hit counter script

مقالات مختارة - سابين عويس

ما سرّ التوافق المفاجئ على المشروع الأرثوذكسي؟ "قشرة موز" تستدرج المسيحيين نحو إلغاء المناصفة

الأربعاء ١٥ كانون الثاني ٢٠١٣ - 08:12

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

النهار

استوقفت المواقف المفاجئة المؤيدة لمشروع اللقاء الارثوذكسي للإنتخابات النيابية المراقبين في الوسط السياسي من حيث توقيتها، وهي جاءت عشية بدء اللجنة النيابية المكلفة البحث في قانون جديد للإنتخاب أول إجتماعاتها امس في إطار سلسلة اجتماعات مكثفة ترمي للتوصل الى مسودة مشروع يلقى توافقا من الكتل النيابية المختلفة.
والمفارقة أن هذه المواقف حملت في طياتها أكثر من مفاجأة، أولاها تمثلت بتوافق مسيحيي 8 و14 آذار على مشروع اللقاء الارثوذكسي سقفا لهم، وإن كان ثمة من لا يأخذ هذا التوافق على محمل الجد، ويضعه في إطار المزايدات والرهان على الحلفاء على الضفة المحمدية للفريقين لإسقاطه. وهنا تأتي المفاجأة الثانية بقبول الحليف المسلم لمسيحيي 8 آذار المتمثل بـ"حزب الله" وحركة "أمل" بهذا القانون إنطلاقاً من "حرص" عبرت عنه مواقف هذا الفريق على السير بأي قانون يلغي هواجس المسيحيين ويؤمن إجماعهم حوله.
أما المفاجأة الثالثة فتتمثل بتعويم الفريق الاكثري المشروع الأرثوذكسي، دعما لـ"التيار الوطني الحر" على حساب تجاوز هواجس الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وجعله منطلقا للنقاش النيابي المحصور أساسا في مادتين من المشروع المحال من الحكومة على المجلس النيابي، وذلك على حساب الافكار والمشاريع الاخرى التي فتح النقاش حولها في اللجنة، علما أن تعويم المشروع الارثوذكسي قابله سحب قانون الستين من التداول وإستبعاد مشروع الدوائر الخمسين المطروح من "القوات اللبنانية" والكتائب، بعدما أعلن تحالفهما قبوله بالتخلي عن مشروعه إذا تأمن الاجماع المطلوب على المشروع الأرثوذكسي.
أسئلة كثيرة طرحت في اليومين الماضيين إنطلاقا من خريطة المواقف المستجدة:
- لماذا عوّم هذا المشروع؟ وعلى حساب من وماذا؟
- لماذا يتم التعامل معه على أنه يؤمن التمثيل الحقيقي للمسيحيين والمناصفة مع المسلمين؟
- وهل صحيح أنه يشكل الاطار الموحد للمسيحيين والمناصفة الحقيقية المكرسة في الدستور كما تصفه القيادات المسيحية؟
- وهل دعم "حزب الله" والرئيس نبيه بري (بقطع النظر عن موقفه الحقيقي من المشروع كما يقول) يأتي فعلا من منطلق الحرص على السير بما يجمع عليه المسيحيون أو أن في الامر قطبة مخفية تستدرج المسيحيين إلى شرك القبول بالتمثيل الصحيح لهم على حساب أمر آخر؟
لقيادات سنية في لبنان قراءة مختلفة للمشروع الارثوذكسي تعكس هواجس لا يقيم لها الفريق المسيحي راهنا وزنا.
فالرئيس فؤاد السنيورة لا يخفي في مواقفه المعلنة وفي مجالسه تحفظاته عن هذا المشروع في الجانب المتعلق بالنسبية. ويرى انه سيؤدي في حال تطبيقه كما ورد إلى بروز المزيد من التطرف. اما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فقد أبرز للـ"النهار" أهمية التوصل إلى قانون للإنتخاب يحقق تمثيلا عادلاً لكل الطوائف والشرائح اللبنانية، ولم يخف تحفظه عن المشروع الارثوذكسي إنطلاقا من خشيته أن يفتح الباب أمام مطالبة البعض بموضوع المناصفة مستقبلا، مما قد ينعكس سلبا على المسيحيينً".
هذه الفكرة بلورتها مراجع سياسية بارزة بشكل أوضح محذرة من أخطار السير بمشروع على غرار المشروع الارثوذكسي. وتشرح فكرتها بالقول إن هذا المشروع قد يؤمن حقيقة صحة التمثيل المسيحي بما ان الناخب سينتخب بنفسه ممثلا لطائفته، لكنه في المقابل سيبرز حجم التمثيل المسيحي الحقيقي. وإذا كان رهان المسيحيين اليوم على إلتزام شركائهم في الوطن الدستور القائل بالمناصفة بين المسيحيين والمسلمين، فإن نتائج أي إنتخابات تجرى على أساس المشروع الأرثوذكسي ستبرز تفاوتا لا بد أن يعزز الصوت الداعي إلى المثالثة بديلا من المناصفة. وتشبه المراجع عينها ما هو حاصل اليوم من خلال دعم حزب الله لهذا المشروع بأنه "قشرة الموز" الموضوعة تحت أقدام المسيحيين لإستدراجهم نحو القبول بما يؤمن حسن تمثيلهم بأصوات ناخبيهم ويعزز في الوقت عينه ذريعة "حزب الله" في المطالبة بالمثالثة.
ودعت هذه المراجع القيادات المسيحية إلى التبصر جيدا بما يخفيه هذا الدعم المفاجئ وعدم الانزلاق وراء شعارات قد تبدو اليوم جميلة لكنها تهدد صيغة العيش المشترك في المستقبل.

  • شارك الخبر