hit counter script

- رينيه أبي نادر

أسرار "ذهبيّة" عن الذهب وأسعاره: أيّ تأثير لانخفاض الأسعار على العملة اللبنانيّة؟

الجمعة ١٥ أيار ٢٠١٣ - 06:31

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

شهد الذهب خسائر كبيرة في 15 نيسان 2013 وتراجع 4.9 في المئة إلى 1403.90 دولاراً للأوقية بدايةً، ثمّ ما لبث أن تراجع مجدّداً تراجعاً غير مسبوق، إذ انخفض سعره عن 1400 دولار للأونصة مسجّلاً 1397 دولارا. وقد طمأن هذا الانخفاض في الأسعار المستهلك، فبعض محلات الذهب استغلّت الفرصة واشترت الذّهب بسعر رخيص نسبيّاً، ثمّ عندما عاد وارتفع سعره، باعت الذّهب الذي اشترته بأسعار عالية.
إلا أنّ اللبنانيين تخوّفوا من تأثير تراجع سعر الذّهب على العملة اللبنانيّة، خصوصاً أنّ هناك فكرة شائعة بأنّ لبنان يعتمد بنسبة كبيرة على الودائع المصرفية المتمثّلة بالصّفائح الذّهبية.
وفي هذا السياق، أكّد الخبير الإقتصاديّ إيلي يشوعي أنّ النظام النقدي العالمي لم يعد مرتبطاً بالذهب كما كان قبل العام 1971، عندما كانت كل أونصة ذهب تساوي 33 دولارا.
وقال يشوعي في حديث لـ"ليبانون فايلز": "في العام 1971 لم تعد الولايات المتحدة الأميركية قادرة على تحويل الدولارات الى ذهب، فاضطرّت أن تفصل بين العملة الأميركية أي الدولار، والذهب، لأن العملات مرتبطة بالدولار، والدولار مثبّت باتجاه الذّهب، وكانت كلّ العملات ثابتة، أي بنظام قطع ثابت، ودخلت الولايات المتحدة والعالم كلّه في حقبة جديدة هي حقبة "المرونة النقدية"، أو ما يعرف بـ"نظام القطعي المرن"، مشيراً إلى أنّه منذ العام 1971، أصبحت قيمة الذّهب تكمن فقط بتحويله الى عملات دولية مثل اليورو والدولار والين الياباني والفرنك السويسري وغيرها.
وأضاف: "في العام 1990، تخلّى الأوروبيون عما يعرف بـ"الحيّة النقدية"، التي كانت تسمح للعملات بأن تتغيّر ضمن هوامش ضيّقة، ما بين 2% و4%، فأصبحت تزيد هذه الهوامش إلى درجة لم يعد باستطاعتهم ضبط "الحيّة النقدية"، وبالتالي، أصبحت كل العملات في العالم أجمع غير مرتبطة بالذهب، انما مرتبطة بالمؤشرات الإقتصادية التي وضعتها الدول الصّناعية المتطوّرة من أجل أن تكون فعلاً، هي المرجع في مجال تقييميّ، حرّ، سوقيّ في سعر صرف عملاتها".
ولفت يشوعي إلى انّ "النظام النقدي العالمي اليوم غير مرتبط بالذهب، وبالتالي مرتبط بالمؤشرات الاقتصادية"، شارحاً أنه "عندما تراجعت المؤشرات الاقتصادية في الولايات المتحدة جراء الأزمة المالية العالمية، وأبرز عناصرها درجة النمو، ونسبة البطالة، وميزان المدفوعات، وعجز الموازنة العامة، والدين العام، انهارت العملة"، معتبراً الأخيرة "كالمرآة، تعكس الحالة الاقتصادية والمؤشرات الاقتصادية".
من هذا المنطلق، يمكن التشديد على فكرة ألا تأثير للذهب على الاقتصاد العالميّ، إنما هو يعطي فكرة أنّ هناك دول لديها أزمة سيولة وبنوكها المركزيّة اضطرت لأن تبيع كميات كبيرة من الذّهب لديها من أجل أن تحصل على عملات أجنبيّة وتموّل اقتصادها، مثلما حصل في قبرص، حيث تمّ بيع الكثير من الذّهب، فانخفض سعره.
وشدّد يشوعي على أنّ المضاربين الكبار في العالم يعلمون ألا قيمة للعملات الورقيّة، بسبب المؤشرات الإقتصادية المهتزّة، نتيجة تداعيات ونتائج الأزمة المالية العالمية"، كاشفاً عن أنّ "هناك معادلات داخليّة تقول إنّ الدولار الأميركي عندما يكون قويّاً ومتيناً يتراجع سعر الذّهب، أمّا عندما يكون قويّاً ومتيناً كعملة، فيرتفع سعر الذّهب".
وأوضح أنّه "عندما تكون العملات الورقية ضعيفة، فهي بذلك تعكس ضعف اقتصاد البلد، فتلقائيّاً يرتفع سعر الذّهب. وينخفض سعر الذّهب استثنائياً، عندما يحصل المضاربون الكبار، أو البنوك المركزيّة، أو الدول التي فيها أزمة سيولة على هذه السيولة، وبالتالي تعرض وتبيع بكثاقة كميات من الذّهب"، لافتاً إلى أنّ "المضاربين يمنعون انخفاض السعر كثيراً، لأنهم يعتبرون أنّ الاقتصادات الكبيرة المتطوّرة لم تشف تماماً من وعكتها الماليّة، وبالتالي لا يزال الذّهب ملاذاً وملجأ للكثير من المضاربين أو أصحاب الرساميل".
ولم يتوقّع يشوعي أن يشهد الذهب تراجعات جديدة، بل أكّد انّه "على المدى المنظور، سيكون سعر الأونصة حوالي 1500 دولار، لأن المضاربين لا يتجرّأون على رفع قيمة الذّهب كثيراً، خوفاً من أن تقوم دولة لديها أزمة سيولة برمي الذهب، وبذلك خفض سعره، ولكن أيضاً لن يتراجع السعر إلى أقلّ من 1000 دولار"، مرجّحاً ألا يتخطّى سعر الذّهب أكثر 1500 دولار، ولكن في الوقت عينه، لن يكون سعره أقلّ بكثير من 1500 دولار أيضاً للأونصة.
أمّا في موضوع تأثير انخفاض سعر الذّهب العالميّ على العملة اللبنانيّة، فأكّد أنّ هذا الانخفاض لا يؤثّر على النظام النقدي اللبنانيّ، وبالتالي لا يؤثّر على العملة اللبنانية.
وأضاف: "9 ملايين و220 أونصة ذهب التي يملكها لبنان لها قيمة في العملة الأجنبية، وهي تعتبر في ميزانية البنك المركزيّ اللبنانيّ، وخصوصاً بالأصول، بالموجودات، احتياطاً خارجيّاً من شأنه أن يعزّز وضع العملة".
وتوجّه يشوعي الى البنك المركزي، مشدّداً على أنّ "أهم شيء بالنسبة الى النقد اللبناني هو بناء الإقتصاد المتين والقوي وتعزيز مؤشّراته وتحسين نتائجه"، معتبراً أنّ "هذه أفضل طريقة للوصول الى سعر صرف حقيقيّ للعملة اللبنانية"، مشيراً الى أنه "لا يجوز فصل العملة عن الاقتصاد ومعالجتها بمعزل عنه، لأنّ العملة مرآة تعكس حالة الإقتصاد ويجب وضعها في خدمته، وليس العكس"، مؤكّداً أنّ "القيمة الفعلية ليست للذّهب، بل للاقتصاد بإنجازاته واستثماراته، وفرص العمل التي يوفّرها للشباب اللبناني".
ودعا يشوعي إلى وضع سياسات تساعد على تعزيز الدّخل الاسري، وتحسين مستوى الأجر الفردي في لبنان، وسياسات تضبط الأسعار وتمنع الاحتكار، وتعزز المنافسة في الأسواق وتشجّع الإنتاج المحليّ، وذلك بهدف تخفيف الاستيراد والعجز الهائل في الميزان التجاريّ الذي يلامس 16 مليار دولار سنويّاً، لافتاً إلى أنّه بهذه الطريقة يمكن التّأثير على سلوك المستهلك، وليس بواسطة الذّهب".
 

  • شارك الخبر