hit counter script

- جـوي زينـون

السوريّون في لبنان: الأرقام المخيفة... الواقع المقلق

الخميس ١٥ آذار ٢٠١٣ - 19:02

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

منذ بداية الازمة السورية وعدد اللاجئين الى لبنان في تزايد مستمر. بلغ الرقم الاجمالي 265308 شخصاً، أي ما يعادل 6،6 % من عدد السكان اللبنانيين. وبلغ مجموع الذين تسجلوا لدى الهيئة العليا للاجئين 174000.

ويتوزع هؤلاء في مناطق لبنانية مختلفة، ففي شمال لبنان يوجد حوالي 84480 لاجئاً سوريّاً مسجلين، أما في البقاع فعددهم 66601 وفي بيروت والجنوب بلغوا 23375 شخصاً. وفي الاسبوع الممتد من 31 كانون الثاني حتى 8 شباط تمّ تسجيل 9000 لاجىء سوري، من دون أن ننسى آلاف اللاجئين العراقيّين والفلسطينيّين علما أن تدفق هؤلاء لم يتوقف بعد. وبالفعل فإنّ عدداً كبيراً من اللاجئين الفلسطينيّين والعراقيين الذين كانوا يلجأون الى سوريا رأوا أنفسهم مجبرين مرة جديدة على النزوح الى بلد ثالث وهو لبنان، أضف الى ذلك الاف المتحدرين من أصل عراقي الذين حتى تاريخ اليوم يفرّون من بلدهم ويلجأون الى لبنان.

أما الاسئلة المطروحة فعدّة: كيف سيواجه لبنان هذا العبء الكبير الذي يشكله النازحون امام الازمة السورية والتوترات التي تسبق الانتخابات والاحداث التي تفرض عليه التعاون مع المجتمع الدولي (راجع اعتداء بلغاريا)؟ فهل تعي السلطات مدى خطورة العواقب الاقتصادية والاجتماعية والانسانية التي يفرضها استقبال هؤلاء بحكم الامر الواقع؟

شدّد الرئيس ميشال سليمان خلال اجتماع الواهبين في الكويت في كانون الثاني الماضي على ضرورة التعاون الاقليمي لا بل الدولي والذي لا يمكن اختصاره فقط بالهبات المالية، إلا انه يتناول كذلك مسألة استقبال هؤلاء النازحين في حال لم يعد لبنان قادراً على استيعاب عدد اكبر من اللاجئين. غير أنّ السؤال المطروح هو أليس لبنان ومنذ زمن طويل غير قادر على استقبال هذا العدد من اللاجئين؟

من المهم التذكير بان الدولة اللبنانية لا تعترف بهؤلاء الاشخاص على أنهم نازحين انما مهجرين، وبالتالي تبعد عن نفسها أيّ مسؤوليّة قد تقع على عاتقها. وفي حالة تزايد اللاجئين بشكل ملحوظ تكون السلطات البلديّة هي المفروض أن تنشر العدد الدقيق للاجانب المسجلين في سجلاتها.

ولكن بما انه سهل جدّاً على المواطن السوري أن يدخل الى الاراضي اللبنانية، من دون الخوف من التعرض للتوقيف من قبل الامن العام، فإذا به يكتفي بالتسجيل لدى مفوضية اللاجئين من أجل الاستفادة من شهادة اللاجىء التي تعطى له في غالبية الاحيان، علماً أن هذا شرط ضروري للحصول على المساعدات من المنظمات غير الحكومية. لذا، فإنّ دور البلديات محصور لا بل يفقد من مصداقيّته.

في المقابل، يبدو جليّاً أنّ السلطات اللبنانيّة ليست مستعدّة لإعطاء الضوء الاخضر لإنشاء مخيمات للاجئين السوريين خوفاً من الحركات الثورية، حتى لو بدا أنّ هذا الاقتراح هو الوحيد الذي يسمح بمراقبة فعلية للوضع.

وعند التفكير بالامر، فإنّ هؤلاء اللاجئين يتجمعون في بعض المناطق بما يجعل من الممكن حدوث توطين سياسي لحالتهم. فان الحجة الكامنة وراء نشوء حركة اعتراضيّة على خلق هذا المخيم ليست مستبعدة. وأنّ الامر الاكيد هو أنه في حال وافق لبنان على انشاء هكذا مخيّم، سوف يتطلب ذلك متابعة أمنيّة، وإن المساعدات المالية التي يخصصها المجتمع الدولي قد تخدم هذه الغاية.

اما السلطات التركية القلقة لمسألة الاستقرار الداخلي في بلدها، فعالجت مسألة اللاجئين السوريين التي تواجهها أيضا بحذر شديد، فأقفلت الحدود لمرّات عدّة بحجة أن الهيكليات المخصّصة للاستقبال والموجودة لديها وصلت الى الحدّ الاقصى من الاستيعاب وبالتالي أصبح اللاجئون مجمتعين في مخيمات عند الحدود السورية التركية.

صحيح أنّ إنشاء المخيمات يسمح بمراقبة افضل للوضع إلا أنه يجب أن نلحظ أنه سينتج عنها حزام فقر. فان مخيّم عتمه هو خير مثال على ذلك: مجاعة والتهاب القصبات الهوائيّة وأوبئة: فالبؤس يتشر.

أما الامر الاكيد فهو أن المنظمات غير الحكوميّة الكبرى مثل المجلس الدانماركي للاجئين وكاريتاس وPU-AMJ وACF MSF و" SAVE THE CHILDREN" التي تقدم العون للاجئين تشهد على مدى سوء الوضع على المستويات الانسانية والصحية والاجتماعية... لذا تقع على عاتق هذه المنظمات غير الحكومية التي تكون على اتصال مباشر مع اللاجئين أن تعلم السلطات المحلية والمجتمع الدولي عن وضع اللاجئين وعن تطوّره اسبوعيّاً.

بالاضافة الى ذلك، فان كان المجتمع الدولي يرى نفسه حتى اليوم عاجزا عن التدخل في سوريا بفعل الفيتو الروسي والصيني، الا ان المشاورات يجب ان تتناول على الاقل مسألة انشاء مناطق عازلة (مناطق محمية يستقبل فيها اللاجئون). يبقى أن هذا الخيار يتطلب امكانيات عسكرية قادرة على مواجهة الفيتو الروسي والصيني وعندئذ سوف تثبت الديبلوماسية نفسها.

في المقابل، يتعين على السلطات اللبنانية من الآن فصاعدا ان تتخلى عن سياسة الانتظار لتتفاعل بحزم اكبر: أصبح التوصل الى توافق حكومي ينظم هذا الكم الهائل من اللاجئين المتدفقين مسألة ضرورية.

فسوريا ليست مصر ولا تونس ولا ليبيا ولا يبدو ان الحرب الاهلية تتجه نحو خواتمها قريبا. يتعين اذا على المجتمع الدولي أن يتشاور من اجل تخفيف العبء المفروض على الدول المجاورة وليس فقط عن طريق المساعدات المالية.

وان لم يحصل ذلك، فان حقبة العالم المتعدد الاقطاب الذي ترعاه منظمة الامم المتحدة الضامنة للسلام والامن لن تكون سوى وهم كبير.


 

  • شارك الخبر