hit counter script

مقالات مختارة - نبيل بومنصف

حان وقت الفوضى؟

الأربعاء ١٥ أيار ٢٠١٣ - 08:50

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

النهار

لو كان المشهد الذي سيطلع على اللبنانيين اليوم من ساحة النجمة على طريقة "أليس في بلاد العجائب" قياسا بالسيناريوات الافتراضية التي سبقت اليوم المشهود لهان الامر اذ ان لبنان غالبا ما عرف في تاريخه انواعا من غرائب السياسات الاقرب الى الاساطير. لكنها هذه المرة محنة الديموقراطية اللبنانية بكل المعايير الخطيرة التي لا تحتمل هذه اللامبالاة العارمة التي يقابل بها اللبنانيون مصير النظام في مواجهة الاستحقاق القاتل للدستور والطائف للمرة الاولى منذ ابرامه.
هي محنة حقيقية لن يكون بعدها كما كان قبلها لان الطبقة السياسية مقبلة من اليوم على اشهار عجزها الرسمي والعلني والمثبت بقوة الفشل المحقق عن مسؤولية تمثيل الناس في حماية مشروع الدولة بادنى ما كانت تفرضه هذه المسؤولية من مستوى بديهي. تصوروا طبقة سياسية بكل تلاوينها ومواقعها وانتماءاتها وانقساماتها وخلافاتها وما استجرته ارتباطاتها الخارجية وتحالفاتها الداخلية تقف اليوم امام العنوان الاقسى الذي يتعين عليها الاعتراف به من دون مواربة ولا مداهنة ولا لبس وهو اخفاقها اخفاقا ذريعا منذ سنة في التوصل الى قانون انتخاب جديد او معدل او تثبيت القانون النافذ، فاذا بها تحشر نفسها والبلاد امام ساعة الاستحقاق موهمة الناس ان سلاح العجز سيمكنها من انتزاع ذريعة التمديد اللاشرعي لكل هذه الطبقة.
وهي محنة حقيقية لان هذه الطبقة ولو باختلاف درجات تحمل المسؤولية بين اطرافها فقدت فرصة الطلوع على العالم بما تستحق تضحيات اللبنانيين اي بمشهد سيادي خالص كان مأمولا منه ان يقول ساسة لبنان لأبنائه انه مهما تعمقت الانقسامات السياسية والمذهبية والطائفية فان زمن الوالي والوصي الخارجي قد ولى وها نحن على الاقل على مستوى اولئك الذين غالبوا حرب الـ15 سنة وأبرموا الطائف ولو بكل العلل والشوائب. فاذا بالعجز عن مجرد تشريع لقانون الانتخاب يتحول ادانة ولا اقسى لمجمل هذه الطبقة ولا نسمع مجرد اعتذار عن هذا التفريط الفظيع بانجاز تاريخي ظننا انه سيكون مسببا لاعجوبة توافقية هو انجاز الاستقلال الثاني.
وهي محنة الديموقراطية لان الطبقة السياسية بكل اطيافها وقواها لا تفهم قانون الانتخاب الا صك تأمين مسبق لحصصها ومقاعدها ونوابها ومواقعها وتريد عبر معركة القانون ان تقيم نادي المحظيين مسبقا بلا اي هوامش صغيرة لوافدين جدد الى هذا النادي المسمى مجلس النواب والا فليكن التمديد وليكن الفراغ ولتكن الفوضى الخلاقة وغير الخلاقة ومن بعدنا الطوفان.
حان وقت الفوضى ولم يعد ذلك احتمالا يختبئ وراء كواليس مجلس النواب واي مجلس سياسي اخر. ولعل المشهد الطالع اليوم هو اول الغيث لان الاستهانة المفرطة بعامل الوقت بلغت خواتيمها وما عجزت الطبقة السياسية عن فعله وانجازه في سنة لن تكون قادرة، حتى لو سلمنا بصدق عجزها، عن فعله في يوم الاستحقاق. ولعل الاصح انه يوم الدينونة لمجمل هذه الطبقة.
 

  • شارك الخبر