hit counter script
شريط الأحداث

- جهاد الملاح

أول كانون الثاني... كأنه 22 آذار

الإثنين ١٥ كانون الثاني ٢٠١٣ - 06:50

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

بين 31 كانون الأول والأول من كانون الثاني، ساعات قليلة تشغلها الأفكار والحسابات والآمال، وتمتلئ بمشاعر مختلطة، بين الفرح والحزن والتفاؤل واليأس، مشاعر تصنعها فلسفة التفاعل مع الحياة، حتى وإن بدت عفوية وبسيطة.
في هذا المفصل الزمني السريع، تتلاحق الشعوب إلى ساعة الصفر، تجمعها الحسابات الشخصية الموحدة، إزاء العائلة والصحة والعلم والعمل، بينما تفرّقها الحسابات العامة، كلّ بحسب دولته ونظامه ومؤسساته وسياسييه.
فهذه هي الولايات المتحدة ترقبت في الساعات الفاصلة بين العامين، مصيرها المالي والاقتصادي، وقد اعتادت أن تترقب أحداثاً ومناسبات مع بداية كل سنة جديدة، من قوانين ومراسم تنصيب رئاسية أو وزارية. كما اعتادت الدول الأوروبية أن تشهد استحقاقات في هذا المفصل الزمني، كفرض قوانين أو اتخاذ إجراءات معينة. وبعضها انضمّ في بداية أعوام خلت، إلى الاتحاد الأوروبي أو تبنى عملة مشتركة، أو التحق بمنظمة ما، ليحيي الذكرى مع بداية كل عام جديد. ودول كثيرة ترقبت عن كثب في مطلع أعوام سابقة، ولادة منظمة التجارة العالمية، أو منظمات اقتصادية إقليمية، فيما انتظرت دول وشعوب استحقاقات رياضية أو مناسبات وطنية مهمة.
أما في لبنان، فحسابات الانتقال من عام إلى آخر، حكرٌ على الحسابات الشخصية، التي يحملها كل مواطن في حياته الخاصة، إذ إن الحسابات العامة خارج الحساب. فلا موازنة مرتقبة ربما تحمل مفاجآت, ولا رواتب تتوقع المراجعة الفعلية، ولا خطة خمسية تنتظر الجرد والمحاسبة، ولا إجراءات تنموية ستأخذ حيز التنفيذ. كلّ شيء جامد، باسم الفساد المزمن الذي يمنع جدولة الإنتاج بعيداً عن العفوية والاستنسابية، بل يمنع الإنتاج من أصله.
قد يعتقد البعض أن هذا الأمر عادي، لكنه ليس كذلك. فالشعوب بحاجة إلى خوض المراحل الانتقالية وانتظار الاستحقاقات بين سنة وأخرى أو فترة وأخرى وفي تواريخ محددة، حتى لا تتكدس الأيام أكواماً في مسار العمر. فهل يُعقل أن اللبنانيين لا ينتظرون من دولتهم مع بداية كل عام إلا إمكانية الحصول على جواب لسؤال مزمن: هل ستقع حرب؟ وهل ستكون حرباً خارجية أم داخلية؟
وبالطبع، لا ينتظر أحد أن يحمل العام الجديد الاستقرار للبنان، أو أن يرى فيه اللبنانيون سياسيين خلف القضبان ومسؤولين يحاكَمون ويحاسَبون على ما يرتكبونه يومياً من فساد سياسي واقتصادي وتنصلّ ونفاق، وما يصنعونه من أهواء وخلافات تفسد موجبات العقد الاجتماعي.
وللموضوعية، تتميّز فعلاً في لبنان، المرحلة الانتقالية بين العامَين، لكن ببعض من الدجل الذي يدلي به على الرحب والسعة، "منجّمون" منافقون، يدفعون نحو انحطاط الوعي العام، بينما يغضّ القضاء النظر عن ظاهرتهم.
الأول من كانون الثاني في لبنان لم يكن هذا العام، وكما في كل عام، إلا يوم عطلة يشبه أيام الأحد التي قد تلي سهرات مطوّلة. يوم لا يحمل أي استحقاق باسم الشعب أو من أجل الشعب، ومجرد يوم عادي، كأنه 22 آذار فقط لا غير.
... للمفارقة، بعد كتابة هذه السطور، تبينّ صدفة أن يوم 22 آذار كمثال ليوم عادي، هو تاريخ تأسيس جامعة الدول العربية!


 

  • شارك الخبر