hit counter script

- ميساء الخوري

كي لا يبقى "التوحد" هذا المجهول... إضاءة على "مركز التوحد في الشمال"

الجمعة ١٥ شباط ٢٠١٣ - 08:25

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

يعتبر التوحد مجهولاً بالنسبة الى كثيرين، لا بل أنّ البعض يعمد الى إخفائه، حين يصيب أحد أفراد أسرته، خجلاً ربما. في هذه السطور، نسعى الى اكتشاف التوحد، بأسلوبٍ علمي، كما نضيئ على "مركز التوحد في الشمال"، وهو أحد مركزين وحيدين متخصّصين في لبنان.

على الرغم من أنّ الاسباب التي تؤدي الى إصابة الاولاد بالتوحد غير معروفة، إلا أنّ ما أثبت علميّاً أنّ ولداً من أصل 90 ولد يعاني من التوحد، وهو اضطراب في النمو، ينتج عن اضطراب عصبي يؤثر على سير عمل الدماغ.
يظهر التوحّد عادةً خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل. وقد يُظهر الأشخاص المصابون بالتوحد حركات جسديّة متكرّرة (أداء حركات نمطيّة بالأيدي، تأرجح، الخ...)، ردود فعل غريبة تجاه الناس، تعلّق بالأشياء أو مقاومة تغيّرات الروتين. وقد يختبر بعضهم أيضاً حساسيّة مفرطة في الحواس الخمس: البصر، السمع، اللمس، الشم والذّوق.
وحتّى اليوم، لا يمكن منع التوحّد، ولا توجد علاجات في هذا الإطار، ولكنّ الأبحاث تشير الى أنّ التدخل المبكر عن طريق توفير المحيط التعليمي المناسب، يمكن أن يؤدّي الى تقدّم ملحوظ لدى الكثير من الأطفال.

وانطلاقاً من هذا الواقع، أسّست رئيسة جمعيّة "الميدان" السيّدة ريما فرنجيّة، بعد اطلاعها على الأبحاث والدراسات المتعدّدة التي أُجريت في شمال لبنان حول التوحد، "مركز التوحد في الشمال NAC" العام 2010 والذي بدأ بالعمل تحت اشراف عدد من المتخصصين والمعنيّين بحالة التوحد.
وفي هذا السياق، أشارت مديرة مركز الشمال للتوحد سابين سعد الى أنّ المركز تعليمي مختص من شأنه توفير التعليم للأطفال وتطوير مهارات التواصل والمهارات الاجتماعيّة والإدراكيّة، وتوفير الدعم لأسرهم كي يتأقلموا مع وضعهم الجديد وتوفير التوعية للناس في محيطهم، من منطلق أنّه ينبغي البدء بالتدخل التوجيهي من خلال برامج تعليميّة فعّالة حالما يتمّ تشخيص التوحّد.


وأوضحت، في حديث لـ"ليبانون فايلز"، أنّ فريق عمل المركز متعدّد الاختصاصات، ويتألف من أشخاص مدَرّبين لتأمين التدخّل المناسب، مشيرةً الى أنّ التزام المركز يمتدّ ليشمل خلق بيئة إيجابيّة ومهنيّة لموظفينا ليتمكنوا من العمل والتعاون لتحقيق أهدافنا.
أما المجالات الرئيسة التي يقوم بتنميتها لدى الأطفال فهي: تنمية التواصل، تنمية المهارات الاجتماعيّة، تعديل السلوك، تطوير الكفاءات المتعلّقة بالاستقلاليّة. إضافة الى الأهداف التعليميّة التي تختلف وفق احتياجات وقدرات كلّ ولد. كما يؤمّن المركز لكلّ ولد متابعة اسبوعيّة في علاج النطق، التربية التقويميّة، التربية البدنيّة، بالإضافة إلى متابعة المربية المختصّة والمساعدات اللواتي يرافقن التلميذ بشكل دائم في الصّف.
كما يضمّ المركز صفوفاً للمراهقين الذين يعانون من التوحّد تهدف إلى دمجهم في الحياة الاجتماعيّة والمهنيّة. ويقوم الفريق المختص بتطبيق عمليّة التأهيل التي تعتمد بشكل خاص على القدرات العقليّة والجسميّة المتوفّرة لدى المراهق، وبتنمية هذه القدرات والاستفادة منها إلى أقصى حدّ. يتمّ ذلك من خلال عمليّة الدمج في المجتمع التي تعتمد على القدرات الذاتية، الطاقات المتعدّدة، أو الميول لدى المراهق.

وأشارت سعد الى أنّ عدد الأولاد لهذه السنة هو 20 ولداً يتوزّعون بين المركز، مدرسة الأنطونيّة – الخالديّة وروضة زغرتا الرسميّة حيث ينفّذ برنامج الدمج المدرسي للأولاد الذين يعانون من التوحّد، موضحةً أنّ عدد الأولاد الذين لم يتمكن المركز من العمل معهم لهذه السنة قد تخطّى الـ70، انطلاقاً من الحرص على العمل مع الأولاد بطريقة فرديّة. والعوائق الأساسيّة في الوقت الحالي هي الحاجة إلى عدد أكبر من الأخصائيّين، وعدد غرف أكبر.
وقالت: "الكلفة المادية للولد الواحد مرتفعة جدّاً، وتتولى السيّدة ريما فرنجية مهمة دعم المركز، كما تساهم وزارة الشؤون الاجتماعيّة بجزء بسيط منها. أمّا العجز فنحاول سدّه من خلال النشاطات الكثيرة التي نقوم بها، كما يعتمد المركز على التبرعات من مختلف المصادر".
وتختلف النشاطات التي يقوم بها مركز الشمال للتوحّد بين النشاطات الموجّهة لأولاد المركز، فتكون أهدافها بين ترفيهيّة، تربويّة وغيرها... فيزور الأولاد المطاعم، الملاعب، حدائق الحيوانات، يشاركون في عملية زرع الأشجار والكثير غيرها. كما ينظّم المركز نشاطات أخرى هدفها نشر الوعي حول موضوع التوحد، وتعريف الناس على خصائص هؤلاء الأشخاص وتعريفهم على طريقة التعاطي معهم بشكل صحيح.
أمّا النوع الآخر فهي نشاطات تهدف إلى جمع المساعدات لدعم المركز وتغطية التكاليف المرتفعة للتدخل والمتابعة.
ويركّز المركز على مشاركة الفنانين والمشاهير في النشاطات، انطلاقاً من أنّ المشاهير يمكنهم ايصال الرسالة والفكرة بشكل أسرع الى الناس، وهم أقرب اليهم.

وعن برنامج الدمج المدرسي، أشارت سعد الى أنّ الأولاد ذوي الاحتياجات الإضافيّة، مهما كانت احتياجاتهم ومهما انخفضت قدراتهم، هم عادةً الأكثر إهمالاً وتهميشاً في النظام التربوي والاجتماعي القائم، لذا، فإنّ عمليّة الدمج هي عمليّة ضروريّة لتأمين حقوق هذه الفئة ولتحقيق تنمية مجتمعيّة للوصول إلى مجتمع عادل للجميع.
ويقوم فريق العمل المتخصّص في مركز الشمال للتوحّد بتحضير الأولاد والعمل الفردي معهم وذلك لتسهيل عمليّة الدمج في المدرسة ما يساهم في عمليّة تفاعلهم مع المحيط الجديد. كما يقوم بتحضير فريق العمل في كلّ مدرسة توافق على تنفيذ هذا المشروع ضمن صفوفها.

ورأت سعد أنّ عمليّة الدمج لذوي الاحتياجات الإضافيّة تتحقّق عندما يكون الطفل مشاركاً في عمليّة التعلّم وفق الحدّ الأقصى لحاجاته وقدراته في بيئة تربويّة تعليميّة طبيعيّة داخل الصفوف النظاميّة. كما يشمل اندماج الطفل في الحياة المدرسيّة والأنشطة اللاصفيّة وخصوصاً خلال أوقات الفرصة.
هذا ويرافق كلّ تلميذ في المدرسة "مرافق" (shadow teacher) يساعد، بالتنسيق مع إدارة وفريق عمل المركز، على تكييف هذه البيئة بما تتضمّنه من نظام تربوي ونظام مدرسي وكتب ووسائل تربويّة ونظام تقييم وتقويم لتصبح أكثر تحقيقاً للأطفال.

  • شارك الخبر