hit counter script

كلمة للسيد دافيد عيسى خلال اعمال مؤتمر " القيم والنجاح في الاعمال" في المركز العالمي لحوار الحضارات في الربوة

الخميس ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٢ - 13:19

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

شدد السيد دافيد عيسى خلال المحاضرة التي القاها خلال اعمال مؤتمر " القيم والنجاح في الاعمال" في المركز العالمي لحوار الحضارات في الربوة والذي عقد برعاية البطريرك غريغوريوس الثالث لحام على ان كل اثراء يكون مجرداً من الابعاد والاهداف الانسانية يصنف في خانة " الاثراء غير المشروع " مضيفاً ان الاثراء غير المشروع لا يأتي فقط من استغلال وظيفة او ارتكاب افعال مشينة مثل الاختلاس والتزوير والسرقة.
وتقدم الحضور البطريرك غريغوريوس الثالث لحام بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك والسفير العماني احمد بن بركات بن عبدلله آل ابراهيم والامين العام لمركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم حبيب بن محمد الريامي ، نائب رئيس المجلس الاعلى للطائفة روجيه نسناس ، رئيس تجمع سيدات الاعمال في لبنان ليلى كرامي ، رئيسة تجمع سيدات الاعمال في الاردن ريم البرغوثي ، رئيسة تجمع سيدات الاعمال في مصر غابريال شكال ،رئيس تجمع رجال الاعمال في سوريا منذر نعمه ، رئيس تجمع رجال الاعمال اللبنانيين فؤاد زمكحل ، وحشد من الشخصيات الاقتصادية ورجال الاعمال والاعلاميين .
نص المحاضرة التي القاها الاستاذ دافيد عيسى :  نرحب بكم في لبنان ، الوطن الصغير الذي يحمل رسالة كبيرة هي رسالة الانفتاح والحوار والاعتدال والإيمان. لبنان الذي لم تقوَ عليه العواصف ولم تنل منه الحروب التي كانت في معظمها حروب الآخرين على أرضه. لقد مر بلدنا بأزمات عصيبة ومحن وتجارب قاسية وتجاوزها كلها بثبات ونجاح ، وكل مرة كان يدخل في تجربة صعبة كان يخرج منها أقوى وأكثر تصميماً على البقاء والصمود ومواجهة الازمات والمؤامرات ... لبنان هذا " الطائر الفينيق " سِرّه في إنسانه المميز والمبدع والمؤمن . واللبناني إلى أي قطاع ومهنة ومجال انتمى ، وأينما وجد ، هو متفوّق في مضماره خلاّق في افكاره ورؤيته وتخطيطه.
لا أقول هذا تباهياً وانفعالاً عاطفياً وإنما تعبيراً عن واقع مستمر منذ اربعة عقود ، منذ ان غرق بلدنا في مسلسل حروب وأزمات لم تنته فصولاً حتى الآن ولكنه مع ذلك لم يفقد قيمته ومكانته في هذه المنطقة وظل مركز إشعاع واستقطاب ، وسيظل مساحة حوار للحضارات والثقافات والاديان . وإذا كان العنصر البشري هو سر نجاح لبنان وتميّزه وديمومة دوره ، فإن سر اللبناني يكمن في عناصر قُوة تُلازمُه، وخصائص ذاتية تطبع شخصيته. فاللبنانيون خصوصاً منهم رجال الاعمال والاقتصاد والمصارف والمال هم مثقفون في اغلبيتهم الساحقة منفتحون على كل الدول والشعوب وقادرون على التفاعل الايجابي مع كل المجتمعات والثقافات واللغات ، وعلى بناء علاقات اقتصادية واجتماعية وطيدة ومتنوعة . وهذا كله لم يكن ليكون ممكناً لولا " الايمان " العميق المتجذّر وبمفهومه الواسع والشامل .
واضاف: نحن شعب نؤمن بالله اولاً عز وجل وبمنظومة قيم دينية وانسانية وتقاليد اجتماعية متوارثة عبر الاجيال ... ان الايمان بالله ليس فقط إحساساً وشعوراً داخلياً وشأناً شخصياً ينحصر بالعلاقة بين الانسان وربه ، وإنما هو ايضاً شأن عام يتعلق بالجماعة والمجتمع ، وممارسة تترجم الايمان افعال خير ومحبة على الارض وبين الناس...
فلا يكفي ان يكون رجل الاعمال رجل مشاريع وثروات ولا يعقل ان يكون هدفه الوحيد جني الارباح بأي وسيلة ولأي غاية . رجل الاعمال لا يمكن ان ينجح في اعماله وان يبني العلاقات وان يحقق الانجازات إذا لم يكن مرتاحاً ومنسجماً مع ذاته ، وإذا لم يكن متصالحاً مع نفسه ويعيش الاطمئنان والسلام الداخلي . وهذا لا يمكن ان يشعر به وان يلمسه إلا من كان مؤمناً بالله والانسان والقيم والاخلاق ، ومن كان مقتنعاً ان له هدفاً ووظيفة في الحياة يتجاوزان الربح والتوسع المادي وتكديس الثروات.
وقال: ان كل إثراء يكون مجرداً من الابعاد والاهداف الانسانية يصنف في خانة "الاثراء غير المشروع " ... والإثراء غير المشروع لا يأتي فقط من استغلال وظيفة أو ارتكاب افعال مشينة مثل الاختلاس والتزوير والسرقة وإنما ايضاً من عدم القيام باعمال خير وبر واعمال في سبيل الخير العام . والخطأ الأهم الذي يقع فيه بعض رجال الاعمال هو عندما ينفصلون عن واقعهم ومجتمعهم وينكفئون إلى مصالحهم فيغرقوا في انانيتهم ويصبحوا سلبيين في تفكيرهم ومحدودين في آفاقهم وتطلعاتهم ، ويفقدون كل حس بالمسؤولية المجتمعية والوطنية ... وهنا لا بد من التذكير بما قاله انجيل لوقا : "انسان غنيّ أخصَبَت ارضه ففكر في نفسه قائلاً ماذا اعمل لأن ليس لي موضع أجمع فيه أثمارِ ، وقال اعمل هذا . اهدم مخازني وابني اعظم واجمع هناك جميع غلاتي وخيراتي . وأقول لنفسي يا نفس لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين كثيرة . استريحي وكُلي واشربي وافرحي . فقال له الله يا غني هذه الليلة تُطلَبُ نفسكَ منكَ. فهذه التي اعددتها لمن تكونُ "
 إذن إذا كان الانسان أي إنسان وفي أي مجال ، متسلحاً بالايمان فذلك سيمده بقوة خفية ، وسيكون مرتاحاً في علاقته الانسانية ، قادراً على ان يكون جسر تواصل وتفاعل مع الاخرين، وعندها سيكون قوة وطاقة إيجابية وسيحقق نجاحاً في اعماله... الايمان إذن هو " أول الفضائل " واكثرها تأثيراً في مسار حياتنا ، ويجب العمل على تنمية هذه الفضيلة في داخلنا وذلك من خلال التربية العائلية والمحيط الأسري والبيئة الاجتماعية.
وتابع: فالايمان هو الذي يجعلك تسمو في تفكيرك واعمالك علواً وعمقاً ، وهو الذي يزرع السعادة في طريقك ويلوّن حياتكم العملية والمهنية بألوان المحبة والفرح والابداع ... الايمان هو الذي يعطي قدرة تخطي كل الاختلافات الطبقية والتمايزات العرقية والتعصب الطائفي .
واضاف: نحن واثقون بأن في مجتمعاتنا العربية متسعاً وحيّزاً واسعاً للايمان بالله والقيم ، وهذا ما يميزها عن المجتمعات الغربية ويمدها بالحرارة والنكهة... ونحن سعداء بأن تتقدم سيدات الاعمال إلى موقع الصدارة لتبوء أهم المراكز والاضطلاع بأدق الاعمال وان تُثبتنَ نجاحاً وتفوقاً . وهذا يعود ربما إلى أن المرأة العربية هي اكثر التزاماً من الرجل واكثر استعداداً للتضحية والعطاء ...
وقال: ويسعدنا اليوم ان نرحب بسيدتين مميّزتين في تجربتهما ودورهما ورائدتين في مجالهما . السيدة ريم البرغوثي رئيسة ملتقى سيدات الاعمال الاردني والسيدة غابرييل شكّال وهي سيدة اعمال ناجحة في مصر ... نرحب بكما وبكل الضيوف والمشاركين الكرام في هذا الملتقى الثقافي المركز العالمي لحوار الحضارات حيث تتلاقى الثقافات وتتفاعل في حوار بين المؤمنين الذين يساهمون في الحضارة من خلال اعمالهم ، هذا المركز الحريص على إشاعة ونشر ثقافة النجاح بالاعمال وعلى نزع كل مشاعر الحقد والكراهية وزرع قوة الاقناع الفكري والتسلح بقوة السلام والحرب.
وختم: نرحب بكما على أرض " لبنان الرسالة " زائريتن وضيفتين عزيزتين ، وافدتين في زمن الربيع العربي الذي ازهر وعساه يثمر حرية وديمقراطية وعدالة ورفاهية للمجتمعات والشعوب وضماناً لحقوق الاقليات الدينية والعرقية واعترافاً كاملاً بدور المرأة وحقوقها وشراكتها الكاملة للرجل في بناء الاوطان وتقدم المجتمعات نحو مستقبل افضل ...
وفي الختام جرى حوار بين المحاضر والحضور .
 

  • شارك الخبر