hit counter script
شريط الأحداث

النص الكامل للمبـادرة السـياسية التي اطلقها النائب وليد جنبلاط

الإثنين ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٢ - 13:26

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

يمر لبنان في مرحلة من أخطر وأدق مراحله المعاصرة بفعل تنامي التحديات التي تواجهه، سواء على المستوى الاقليمي والمتغيرات التاريخية التي مرت بها المنطقة العربية حيث انتفضت الشعوب لكراماتها وحقوقها، أو على مستوى تجذر حالة الانقسام السياسي الداخلي وتصاعد خطاب التوتر والتشنج وتراجع الحوار بين اللبنانيين وتعمّق الخلافات الجوهرية بينهم وقصورهم عن معالجة مشاكلهم المتراكمة، أم على مستوى التحديات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية بفعل عدم الدخول في خطة إصلاحية شاملة وواضحة ومتكاملة تشمل الاقتصاد والإدارة والقطاعات الأخرى بما يرفع المعاناة عن كاهل المواطنين ويستعيد جانباً من ثقتهم المفقودة والمهتزة بالدولة.

لقد استطاع لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية أن يتلافى الانزلاق مجدداً نحو الاقتتال الداخلي ولو أنه شهد منذ تلك الفترة أحداثاً أليمة ومستنكرة تمثلت بإغتيالات سياسية طاولت خيرة سياسييه وإعلامييه ومفكريه ومناضليه، ولو أنها أيضاً شهدت إضطرابات متعددة الأهداف والأسباب والنتائج كأحداث السابع من أيار 2008 أو الظواهر الأخرى التي تولّدت بفعل الإحتقان السياسي الشديد ومن بينها قطع الطرقات وإحراق الدواليب والظهور المسلح واستخدام العنف بسبب التباين في الرأي السياسي أو الرغبة في التعبير عن الغضب لسبب أو لآخر.

إن أي اهتزاز للسلم الأهلي في لبنان من شأنه أن يضاعف المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة والتي سيكون من الصعب إيجاد حلول ناجعة لها لا سيما في ظل الظروف الدولية القائمة والتي لا تضع لبنان على رأس أولوياتها مما يعني استحالة الاعتماد على حصوله على أي شكل من أشكال الدعم الاقتصادي أو المالي أسوة بما حصل في مراحل سابقة كمؤتمرات باريس أو سواها.

إن اتساع رقعة فقدان الثقة بين الأطراف السياسية، واستمرار الخروقات الإسرائيلية بالتزامن مع الإخفاق في بناء تفاهم وطني عريض حول الخطة الدفاعية، وتفجُّر الثورة السورية بالتوازي مع انغماس بعض الأطراف اللبنانية في ميدانياتها، وتوالي الإغتيالات السياسية، وتلاحق الاضطرابات الأمنية وتفاقم الأزمات المعيشية وتطورات أخرى لا تقل أهمية؛ حولت الوضع الداخلي اللبناني لأن يكون شديد الحساسية والحراجة يرتكز إلى أرضية خصبة قابلة للتفجر تغذيها خطابات السقوف المرتفعة والتجييش والشحن الطائفي والمذهبي ومنطق التخوين المتبادل؛ وكل ذلك عـرّض ويعـرّض السـلم الأهلي للاهتزاز ويضع مشروع الدولة القادرة على حماية اللبنانيين بمختلف إنتماءاتهم وتبديد هواجسهم المتبادلة على محك الاختبار الفعلي وعرضة للاهتزاز والسقوط.

من أجل كل ذلك، وبهدف الحفاظ على الاستقرار الداخلي والسلم الأهلي، وحماية المنجزات التي تحققت بفعل دماء وتضحيات الآلاف من الشهداء من مختلف الاتجاهات، فإن الحزب التقدمي الاشتراكي من موقع حرصه على إبقاء قنوات الحوار والتواصل بين اللبنانيين مفتوحة ومشرّعة مهما بلغ حجم التباينات والتجاذبات، ومن موقع سعيه الدائم لرفع الصوت ضد أي محاولات لإعادة إنتاج الحرب الأهلية أو استخدام العنف لأي سبب كان، يعلـــن التالــــــــي :

أ ـ دعوة جميع الأطراف السياسية لتحسس دقة هذه المرحلة وحراجتها والتعاطي معها من موقع المسؤوليـة الوطنيـة وما تمليـه المصلحة العامة من حاجة للترفع والارتقاء بمستوى الأداء والخطاب السياسـي لقطـع الطريـق على أي محاولات لإعادة عقـارب الساعة إلى الوراء، فالتجربة أثبتت أن الجميع خاسرون إذا ما تمّ اللجوء إلى العنف والسلاح في الداخل.

ب ـ التمسك بالحوار الوطني كسبيل وحيد لتسوية الخلافات السياسية القائمة، واحترام آليات العمل الديمقراطي لأن تبادل إستيلاد الشروط السياسية لمواصلة عملية الحوار يضع البلاد أمام مخاطر جمَّة ويتجه إتجاهاً معاكساً لما يفترض أن يحصل من ملاقاة لمساعي فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان الهادفة لحماية لبنان من الوقوع مجدداً في الحرب أو الفتنة وفي هذا الإطار، فإن الحزب يرى أن إعلان بعبدا لا يزال يشكل إطاراً وطنياً وسياسياً جامعاً للبنانيين والالتزام به يصب في المصلحة العليا.

ج ـ التأكيد على ضرورة التزام القوى السياسية، قولاً وفعلاً بالمرجعية الحصرية للدولة، والعمل على ترجمة ذلك عبر دعم المؤسسات الشرعية، وبشكل خاص الأمنية والقضائية، واطلاق يدها في كل ما يتصل بالشؤون الوطنية، وإبقاء ملف السلاح خاضعاً لما تخرج به طاولة الحوار الوطني حول الاستراتيجية الدفاعية.

د ـ حض الاعلام على الاضطلاع بدوره الوطني الفاعل، عبر تعزيز المرتكزات الواردة أعلاه والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يعمق الانقسام ويرفع حدة النعرات المذهبية والطائفية.

هـ ـ التمسك بالاتفاقات والالتزامات التي نشأت بفعل الاجماع بين اللبنانيين وبمفاعيلها الأمنية والسياسية خاصة لعدم جواز استخدام السلاح في الداخل وتأكيد مبدأ الشراكة الوطنية والعيش الواحد ضمن التنوع وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والأزمات الاقليمية.

و ـ دعوة كل القوى السياسية اللبنانية للامتناع عن الانخراط في ميدانيات الأزمة السورية سواء دعماً للنظام أو الثورة لأن ذلك لن يغير في موازين القوى داخل سوريا التي لا يكترث المجتمع الدولي أساساً لتغييرها ما يجعل قدرة اللبنانيين على القيام بهذه المهمة الشاقة مجرد مغامرة غير محسوبة النتائج لن تؤدي إلا إلى استجرار الإرتدادات السلبية لهذه الأزمة إلى داخل لبنان دون طائل.
إلا أن هذا لا يعني التنكر لأحد مرتكزات النظام الديمقراطي اللبناني ألا وهو حرية التعبير عن الرأي السياسي الذي يفترض الحفاظ عليها مهما كان الثمن.


يتطلع الحزب لأن تشكل هذه المبادرة السياسية المستندة أولاً وأخيراً إلى ضرورة الحفاظ على السلم الأهلي والاستقرار الداخلي مدخلاً لإنتاج مناخ وطني جديد يمكن من خلاله البحث الهادىء في سبل مواجهة كل التحديات والمصاعب المشار إليها أعلاه والتي قد يكون أحدها التفكير بصيغة حكومية جديدة تستطيع أن تُنتج شبكة أمان داخلية قادرة على استيعاب وتنفيس الاحتقان المتصاعد وتلافي إنتقاله إلى الشارع ولهذا يضع الحزب التقدمي الاشتراكي، هذه المذكرة بيد القوى السياسية، وأمام الرأي العام اللبناني، للإنطلاق على طريق تحقيق فرص إخراج لبنان من حال التوتر إلى حال الاستقرار الذي يشكل مصلحة وطنية عليا.
 

  • شارك الخبر