيين الشيخ نصار كان قانونياً. وانتقد ميقاتي قائلاً إن «رئيس الحكومة هو عضو طبيعي في المجلس الشرعي شأنه شأن رؤساء الحكومات السابقين وله صوتٌ واحد في المجلس ولا يتمتع بأي صلاحيات عملية أو سلطة وصاية على مفتي الجمهورية أو المجلس الشرعي وقراراته». وأكد قباني «شرعية وقانونية تكليف الشيخ نصار مفتياً لصيدا ومناطقها كسائر التكاليف الصادرة عنه سابقاً لسائر المفتين». وتساءل: «لماذا لم تعدّ التكاليف الصادرة عنه اليوم لبعض المفتين غير شرعية وغير قانونية إلا لأن رجال السياسة يحاولون إخضاع قرارات مفتي الجمهورية لأهوائهم السياسية؟».

  • شارك الخبر