hit counter script
شريط الأحداث

- سنتيا بدران

الصداقة تصلّي

الإثنين ١٥ كانون الثاني ٢٠١٣ - 07:51

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

كلّما سمعنا ضحكةً تجمع براءة الأولاد، نتذكّرها. وبينما نرى شبّاناً يخطّطون لمشاريع ورحلات، ندرك وجودها. وحين نتفاجأ بهم يضمّون بعضهم، ليفرحوا بنجاحهم أو ليخفّفوا عن حزنهم، نطمئنّ لاستمراريتها. وعندما نتشارك الأحاديث مع الزملاء، نعتقد بها. وبين أبواب الدول ومقاعد السلطات، تفصّلها المصالح أثواباً أنيقةً تليق بها.
إنها الصداقة. ونحن نسير في زواريب الحياة، قد نبتعد عنها ونفقدها. وأحياناً نلتقي بها على مفترق الطرقات، فنكمل المسيرة سويّاً. لعلّها تختلط مع المعارف، والزمالة والرفقة. إلّا أنّ نورها لا ينطفئ، على عكس ضوء زميلاتها.
فلا شكّ أنّنا نحتاج إليها في مختلف مراحل حياتنا ونبحث عنها في أدراج أيامنا. غير أنّ كثيرين هم من ينتقونها في المناسبات الخاصة، فيخرجونها من جارورهم، يمسحون عنها الغبار، ويرتدونها حلّةً تزيّن عنقهم الفارغ. يستخدمون تعابيرها الرقيقة، المعبّرة عن مشاعر نبيلة، ليجعلونها سخيفةً، لا قيمة لها. فيصبح أصدقاء الأمس، أعداء اليوم فجأةً. إذ في الماضي جمعتهم المصالح، التي فرّقتهم في الحاضر.
قد تتكاثر الأسباب، لكنّ النتيجة واحدة، وداعاً مؤلماً لصداقة تعمّدت بالهدايا والمساعدات، وها هي أبواب المواجهات تنفتح على مصراعيها. فبات "الصديق" يساوي الوسيلة الأهمّ لتحقيق مصالح شخصية. وأصبحت الصداقة، محدّدة بفترة زمنية، لتتحوّل لاحقاً عداوةً أبديّة. صديق هذه الأيّام، لا يستحقّ لقبه، لأنّه "شبيه الصديق"، الذي استنسخته التكنولوجيا بمفاعيلها النّووية.
اختفت الصداقة. خافت فهربت. سكنت الكهوف. لبست أثواب النّساك. إنّها تصلّي: يا أيّتها الطبيعة لتكون فصولك بركةً، يا أيّتها الأشجار لتكون ثمارك محبّةً، يا أيّتها السماء لتكون أمطارك عدالةً، يا أيّتها الشمس ليكون نورك حقّاً، لعلّني أستعيد ثقة الحياة.
 

  • شارك الخبر