hit counter script

كلمة العماد ميشال عون في العشاء السنوي لهيئة قضاء المتن في "التيار الوطني الحر"

الأحد ١٥ أيار ٢٠١٣ - 12:29

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أقامت هيئة قضاء المتن في "التيار الوطني الحر" امس عشاءها السنوي في فندق "لو رويال" الضبيه، في حضور رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون ونواب المتن وعدد كبير من المسؤولين في التيار ومسؤولي المنسقيات.

والقى العماد عون كلمة عرض فيها للأوضاع في لبنان والمنطقة، بخاصة ما حصل في اليومين الماضيين بشأن قانون الانتخاب، معتبرا أن المسيحيين قد خسروا فرصة كبيرة بالمناصفة بسبب الخرق من الداخل. ودعاهم، كما دعا اللبنانيين كافة، الى "محاسبة من سرق حقوق المسيحيين ومن ضرب المناصفة ومنع تحقيق العدالة، وذلك في صناديق الاقتراع".

وقال: "المواضيع التي من الممكن تناولها اليوم كثيرة، فالأحداث متزاحمة في لبنان، وإذا تكلمنا عن حدوده وعن جيرانه، سنستغرق ليلة كاملة لنشرح حقيقة الوضع، وإذا تكلمنا عن الداخل، سنستغرق أيضا ليلة كاملة لنشرح حقيقة الوضع، وإذا تكلمنا عن مكوناته الإجتماعية المتضعضعة، أيضا وأيضا، نحتاج لليلة كاملة لنشرح حقيقتها.. ولكن سنحاول اختصار الوضع بكلمة موجزة على مستوى المبادئ..
وضعنا الداخلي اليوم الناتج عن انهيار كبير حدث، ولكننا لا نزال صامدين، ونستطيع تصحيح الإنهيارات بمشاركتكم. كان لدينا فرصة كبيرة، عملنا عليها طويلا بهدف إيصالها إلى مجلس النواب اللبناني وإنجاحها. لقد أتحفونا باتفاق الطائف، وبعد 15 عاما جعلوا من الطائف دستورا وجمعوا بداخله كل ما هو ميثاقي، وقد قبلنا به وتأقلمنا معه لأنه تحول إلى أمر واقع تقبله جميع اللبنانيين. وعندما قمنا بمراجعته، وجدنا أن النقاط الإيجابية التي يتضمنها، غير منفذة، فلا التمثيل الصحيح موجود، ولا اللامركزية الإدارية قائمة، ولا العمل الإداري صحيح، ولا أموال الخزينة مصانة، ولا الأمن محفوظ، ولا السياسة الخارجية واضحة... إلى أن وصلنا إلى مرحلة النأي بالنفس".

اضاف: "لم نقصد بالنأي بالنفس، الأمور التي تحصل داخل الأراضي اللبنانية، إنما الأحداث التي تحصل على حدود لبنان.. فقلنا من الأفضل ألا نتدخل في تلك الحرب الأهلية التي تتشارك فيها كبرى دول العالم، وبطبيعة الحال، الصراع الدائر هو أكبر منا جميعا، ولكن سياسة النأي بالنفس عن الخارج، تحولت إلى نأي بالنفس عن عكار وعن طرابلس وعن البقاع وعن عرسال، ونتج عن تلك الأحداث دخول كثيف من قبل النازحين من سوريا إلى لبنان. نبهت لهذا الموضوع يوم كان لا يزال عدد النازحين يقدر بحوالى 300 نازح. نبهتهم يومها إلى ضرورة ضبط الدخول غير الشرعي إلى لبنان مهما كانت أسبابه. كان يجب ترك بعض الممرات مفتوحة أمام النازحين، لئلا نتهم باللاإنسانية، ولكن كان يجب أيضا أن نتحقق من هوية كل نازح، ومن المكان الذي سيسكنه. كررنا التحذيرات، فاتهمنا بالعنصرية، لأنه وبمفهوم هؤلاء، كان يجب أن نترك الآخرين ليستبيحوا بيتنا ووطننا، ويجب أن يرتفع منسوب الجريمة على أرضنا، كي نكون إنسانيين. من قدم تلك النصائح؟ من قدموا لنا النصائح وضغطوا علينا، هم نفسهم من يرسلون السلاح إلى سوريا، ويغذون الحرب بداخلها، ثم يقومون بإلباسنا نتائجها.. طالبناهم بنسبة 1% من المليارات التي صرفت على الحرب كي نعالج نتائجها، إلا أنهم رفضوا، هم يلعبون دور الضحايا ونحن نتحمل مسؤوليتها، هذا اختصار للواقع المادي الناتج عن أحداث سوريا. ولكن الواقع الآخر هو دخول المتطرفين الذين يكفروننا إلى لبنان. هؤلاء لا يؤمنون بحرية المعتقد. من يعلم ماذا يعني التكفير وما هي نتائجه، هؤلاء يحللون فعل أي شيء بمن يعتبرونه كافرا. استبيحت سيادتنا وأرزاقنا، وكذلك معتقداتنا وأدياننا: قطع طرقات، تسلط، تحريض طائفي ومذهبي، وإذا اعترضنا، تصدر الفتاوى بقتلنا. وهكذا دواليك".

وتابع: "نبهنا من أن إستمرار الفلتان الحدودي بهدف تهريب الرجال والعتاد والسلاح، سينقل الأحداث لتتربع على طرفي الحدود. ونبهت أيضا في السابع من تموز خلال عشاء هيئة قضاء الشوف، أهالي الشمال وعكار تحديدا، من أن يحصل في مناطقهم كما حصل في المناطق الجنوبية، وقلت لهم أن يطالبوا الجيش بحفظ مناطقهم، علما أن معظم عناصر الجيش هم من تلك المنطقة. لم يستمع أحد إلى كل تلك التنبيهات، ولكنهم استفاقوا عندما تدخل حزب الله في الحرب الدائرة في سوريا وتحديدا في مناطق يسكنها لبنانيون على حدود الهرمل وقرب عرسال وعلى الطريق المؤدي إلى منطقة القصير ومن بعدها إلى حمص. تدخل حزب الله لأن الحرب كانت متوجهة نحو أرضنا، فلاقاها عناصره خارج الحدود. نحن نبهنا من نتائج الفلتان الحدودي، ولكن أحدا لم يعر اهتمامه لتنبيهاتنا. الفلتان الحدودي في البقاع يشبه الفلتان الحدودي في الجنوب حيث لا جيش يحمي القرى الجنوبية، وعندما تبرع أهالي تلك القرى لحمايتها، اتهموا بحمل السلاح بهدف احتلال أرض وطنهم. من يحتلون؟"

واضاف: "يقارنون سلاح التكفير بسلاح المقاومة، ولكن هل المقاييس متشابهة؟؟
انفتحنا على كل مكونات المجتمع اللبناني إثر وثيقة التفاهم مع المقاومة.. في اليوم التالي، كتبت بعض الصحف أن وثيقة التفاهم هذه هي تحالف ماروني شيعي ضد السنة، مع العلم أننا عرضنا الوثيقة على الجميع وطلبنا منهم المشاركة بها، بعد أن أبدينا انفتاحنا على تعديل أي أمر يريدون تعديله. ولكن حرب النوايا لا تتوقف، وأنا أكثر المتعرضين لنيران تلك الحرب، وبات الجميع يعلم ذلك.
منذ بضعة أيام، بدأت هجمة جديدة على نوايانا. قلت يوم الأربعاء "إن التنازل الذي حصل اليوم هو تنازل على التنازل الذي حصل في اتفاق الطائف. يحق لنا بـ64 نائبا، وقد تنازلنا عنهم اليوم". قلنا ذلك وانهالت الهجومات علينا. من حق الناس أن يضيقوا ذرعا مما حصل، لأنهم يعيشون الأزمة، ونحن نعلم مدى تأثيرها عليهم، ولكننا لم نحرض أحدا. لقد قلت إننا خسرنا مناسبة عظيمة ولكننا لا نزال "واقفين" ونريد أن نحصلها بسرعة. اتهمونا بأننا أطلقنا السباب والِشتائم، وبدأت تنهال علينا النصائح، ويلقون اللوم علينا بحجة أننا نذكر بالماضي، ولكن من يذكر بالماضي؟ لقد تحدثنا عن الحاضر الذي نعيشه" .

وسأل: "أليس لنا الحق كسياسيين في أن ننتقد تصرفا سياسيا هدر لنا حقنا حتى ولو كان هذا التصرف نابعا من شخص منا وفينا؟ مقابل ماذا حصل التنازل؟ لقد قالوا إنهم رفضوه للحفاظ على الوحدة الوطنية، ولكن هل هم محافظون عليها؟
لم يتركوا شتيمة إلا وأطلقوها علينا، لم يتركوا اتهاما إلا وألصقوه بنا. قاموا بحملة ضدنا واتهمونا أننا ضد "أهل السنة" عندما طالبنا بتسريح موظفين فاسدين يشغلون مراكز في الدولة، وهم لا يريدون التخلي عنهم. ماذا أفعل إذا كان رئيس الوزراء "السني" يحافظ عليهم ويؤمن لهم الحماية؟ خطاباتي لا تحمل كلمة واحدة ضد السنة. لقد كنت ضد موظفين فاسدين ولم أنتقد مذهبية الموظفين، إنما سلوكهم وأداءهم، لأن هناك سرقة وعرقلة لسير الأعمال" .

واكد ان "قانون اللقاء الأرثوذكسي كان فرصة كبيرة خسرناها بسبب الاختراق من الداخل، فالظروف التي نشأت حول هذا القانون استثنائية، ومن يستطيع أن يضمن الجو الداخلي للعودة إليه مرة أخرى؟ من يضمن أن يكون الوضع الإقليمي كما هو الآن؟ من يضمن عدم خروج قواعد جديدة في الشرق الأوسط تقوم بتغيير اللعبة؟ هل فكر الذين عرقلوا إقرار الأرثوذكسي بأبعاد هذا الأمر؟
كنا أربعة أطراف بالإضافة إلى غبطة البطريرك عندما اتفقنا على توحيد المواقف، فكيف يسمح أحد لنفسه بأن يبلغنا أنه عقد اتفاقا وصمم على التفرد بالنسبة إلى حقوق الجماعة ؟ كيف ذلك؟ نحن ضحينا بكل شيء كي ننجح، ونسينا الماضي، ولكنه هو من يعيد تذكيرنا به كما لو كان بريئا منه في حين أنه هو من صنعه.
أطلقوا علينا التهم جزافا، واتهمونا بكل ما ارتكبوه هم. فإلى متى ستبقى عهود النفاق مستمرة في هذه الدولة، ومنذ متى بتنا نعيد اعتبار المجرم وإلى متى سيبقى الفساد جزءا من ثقافتنا؟"

اضاف: "أتينا بالوثائق، وكتبنا كتابا ووقعناه ونتحمل مسؤوليته، بالمقابل يخرج أي "سافل" ليقول لنا إننا سرقنا. أين هي المحاكم؟ نقدم إخبارا للقضاء ولكنه لا يتحرك، ونقوم بتشكيلات قضائية لا يجري التوقيع عليها. قانون اللقاء الأرثوذكسي وضعه أشخاص يعرفون جيدا بالدستور وراجعه دستوريون، ولكن رئيس الجمهورية بالذات تدخل ليقول إن هذا القانون غير دستوري. فمن أعطاه الصلاحية كي يصنف القوانين؟ للرئيس حق إبداء الرأي به وإحالته إلى المجلس الدستوري بعد أن يصل إليه مصدقا من مجلس النواب. ما الغاية من هذا التصرف؟ الغاية هي زرع الخوف والشك في قلوب الجميع كي يترددوا في طرح هذا القانون على الرغم من أنه دستوري.
من سبق وشغلوا مناصب في المجلس الدستوري عليهم أن يتحدثوا الآن. وهنا لا أتحدث عمن هم موجودون في المجلس لأنهم تحت تأثير السلطات التي قامت بتعيينهم، إنما أتحدث عن الأشخاص الذين كانوا وهم الآن أحرار. يجب أن يعطوا رأيهم بهذا القانون، الذي هو القانون الدستوري الوحيد لأنه يحترم نصوص الدستور وجميع القوانين. منذ العام 1992 وحتى اليوم لم يمر أي قانون دستوري، لأنها جميعها كانت قائمة على سلطة باطلة.
لا يؤسس 13% من الشعب اللبناني برلمانا، لذلك قام من تولوا السلطة في العام 1992 بوضع قوانين تمدد لهم سلطتهم، وفي كل انتخابات كانوا يضعون قانونا انتخابيا لتنظيم التوزيع وفقا للمطلوب، حتى وصلنا إلى قانون العام 2000 الذي تبرأوا منه وقالوا إنه من فعل السوريين. إذا كان من فعل السوريين في العام 2000 فلماذا كرروه في العام 2005؟! ولما لم يصححوه في العام 2009 إلا بعد عراك طويل في قطر، كدنا نفقد الإتفاق فيه بسبب تشبثنا بتصحيح قانون الإنتخاب، فصححنا منه قسما ولكن بقي منه قسم كبير غير مصحح. إذا، مشروع قانون اللقاء الأرثوذكسي، استند إلى دراسات من الذين تقدمونا، من المطران صليبي والأستاذ إدمون نعيم والأستاذ رباط وكلهم من كبار القانونيين، وقد سبق وطرحوا الفكرة وعملوا من أجلها بعد انتخابات العام 1964 على ما أعتقد عندما نجح أحد النواب بأقل من 100 صوت" .

وسأل: "لماذا أصبح القانون اليوم غير دستوري ويمس بالعيش المشترك! أي عيش مشترك إذا كان الرؤساء الكبار مقسمين إلى طوائف، والصغار إلى طوائف، والإدارات مقسمة بحسب الطوائف وكذلك أقلام الإقتراع. فإذا صوت الماروني في قلم الموارنة والدرزي في قلم الدروز، وهم يصوتون أصلا وفقا لهذا الأمر، لا يعود هناك عيش مشترك بوضعنا للمرشحين على دائرة واحدة ؟! لقد اقترحنا أيضا قانونا يجمع كل الطوائف على لائحة واحدة وهو قانون النسبية ضمن الدائرة الواحدة، فينتخب المواطن 128 نائبا ولم يوافقوا عليه. إذن، فالغاية ليست إذا كان القانون يمس بالعيش المشترك أو لا يمس.
لقد طرحنا قانون اللقاء الأرثوذكسي من أجل العدالة، ولكنهم حسبوا أنهم سيخسرون في هذا القانون لذلك رفضوه. هم يعملون من أجل السلطة فيما نعمل نحن من أجل تحقيق العدل في لبنان، لأنه إذا لم يكن هناك عدل أو عدالة لا يمكن أن يرتكز الوطن على أرض مستقرة".

واوضح: "تكتلنا اسمه التغيير والإصلاح، إذا فاختيارنا لهذا الإسم ليس نوعا من الدعاية، إنما لكونه يدل على تفكيرنا، فالتغيير بالنسبة الينا هو تغيير النظرة إلى الدولة وتغيير النهج الفكري في بنائها وتغيير العلاقة بين الدولة والمواطن وتغيير عادات وتقاليد كثيرة في المجتمع اللبناني، وأولها مسألة الفساد التي تخرب لبنان، فكيف سيؤتمن إنسان فاسد على خزينة الدولة، وقد أوصلنا هذا لإئتمان سابقا إلى 35 مليار مفقودة أو غير محسوبة أو مهدورة.
جميع هذه العادات يجب أن نغيرها عن طريق التوعية والكلام والسلوك، وهذا الأخير هو الأمر الأهم. أفضل نموذج تعليمي للمواطنين سواء أكانوا كبارا أو صغارا هو السلوك، فلا أستطيع أن أبشر بالفضيلة مثلا إذا كنت فاسدا، الأمر بسيط جدا. ومن دون أن أبشر بالفضيلة، يمكن لحياتي وسلوكي أن يكونا نموذجا فاضلا يكون له تأثير أكبر من اللسان. نحن نطبق الأفعال على الأقوال، وتهمنا المصداقية لأنها رأسمالنا. ليس عندنا لا بئر بترول ولا مصرف ولا عندنا أحد يصرف علينا. محبتكم ومصداقيتنا معكم.. بهما يمكننا أن نبني الوطن وليس بأي شيء غيرهما.
إذن الضربات تأتي من الداخل ولكن علينا إصلاحها. شعرت أن المجتمع صدم، وطبعا الصدمة كبيرة ولكنها ككل صدمة قد توقظنا أو قد تقتلنا. بالنسبة الي، هذه الصدمة هي لتوقظكم، لأن الأمور ليست سارية بشكل سليم، وذلك لأن الخطأ هو فينا نحن. عندما كان بعضنا ينادي بمواضيع معينة ويعمل لإصلاحها لم يحصل التفاعل اللازم. أولادنا يذهبون باتجاه الجريمة، لماذا؟ مخدرات وجريمة وسلوك سيىء.. لماذا؟ لأنهم أصبحوا يائسين، يائسين من هذه الحالة وليس لديهم أفق فيه أمل. طاقتهم تتحول الى عدائية بدل أن تتحول إلى جهاد لتحقيق شيء إيجابي، فيتلهون بالسلبيات" .

وتابع: "أقول لكم اليوم إن حقنا لم يمت، ونريد أن نسترجعه. نريد حقنا كاملا، ولكن كيف سنسترجعه؟ نسترجعه بعدم اقتراعنا لمن تنكروا لهذا الحق، لعدم اقتراعنا لهم أو لحلفائهم. ممنوع أن نعطي أصواتنا لمن تنكر لحقوقنا وتسبب بخسارتنا لها! لا يهم إن كان مسيحيا أم درزيا أم شيعيا أم سنيا! لا يجب أن يأخذ من سرق حقنا صوتا من أصواتنا.وهذه الدعوة موجهة الى كل اللبنانيين. كل الذين اعترفوا بحقنا من باقي الطوائف، وكل المسروقين من اللبنانيين أي المسيحيين بجميع طوائفهم، عليهم أن يحرموا الآخرين من أصواتهم، لأنه لا يمكن أن نكافىء السارق. تصوروا أنه في هذا البلد، إذا اتفق اثنان على أن يسرقوا عشرة أشخاص، لا يمكن لخمسة منهم أن يسترجعوا حقوقهم هذه! يحتاجون لإجماع حتى يستردوا المسروق، وهذا ما حصل في مجلس النواب. لا أعرف كيف أن مادة دستورية في الدستور تتطلب إجماعا. كل ما في الدستور هو الميثاق اللبناني. ولكن حصلت اجتهادات بالفعل غريبة عجيبة.
نعاني اليوم كثيرا من الممارسة السياسية ومن اليأس الشعبي. ومشكلتنا هي أن بعض الأطراف تظن أن بإمكانها أن تؤمن الحكم لوحدها ومن دون مشاركة أحد، ولا بد هنا أن يعي الجميع ضرورة أن يكونوا متحدين، لأنه لا يمكن تأليف حكومة إلا بالتفاهم.
تذكرون أنه في العام 2004، عشية الاستقلال، وبعد نجاح القانون الذي كنا نعمل عليه في الكونغرس الأميركي لاستعادة سيادة لبنان، وبعد أن بدأت تباشير الانسحاب السوري تلوح في إجراءات الأمم المتحدة، دعوت الأفرقاء اللبنانيين الى لقاء وطني يجمع المعارضين والموالين حتى ننظم الوضع بعد الخروج السوري، وأرسلنا دعوات خطية وقلنا لهم: "لا تكابروا ولا ترفضوا لأن النتائج ستكون وخيمة".
وكلنا نعرف الى أين أوصلت المكابرة وإرادة التفرد، وعدم وجود النظرة الواعية والاستباقية، ولا الإرادة الطيبة. وظن البعض أن بإمكانهم أن يحققوا نصرا على الآخرين. كل تلك الإعتقادات كانت خاطئة، وهناك من دفعوا حياتهم ثمنها، وبالنتيجة، ليس بإمكان أي طرف أن يبني الوطن لوحده. وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم، ولكن استرجاع الحقوق وبسرعة في أقرب انتخابات يتطلب موقفا موحدا، ليس للانتقام ولا لدفعنا للوصول إلى السلطة، فنحن لدينا هدف، وأنا سبق وأعلنت أنني مستغني عن أي مكسب شخصي، ولا أريد شيئا لنفسي، لأني الحمد لله نلت جميع الألقاب التي يمكن أن يسعى إليها الإنسان ولا حاجة الى المزيد. المهم هو تحقيق العدالة واستعادة حقوق المسيحيين. إذن، آمل أن يعاهد كل مواطن نفسه بأن يسعى لتحقيق هذا الهدف، فإن نجحتم لمرة واحدة، تربحون الوطن وتربحون المجتمع وتصلحونه كله، فأمام هذه الأحادية المذهبية القائمة في لبنان سيضيع المسيحي. ولا يوجد غير قانون اللقاء الأرثوذكسي قادرا على كسر هذه الأحادية، لأنه سينقل التنافس الى داخل الطائفة الواحدة ولا يتكل المرشح على الآخرين كي يصبح نائبا بل على قدرته هو. مجتمع "كريات الحديد"، التي تضرب ببعضها وتصدر أصواتا هو مجتمعنا اليوم، فالأحادية جعلت من الطوائف كرة حديد، أما عندما يصبح التنافس داخل المذاهب عندها يصير هناك تلاق حقيقي من أجل الوحدة الوطنية، وخلاف ذلك هو كذِب بكَذِب. لا أحد يهدد أحدا، والعيش المشترك ليس مهددا، لأنه بعد الهدم والقتل والتهجير تمكن المسيحيون من أن يتغلبوا على كل جراحهم، ونسوا من أجل العيش المشترك" .

وختم عون: "لقد طفح الكيل، ومن غير المقبول أن من أجرم في لبنان، على كل الأراضي اللبنانية، ومن كل المذاهب والطوائف - حتى لا يقولوا إني أقصد أحدا معينا، بل أنا أقصد الكل - أن يظلوا متمسكين بالسلطة ويعطوا دروسا في الأخلاق ويكذبوا على الجمهور، ثم يصنفون الناس "حراميي" من دون وثائق ومن دون دليل، ودائما وكما يقول المثل الشهير: "لا ترشَق الحجارة إلا على الأشجار المثمرة."
 

  • شارك الخبر