hit counter script

- جهاد الملاح

"الحرب المقبلة": أسلحة... بين ثغرات السياسة

الإثنين ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٢ - 08:11

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

في الساعات الأولى التي أعقبت هدوء أصوات الصواريخ في شهر آب من العام 2006، كان حصر نتائج الحرب العربية ـــ الإسرائيلية السادسة يترافق مع همسات سياسيّة وتحليلات استخباريّة وعسكريّة عن شكل الحرب المقبلة، التي كانت تلوح في أفقها شموليّة ودمار لم يعرفهما التاريخ القصير للدولة العبريّة.
وإذا كانت إعلانات "حزب الله" المتكررة حول الجهوزية والتسلّح بما هو أبعد من الصواريخ التي طبعت حرب 2006، وبالتقنيات الأكثر قدرة على قلب المعادلة، قد عزّزت التحليلات بشأن الحرب المقبلة، فإن تحالف القوى المساندة للمقاومة، من طهران إلى دمشق إلى غزة، شكّل محور التنبؤات المتعلقة بشكل تلك الحرب، وسط تأكيدات على أنها ستكون شاملة، إن بدأت عند حدود غزة، أو من موقع "بوشهر"، أو في خراج مزارع شبعا.
لكن اليوم، ومع تعمق الأزمة السورية، وابتعاد حركة "حماس" تدريجياً عن دمشق و"حزب الله"، ثم بقاء الرئيس الديمقراطي باراك أوباما في البيت الأبيض واستمرار النهج الأميركي الدبلوماسي مع إيران، في ظل تعاون الأخيرة أكثر فأكثر، ماذا حلّ بملامح "الحرب المقبلة"؟
إن التدقيق البديهي في "محور المقاومة" يُظهر في الشكل، حلفاً رباعياً، ذات رأسين، في دمشق وطهران، لكنه في المضمون، يعطي الرأس السوري قيمة أكبر، إذ من دونه، يصبح المحور مفككاً بشكل كبير، ويفتقد لصلة الوصل والتنسيق بين إيران و"حزب الله" و"حماس".
وحالياً، يتعرض كل من دمشق و"حماس" لأكبر المتغيرات، حيث تواجه الأولى أزمة كبرى تهدّد نظامها، بينما تخرج الثانية طوعاً وقسراً من علاقتها الحيوية بهذا النظام، وتبتعد تدريجياً عن إيران و"حزب الله"، على وقع الجذب "الإخواني" المصري من جهة، والدعم القطري من جهة أخرى، وذلك بدءاً من صورة خالد مشعل وهو يقبّل رأس المرشد محمد بديع في القاهرة، مروراً بصورة اسماعيل هنية وهو يقبّل يد الشيخ يوسف القرضاوي في الدوحة، ووصولاً إلى صورة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وهو يجول في غزة.
وفي نتيجة هذه المستجدات، فإن مقولة "الحرب المقبلة" لم تعد تحتوي، بأي حال من الأحوال، على المضمون ذاته، وهي تتجه تدريجياً إلى فقدان المسار "الحمساوي" الذي كان يشكل ركيزة أساسية في الصراع العربي – الإسرائيلي الحديث. وحتى إن التزم هذا المسار الحرب مع إسرائيل، وسط تراجع خطابه وأدبياته إزاء الصراع، فإنه الفراق السياسي، سيجعل منه مساراً منفصلاً، ربما يشتعل حين يكون مسار "حزب الله" منطفئاً، أو يهدأ حين يشتعل الأخير، مها حافظت قيادات "حماس" على زياراتها لطهران.
ولا شك أن القوى الدولية التي تحاول تفكيك محور المقاومة ضد إسرائيل، تعي جيداً أهمية إبعاد "حماس"، وأهمية إسقاط النظام السوري، لكن مع حرصها على أن يكون دعمها للمعارضة السورية بالمال والسلاح، مدروساً، يبُقي القتال ولا يَحسمه، حتى يكون الوقت كافياً لتدمير سوريا، فتحتاج إلى سنوات طويلة، لإعادة الإعمار في النفوس والبنى التحتية وفي السياسة والعسكر، ما يجعلها عاجزة عن دعم أي مقاومة.
وبالتالي، ووسط ضبابية "خريطة المقاومة" في الوقت الراهن، فإن المنطق يرجّح أن يلجأ "حزب الله" إلى الاستعانة القصوى بالاستراتيجية العسكرية، لملء ثغرات الاستراتيجية السياسية، خصوصاً من خلال الحصول على أسلحة أقوى بكثير من تلك التي تحدث عنها في السنوات الماضية، وذلك حتى يعوّض ابتعاد "حماس" عن التلازم الحربي وعدم قدرة النظام السوري على خوض حربين في الداخل والخارج.
فقد تصدق همسات التقارير والتحليلات التي أعقبت صيف 2006، وستكون الحرب المقبلة، إذ ما حدثت في ظل الخريطة الحالية وبقيت الجبهة السورية دون أي مفاجآت، حرباً غير مسبوقة، ولكن ليس في الشمولية، بل في نوعية الأسلحة، براً وجواً وبحراً. فهل يكون "أيوب" فعلاً مجرد تفصيل؟ 

  • شارك الخبر