hit counter script

- جان كلود غصن

بئس العرب...

الإثنين ١٥ نيسان ٢٠١٣ - 11:13

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

في معرض نقل تقارير القمّة العربيّة الاسبوع الفائت استوقفني قرار إعطاء مقعد سوريا في الجامعة العربيّة للمعارضة السوريّة. طبعاً لست هنا بصدد الدفاع عن النظام أو مهاجمة معارضيه، ولكن بعد رؤيتي لتقاطر زعماء العرب كافة لنيل رضى أمير دولة (وصل الى كرسيه بانقلاب ولو أبيض على والده بعد أن أبقاه في الخارج ووضعه تحت الاقامة الجبريّة)، تسديداً لفواتير معنويّة أو ماديّة أتت بهم الى مراكزهم بمكرمات أميريّة قطريّة.
في خلال قيامي منذ سنتين مضتا بجولة اوروبيّة كنت أنتقل في خلالها بالقطار من مدينة البندقيّة الى فيينا، في رحلة استغرقت حوالى التسع ساعات في القطار السريع، مررت فيها بأربع بلدانٍ أوروبيّة من دون أيّ توقف ومن دون أن يطلب منّي أيّ ورقة سوى تذكرة القطار عند دخولي إليه فقط.
استوقفتني فكرة الاتحاد الاوروبي وكيف لمجموعة من الدول أن تتوصل لهكذا وحدة في ما بينها وهكذا تنسيق نوعي بشريّاً وتقنيّاً رغم الاختلاف الكبير في ما بينها اختلاف جذري في اللغة (المانيّة، فرنسية، اسبانيّة، برتغاليّة، ايطاليّة، انكليزية...) كما اختلاف في الحضارات (يونان، المانيا، ايطاليا، انكلترا، واختلاف في الدين (بروتستانت، ارثوذكس، كاثوليك، اسلام...) أضف الى ذلك البعد الجغرافي في ما بينها من دون أن ننسى النزاعات السابقة التي عصفت بهذه الدول والحروب العالميّة التي مرّت بها والتي، للأمانة، استطاعت تخطّيها بنجاح لا بل وأكثر من ذلك استفادت وتعلمت دروساً لن تنساها لأجيالٍ وأجيال.
تتسألون طبعاً هنا ما علاقة ما ذكرته سابقاً باجتماع الدول العربيّة. ببساطة، خطر في بالي حينها كيف أنّ هذه الدول، على الرغم من التناقضات كلّها التي سبق وذكرناها، استطاعت أن تصل الى وحدة تمنّيت ولا زلت لو استطعنا نحن العرب "المدّعين" أن نتوصّل ولو لجزءٍ بسيطٍ منها، على الرغم من أنّ ما يجمع بيننا أكثر بكثير ممّا يجمع بين هذه الدول الاوروبيّة، إن من حيث اللغة (جميعنا نتكلم لغة الضاد على الرغم من اختلاف اللكنات) كما أنّ حدودنا الجغرافيّة متقاربة المسافات من دون غفل اننا جميعاً كنّا في يومٍ ما خاضعين لوصاية سلطنة عثمانيّة، ثم من بعدها لانتدابٍ فرنسي وانكليزيٍ، من دون أن نغفل شبه أحاديّة الدين حيث أنّ الغالبيّة الساحقة لمكوّنات هذه الدول هي من الطائفة المسلمة، وتحديداً من المذهب السنّي.
من المؤكد أنّه عند رؤيتنا لزعمائنا كيف يتودّدون لأمير بعد أن كانوا لفترة سبقت يتسابقون لنيل رضى ملك، نفهم عندها كيف لا يمكن لتلك الامة أن تحلم يوماً بالوصول لهكذا اتحاد. فذهنيّة الملك والحاشية الموجودة لدينا كما عقد النقص التي استبدلت بالمال لشراء كلّ شيء، حتى النفوس، لا يمكن أن تتقبل هكذا افكار تقدميّة، من دون أن ننسى ذكر الوصاية العثمانيّة التي خضعت لها منطقتنا لاربعماية سنة مع ما تركته من تأثيرات على ذهنيّة شعوب المنطقة كافة.
وعندما نرى أنّ خمس دول ينتمي كلّ منها الى قارّة مختلفة تمكّنت من إيجاد قواسم مشتركة في ما بينها، وأتكلم هنا عن دول البريكس (البرازيل – روسيا – الهند – الصين وجنوب افريقيا) لا بل تسعى لاستحداث مصرف مركزي في ما بينها بعد أن قامت بإنشاء مجلس أعمال لرعاية مختلف أنواع العلاقات والاعمال في ما بينها، أقول حينها، ثلاثاً، ومن دون خجل: "بئس العرب، بئس العرب، بئس العرب". ويا حكّام العرب استيقظوا واعملوا على وحدتكم قبل أن تنضب آبار نفطكم وتصبحون على جمال قد لا تحملكم حينها لغبائكم وأنانيّتكم.

  • شارك الخبر