hit counter script

- فراس حميّة

طابور الجمعيّة

الجمعة ١٥ كانون الثاني ٢٠١٣ - 07:55

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

 

البارحة صباحاً، ارتديت البزة الرسمية السوداء الخاصة بالمناسبات السعيدة وهممت بالذهاب مشياً الى احد المراكز الحزبيّة القريبة وطلبت لقاءً مع أحد الاشخاص التابعين لهذا الحزب وسألته عن امكانيّة تقديم مساعدة تربويّة،  فأجاب بأنّ هذا الفرع لا يعنى بهذا النوع من المساعدات وقام بإرشادي الى المكتب الرئيس التابع للحزب في منطقة واقعة داخل العاصمة، كما أعطاني اسم الشخص المسؤول عن هذا الملف.                      
توجهت الى العاصمة بالتاكسي، وسألت بعض المارة عن مكان المكتب حتى اهتديت اليه. هناك، داخل المكتب، وجدت عدداً كبيراً من الاشخاص في الصالون. البعض الاخر يقف في الممر وعلى الشرفة يستوطن المدخنون. المكتب كان ساحة تعج بالزمر والمحاسيب. سألت السكرتيرة الجالسة وراء المكتب: "يا آنسة، اريد أن اقابل فلان الفلاني لو سمحتي". فردّت قائلةً: "عليك أن تنتظر دورك"، ثم أشارت بيدها الى الموجودين في الغرفة وقالت "هؤلاء جميعاً ينتظرون. سجّل اسمك الثلاثي ورقم هاتفك وعنوانك على اللائحة وانتظر، عندما ينادى باسمك بامكانك الدخول لمدة عشر دقائق فقط".
فهمت من خلال حديثها وجديتها وصرامتها انه لا مجال لمقابلة المسؤول سوى الجلوس كي يمضي الوقت، ورحت أسمع هموم الناس ومشاكلهم ومطالبهم. يريد البعض مساعدة استشفائيّة، ويريد البعض الاخر حصصاً غذائيّة، ويبحث رجل هرم عن وظيفة لابنه العاطل عن العمل، وعجوز في الزاوية تدعو الى الله ليحقّق امانيها ومطالبها... لوهلة، ظننت أن هذا المسؤول رسول من الله. كانت المطالب فعلاً كثيرة وضخمة.
انتظرت قرابة الساعتين حتى سمعت شخصاً ينادي باسمي، فتقدمت للدخول الى المكتب. دخلت واغلقت الباب. وجدته واقفاً يدخن سيجاره وينظر من النافذة الى الشارع. القيت التحية، ودخلت في صلب الموضوع فوراً فقاطعني قائلاً "شو بيقربك فلان الفلاني". فأجبت: "قرابى بعيدة". فأردف قائلاً: "إيه، شو قصتك؟". قلت: "انا طالب جامعي وأريد منحة كي اتسجل في جامعة خاصّة لأنال شهادة الماجيستير، والصراحة يا استاذ انا بحاجة لمنحة بـ 35% لأن الوضع صعب متل ما بتعرف"، فأجاب قائلاً: "ليش ما بتتسجل بالجامعة اللبنانيّة؟" قلت "لا يوجد هذا الاختصاص في الجامعة اللبنانيّة". ثم قال: "الصراحة نسبة 35% كتير، بإمكاني تدبير 20% بس". فقلت له: "يا استاذ، إنّ الامور ستصبح صعبة ومعقدة وبالتالي سأتاخر سنة اضافيّة كي اتخرج".
فكرت قليلاً، ثم قلت له: "يا أستاذ، أنا مستعد لأن أسدّد قيمة المنحة عندما اتخرج، واتعهد بهذا"، فكان جوابه على النحو الآتي: "لا، شو بيناتنا المصاري، بتردلنا ياهن بصندوق الانتخابات النيابية"، ثم ضحك.            
أترك لكم أن تتخيلوا ما حصل لهذا الطالب، كلّ وفق مخيّلته وإبداعه.
  • شارك الخبر